الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بابُ صفة الصلاة
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أن من صلّى قبل دخول الوقت لا تصح صلاته. وعند الحسن تصح صلاته.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجب القيام في السفينة السائرة، وفي صلاة يعجز في بعضها يجب عليه القيام فيما يقدر عليه منها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب القيام في المسألتين.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَبِي يُوسُفَ إذا فرغ المؤذن من الإقامة قام الإمام والمأموم إلى الصلاة. قال أحمد: هذا إذا كان الإمام حاضرًا، فإن كان غائبًا فهل يقومون أو ينتظرون حتى يروه؟ على روايتين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ إذا قال المؤذن حي على الصلاة قاموا في الصف، فإذا قال: قد قامت الصلاة كبَّر الإمام وكبَّر القوم. وعند زفر إذا قال المؤذن: قد قامت الصلاة مرة نهض الإمام. وقامُوا في الصف، فإذا ثنى المؤذن وقال: قد قامت الصلاة كبَّر الإمام وكبر القوم، فإذا قال المؤذن: الله أكبر إلى آخره، أخذ الإمام في القراءة، وهو قول الحسن بن زياد. وعند الطحاوي أن محمدًا موافق لأَبِي يُوسُفَ في هذه المسألة. وعند أبي بكر الرازي أن محمدًا موافق لأَبِي حَنِيفَةَ فى هذه المسألة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي يُوسُفَ وَأَحْمَد لا يكبر المأموم حتى يفرغ الإمام
من التكبير. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وسفيان الثَّوْرِيّ ومُحَمَّد يجوز أن يكبر مع تكبير الإمام.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نسي تكبيرة الإحرام لم تجز الصلاة. وعند سعيد بن المسيب والحسن وقتادة والنَّخَعِيّ والحكم والْأَوْزَاعِيّ لا إعادة عليه وتجزئه تكبيرة الركوع، وهو رِوَايَة عن حماد بن أبي سليمان.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نسي الإمام تكبيرة الإحرام فإنه يقطعها بالتسليم ويستأنف التكبير ويتابعه. وعند مالك أنه يعتد بتكبيرته.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أدرك المسبوق الإمام راكعًا كبر تكبيرة الإحرام وتكبيرة الركوع، فإن كبر تكبيرةً واحدة نوى بها الافتتاح والركوع لم يجزئه. وعند سعيد بن المسيب والحسن وعَطَاء والنَّخَعِيّ وميمون والحكم والثَّوْرِيّ وابن عمر وزيد بن ثابت يجزئه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ ينوي حال التكبير لا قبله ولا بعده. ومعناه أن تكون نيته ذكرًا بقلبه مقترنة بالتكبير من أوله إلى آخره، وبه قال النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة في رِوَايَة عنه. وعند داود يجب أن تتقدم النية على التكبير، وإن نوى مع التكبير لم
يجزئه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد إذا تقدمت النية على التكبير بزمان يسير انعقدت الصلاة، كذا ذكره أبو بكر الرازي، وبه قال أكثر الزَّيْدِيَّة. وذكر الطحاوي والكرخي أن مذهب أَبِي حَنِيفَةَ كمذهب الشَّافِعِيّ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ومُحَمَّد بن الحسن إذا نوى الفرض والنفل لم تنعقد صلاته وعند أَبِي حَنِيفَةَ تنعقد بالفرض.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَمَالِك إذا نوى الخروج من الصلاة أو قطعها أو شك هل يخرج منها أم لا، بطلت صلاته. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تبطل، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن تكبيرة الإحرام فرض لا تنعقد الصلاة إلا بها. وعند الزُّهْرِيّ والحسن بن صالح أنها تنعقد بمجرد النية من غير لفظ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن مسعود وسفيان وداود وأَبِي ثَورٍ لا يجزئه في تكبيرة
الإحرام إلا قوله: اللَّه أكبر أو الله الأكبر. وعند مالك وَأَحْمَد والْإِمَامِيَّة لا تنعقد بقوله اللَّه الأكبر، وتنعقد بقوله الله أكبر لا غير، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيَّد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد تنعقد بكل اسم لله على وجه التعظيم، كقوله الله العظيم، أو الله الجليل، وكقوله الحمد للَّهِ أو سبحان الله، وبهذا قال زيد بن علي. فأمَّا الدعاء كقوله: اللهم ارحمني واغفر لي فلا تنعقد به الصلاة، وإن قال: الله أو الرحمن فعن أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَتَانِ، روى الحسن بن زياد عنه أنه يجوز، وظاهر رِوَايَة الأصول عنه أنه لا يجوز، فلابد من ذكر الصفة، وبه قال مُحَمَّد بن الحسن. وعند أَحْمَد بن يَحْيَى من الزَّيْدِيَّة تنعقد بقوله: الله أجل أو أعظم. وعند أبي عبد الله الداعي منهم إن سبح أو هلل لم يكن داخلاً في الصلاة. وعند أبي طالب منهم الأولى انعقادها بالتهليل، وإن لم تنعقد بالتسبيح. وعند أَبِي يُوسُفَ تنعقد بلفظ التكبير، فيضيف الله الكبير، ولا تنعقد بما سوى ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ تكبيرة الإحرام من الصلاة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وأبو طالب عن يَحْيَى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والمؤيد من الزَّيْدِيَّة أنه ليس منها، وإنما هو شرط من شروطها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ النية من الصلاة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والهادي. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والمؤيد من الزَّيْدِيَّة أنها ليست من الصلاة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ومُحَمَّد بن الحسن وأَبِي يُوسُفَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز أن يكبر بالفارسية ولا بغيرها مع القدرة على العربية. وكذا سائر الأذكار فيها مثل التسبيح والتشهد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز أن يكبر بغير العربية مع قدرته على العربية.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر وابن عَبَّاسٍ وأبي سعيد الخدري وابن الزبير وأنس والْأَوْزَاعِيّ واللَّيْث وَأَحْمَد وإِسْحَاق وَمَالِك يستحب أن يرفع يديه في تكبيرة الإحرام وعند الركوع والرفع منه. وعند داود يجب ذلك. وعند يَحْيَى من الزَّيْدِيَّة لا يرفع يديه فى شيء من الصلاة. وعند الْإِمَامِيَّة يجب رفع اليدين في كل تكبيرات الصلاة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وابن أبي ليلى وَمَالِك في رِوَايَة يرفع يديه في تكبيرة الافتتاح، ولا يرفع في الركوع، ولا في الرفع منه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيد. قال المؤيد: إلا في صلاة الجنازة فإنه يرفع فيها في التكبيرات كلها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وإِسْحَاق والقاسم من الزَّيْدِيَّة والْأَوْزَاعِيّ وعمر وابن عمر وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يستحب رفع يديه حتى تجاوز كفَّاه منكبيه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يرفعهما حيال أذنيه. وعند الثَّوْرِيّ والنَّاصِر من الزَّيْدِيَّة يرفع يديه حتى يكون إبهامه حذو أذنيه. وعند بعض أصحاب الحديث وَأَحْمَد أيضًا في رِوَايَة هو بالخيار بين أن يرفع يديه حذو منكبيه أو يرفع حيال أذنيه. وعند بعض الزَّيْدِيَّة يرفع يديه إلى الهامة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وكافة العلماء والمؤيد من الزَّيْدِيَّة أن المرأة كالرجل فى هذا الرفع. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة ترفع إلى حذاء صدرها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وداود وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ من الصحابة والتابعين فمن بعدهم يأخذ كوعه الأيسر بكفه الأيمن، وبه قال مالك في رِوَايَة، والرِوَايَة الثانية عنه أنه مباح. وعند الحسن البصري وابن سِيرِينَ وابن الزبير يرسل يديه إرسالاً، وهو رِوَايَة أخرى عن مالك. وعند اللَّيْث بن سعد أنه يرسل يديه إلا أن يطيل القيام فيغير. وعند الْأَوْزَاعِيّ من شاء فعل، ومن شاء ترك. وعند الْإِمَامِيَّة يكره وضع الْيَمِين على الشمال في الصلاة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يضعهما تحت صدره وفوق سرته. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وإِسْحَاق يجعلهما تحت سرته، وهو قول بعض الشَّافِعِيَّة وَمَالِك في رِوَايَة. وعند أَحْمَد رِوَايَتَانِ فى ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ يستحب أن يكون نظره في جميع صلاته إلى موضع سجوده. وعند مالك ينظر أمام قبلته. وعند شريك بن عبد اللَّه ينظر في القيام إلى موضع سجوده، وفي الركوع إلى قدميه، وفي السجود إلى أنفه، وفي القعود إلى حجره، وهو وجه لبعض الشَّافِعِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يسن أن يأتي بدعاء الاستفتاح عقب الإحرام، وهو قوله:"وجهت وجهي للذى فطر السماوات والأرض .. إلى آخره"، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الباقر والصادق والمؤيد وزيد بن علي. وعند جماعة من الزَّيْدِيَّة كالنَّاصِر والقاسم ويَحْيَى وأبي طالب وأبي عبد الله الداعي يفتتح قبل التكبير. وعند مالك لا يسن ذلك، بل يكبر ويفتتح القراءة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وإِسْحَاق والثَّوْرِيّ وعمر وابن مسعود ومُحَمَّد بن الحسن السنة أن يقول: سبحانك اللهم وبحمدك تبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك. وعند أَبِي يُوسُفَ وجماعة من الشَّافِعِيَّة يسن أن يجمع بين هذا الدعاء وبين ما قبله. وعند أَحْمَد بن عيسى والقاسم من الزَّيْدِيَّة أنه يخير بينهما. وعند جماعة منهم أبو ثور يقول بعد التكبير: الله أكبر كبيرًا والحمد للَّهِ كثيرًا وسبحان الله بكرة وأصيلاً. وعند الْإِمَامِيَّة يستحب استفتاح الصلاة بسبع تكبيرات يفصل بينهن بتسبيح وذكر للَّهِ تعالى فهو مسطور، وهو من السنن الذكور عندهم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والثَّوْرِيّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يسن أن يتعوذ قبل القراءة وبعد دعاء الاستفتاح. وعند النَّخَعِيّ وابن سِيرِينَ وأبي هريرة يتعوذ بعد القراءة وعند مالك لا يتعوذ إلا في قيام رمضان بعد القراءة. واختلفت الزَّيْدِيَّة فقال النَّاصِر: التعوذ بعد الافتتاح كقول الشَّافِعِيّ، وقال يَحْيَى: قبل الافتتاح. وحاصل مذهبهم: أنه يقرأ وجهت وجهي ثم يتعوذ ثم ينوي ويكبر. وعند يَحْيَى منهم يؤذن ويقيم، ثم يقول: أعوذ بالله السميع العليم، ثم يقرأ وجهت وجهي ثم ينوي ويكبر. وعند القاسم منهم يقرأ وجهت وجهي، ثم ينوي ويكبر، ثم يتعوذ، ثم يقرأ فاتحة الكتاب. وعند المؤيد كقول الشَّافِعِيّ، وهو أن يؤذن ويقيم، ثم ينوي ويكبر، ثم يقرأ وجهت وجهي، ثم يتعوذ، ثم يقرأ فاتحة الكتاب.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن صفة التعوذ أن يقول: أعوذ باللَّه من الشيطان الرجيم. وعند الثَّوْرِيّ يقول: أعوذ باللَّه من الشيطان الرجيم إن الله هو السميع العليم. وعند الحسن بن صالح وابن سِيرِينَ يقول: أعوذ باللَّه السميع العليم من الشيطان الرجيم. وعند أحمد يقول: أعوذ باللَّهِ السميع العليم من الشيطان الرجيم إنه هو السميع العليم.
مسألة: الصحيح في مذهب الشَّافِعِيّ أنه يتعوذ في كل ركعة، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وابن سِيرِينَ، وهو في الأولى آكد. والثاني لا يتعوذ إلا في الأولى، وقطع به الشيخ أبو إِسْحَاق في التنبيه، وبه قال أحمد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وإِسْحَاق وابن الْمُبَارَك قراءة فاتحة الكتاب فرض فى الصلاة، وبه قال عمر وابن عَبَّاسٍ وجابر بن عبد الله وعمران بن حصين وعثمان بن أبي العاص وأبو سعيد الخدري وأبو هريرة وخوّاتُ بن جبير وغيرهم. وعند الحسن بن صالح والأصم القراءة في الصلاة سنة ولا تجب. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه القراءة واجبة في الصلاة، إلا أنها لا تتعين. واختلفوا في ما يجزئه منها، فالمشهور من مذهبه أن الواجب آية طويلة أو قصيرة ورُوِيَ عنه ما يقع عليه اسم القراءة. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إن قرأ آية طويلة كآية الكرسي، أو آية الدين أجزأه، وإن كانت قصيرة لم يجزئه إلا ثلاث آيات وعند أبي العالية الرياحي أنه تجزئه آية قصيرة كـ (مُدْهَامَّتَانِ).
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وعَطَاء والزُّهْرِيّ وإِسْحَاق وعبد الله بن الْمُبَارَك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أنه يجب أن يبتدئ القراءة ببسم الله الرحمن الرحيم، وهي آية من الفاتحة، ومن وسط النمل، وليست آية من أول براءة، وهل هي آية من أول كل سورة غير ما ذكرناه؟ فيه خلاف في مذهب الشَّافِعِيّ، والصحيح أنها آية في كل سورة. وعلى هذا هل هي آية مستقلة بنفسها أو بانضمام شيء إليها من تلك السورة؟ فيه وجهان. إذا قلنا إنها آية مستقلة. وأما بانضمام شيء إليها فهل ذلك على سبيل القطع
أو على سبيل الحكم؟ وجهان. فإن قلنا على سبيل القطع كفَّرنا رادها، وإن قلنا على سبيل الحكم فسَّقناه لا غير. هذا تحقيق مذهب الشَّافِعِيّ. وكان ابن الْمُبَارَك وَأَحْمَد بن حنبل والفراء وابن عباس يقولون: من ترك بسم اللَّه الرحمن الرحيم فقد ترك مائة آية وثلاث عشرة آية من القرآن. وعند مالك والْأَوْزَاعِيّ وداود وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أنها ليست من القرآن، إلا في سورة النمل فإنها بعض آية منها، وفي سائر السور إنما ذكرت تبركًا بها، ولا تقرأ في الصلاة إلا في قيام رمضان فإنها تقرأ في ابتداء السورة بعد الفاتحة، ولا تقرأ في ابتداء الفاتحة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه أنها ليست بآية من الفاتحة، وليست شرطًا في صحة الصلاة؛ لأن القراءة لا تتعين عندهم، إلا أنه يستحب له قراءتها في نفسه سرًّا. واختلف أصحابه في مذهبه، فقال بعضهم: مذهبه كمذهب مالك وأنها ليست من القرآن إلا في النمل بعض آية، وهو الظاهر من مذهبه وقال بعضهم: مذهبه أنها آية تامة في كل موضع ذكرت فيه، إلا أنها ليست من السورة، ويختارون هذا ويناظرون عليه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعبد الله بن عمر وأبي هريرة وعبد الله بن عَبَّاسٍ وإحدى الروايتين عن عمر وابن الزبير، وبه قال عَطَاء وطاوس ومجاهد وسعيد بن جبير أنه يجهر ببسم اللَّه الرحمن الرحيم في أول الفاتحة، وفي أول السورة فيما يجهر به من القراءة في الصلاة ويسر بها فيما يسر بالقراءة في الصلاة، وإلى هذا كان يميل إِسْحَاق ابن راهويه. وعند الشَّافِعِيّ والْأَوْزَاعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وعلي وابن مسعود وعمار وأبي بكر وعمر وعثمان وغيرهم ومن بعدهم من التابعين وابن الْمُبَارَك وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ، وبه قال أَحْمَد إلا أنه يقول هي من القرآن ولكن يسر بها. وعند مالك والْأَوْزَاعِيّ لا يقرأها في الصلاة، لأنها ليست من القرآن عندهما، إلا في النمل فإنها بعض آية منها.
وعند ابن أبي ليلى والحكم وإِسْحَاق إن جهر بها فحسن، وإن أسر بها فحسن. وعند النَّخَعِيّ الجهر بها بدعة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعَطَاء وَأَحْمَد وابن أبي أوفى وداود أن التأمين عقب الفاتحة يسن لكل قارئ للفاتحة، سواء كان في الصلاة أو في غيرها، وسواء كان إمامًا أو مأمومًا أو منفردًا، وبه قال غير واحد من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وَأَحْمَد بن عيسى من الزَّيْدِيَّة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه يؤمن الإمام والمأموم. وعند مالك في رِوَايَة لا يؤمن الإمام، ويؤمن المأموم، وهي الأظهر عندهم. وعند الْإِمَامِيَّة يكره التأمين. وعند النَّاصِر وسائر الزَّيْدِيَّة تبطل الصلاة بالتأمين.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا كانت الصلاة يجهر فيها جهر المنفرد والإمام بالتأمين قطعًا، وكذا المأموم على الصحيح. وعند الثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه
يخفيه الإمام والمأموم. وعند مالك المأموم يقولها في نفسه، وفي رِوَايَة يخفيه الإمام. وعند عَطَاء وداود يجهر به الإمام.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وعلي وجابر وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ تجب قراءة الفاتحة في كل ركعة. وعند مالك تجب القراءة على الإمام والمنفرد في معظم الصلاة. فإن كانت رباعية قرأ في ثلاث منها، وإن كانت ثلاثية قرأ في ركعتين، وإن كانت ركعتين قرأ فيهما. وروى عنه أيضًا كقول الشَّافِعِيّ. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ َوَأَحْمَد في رِوَايَة القراءة إنما تجب في الركعتين الأولتين، فأمَّا الأخرتان فهو فيهما بالخيار إن شاء قرأ، وإن شاء سبَّح أو سكت، فإن لم يقرأ في الأولتين قرأ في الأخرتين، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وزيد بن علي. وعند علي أنه يقرأ في الأولتين ويسبح في الأخرتين، وبه قال النَّخَعِيّ. وعند الْإِمَامِيَّة تجب القراءة في الركعتين الأولتين، ويتخير في الركعتين الأخرتين بين القراءة والتسبيح. واختلفت الزَّيْدِيَّة في الركعتين الأخيرتين من الرباعية، والثالثة من الثلاثية: فقال النَّاصِر والمؤيد: يستحب قراءة الفاتحة فى ذلك، وهو أولى من التسبيح. قال الباقر أيضًا إنما إن سبح في ذلك. وعند أحمد والحسن البصري وبعض أهل الظاهر تجب القراءة في الصلاة في ركعة واحدة، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وإحمد وإِسْحَاق وابن الْمُبَارَك وأكثر الصحابة والتابعين
تجب القراءة على المأموم خلف الإمام في الصلاة السرية. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تجب عليه القراءة خلف الإمام.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تجب قراءة الفاتحة على المأموم في الصلاة الجهرية على الجديد الصحيح، وبه قال الْأَوْزَاعِيّ وابن عون وأبو ثور والنَّاصِر من الزَّيْدِيَّة وابن الْمُبَارَك وَأَحْمَد وإِسْحَاق ومالك، هكذا نقله الترمذي في جامعه، وبهذا قال جماعة من الصحابة والتابعين. وفي القديم: لا تجب عليه القراءة، وهو قول مالك وَأَحْمَد وإِسْحَاق وداود. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وسفيان بن عيينة وابن مسعود وابن عمر وأنس وسائر الزَّيْدِيَّة أنه لا يجب على المأموم القراءة، سواء كانت سرية أو جهرية، وبه قال أحمد أيضًا. فإن قلنا: إن القراءة لا تجب على المأموم استحب له أن يقرأ فيما لا يجهر فيه الإمام خاصة، وبه قال مالك. وقال أبو حَنِيفَةَ لا يستحب له القراءة أصلاً، فإن قرأ، قال أبو عبد الله الداعي من الزَّيْدِيَّة: بطلت صلاته.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وعامة الفقهاء لا يقوم تفسير القراءة ولا
العبارة عنها بالفارسية مقامها، ولا تجزه في الصلاة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ المصلي بالخيار إن شاء قرأ القرآن، وإن شاء قرأ معنى القرآن وتفسيره بالعربية أو الفارسية وغير ذلك، سواء كان يحسن القراءة أم لا يحسنها. واختلف أصحابه إذا قرأ المصلي معنى القرآن وتفسيره هل يكون قد قرأ القرآن؟ فمنهم من قال: إذا قرأ معنى القرآن فقد قرأ القرآن، وعلى هذا يناظرون. ومنهم من قال: لا يكون قرأ القرآن، وإنما يكون في الحكم يقوم مقامه. وعند مُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ إن كان المصلي يحسن القرآن لم يجز أن يقرأ معنى القرآن، وإن كان لا يحسنه جاز أن يقرأ معناه، ومعبر عن القرآن بعبارة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا كان لا يحسن شيئًا من الفاتحة ولا من غيرها فإنه يأتي مكانها بالذكر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يلزمه ويقوم ساكتًا. وعند مالك لا يلزمه الذكر ولا القيام.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والنَّاصِر من الزَّيْدِيَّة يسن بعد الفاتحة قراءة سورة. وعند عمر ابن الخطاب تجب القراءة بعد الفاتحة وأقله ثلاث آيات. وعند سائر الزَّيْدِيَّة تجب سورة من المفصل، أو ثلاث آيات، وتجزئ آية طويلة كآية الدَّين. وعند عثمان بن أبي العاص تجب القراءة بعد الفاتحة، وأقله ما يقع عليه الاسم. وعند الْإِمَامِيَّة تجب قراءة السورة
بعد الفاتحة. وعندهم أيضًا إذا ابتدأ بسورة الإخلاص، أو بـ (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ) كره له الرجوع إلى غيرهما، وإن كان له أن يرجع عن كل سورة إلى غيرها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والثَّوْرِيّ وابن الْمُبَارَك وسائر العلماء المستحب في صلاة الصبح أن يقرأ بطوال المفصل، وهو السبع الأخير من القرآن، مثل الحجرات وقاف والواقعة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يقرأ في الأولى من ثلاثين آية إلى ستين آية، وفي الثانية من عشرين إلى ثلاثين آية.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأبي حنيفة أنه يقرأ في الظهر مثل ما يقرأ في الصبح. وعند الشَّافِعِيّ يقرأ في العصر والعشاء بأوساط المفصل كسورة "الجمعة" والمنافقون، وما أشبه ذلك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يقرأ في العصر في الأولتين في كل ركعة بعد الفاتحة عشرين آية وكذا في العشاء. وعند أَحْمَد يقرأ خمسة عشر آية، وذلك نحو قول الشَّافِعِيّ. وعند الْإِمَامِيَّة يستحب أن يقرأ ليلة الجمعة بسورة الجمعة وسبح اسم ربك الأعلى في المغرب وفي العشاء الآخرة، وفي صلاة الغداة بالجمعة وسورة وفي الظهر والعصر إذا صلاهما من غير قصر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء تكره القراءة المنكوسة في الصلاة، كما إذا قرأ فى المغرب في الركعة الأولى بعد الفاتحة بالإخلاص ثم يقرأ بعد الفاتحة في الثانية بـ قل يا
أيها الكافرون. وعند علي والزَّيْدِيَّة أن هذه القراءة على هذا الوضع لا تكره.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في استحباب قراءة السورة بعد فيما زاد على الركعتين قَوْلَانِ: القديم: وهو الصحيح لا يستحب، وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد. والجديد: يستحب ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحب أن يسوِّي بين الركعات في القراءة ولا يفضل أولى على ثانية، ويستحب في الآخر من الحذف والإيجاز. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ يستحب أن يطيل الأولى على الثانية في الفجر خاصة. وعند الثَّوْرِيّ ومُحَمَّد يستحب فى جميع الصلوات تطويل كل ركعة على التي بعدها، وهو قول الماسرجسي من الشَّافِعِيَّة. وعند أَحْمَد يطيل في الأولتين من الظهر والعصر، ويطيل الأولى من الفجر على الثانية.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز في الصلاة قراءة الآية أو السورة التي فيها سجدة من السجدات. وعند مالك يكره. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يقرأ ذلك فيما يجهر به من الصلوات دون ما لا يجهر فيه. وعند الْإِمَامِيَّة يمنع في صلاة الفريضة من القراءة بعزائم السجود، وهي سجدة لقمان، وسجدة الحواميم، وسورة النجم، وسورة العلق.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحب للمنفرد أن يجهر بالقراءة في الصبح، والأولتين من المغرب، والأولتين من العشاء، ويسر فيما سوى ذلك من الصلوات الخمس، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وأبو عبد الله الداعي والمؤيد. وادعى صاحب البيان الإجماع في ذلك، وليس كما ادعى، بل عند أَبِي حَنِيفَةَ أنه لا يسن له الجهر في ذلك. وعند ابن أبي ليلى، ومن الزَّيْدِيَّة يَحْيَى يجب الجهر والمخافتة في ركعة واحدة، إمامًا كان أو
منفردًا إذا كان ذلك أو قضاء. وقال الداعي منهم: لو ترك الجهر في موضع الجهر والمخافتة في موضعها بطلت صلاته عند يَحْيَى.
مسألة: الصحيح من الوجهين في مذهب الشَّافِعِيّ أن فائتة الليل والمقضية بالنهار أنه يسر بها. والثاني: أنه يجهر، وبه قال أبو حَنِيفَةَ في الإمام وأبو ثور.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن فائتة الليل المقضية بالليل يجهر فيها. وعند الْأَوْزَاعِيّ إن شاء جهر، وإن شاء أسر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وابن عَبَّاسٍ وابن مسعود وجابر بن عبد الله ومن بعدهم من التابعين وعامة الفقهاء والعلماء يستحب التكبير في كل خفض ورفع إلا عند الرفع من الركوع فإنه يقول سمع اللَّه لمن حمده. وعند سعيد ابن جبير وعمر بن عبد العزيز والقاسم وسالم لا يكبر إلا عند الافتتاح.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق والْأَوْزَاعِيّ وابن الْمُبَارَك وبعض العلماء من الصحابة ومنهم ابن عمر وجابر بن عبد الله وأبو هريرة وأنس وابن عَبَّاسٍ وابن الزبير، ومن التابعين الحسن البصري وعَطَاء وطاوس ومجاهد ونافع وسالم بن عبد الله وسعيد بن جبير وغيرهم يستحب أن يرفع يديه حذو منكبيه في هذا التكبير. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد والثَّوْرِيّ لا يرفع يديه إلا في تكبيرة الافتتاح. وعند
مالك في ذلك رِوَايَتَانِ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق وداود تجب الطمأنينة في الركوع والسجود، وهو أن يلبث بعد أن بلغ حد الإجزاء لبثًا ما. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا تجب الطمأنينة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وعلي وسعد بن أبي وقاص وابن عمر أكمل الركوع أن يقبض على ركبتيه بيديه، ويفرق أصابعه، ويجافي مرفقيه عن جنبيه، ويمد ظهره وعنقه، ولا يقنع رأسه، ولا يخفضه، ولا يطبق يديه بين ركبتيه. وعند ابن مسعود والأسود بن يزيد وعبد الرحمن بن الأسود وشريك وأبي عبيدة يطبق بين يديه ويجعلهما بين ركبتيه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحب أن يقول في ركوعه: سبحان ربي العظيم ثلاثًا. وعند الحسن البصري يقول خمسًا أو سبعًا. وعند الثَّوْرِيّ يقول الإمام ذلك خَمسًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجب التسبيح في الركوع والسجود، وهو قول كافة أهل العلم. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق والْإِمَامِيَّة التسبيح واجب مرة واحدة، وكذلك التكبيرات، وكذلك سمع الله لمن حمده ورب اغفر لي ما بين السجدتين، فإن تركه ناسيًا لم تبطل صلاته، إلا أن يكون عامدًا، وبه قال داود، إلا أنه قال: إذا تركه لم تبطل صلاته وإن كان عامدًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الأولى أن يقول سبحان ربي العظيم وبحمده، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر ويَحْيَى والقاسم والصادق. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد لا يقول وبحمده، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيد باللَّه وزيد بن علي.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجب إذا رفع رأسه من الركوع أن يعتدل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب، بل لو انحط من الركوع إلى السجود أجزأه. واختلف أصحاب مالك في مذهبه فمنهم من قال: هو واجب عنده كقول الشَّافِعِيّ. ومنهم من قال: مذهبه أنه ليس بواجب عنده كقول أَبِي حَنِيفَةَ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعَطَاء ومُحَمَّد بن سِيرِينَ وإِسْحَاق بن راهويه يستحب للإمام والمأموم عند الرفع من الركوع أن يقول سمع اللَّه لمن حمده، وعند الاستواء ربنا لك الحمد ملء السموات إلى آخر الدعاء المشهور. وعند أَبِي حَنِيفَةَ الإمام يقول: سمع الله لمن حمده لا يزيد عليه، والمأموم يقول ربنا لك الحمد، ولا يقول سمع اللَّه لمن حمده، واختاره ابن المنذر. واختلف الزَّيْدِيَّة فقال النَّاصِر وزيد بن علي يجمع بين قوله سمع الله لمن حمده وقوله ربنا لك الحمد إمامًا كان أو منفردًا، إن كان مؤتمًا اقتصر على قوله ربنا لك الحمد. وعند سائر الزَّيْدِيَّة يقتصر على قوله سمع الله لمن حمده، إلا المؤتم فإنه لا يقول ذلك، ولكن يقتصر على قوله ربنا لك الحمد. واختلف النقل عن الثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وأَبِي يُوسُفَ ومحمد، فنقل صاحب الشامل والدر الشفاف عنهم أن الإمام يقول سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد، والمأموم يقول ربنا لك الحمد لا يزيد عليه. ونقل عنهم صاحب البيان فقال: إن الإمام يأتي بهما، والمأموم يقتصر على قوله سمع اللَّه لمن حمده. ونقل عنهم الشاشي فقال: الإمام لا يزيد على قوله سمع اللَّه لمن حمده، ولا يزيد على قوله ربنا لك الحمد. ونقل عنهم صاحب المعتمد أن الإمام يأتي بهما، والمأموم يقتصر على قوله ربنا لك الحمد. واختلف النقل عن مالك، فنقل عنه صاحب الشامل والمعتمد موافقة أَبِي حَنِيفَةَ، ونقل عنه صاحب البيان موافقة الْأَوْزَاعِيّ والثَّوْرِيّ وموافقوهما. ونقل الشاشي عن أَحْمَد وَمَالِك موافقة أَبِي حَنِيفَةَ فيما نقلناه عنه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحب أن يمد التكبير من ابتداء انحنائه إلى السجود حتى تكون آخر تكبيره مع أول السجود على الأصح. والقول الثاني: أنه لا يمد، وبه قال أبو حَنِيفَةَ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر بن الخطاب وابن عمر والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه َوَأَحْمَد وإِسْحَاق والنَّخَعِيّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ المستحب أن يكون أول ما وقع منه على الأرض فى السجود ركبتاه، ثم يداه، ثم جبهته وأنفه. وعند الْأَوْزَاعِيّ يستحب أن يضع يديه ثم ركبتيه. وعند مالك وأصحابه إن شاء وضع اليدين أولا، وإن شاء وضع الركبتين أولاً، ووضع اليدين أحسن.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ يستحب أن يقول في سجوده سبحان ربي الأعلى، وبه قال من الزَّيْدِيَّة زيد بن علي والمؤيد. وعند جماعة من الزَّيْدِيَّة وهم النَّاصِر ويَحْيَى
والقاسم والصادق يقول سبحان ربي الأعلى وبحمده.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك والثَّوْرِيّ والحسن وابن سِيرِينَ وعَطَاء وطاوس وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إن اقتصر في السجود على الجبهة دون الأنف أجزأه. وعند الْأَوْزَاعِيّ وإِسْحَاق وَأَحْمَد في رِوَايَة وسعيد بن جبير وعكرمة والنَّخَعِيّ والثَّوْرِيّ وابن أبي ليلى يجب السجود عليهما، ولا يجوز الاقتصار على أحدهما. قال ابن المنذر: ولا أعلم أحدًا سبقه بهذا القول ولا قال به أحد بعده، لهذا قال أَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز الاقتصار على الأنف.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء لا يكره السجود على المنسوج واللبود، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والسيد والمؤيد. وعند يَحْيَى منهم يكره ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي وابن عمر وعبادة بن الصامت وَأَحْمَد في رِوَايَة لا يجزئه السجود على حائل متصل به مثل كور عمامته، أو طرف منديله أو ذيله أو كفّه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد والْأَوْزَاعِيّ وإِسْحَاق والحسن ومَكْحُول وعبد الرحمن بن يزيد وشريح وعمر وعَطَاء وطاوس وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجزئه السجود على ذلك. واختلف النقل عن مالك َوَأَحْمَد، فنُقِلَ في البيان عنهما كقول الشَّافِعِيّ، ونقل صاحب الشامل والمعتمد والشاشي عنهما كقول أَبِي حَنِيفَةَ. وعند الزَّيْدِيَّة لا يجوز السجود على كور العمامة، فإن خشي من الحرِّ والبرد وثنى طرف العمامة، أو أرسل طرفها على الجبهة عند السجود فله ذلك، وأما إذا ثنى طرفيها واسترسل على الجبهة من غير عذر فسدت صلاته عند النَّاصِر، وعند المؤيد لا تفسد ولو كان لغير عذر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في وجوب السجود على اليدين والركبتين والقدمين قَوْلَانِ: أحدهما لا يجب، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة وأكثر الفقهاء. والثاني يجب، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة وإِسْحَاق ومَسْرُوق وسليمان بن داود.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في وجوب كشف الكفين في السجود قَوْلَانِ: أحدهما لا يجب، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ. والثاني يجب.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تجب الطمأنينة في السجود، وهو أن يلبث لبثًا مَا. وعند أبي حَنِيفَةَ لا تجب.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ والْإِمَامِيَّة يرفع رأسه من السجود مكبرًا حتى يعتدل
جالسًا، ويجب عليه الطمأنينة في هذا الاعتدال. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا تجب عليه الطمأنينة فيه، فمتى رفع رأسه رفعًا ما أجزأه، حتى حكى عن أَبِي حَنِيفَةَ أنه قال لو رفع جبهته بقدر ما يدخل بين جبهته والأرض سمك سيف أجزأه. ومالك يعتبر ما كان أقربه إلى الجلوس، وكذلك يقول في الاعتدال في الركوع ما كان أقربه إلى القيام.
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ هل الأفضل كثرة الركوع والسجود أم القيام أفضل منهما؟ فيه خلاف. وعند إِسْحَاق هما بالنهار أفضل من القيام، وبالليل هو أفضل منهما.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يكره الإقعاء في الجلوس، وبه قال على وابن عمر وأبو هريرة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ. وعند العبادلة عبد الله بن عمر وعبد الله بن العبَّاس وعبد الله بن الزبير أنه من السنة، وبه قال نافع وطاوس ومجاهد وعَطَاء وسالم. وقال أحمد: أهل مكة يفعلونه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي وَأَحْمَد وإِسْحَاق يسن أن يقول بين السجدتين: اللهم اغفر لي وارحمني وأجبُرني وارفعنى واهدني وارزقني واهدني للسبيل الأقوم وعافني، هكذا ورد به الحديث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ليس فيه ذكر مسنون.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تسن جلسة الاستراحة على أصح القولين، وبه قال بعض
العلماء. والثاني لا تسن، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَمَالِك وَأَحْمَد وإِسْحَاق. وعند الزَّيْدِيَّة هو بالخيار إن شاء جلس للاستراحة، وإن شاء لم يجلس.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر وعمر بن عبد العزيز وَمَالِك وَأَحْمَد وإِسْحَاق يستحب إذا أراد القيام إلى الركعة الثانية إما من السجدة الثانية وإما من جلسة الاستراحة أن يقوم معتمدًا على الأرض بيديه. وعند الثَّوْرِيّ والنَّخَعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وعلي وابن مسعود رضي الله عنهما وَأَحْمَد أنه لا يعتمد على الأرض بيديه، وإنَّما يعتمد على صدور قدميه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وعامة أهل العلم أن التشهد الأول
والجلوس فيه سنتان. وعند اللَّيْث وَأَحْمَد وإِسْحَاق وداود وأَبِي ثَورٍ والْإِمَامِيَّة هما واجبان.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الجلسات في الصلاة أربع، وهن: الجلسة بين السجدتين، وجلسة الاستراحة، والجلسة للتشهد الأول، والجلسة للتشهد الأخير. والسنة عنده في الثلاث الأول أن يجلس مفترشًا، وهو أن يفرش رجله اليسرى ويجلس عليها ويفضي ببطون أصابعه إلى الأرض. وفي الجلسة الأخيرة يتورك، وهو أن يخرج رجله اليسرى من تحت وركه ويفضي بمقعدته إلى الأرض وينصب قدمه اليمنى، وهو قول أحمد وإِسْحَاق ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند مالك السنة أن يتورك في جميعها. وعند الثَّوْرِيّ وابن الْمُبَارَك وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وسائر الزَّيْدِيَّة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ السنة أن يفترش في جميعها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي ثَورٍ الأفضل أن يتشهد بالمروي عن ابن عَبَّاسٍ عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو: التحيات الْمُبَارَكات الصلوات الطيبات لله سلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته سلام علينا وعلى عباد اللَّه الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وإِسْحَاق وَأَحْمَد وابن الْمُبَارَك وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ من الصحابة والتابعين الأفضل أن يتشهد بالمروي عن ابن
مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو: التحيات لله والصلوات الطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. وعند مالك الأفضل أن يتشهد بالمروي عن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو: التحيات لله الزاكيات لله الطيبات للَّه الصلوات لله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد اللَّه الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله. وعند الزَّيْدِيَّة المختار أن يتشهد بالمروي عن على رضي الله عنه وهو بسم الله وخير الأسماء كلها لله أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وإلى رسوله التحيات للَّهِ والصلوات والطيبات الطاهرات الزاكيات الغاديات الرائحات الناميات الحسيبات الْمُبَارَكات للَّه ما طاب وزكى وطهر وما خبث فلغيره اللهم صل على مُحَمَّد وعلى آل مُحَمَّد إلى آخره. واختلف النقل عن الثَّوْرِيّ وَأَحْمَد، فنقل عنهما الشاشي كقول الشَّافِعِيّ، ونقل عنهما صاحب المعتمد والبيان كقول أَبِي حَنِيفَةَ. ولا خلاف بين العلماء أن له أن يتشهد بما أحب من هذه التشهدات، وإنما الخلاف في الأفضل لا غير.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأكثر أصحابه أن التسمية قبل التشهد ليست بمستحبة. وعند عمر وابن عمر وأبي داود السجستاني ويَحْيَى بن سعيد وهشام وعلى أنها تستحب، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في استحباب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول قَوْلَانِ: أحدهما لا يستحب، وبه قال الثَّوْرِيّ وأبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وعَطَاء والنَّخَعِيّ والشعبي وإِسْحَاق. والثاني يسن، وبه قال مالك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يدعو في التشهد الأول بل يقتصر على التشهد لا غير. وعند مالك وابن عمر يدعو بما شاء.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قام إلى الثالثة ابتدأ بالتكبير من ابتداء القيام ويمده إلى حال استواءه. وعند مالك أنه لا يكبر حتى يستوى قائمًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يكره تقديم إحدى رجليه عند النهوض في الصلاة. وعند مالك لا بأس به. وعند مجاهد وإِسْحَاق أنه يرخص في ذلك للشيخ الكبير.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ والحسن البصري والشعبي وعمر وابن عمر وأبي مسعود البدري أن التشهد الأخير والجلوس فيه والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم واجب، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند مالك والْأَوْزَاعِيّ وسعيد بن المسيب والنَّخَعِيّ والزُّهْرِيّ والثَّوْرِيّ وعلي بن أبي طالب لا يجب شيء من ذلك، بل إذا فرغ من الركعة الأخيرة فقد تمت صلاته. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه والنَّاصِر من الزَّيْدِيَّة أن التشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لا يجبان، وبه قال أكثرهم في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. وأما الجلوس فيجب منه بقدر قراءة التشهد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والنَّخَعِيّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز أن يدعو في آخر التشهد الأخير قبيل السلام بما شاء من أمر الدِّين والدنيا، وبما يجوز أن يدعو به خارج الصلاة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد لا يدعو إلا بالأدعية المأثورة أو ما شابه ألفاظ القرآن. ومن أصحابه من قال: ما لا يطلب إلا من الله يجوز أن يدعو به في الصلاة وما يجوز أن يطلب من المخلوقين إذا سأله من الله في الصلاة أفسدها وبه قال الحسن البصري، وروى عنه أنه أباح الدعاء في التطوع وكرهه في المكتوبة. وعند عَطَاء والنَّخَعِيّ يكره أن يدعو له باسمه في صلاته. وعند مالك والْإِمَامِيَّة يجوز الدعاء في الصلاة المكتوبة أين شاء المصلي فيها. وعن مالك أنه قال: لا بأس بالدعاء في الصلاة المكتوبة في أولها ووسطها وآخرها، وحكى ابن القاسم عنه أنه يكره الدعاء في الركوع، ولا يرى به بأسًا في السجود.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأكثر أهل العلم أن السلام واجب في الصلاة لا تصح الصلاة إلا به، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه
والنَّخَعِيّ والنَّاصِر والمؤيد باللَّه من الزَّيْدِيَّة السلام ليس واجب، وإنما على المصلي إذا وقف قدر التشهد أن يخرج من الصلاة بما ينافيها من قيام أو كلام أو حدث أو سلام.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وسائر الزَّيْدِيَّة وأكثر أهل العلم أن السلام من الصلاة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه والنَّاصِر من الزَّيْدِيَّة ليس هو من الصلاة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أنه إذا قال في السلام سلام عليكم لم يجزئه على الصحيح، وهو قول مالك. والثاني يجزئه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن المصلي إذا كان في مسجد صغير ولا لغط هناك، أو كان منفردًا فقَوْلَانِ: الجديد الصحيح أنه يسن تسليمتان إحداهما عن يمينه والأخرى عن يساره، وبه قال أبو بكر وعمر وعلي وابن مسعود وعمار بن ياسر والثَّوْرِيّ وابن الْمُبَارَك وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأبو حَنِيفَةَ وأصحابه. والقول القديم: يسن تسليمة واحدة تلقاء وجهه، وبه قال ابن عمر وأنس وسلمة بن الأكوع وعائشة والحسن البصري وابن سِيرِينَ وعمر بن عبد العزيز وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ. وعند الْإِمَامِيَّة يسلم تسليمة واحدة مستقبل القبلة وينحرف بوجهه قليلًا إلى يمينه، وإن كان مأمومًا يسلم تسليمتين واحدة عن يمينه والأخرى عن شماله، إلا أن تكون جهه شماله خالية من أحد فيقتصر على التسليم عن يمينه، ولا يترك السلام على جهة يمينه على كل حال.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأكثر أهل العلم الواجب تسليمة واحدة. وعند الحسن بن صالح وَأَحْمَد في أصح الروايتين عنه الواجب تسليمتان. وعند مالك
الاختيار للإمام، وللمنفرد الاقتصار على واحدة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ التسليمة الثانية سنة، وهو رِوَايَة عن أحمد والرِوَايَة الثانية عنه أنها واجبة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ وابن أبي ليلى والحسن بن صالح والخلفاء الأربعة وأنس وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أن السنة القنوت في صلاة الصبح في جميع الدهر. وعند الثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وابن عَبَّاسٍ وابن عمر وابن مسعود وأبي الدرداء أنه لا يسن ذلك. وعند أَبِي يُوسُفَ إذا قنت الإمام فاقنت معه. وعند أَحْمَد أيضًا القنوت للأئمة يدعون للجيوش، فإن ذهب ذاهب إليه فلا بأس. وعند إِسْحَاق هو سنة عند
الحوادث لا تدعه الأئمة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ محل القنوت في صلاة الصبح بعد الركوع في الثانية، وبعدما يقول سمع الله لمن حمده إلى آخره. وعند مالك والْأَوْزَاعِيّ وابن أبي ليلى محله قبل الركوع.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا صلى خلف من يقنت في الفجر تابعه في الدعاء، وهو التأمين. وأصحاب الشَّافِعِيّ يقولون: ما كان ثناء على الله فيباركه فيه، وما كان دعاء يُؤَمَّن عليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يسكت ولا يتابعه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والْإِمَامِيَّة يسن القنوت في صلوات الفرض للنوازل. وعند أبي حَنِيفَةَ لا يسن ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء من الزَّيْدِيَّة وغيرهم لا يقنت في المغرب. وعند جماعة من الزَّيْدِيَّة، وهم النَّاصِر والباقر والصادق يقنت فيها في الركعة الثالثة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء من الزَّيْدِيَّة وغيرهم لا يقنت في شيء من الصلوات التي يجهر فيها، ولا في صلاة الجمعة. وعند النَّاصِر عن الزَّيْدِيَّة يقنت في الصلوات التي يجهر فيها، وفي الجمعة، إلا في العتمة فإنه لا يقنت فيها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الدعاء في القنوت: اللهم اهدنا فيمن هديت إلى آخره. وعند مالك: اللهم إنا نستعينك إلى آخره.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد بن الحسن وأَبِي يُوسُفَ يرفع يديه في القنوت. وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند مالك وسائر الزَّيْدِيَّة وبعض الشَّافِعِيَّة لا يرفع يديه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أن المرأة كالرجل في أفعال الصلاة إلا في بعض الهيئات، وهو ما يكون في فعله ترك الستر، وقعودها كقعود الرجل. وعند الشعبي تجلس كما تيسر لها، وكان ابن عمر يأمر نساءه أن يجلسن متربعات في التشهد.
* * *