المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌7 - باب الدعوات في الأوقات - المفاتيح في شرح المصابيح - جـ ٣

[مظهر الدين الزيداني]

فهرس الكتاب

- ‌7 - كِتابُ الصَّومِ

- ‌1 - باب

- ‌2 - باب رؤية الهِلال

- ‌فصل

- ‌3 - باب تَنْزيه الصَّوم

- ‌4 - باب صَوْم المُسافِر

- ‌5 - باب القَضَاء

- ‌6 - باب صِيَام التَّطوُّع

- ‌فصل

- ‌7 - باب لَيْلَةِ القَدْر

- ‌8 - باب الاعتِكاف

- ‌8 - كِتَابُ فَضَائِلِ القُرْآنِ

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌9 - كِتابُ الدَّعَوَاتِ

- ‌2 - باب ذِكْرِ الله عز وجل والتَّقرُّبِ إليهِ

- ‌3 - باب أَسْماءِ الله تعالى

- ‌4 - باب ثواب التَسبيح والتَحميد والتَهليل

- ‌5 - باب الاستِغفار والتَّوبة

- ‌فصل

- ‌6 - باب ما يقُول عند الصَّباح والمَسَاء والمَنام

- ‌7 - باب الدَّعَوَاتِ في الأَوْقاتِ

- ‌8 - باب الاستِعاذَة

- ‌9 - باب جامع الدُّعاءِ

- ‌10 - كِتَابُ المَنَاسِكِ

- ‌2 - باب الإِحْرام والتَّلْبية

- ‌3 - قِصَّةُ حجة الوداع

- ‌4 - باب دُخُول مَكَّةَ والطَّواف

- ‌5 - باب الوُقُوفِ بِعَرَفةَ

- ‌6 - باب الدَّفْع من عَرَفَةَ والمُزْدَلِفَة

- ‌7 - باب رَمْيِ الجِمَار

- ‌8 - باب الهَدْي

- ‌9 - باب الحلق

- ‌فصل

- ‌10 - باب الخُطْبة يومَ النَّحر، ورَمْي أَيَّام التَّشريق والتَّوديع

- ‌11 - باب ما يجتنبه المحرم

- ‌12 - باب المُحرِم يَجتنِب الصَّيد

- ‌13 - باب الإِحْصَار وفَوْت الحَجِّ

- ‌14 - باب حرَم مكَّة حرَسَها الله

- ‌15 - باب حرَم المَدينة على ساكنها الصلاةُ والسلام

- ‌11 - كِتابُ البُيُوعِ

- ‌1 - باب الكَسْب وطلَب الحَلال

- ‌2 - باب المُساهلةِ في المُعاملةِ

- ‌3 - باب الخِيَارِ

- ‌4 - باب الرِّبا

- ‌5 - باب المنهيِّ عنها من البيوع

- ‌فصل

- ‌6 - باب السَّلَمِ والرَّهنِ

- ‌7 - باب الاحتِكارِ

- ‌8 - باب الإفلاسِ والإنظارِ

- ‌9 - باب الشَّركةِ والوَكالةِ

- ‌10 - باب الغَصْبِ والعاريَةِ

- ‌11 - باب الشُّفْعَةِ

- ‌12 - باب المُساقاةِ والمُزارعةِ

- ‌13 - باب الإجارة

- ‌14 - باب إحياء المَوَاتِ والشّرْبِ

- ‌15 - باب العطايا

- ‌فصل

- ‌16 - باب اللُّقَطَة

- ‌17 - باب الفرائضِ

- ‌18 - باب الوصايا

الفصل: ‌7 - باب الدعوات في الأوقات

بالإيذاء، أو أن يظلِمَني.

"عز جارك"؛ أي: مَنِ التجأ إليك صار عزيزًا محفوظًا عن شر الأشرار.

* * *

‌7 - باب الدَّعَوَاتِ في الأَوْقاتِ

(باب الدعوات في الأوقات)

مِنَ الصِّحَاحِ:

1734 -

قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "لو أنَّ أَحَدَهُمْ إذا أرادَ أنْ يأتيَ أهلَه قال: بسمِ الله، اللهمَّ جَنِّبنا الشيطانَ، وجنِّبِ الشيطانَ ما رزقتَنَا، فإنه إنْ يُقَدَّر يينَهما ولدٌ في ذلك لم يَضُرَّهُ شيطانٌ أبدًا".

"إذا أراد أن يأتي أهله"؛ أي: إذا أراد أن يجامع زوجته.

روى هذا الحديث ابن عباس.

* * *

1735 -

وعن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كانَ يقولُ عندَ الكَرْبِ: "لا إله إلا الله العَظيمُ الحَليمُ، لا إلة إلا الله ربُّ العَرْشِ العَظيمُ، لا إلهَ إلا الله ربُّ السَماواتِ وربُّ الأرضِ وربُّ العرشِ الكريمُ".

قوله: "عند الكرب:"؛ أي: عند الغم.

"لا إله إلا الله العظيم الحليم

" إلى آخره، وهذا الذكر في وقت الغم إعلام بأنه لا يقدِرُ أحدٌ أن يُزيل الغمَّ إلا الله.

* * *

ص: 219

1736 -

عن سُليمان بن صُرَد أنه قال: استَبَّ رجُلانِ وأَحدُهما يسُبُّ صاحبَه مُغْضَبًا قد احمَرَّ وَجْهُه، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"إنِّي لأَعلَمُ كلمةً لو قالَها لَذَهَبَ عنهُ ما يَجِدُ: أَعوذُ بالله مِن الشيطانِ الرجيم".

قوله: "استب رجلان"؛ أي: يسبُّ أحدُهما الآخر؛ أي: يشتُمه.

قوله: "لذهب عنه ما يجد" من الغضب.

روى هذا الحديث سليمان بن صُرَد.

* * *

1737 -

وقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إذا سمِعْتُم صياحَ الدِّيَكةِ فسَلُوا الله مِنْ فَضْلِهِ، فإنَّها رأَتْ مَلَكًا، واذا سَمِعتُم نَهيقَ الحِمارِ فتعوَّذوا بالله مِن الشَّيطانِ الرَّجيمِ، فإنَّها رأَتْ شيطانًا".

قوله: "إذا سمعتم صياح الديكة

" إلى آخره.

(الديكة): جمع الديك.

هذا الحديث يدلُّ على نزولِ الرحمة والبركة عند مرور أهل الصلاح؛ فيستحب عند ذلك طلب الرحمة والبركة من الله الكريم، ونزولِ الغضب والعذاب على أهل الكفر فيستحب الإعاذة عند مرورهم خوفَ أن يصيبَه شؤمُهم.

روى هذا الحديث أبو هريرة.

* * *

1738 -

عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كانَ إذا استَوَى على بَعيرِهِ خارِجًا إلى السفَرِ كبَّرَ ثلاثًا، ثم قال: " {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (13) وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ} ، اللهمَّ إنَّا نسأَلُكَ في سَفَرِنَا هذا البرَّ والتَّقَوْى،

ص: 220

ومِنَ العمَلِ ما تَرْضَى، اللهمَّ هَوِّنْ علَينا سفَرَنا هذا، واطْوِ لَنَا بعدَه، اللهمَّ أنتَ الصَّاحِبُ في السَّفَرِ، والخَليفَةُ في الأهلِ، اللهمَّ إني أَعُوذُ بكَ مِن وَعْثاءِ السَّفَرِ، وكآبَةِ المَنْظَرِ، وسُوءِ المُنْقَلَبِ في المالِ والأهلِ"، وإذا رجَعَ قالَهُنَّ، وَزَادَ فيهنَّ: "آيبونَ تائبُونَ عابدُونَ لربنا حامِدُونَ".

قوله: " {كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ} "، (الإقران): الإطاقة؛ يعني: لا طاقة لنا ولا قوة لنا بركوب الدواب لولا تسخير الله إيَّاها لنا، فنسبحه ونحمَدُه على مِنَّة النعمة، كما نسبحه ونحمده على سائر النعم.

قوله: "واطو لنا بُعْدَهُ"، طوى يطوي: إذا لَفَّ الثوب وغيره؛ يعني: قَرِّبْ لنا بُعْدَ هذا السفر.

"أنت الصاحب في السفر"؛ أي: أنت حافظنا ومُعيننا في السفر.

"والخليفة في الأهل"، (الخليفة): من يقوم مقام أحد في إصلاح أموره؛ يعني: أنت الذي تصلح أمورنا في أوطاننا، وتحفظ أهل بيوتنا في غَيبتنا.

"الوَعْثاء": المشقة.

"وكآبة المنظر، وسوء المُنقلب": في المال والأهل، وتقدير هذا: وكآبة المنظر في المال والأهل وسوء المنقلب في المال والأهل.

(الكآبة): الغم، (المنظر): النظر، (المُنْقلب): الرجوع؛ يعني: نعوذ بك من أن يصيبنا غَمٌّ بسبب أن نرى في أهلنا وأموالنا مكروهًا بتلف بعضهم أو مرضهم وغير ذلك من المكاره، ونعوذ بك من سوء المنقلب إلى الأهل بأن يصيبنا خسرانٌ في سفرنا، أو يصيبنا مرض وموت في طريقنا عند رجوعنا إلى أهلينا.

قوله: "قالهن"؛ يعني قال: "اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر

" إلى قوله: "في المال والأهل"، وزاد على هذه الكلمات:

ص: 221

"آيبون"؛ أي: نحن آيبون؛ أي: راجعون من السفر بالسلامة، ونحن "تائبون" إلى ربنا، ونحن (عابدون) ربنا، و"لربنا حامدون" على هذه النعم.

* * *

1739 -

عن عبد الله بن سَرجِس رضي الله عنه أنه قال: كانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا سافرَ يَتَعَوَّذُ مِن وَعْثاءِ السَّفَر، وكآبَةِ المُنْقَلَبِ، والحَوْرِ بعدَ الكَوْرِ، ودَعوةِ المَظلومِ، وسُوءِ المَنْظرِ في الأَهل والمالِ.

قوله: "والحَور بعد الكَور"، (الحور): النقصان، (والكور): الزيادة؛ أي: نعوذ بك من نقصان الحال والمال بعد زيادتها وتمامها؛ أي: من أن ينقلب حالنا من السراء إلى الضراء، ومن الصحة إلى المرض.

* * *

1740 -

وقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَن نزلَ مَنزلًا، ثم قال: أعوذُ بكَلِماتِ الله التامَّاتِ مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ، لم يَضُرَّه شَيءٌ حتَّى يرتَحِلَ من مَنْزلِهِ ذلك".

"أعوذ بكلمات الله التامات"؛ أي: بأسمائه وصفاته؛ لأن كل واحد من أسمائه وصفاته تام لا نقص فيه؛ لأنها قديمة، والنقصان إنما يكون في المُحْدَثات لا في القديم.

روت هذا الحديثَ خولة بنت حكيم.

* * *

1741 -

وقال أَبو هُريرةَ رضي الله عنه: جاء رجلٌ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسولَ الله!، ما لَقِيْتُ من عَقْربٍ لَدَغَتْنِي البارحةَ!، قال:"أمَا لو قلتَ حينَ أَمسَيْتَ: أَعُوذُ بكَلِماتِ الله التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ ما خلَقَ؛ لم تَضُرَّك".

ص: 222

قوله: "ما لقيت": (ما) ها هنا للاستفهام؛ بمعنى التعظيم؛ أي: لقيت شدة عظيمة من لَدْغ عقرب.

* * *

1742 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ إذا كانَ في سَفَرٍ وأَسْحَرَ يقولُ: "سَمعَ سامِعٌ بحمدَ الله وحُسْنِ بَلائِه علَينا، رَبنا صاحِبنا، وأَفْضلْ عَلَينا، عائذًا بالله من النَّارِ".

قوله: "أن النبي عليه السلام إذا كان في سفر وأسحر يقول: سمع سامع بحمد الله، وحسن بلائه علينا ربنا صاحبنا، وأفضل علينا عائذًا بالله من النار".

(أسحر): إذا دخل في وقت السحر.

قال في "كتاب الغيث": معنى (سمع سامع بحمد الله وحسن بلائه)؛ أي: شهد شاهد، وحقيقتُه: ليسمع السامع، وليشهد الشاهد على حمدنا لله عز وجل على نعمه. هذه عبارته.

البلاء ها هنا النعمة، الواو في (وحسن بلائه) عطف على (بحمد الله)، واللام في (ليسمع السامع وليشهد الشاهد) لام الأمر؛ يعني: ليسمع وليشهد من يسمع أصواتنا بحمد الله تعالى، وباعترافنا على حسن نعمه علينا، وبأنه هو المنعم المتفضل علينا.

قوله: "ربنا صاحبنا"؛ يعني: يا ربنا! كن معنا بالحفظ والنصرة.

قوله: "عائذًا"؛ أي نحمَدُك ونسبحك في حال كوننا عائذين بك من النار.

* * *

1743 -

وقال ابن عُمر: كانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا قفَلَ من غَزْوٍ أو حَجٍ أو عُمْرة يُكَبرُ على كلِّ شَرَفٍ من الأَرضِ ثلاثَ تكبيراتٍ، ثم يقولُ: "لا إلهَ إلا

ص: 223

الله وحدَهُ لا شريكَ لهُ، لهُ الملكُ، ولهُ الحمدُ، وهُوَ على كل شيءٍ قديرٌ، آيبُونَ تائبُونَ عابدُونَ ساجِدُونَ، لِرَبنا حامِدُونَ، صدَقَ الله وَعْدَهُ، ونصَرَ عَبْدَهُ، وهَزَم الأَحزابَ وَحْدَه".

قوله: "قفل"؛ أي: رجع على كل شَرَف؛ أي: كل موضع مرتفع.

"آيبون"؛ أي: نحن آيبون؛ أي: راجعون من السفر إلى أوطاننا، وكذلك تقدير ما بعده.

* * *

1745 -

قال عبد الله بن بُسر: نَزَلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على أَبي، فَقَرَّبنا إليهِ طَعامًا ووَطْيةً، فأكلَ منها، ثمَّ أُتِيَ بتَمْرٍ، فكانَ يأكُلُه، ويُلْقِي النَّوَى بينَ أُصبَعَيْهِ ويجمعُ السَّبابَةَ والوُسْطَى، وفي روايةٍ: فجَعَل يُلْقي النَّوَى على ظَهْرِ أُصبعَيْهِ السَّبابة والوُسطَى، ثم أُتِيَ بشَرابٍ، فَشَرِبَهُ، فقال أَبي - وأخَذَ بِلِجامِ دابَّتِهِ -: ادْعُ الله لنا، فقال:"اللهمَّ بارِكْ لهم فيما رزقْتَهم، واغفر لهم، وارْحمْهم".

قوله: "طعامًا ووطيئة"، قال صاحب "المغيث": الناس يروون هذا اللفظ (وطبة) بالباء المنقوطة تحتها بنقطة، وهذا تصحيف، وإنما هي (وطيئة) بوزن وثيقة.

قال الجبان: هي طعام من التمر كالحيس، سميت بذلك؛ لأنه يوطئ باليد؛ أي: يضرب ويدلك، و (وطيئة) ها هنا صفة لقوله (طعامًا).

"فجعل يلقي"؛ أي: فطَفِق يُسْقِط نوى التمر بظهر إصبعيه؛ أي: يضعها من فيه على ظهر إصبعيه السبابة والوسطى ثم يلقيها.

ص: 224

مِنَ الحِسَان:

1746 -

عن طَلْحة بن عُبيد الله رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان إذا رأَى الهلالَ قال: "اللهمَّ أَهِلَّهُ علينا بالأمنِ والإِيمانِ، والسَّلامةِ والإِسلامِ، ربي ورَبُّكَ الله"، غريب.

قوله: "أهِلَّه"؛ أي: أطْلِعْه وأخرجه من مطلعه.

"علينا بالأمن والإيمان" هذه الباء يحتمل أن تكون باء السبب؛ أي: واجعله سبب أمن وإيمان، وأراد بالإيمان ها هنا: ثبات الإيمان ودوامه، ويحتمل أن تكون باء المصاحبة والمعية؛ أي: أهلَّه علينا مع الأمن ودوام الإيمان؛ أي: اجعله مصاحبًا للأمن علينا.

* * *

1747 -

عن عبد الله بن عُمر، عن أَبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما مِن رجُلٍ رأى مُبتَلًى فقال: الحمدُ لله الذي عافَاني ممَّا ابتلاكَ بهِ، وفضَّلنِي على كثيرٍ ممَّن خَلَقَ تَفْضيلًا إلَّا لم يُصِبْهُ ذلكَ البلاءُ كائنًا ما كان"، غريب.

قوله: "كائنًا ما كان"، (كائنًا): نصب على الحال؛ أي: في حال ثباته وبقائه، ما كان؛ أي:(ما كان) باقيًا في الدنيا.

* * *

1749 -

عن أبي هُريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن جلَسَ مَجلِسًا فكثُرَ فيهِ لَغَطُهُ، فقالَ قبلَ أنْ يقُومَ: سُبحانَكَ اللهمَّ وبحمدِكَ، أشهدُ أنْ لا إلهَ إلا أنتَ، أستغفِرُكَ، وأتوبُ إليك إلَّا غُفِرَ لهُ ما كانَ في مَجْلسِهِ ذلك".

قوله: "فكثُر فيه لَغَطُه"، (اللغط): الصوت؛ يعني: تكلم بما فيه إثم،

ص: 225

مما لم يكن غيبة إنسان أو بهتانًا.

* * *

1751 -

وعن ابن عُمَرَ رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم إذا ودَّعَ رجلًا أَخَذَ بيدِهِ، فلا يَدَعها حتى يكونَ الرَّجلُ هُوَ يدَعُ يدَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، وَيَقُولُ:"أَستَودِعُ الله دِينَكَ، وَأَمانَتَكَ، وَآخِرَ عَمَلِك"، وفي روايةٍ:"وخَواتِيمَ عَمَلِكَ".

قوله: "فلا يدعها"؛ أي: فلا يترك رسولُ الله عليه السلام يَد ذلك الرجلِ من غاية التواضع حتى يترك ذاك الرجلُ يدَ رسول الله عليه السلام.

قوله: "أستودع الله دينك وأمانتك وآخر عملك"، (الاستيداع): طلب حفظ الوديعة من أحد؛ يعني: أسأل الله أن يحفظ دينك وأمانتك وآخر عملك حتى يَختِم عملك بالخير؛ أي: حتى تموت بالإيمان والعمل الصالح.

* * *

1753 -

وعن أنَسٍ رضي الله عنه قال: جاءَ رجلٌ إلى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسولَ الله!، إني أُريدُ سَفَرًا، فَزَوِّذنِي، فقال:"زَوَّدَكَ الله التَّقوى"، قال: زِذني، قال:"وغفرَ ذنبَكَ"، قال: زِدنِي بأَبي أنتَ وَأُمَّي، قال:"ويَسَّرَ لك الخَيْرَ حيثُما كُنْتَ"، غريب.

قوله: "فزودني"، هذا أمر مخاطبة من التزويد، وهو إعطاء الزاد؛ يعني به ها هنا: أودع لي.

* * *

1755 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا سافَرَ، فأقبلَ الليلُ؛ قال: "يا أَرضُ، ربي وربُّكِ الله، أَعوذُ بالله مِن شَرَّكِ، وشرَّ ما فيكِ،

ص: 226

وشَرِّ ما خُلِقَ فيكِ، وشرِّ ما يَدِبُّ علَيكِ، وأَعوذُ بالله مِن أسدٍ وأَسْوَدَ، ومِن الحَيَّةِ والعَقْربِ، ومِن ساكنِ البلَدِ، ومِن والدٍ وما ولَدَ".

قوله: "يا أرض ربي وربك الله، أعوذ بالله من شرك

" إلى آخره.

يعني: إذا كان خالقي وخالقُك هو الله تعالى، فهو المستحق أن نلتجئ إليه، ونعوذ به من شر المُؤذيات، (من شرك): أراد من الخسف ومن السُّقوط عن موضع مرتفع.

قوله: "ومن شر ما فيك"؛ أي: من شر ما فيك من الضُرِّ بأن يخرج منك ماء فيهلك أحدًا، أو يخرج نبات فيصيب أحدًا ضررٌ من أكله، أو تخرج أعضاء أحد بشرك.

"ومن شر ما خلق فيك"؛ أي: ومن شر حيوان مؤذٍ في بطنك.

قوله: "ومن شر ما يَدِب"؛ أي: من شر ما يمشي على ظهرك من الحيوانات.

قوله: "وأسود، ومن الحية والعقرب"، أراد بالأسود: الحية الكبيرة السوداء، وأراد بالحية: كل حية غير الأسود، وأراد بساكن البلد: الجن، البلد: كل موضع بلد فيه حيوان؛ أي: أقام فيه حيوان وإن لم يكن هناك عمارة، وأراد بـ (الوالد): إبليس عليه اللعنة، (وما ولد): الشياطين.

* * *

1756 -

عن أنَسٍ رضي الله عنه قال: كانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا غَزا قال: "اللهمَّ أنتَ عَضُدِي ونصَيْري، بكَ أَحُولُ، وبك أَصُولُ، وبك أُقاتِلُ".

قوله: "أنت عضدي ونصيري"، (العضد): القوة والمعين؛ يعني: أنت قوتي وناصري.

ص: 227

"بك أحول وبك أصول"، (الحول): الفرق بين شيئين، والحول: التردُّد أيضًا.

و (الصول): الحملة على العدو؛ يعني: بقوتك ونصرتك إياي أفرق بين الحق والباطل، والكفر والإسلام، وأتردد وأحمل على الكفار.

* * *

1757 -

وعن أَبي مُوسَى رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ إذا خافَ قومًا قال: "اللهمَّ إنَّا نجعلُكَ في نُحورِهم، ونَعوذُ بِك من شُرورِهم"

قوله: "اللهم إنا نجعلك في نحورهم"، (النحور): جمع نحر، وهو الصدر؛ يعني: اللهم إنا نجعلك في إزاء أعدائنا حتى تدفعهم عنا، فإنه لا حول ولا قوة لنا، بل القوة والقدرة لك.

* * *

1758 -

عن أُم سلمة رضي الله عنها: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كانَ أذا خرجَ من بيتِهِ قال: "بسمِ الله، توكَّلْتُ على الله، اللهمَّ إنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ أنْ نَزِلَّ أو نضَلَّ، أو نظْلِمَ، أو نُظْلَمَ، أو نَجْهلَ أو يُجْهَلَ علينا"، صحيح.

وفي روايةٍ: قالتْ أُم سلَمة رضي الله عنها: ما خرَجَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مِن بيتي قَطُّ إلَّا رَفَعَ طَرفَهُ إلى السَّماء فقال: "اللهمَّ إنِّي أَعوذُ بكَ مِنْ أنْ أَضلَّ أو أُضَلُّ، أو أَظْلِمَ أو أُظْلَمَ، أو أَجْهَلَ أو يُجْهَلَ عَلَيَّ".

قوله: "أو نجهل"، (الجهل): نقيض العلم؛ يعني: أو نجهل أمور الدين، أو معرفة الله، أو حقوق الله وحقوق الناس، أو نفعل بالناس فعل الجهال من الإيذاء، وإيصالِ الضرر إليهم.

ص: 228

قوله: "أو يجهل علينا"؛ يعني: أو يفعل الناس بنا فعل الجهال من إيصال الضرر إلينا.

* * *

1762 -

عن عَمْرو بن شُعَيب، عن أبيه، عن جَدِّه رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"إذا تَزَوَّجَ أحدُكم امرأةً أو اشتَرى خادِمًا فليقلْ: اللهمَّ إنَّي أسألُكَ خيرَها وخَيْرَ ما جَبَلْتَها عليه، وأعوذُ بكَ مِنْ شرِّها، ومِنْ شرِّ ما جَبَلْتَها عليهِ، وإذا اشترى بَعيرًا فلْيَأْخذْ بِذِروةِ سَنامِهِ وليقلْ مثلَ ذلك".

ويُروى في المَرأةِ والخادمِ: "ثمَّ لْيَأْخُذْ بناصِيَتِها، وليدْعُ بالبَرَكَةِ".

قوله: "جبلتها": خلقتها.

"بذروة سنامه"؛ أي: بأعلى سنامه.

* * *

1763 -

عن جابرٍ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "إذا سَمِعتُم نُبَاحَ الكِلابِ ونَهِيْقَ الحَمِيْرِ بالليلِ فتعَوَّذُوا بالله من الشيطانِ، فإنَّهنَّ يَرَيْنَ ما لا تَرَوْنَ"، صحيح.

قوله: "فإنهن يَرين ما لا ترون"؛ أي: فإنهن يرين إبليس والشياطين والجن وأنتم لا ترونهم، فإذا سمعتم أصواتهن فتعوَّذوا بالله من الشيطان الرجيم حتى يحفظكم الله من شر ما يرين.

* * *

1764 -

عن أبي بَكْرَة، عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم قال:"دَعَواتُ المَكْروبِ: اللهمَّ رحمتَكَ أَرجُو، فلا تَكِلْنِي إلى نفْسي طَرفَةَ عَيْنٍ، وأَصلِح لي شَأْني كلَّهُ، لا إلهَ إلا أنتَ".

ص: 229

"دعوات المكروب"، (المكروب): المحزون، أراد بالدعوات: الكلمات التي يدعو بهنَّ مَنْ أصابه غمٌّ لينفرج غمُّه.

"فلا تكلني إلى نفسي"، وَكَل يَكِل: إذا فوَّض أمره إلى أحد؛ يعني: احفَظني عن الآفات والمؤذيات، واقضِ حوائجي، ولا تتركني إلى نفسي لحظة؛ فإن نفسي أشد عداوةً لي من جميع الأعداء، وإن نفسي عاجزة لا تقدِر على قضاء حاجتي.

* * *

1765 -

عن أبي سَعيد الخُدْري رضي الله عنه قال: قَالَ رجلٌ: همومٌ لَزِمَتنيِ وديونٌ يا رسولَ الله؟ قال: "أفلا أُعَلِّمُكَ كلامًا إذا قُلْتَه أَذْهَبَ الله هَمَّكَ، وقَضَى عَنْكَ دينَكَ؟ قال: قلتُ: بلىَ، قال: "قل إذا أَصبَحتَ وإذا أَمسَيْتَ: اللهمَّ إنَّي أعوذُ بكَ من الهَمِّ والحَزَنِ، وأعوذُ بكَ مِنَ العَجْزِ والكَسَلِ، وأَعوذُ بك من الجُبن والبُخْلِ، وأَعوذُ بكَ مِنْ غَلبةِ الدَّيْنِ وقَهْرِ الرِّجالِ"، قال: ففعلْتُ ذلك، فأذهَبَ الله هَمِّي، وقَضَى عني دَيْنِي.

قوله: "هموم لزمتني وديون"؛ أي: هموم وديون لزمتني.

(الهموم): جمع هم، وهو الحزن.

* * *

1766 -

وعن عليًّ رضي الله عنه: جاءَهُ مكاتَبٌ فقال: إنَّي قد عَجزْتُ عن كِتَابتي، فَأَعِنِّي، قال: ألا أُعَلَّمُكَ كلِماتٍ عَلَّمَنِيهِنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، لو كَانَ عليكَ مثْلُ جبَلٍ كبيرٍ دَينًا أدَّاه الله عنكَ؟ قل:"اللهمَّ اكفِني بحَلالِكَ عن حَرامِك، وأَغنِنِي بفَضْلِكَ عمَّن سِواكَ".

قوله: "عَجَزْت عن كتابتي"، (الكتابة): المال الذي كاتب به السيد عبده؛

ص: 230

يعني: بَلَغَ وقتُ أداءِ الكتابة، وليس لي مالٌ.

* * *

1759 -

عن أنَسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قال إذا خرَجَ من بيتِهِ: بسمِ الله توكَّلتُ على الله، ولا حَوْلَ ولا قوةَ إلا بالله العَليَّ العظيم؛ يُقالُ له: هُدِيتَ، ووُقيتَ، وكُفِيتَ، فَيتنحَّى عنه الشَّيطان، ويقولُ شيطانٌ آخَرُ: كيفَ لكَ برجُلٍ هُدِيَ، وكُفِيَ، ووُقِيَ".

قوله: "فيقال له هديت"؛ أي: فينادي مَلَك: يا عبد الله! فإذا ذكرت اسم الله فقد هُديت؛ أي: رزقت إصابة الحق ووجدان الطريق المستقيم، ويسَّرَ لك أمورك.

"وكفيت"؛ أي: ودفع عنك همك.

"ووقيت"؛ أي: حُفِظت من شر أعدائك من الشيطان.

"فيتنحى عنه الشيطان"؛ أي: يبتعد عنه إبليس عليه اللعنة، ويحتمل أن يريد بالشيطان ها هنا: شيطانه الموكل عليه.

"ويقول شيطان آخر: كيف لك برجل هدي"؛ يعني: يقول شيطان آخر للشيطان الموكَّل على قائل هذه الكلمات: كيف تقدر على إضلال هذا الرجل؛ فإنه حُفِظَ من شر الشياطين ببركة اسم الله تعالى؟!

* * *

1761 -

وعن أبي هُريرةَ رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ إذا رَفَّأ الإنسان إذا تزوَّجَ قال: "باركَ الله لك، وباركَ عَليكَ، وجمَعَ بينَكما في خَيْرٍ".

قوله: "إذا رفأ": إذا تزوج.

ص: 231