الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب اختلاف المتبايعين وهلاك المبيع
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ومُحَمَّد وَأَحْمَد في إحدى الروايتين إذا اختلف المتبايعان في قدر الثمن أو جنسه، فقال البائع: بعتك بألف، وقال المشتري: اشتريت بخمسمائة، أو قال اشتريت بدراهم، فقال البائع بل بما قيل، فإنهما يتحالفان، سواء كانت السلعة قائمة أو تالفة في يد المشتري. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ إن كانت السلعة قائمة تحالفًا، وإن كانت تالفة فالقول قول المشتري، وهي الرِوَايَة الثانية عن أحمد. وعند مالك ثلاث روايات: إحداها كقول الشَّافِعِيّ. والثانية كقول أَبِي حَنِيفَةَ. والثالثة إن كان قبل القبض تحالفا، وإن كان بعد القبض فالقول قول المشتري. وعند الشعبي وشريح القول قول البائع بكل حال. واختلفت الزَّيْدِيَّة فالصحيح في مذهب المؤيد أن البيع يبطل. وعند يَحْيَى منهم إن اختلفا في الجنس والصفة بطل البيع، وإن اختلفا في المقدار فالبينة على البائع فيما يدعيه من الزيادة، سواء كانت السلعة قائمة أو مستهلكة، وهو مذهب النَّاصِر منهم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وزفر إذا اختلف المتعاقدان في زيادة الأجل ونقضانه ونقصان المسلَّم فيه وزيادته، أو زيادة رأس المال ونقصانه، فإن كان لكل واحد منهما بينة تعارضتا، وإن كان لأحدهما بينة حكم له، وإن لم يكن لأحدهما بينة تحالفا، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى. وعند النَّاصِر منهم على المدَّعي للزيادة البينة، والْيَمِين على الآخر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد في رِوَايَة إذا اختلف المتبايعان في قدر المبيع، فقال البائع: بعتك هذا الثوب بألف، وقال المشتري: بل بعتني هذين الثوبين بألف، فإنهما يتحالفان، وكذا إذا اختلفا في الأجل، أو في قدره، أو في الخيار، أو في قدره، أو في الرهن أو في قدره، أو في الضمان، أو في العهدة، فإنهما يتحالفان في كل ذلك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وَأَحْمَد في رِوَايَة لا يتحالفان في ذلك، بل القول قول من ينفي ذلك.
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ هل يبدأ بيمين البائع أو بالمشتري؟ فيه طريقان: طريقة تقول: ثلاثة أقوال: أحدها يبدأ بيمين البائع، وبه قال أحمد، والثاني يبدأ بالمشتري، وبه قال أبو حَنِيفَةَ، والثالث أنهما سواء فيبدأ بأيهما شاء. والطريقة الثانية: يبدأ بيمين البائع قولاً واحدًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا مات المتبايعان واختلف ورثتهما تحالفوا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن كان المبيع في يد ورثة البائع تحالفوا، وإن كان المبيع في يد ورثة المشتري لم يتحالفوا، وكان القول قول ورثة المشتري.
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا اختلف البائع والمشتري، فقال البائع: لا أسلِّم المبيع حتى أقبض الثمن، وقال المشتري: لا أسلم الثمن حتى أقبض المبيع فطريقان: أحدهما يجبر البائع على تسليم المبيع قولاً واحدًا، والطريق الثاني ثلاثة أقوال: أحدها هذا، والثاني يجبران على التسليم دفعة واحدة، والثالث لا يجبر واحد منهما وأيهما بدأ بالتسليم أخذ الآخر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك يجبر المشتري أولاً على تسليم الثمن، ثم يجبر البائع على إحضار السلعة. وحكاه بعض أصحاب الشَّافِعِيّ قولاً رابعًا عن الشَّافِعِيّ. وعند أَحْمَد يجبر البائع على تسليم المبيع بجبر المشتري، وعنه رِوَايَة أخرى إن كان الثمن في الذمة أجبر البائع على تسليم المبيع، وإن كان معيَّنًا جعل بينهما عدل يقبض منهما. وعند سعيد بن سالم القدَّاح أنه ينصب الحاكم أمينًا عدلاً لهما ويأمر
كل واحد منهما بتسليم ما عليه إليه، وحكاه في الحاوي قولاً للشافعي أيضًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا اشترى رجل من رجل عينًا بثمن في ذمتهما يسلم أحدهما نصف الثمن إلى البائع، فعلى البائع أن يسلم إليه نصف العين، وإن سلَّم أحدهما إليه جميع الثمن برئ شريكه مما عليه من الثمن، ولم يسلم نصيب الشريك الذي لم يدفع الثمن إلى الناقد بل إلى المالك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا سلَّم أحدهما نصف الثمن لم يجبر البائع على تسليم شيء من المبيع إليه، وإن سلَّم إليه جميع الثمن وجب عليه تسليم جميع المبيع إلى الدافع.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا مات أحد العبدين تحالفا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يتحالفان.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والشعبي ورَبِيعَة وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد في رِوَايَة إذا تلف المبيع قبل القبض بآفة سماوية انفسخ البيع ورجع المشتري بالثمن إذا كان قد سلَّمه، سواء كان البائع عرضه على المشتري فلم يقبل، أو كان المشتري قد سأل ذلك ومنعه البائع، فإنه يتلف من ضمان البائع. وعند مالك وَأَحْمَد وأَبِي ثَورٍ إن كان مكيلًا أو ورنًا أو معدودًا فهو من ضمان البائع، وإن كان غير ذلك فهو من ضمان المشتري، ولا ينفسخ البيع. وعند مالك أيضًا ينظر إن لم يطلب المشتري ذلك، أو كان البائع قد عرض عليه العين فلم يقبضها حتى تلفت فلا شيء على البائع، كالوديعة إذا تلفت عنده. وإن كان المشتري قد دفع الثمن وطالب بالسلعة المبيعة فلم يفعل البائع وجب على البائع قيمتها كالغاصب، وإن كان المشتري لم يدفع الثمن وطالب بالسلعة، فقال البائع: لا أسلمها حتى أقبض الثمن، ثم تلفت السلعة في يده كان كالرهن إذا تلف في يد المرتهن وحكم الرهن عنده إذا هلك في يد المرتهن ينظر فيه، فإن كان هلاكه بأمر ظاهر فهو من ضمان المرتهن. وعند النَّخَعِيّ وابن سِيرِينَ إن سأل المشتري القبض فامتنع البائع من إقباضه حتى هلك المبيع كان من ضمان البائع، وإن لم يسأل المشتري ذلك فهو من ضمان المشتري. وعند مالك وَأَحْمَد وإِسْحَاق أيضًا لا ينفسخ البيع، ويكون من ضمان المشتري، وإن كان المشتري طالب البائع بالمبيع فلم يقبضه حتى تلف كان من
ضمان البائع.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اشترى بثمن معين فتلف الثمن في يد المشتري قبل القبض بطل البيع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يبطل. وهذا بناه على أصله أن الثمن لا يتعيَّن، وقد مضى الكلام معه فيه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ابتاع من رجل طَعَامًا بعينه ودفع إليه غرائر فقال ضعه فيها فهلك فهو من ضمان البائع. وعند أَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ هو من ضمان المشتري.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الإقالة فسخ وليست ببيع على القول الجديد، سواء كان قبل القبض أو بعده، وبه قال أبو حَنِيفَةَ، إلا أنه يقول: هي بيع في حق غير المتعاقدين فثبت بها الشفعة، وبهذا الاستثناء قالت الزَّيْدِيَّة، وبالجديد قال منهم الداعي وأبو طالب عن يَحْيَى. والقديم أنها بيع، وبه قال مالك، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، وكذا المؤيَّد عن يَحْيَى. واختاره المؤيَّد أيضًا. وعند أَبِي يُوسُفَ هي قبل القبض فسخ وبعده بيع، إلا في العقار فإنها بغ فيه قبل القبض وبعده. وعند مُحَمَّد هي فسخ إلا أن يكون بأكثر من الثمن الأول وبجنس آخر. وعند وقر فسخ على كل حال. وعند أَحْمَد رِوَايَتَانِ كالقولين عند الشَّافِعِيّ. وعند الزَّيْدِيَّة أيضًا لا تصح الإقالة إلا بعد القبض، ولا تصح مع بقاء المبيع، وإن كان المبيع شيئين فتلف جازت الإقالة على الباقي بحصته من الثمن.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ لا تجوز الإقالة بأكثر من الثمن ولا بأقل منه ولا بجنس آخر. ومتى تقائلا على ذلك كانت الإقالة فاسدة، وكان المبيع باقيًا على ملك المشتري. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تصح الإقالة ويسقط الشرط ويرد الثمن المسمى في العقد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ وابن عمر لا تجوز الإقالة على عوض عن الثمن. وعند مالك إن كان النادم البائع، فسأل المشتري على أن يفسخ البيع ويعطيه شيئًا فذلك جائز، وإن كان النادم المشتري فسأل البائع أن يقبله على أن يعطيه شيئًا فلا جبر فيه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أتلف المبيع بفعل أجنبي ففيه قَوْلَانِ: أحدهما ينفسخ البيع ويكون من ضمان البائع. والثاني لا ينفسخ البيع، ويكون المشتري بالخيار إن شاء فسخ العقد واسترجع الثمن، وإن شاء أقر العقد ورجع ببدله على الجاني، وبه قال أبو حَنِيفَةَ َوَأَحْمَد والزَّيْدِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قطع رجل يد عبد لغيره، ثم باعه السيد فقبضه المشتري،
ثم مات من ذلك القطع ضمن القاطع للمشتري. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب للمشتري شيء.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أتلف البائع المبيع انفسخ البيع على أحد الطريقين، ولا ينفسخ على قول. وعند أَحْمَد لا ينفسخ البيع، ويرجع على البائع بمثله إن كان له مثل، وبقيمته إن لم يكن له مثل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وطء المشتري الجارية المشتراة ليس بقبض. وعند أَبِي حَنِيفَةَ هو قبض.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وطئ البائع الجارية المبيعة قبل القبض فعليه المهر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا مهر عليه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان المبيع جارية فقبضها المشتري قبل تسليمه الثمن بغير إذن البائع، ثم قطع البائع يدها وهي في يد المشتري وماتت من القطع لم ينفسخ البيع، بل يجب على البائع قيمتها، وبجب على المشتري جميع الثمن. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ينفسخ البيع.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا باع الثمرة على رءوس النخل وسلمها إلى المشتري بالتخلية بينه وبينها، فتلفت قبل القطع ففيها قَوْلَانِ: القديم ينفسخ البيع ويكون من ضمان البائع، وبه قال أحمد. والقول الجديد أنها من ضمان المشتري، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ، وسواء على القولين تلفت بآفة سماوية أو بالنهبة أو بالسرقة. وعند مالك وَأَحْمَد في رِوَايَة إن كان التالف دون الثلث فهو من ضمان المشتري، وإن كان الثلث فزاد فهو من ضمان البائع. وعند أَحْمَد في رِوَايَة إن كان التالف بآفة سماوية فهو من ضمان البائع، وإن كان بالنهب أو السرقة فهو من ضمان المشتري.
* * *