الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لله تعالى، بل يكون رياءً ونفاقًا يحصل له العطشُ والجوعُ ولا يحصل له الثوابُ، وكذلك لو تكلَّم الصائمُ بالكذب والغِيبة وشتم الناس وغير ذلك مما لا يكون له الثوابُ؛ لأن ثوابَ صومه يأخذه منه مَن شتمَه واغتابَه يومَ القيامة، وكذلك القائمُ في الليل بالصلاة وتلاوة القرآن إذا كان رياءً ليس له ثوابٌ، ويحصل له مشقةُ السهر، وهو تركُ النوم، وكذلك جميع العبادات إذا لم يكن خالصًا.
* * *
4 - باب صَوْم المُسافِر
(باب صوم السفر)
مِنَ الصِّحَاحِ:
1437 -
قالت عائشة رضي الله عنها: إنَّ حَمْزَةَ بن عَمْروٍ الأَسْلَمِيَّ قالَ للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: أَصومُ في السَّفَرِ؟، وكانَ كَثيرَ الصِّيامِ، فقال:"إنْ شِئْتَ فَصُمْ، وإِنْ شِئْتَ فَأَفْطِرْ".
قوله: "إن شئتَ فصُمْ، وإن شئت فأفطِرْ".
الإفطار والصوم كلاهما جائزان في السفر، الاختيارُ إلى الرجل عند أكثر العلماء إلا ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم، فإنهما قالا: لا يجوز الصومُ في السفر، ثم اختلف القائلون بجواز الصوم والفطر؛ فقال أحمد: الفِطرُ أفضلُ، وقال الشافعي وأبو حنيفة ومالك: الصومُ أفضلُ لمَن يُطيقه، ومَن يلحقه ضررٌ شديدٌ بالصومِ فالفِطرُ له أفضلُ.
* * *
1438 -
وقال أبو سَعيد الخُدْري رضي الله عنه: غَزَوْنَا مَعَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم لِسِتَّ عَشْرَةَ لَيْلَةً مَضَتْ مِنْ رمَضانَ، فَمِنَّا مَنْ صامَ، وَمِنَّا مَنْ أَفْطَرَ، فلمْ يَعِبِ الصَّائمُ على المُفْطِرِ، وَلَا المُفْطِرُ على الصَّائمِ.
قوله: "قد ظُلِّل عليه"؛ أي: سقط من ضعف الصوم وجُعل على رأسه ظلٌّ.
قوله: "ليس من البرِّ الصومُ في السفر"؛ يعني: لمَن يلحقه ضررٌ شديدٌ بالصوم الصومُ في حقِّه لا يَحْسُنُ.
* * *
1441 -
وقال ابن عبَّاس رضي الله عنهما: خَرَجَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم مِنَ المَدِينَةِ إلى مَكَّةَ، فصامَ حتَّى بَلَغَ عُسْفانَ، ثُمَّ دَعا بماءٍ فَرَفَعَهُ إلى يَدِهِ لِيَرِاهُ النَّاسُ، فَأَفْطَرَ حتَّى قَدِمَ مَكَّةَ، وذلكَ في رمضانَ.
قوله: "حتَّى بلغَ عُسفانَ"، (عُسفان): اسم موضع قريب من المدينة.
* * *
1442 -
ورُوي عن جابرٍ: أَنَّهُ شَرِبَ بعدَ العَصْرِ.
قوله: "شرب بعد العصر"؛ يعني: كان رسولُ الله عليه السلام صائمًا إلى وقت العصر، ثم أفطرَ؛ ليعلمَ الناسُ أن الإفطارَ في السفر جائزٌ.
* * *
مِنَ الحِسَان:
1443 -
روى عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: "إنَّ الله وَضَعَ عَنْ المُسافِرِ شَطْرَ الصَّلاةِ، والصَّوْمَ عَنِ المُسافِرِ، وعَنِ المُرْضعِ، والحُبْلَى".
"شطر الصلاة"، (الشطر): النصف؛ يعني به القصر.
"الحُبْلَى": الحامل، يجوز للمُرضع والحامل الإفطارُ إذا خافَتَا أن يلحقَهما أو يلحقَ ولدَيهما ضررٌ بالصوم باتفاق العلماء، وأما في الفدية خلافٌ؛
فقال الشافعي وأحمد: يُطعمانِ المساكين عن كلِّ يومِ مُدًّا من الحِنطة أو قُوتَ غيرها إن كان قُوته غيرَ الحِنطة.
وقال أبو حنيفة: ليس عليهما الفديةُ، وقال مالك: تجب على الحامل دون المُرضع؛ لأن الحاملَ يلحق الضررُ نفسَها والمُرضعَ ولدَها، فتكون الحاملُ كالمريض ولا بد من القضاء بالاتفاق.
روى هذا الحديثَ "أنسُ بن مالك" رضي الله عنه، الذي هو من بني عبد الله ابن كعب، ولم يروِ (أنسٌ) غيرَ هذا الحديث، و (أنسٌ) هذا ليس بـ (أنسٍ) الذي هو خادمُ النبي عليه السلام.
* * *
1444 -
وقال: "مَنْ كانَتْ لَهُ حَمُولَةَ تَأْوِي إلى شِبَعٍ، فَلْيَصُمْ رمضانَ حيثُ أَدْرَكَهُ".
قوله: "مَن كانت له حَمُولةٌ يأوي إلى شِبعٍ فَلْيَصُمْ رمضانَ حيث أدركَه"، (الحَمولة) بفتح الحاء: المركوب؛ يعني: مَن كان راكبًا وسفرُه قصيرًا بحيث يبلغ إلى المنزل في يومِ فَلْيَصُمْ رمضانَ، والمراد بقوله:(تأوي إلى شبعٍ): الوصول إلى المنزل؛ يعني: إذا كانت المسافةُ أقلَّ من ستةَ عشرَ فرسخًا لا يجوز الإفطارُ.
وقال داود: يجوز الإفطارُ في السفر أيَّ قَدْرٍ كان، ويحتمل أن يكون معنى هذا الحديث: أن مَن كان راكبًا ومعه زادٌ يفطر به في الليل فَلْيَصُمْ رمضانَ، وإن كان سفرُه طويلًا؛ لأن الراكبَ قلَّما تلحقه مشقةُ السفر، وعلى هذا التأويل يكون أمرَ استحباب؛ يعني: الصومُ أحبُّ في السفر من الإفطار، والله أعلم.
* * *