الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
11 - باب الشُّفْعَةِ
(باب الشفعة)
مِنَ الصِّحَاحِ:
2178 -
عن جابرٍ رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"الشُّفْعَةُ فيما لمْ يُقْسَم، فإذا وقعَتِ الحُدُودُ وصُرِفَتَ الطُّرُقُ فلا شُفعة".
قوله: "الشفعة فيما لم يقسم"؛ يعني: الشفعةُ ثابتةٌ في ملكٍ مشتركٍ، وصورةُ الشفعة: أن يشترك اثنان في أرضٍ أو دار، فباع أحدُهما نصيبه، فللشريك أن يأخذ ذلك المبيع ويدفعَ إلى المشتري الثمن.
قوله: "فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق"؛ يعني: فإذا قُسم المِلْكُ المشترك، وأُفرد نصيب كلَّ واحد من الشريكين، فظهر حدُّ ملك كل واحدٍ منهما، وصُرفت طريق أحدهما عن الآخر.
"فلا شفعة"؛ يعني: إذا باع أحد الشريكين بعد القسمة نصيبه ليس للآخر أن يأخذه بالشفعة؛ لأنه جارٌ بعد القسمة لا شريك، ولا تثبت الشفعة للجار عند الشافعي ومالك وأحمد.
وقال أبو حنيفة: الشفعة ثابتة للجار.
* * *
2179 -
وعن جابرٍ رضي الله عنه قال: قضَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بالشُّفْعَةِ في كلِّ شِرْكَةٍ لمْ تُقْسَمْ رَبْعَةٍ أو حائِطٍ، لا يَحِلُّ له أنْ يبيعَ حتَّى يُؤذِنَ شَريكَهُ، فإنْ شاءَ أخذَ وإنْ شاءَ تركَ، فإذا باعَ ولمْ يُؤْذِنْهُ فهوَ أحقُّ بهِ.
قوله: "ربعة أو حائط"، الرَّبْعُ والرَّبْعة: الدار، والحائط: البستان؛ يعني: الشفعة مختصة بما لم يمكن نقله كالأرض والدار والبستان، ولا تجوز الشفعة في المنقولات كالدواب والأمتعة.
قوله: "لا يحل له أن يبيع حتى يؤذن"، آذَنَ يُؤْذِن؛ أي: أعلم؛ يعني: إذا أراد أحد الشريكين بيع نصيبه، فليعرض على الشريك بيعه، فإن شاء اشتراه وإن شاء تركه، فإن عَرَضَ البيعَ على الشريك وقال الشريك: لا رغبة لي في شراءه، فباع الشريك نصيبه، جاز للشريك أن يأخذ الشفعة، وإن قال قبل البيع: لا رغبة لي في شرائه، أو قال: بعه، فإني لا آخذ الشفعة.
وقال الحكم والشعبي: إذا أخبره قبل البيع ولم يرغب في شرائه، فباعه من أحد، بطلت شفعته.
* * *
2180 -
وقال: "الجارُ أحقُّ بسَقَبهِ".
قوله: "الجار أحق بسقبه"، (السَّقَب): القرب؛ يعني: جارك أحقُّ وأولى من غيره بسبب قرب داره إلى دارك.
وليس في هذا الحديث بيانٌ في أن الجار أحقُّ بسبب قربه في أيَّ شيء، أحق في أخذ الشفعة، أو في البرَّ والإحسان إليه وإعانتك إياه.
وقال أبو حنيفة: المراد به الشفعة، ولهذا أثبت الشفعة للجار.
* * *
2181 -
وعن أبي هريرةَ رضي الله عنه قالَ: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لا يَمنعْ جارٌ جارَهُ أنْ يغرِزَ خشَبةً في جِدارِهِ".
قوله: "لا يمنع جارٌ جاره أن يغرز خشبةً في جداره؛ يعني: إذا احتاج رجلٌ أن يضع طرف جذعه على حائط جاره، لا يجوز للجار أن يمنعه، فإن منعه يُجبره القاضي عليه، وبهذا قال أحمد والشافعي في قوله القديم.
وقال مالك وأبو حنيفة والشافعي في قوله الجديد، وعليه الفتوى: إنه يجوز للجار أن يمنع وضع جذوع الجار على جداره.
وهذا الحديث محمولٌ على الندب والاستحباب.
* * *
2182 -
وقال: "إذا اخْتَلَفْتُمْ في الطَّريقِ جُعِلَ عَرْضُهُ سبعةَ أذْرُعٍ".
قوله: "إذا اختلفتم في الطريق جعل عرضه سبعة أذرع"؛ يعني: إذا كان طريقٌ يمرُّه كلُّ أحد، وأراد أن يقعد في طرف تلك الطريق ليبيع، أو يبنيَ بناء عليه، أو يغرسَ شجرًا، ومنعه جماعةٌ، جُعل عرضُ الطريق سبعة أذرع؛ لأن هذا القَدْرَ مما يحتاج إليه الناس للمرور، فإذا جُعل عرضه هذا القَدْر جاز لكلَّ أحدٍ أن يتصرف فيما عدا هذا القدر، وكذلك إذا كان طريقٌ في مواتٍ، وأرَاد أحدٌ أن يُحيي جانبي تلك الطريق، ليَجْعَلْ عرضَ الطريق سبعة أذرع، والباقي يجوز له أن يحييه.
أما الطريق في السكة المنسدَّةِ الأسفل، فهو يتعلُّق باختيارِ أهل السكة؛ لأن السكة ملكٌ لهم، فإن اختلفوا في قَدْرِ عرضه، فيُجعل عرضه بقَدْرِ ما لا يتضرر أهل السكة في المرور.
روى هذا الحديث أبو هريرة.
* * *
من الحسان:
2183 -
قالَ صلى الله عليه وسلم "مَنْ باعَ مِنْكُمْ دارًا أو عَقَارًا قَمِنٌ أنْ لا يُبارَكَ لهُ إلَّا أنْ يَجعلَهُ في مِثْلِهِ".
قوله: "من باع منكم دارًا أو عقارًا قمنٌ أن لا يبارك له إلا أن يجعله في مثله"، (قمن)؛ أي: حقيقٌ وجديرٌ؛ يعني: بيع الأرض والدور وصرفُ ثمنها إلى المنقولات غيرُ مستحبٍّ؛ لأن الأرض والدور كثيرةُ المنافع مديدةُ النبات قليلةُ الآفة، لا يسرقها سارقٌ، ولا تلحقها غارة، بخلافِ المنقولات، فالأولى أن لا تباع الأرض والدور، فإن باعها فالأولى صرفُ ثمنها إلى أرضٍ أو دار.
روى هذا الحديث سعيد بن حريث القرشي.
* * *
2185 -
عن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:"الشَّريكُ شَفْيعٌ، والشُّفْعَةُ في كلِّ شيءٍ"، ويُروَى عن ابن أبي مُلَيكةَ مُرسلًا.
"والشفعة في كل شيء"؛ يعني: الشفعة ثابتةٌ في كلِّ شيء مشترك حتى المنقولات، ولم نر أحدًا من الأئمة الأربعة قال بثبوت الشفعة في المنقولات.
* * *
2186 -
عن عبدِ الله بن حُبَيْشٍ قال: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قطعَ سِدْرَةً صَوَّبَ الله رأْسَهُ في النَّارِ".
وقال أبو داودَ: هذا الحديثُ مُختصرٌ، يعني:"منْ قطعَ سِدرةً في فَلاةٍ يَسْتَظِلُّ بها ابن السبيلِ والبهائُم غشْمًا وظُلمًا بغيرِ حقِّ يكونُ لهُ فيها، صَوَّبَ الله رأسَهُ في النَّار".