الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
13 - باب الإِحْصَار وفَوْت الحَجِّ
(باب الإحصار وفوت الحج)
مِنَ الصِّحَاحِ:
1971 -
عن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: قَدْ أُحْصِرَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فَحَلَقَ وجامَعَ نِسَاءَهُ، ونَحَرَ هَدْيَهُ حتَّى اَعْتَمَرَ عامًا قابلًا.
قوله: "أُحْصِرَ رسول الله عليه السلام فحلَقَ وجامَعَ نساءَهُ ونحر هديه حتى اعتمر عامًا قابلاً"، (الإحصَار): الحبس والمنع؛ يعني: أحرم رسول الله عليه السلام بالعمرة في السنة السادسة من الهجرة، فأتى من المدينة إلى مكة ليعتمر، فلما بلغ حُديبية، منعه كفار مكة من دخول مكة، فخرجَ رسول الله عليه السلام من الإحرام وحلقَ، وحلَّ له ما حرم عليه بسبب الإحرام، ونحر هديه، ورجع إلى المدينة، وعاد في السنة السابعة وقضى عمرته.
فمن أحرم بحجٍ أو عمرة، فأُحْصِرَ عن إتمامه لزمه أن يذبح شاة حيث أحصر، ويفرق لحمه هناك عند الشافعي، ويخرج من الإحرام ويرجع.
ثم إن كان ذلك الحج أو العمرة فرضًا عليه بقي ذلك الفرض في ذمته، وإن كان تطوعًا لم يلزمه القضاء عند الشافعي ومالك.
وقال أبو حنيفة: لزمه القضاء.
وقال أيضًا: دم الإحصار لا يُذبح إلا بمكة، فيصير المحصر على إحرامه، ويبعث شاة مع أحد إلى مكة، ويوكِّله في نحره، فلما نحره يخرج ذلك المحصر من الإحرام.
* * *
1973 -
وقال مِسْوَر بن مَخْرَمَة: إنَّ رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم نَحَرَ قَبْلَ أنْ يحْلِقَ، وأمرَ أصْحَابَهُ بذلك.
قول المِسْوَر: "أن رسول الله عليه السلام نحر قبل أن يحلق"، (المِسْوَر) بن مخرمة، يريد: أنَّ أداء الكَفَّارة يجب أن يكون مُقَدَّمًا على الحلق ولبس المخيط وغيرهما من مُحرمات الإحرام.
وهذا الحديث من قصة الحديبية أيضًا.
* * *
1974 -
وقال ابن عُمر رضي الله عنهما: ألَيْسَ حَسْبُكُمْ سُنَّةُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، إنْ حُبسَ أَحَدُكُمْ عَنِ الحَجِّ طافَ بالبَيْتِ وبالصَّفَا والمَرْوَةِ، ثُمَّ حَلَّ مِنْ كُلِّ شيءٍ حَتَّى يَحُجَّ عامًا قابلًا، فيُهْدِي، أَوْ يَصُومَ إنْ لم يَجِدْ هَدْيًا.
قوله: "أليسَ حَسْبُكُمْ"؛ أي: ألم يَكْفِكُمْ بسُنة رسول الله عليه السلام؛ أي: قول رسول الله عليه السلام: "إن حُبس أَحَدُكُم عن الحجِّ طافَ بالبيت وبالصَّفا والمروة".
يعني: إن مُنِعَ أحدُكُمْ بعدو عن وقوف عرفة، ولم يُمنع عن الطواف والسعي؛ فعليه أن يطوف ويسعى، ويخرج من الإحرام، وهل يلزم القضاء؟ فعلى ما ذكرناه في أول هذا الباب، وأما الفدية فتلزمه، كمن فاته الحج.
والفدية [في] الفوات والإحصار دم شاة، فإن لم يجد؛ فعليه صوم عشرة أيام.
1975 -
وقالتْ عائشةُ رضي الله عنها: دَخَلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عَلى ضُبَاعَةَ بنتِ الزُّبَيْرِ، فقال لها:"لَعَلَّكِ أَرَدْتِ الحَجَّ؟ "، قالت: والله ما أَجدُني إلَاّ وَجِعَةً، فقال لها:"حُجِّي، واَشْتَرِطي، وقُولي: اللهمَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي".
قولها: "لعلك أردْتِ الحج"، أي: تريدين أن تَحجي.
"فقالت: والله ما أجدُني إلا وَجِعة"؛ يعني: أجد في نفسي ضعفًا من المرض، ولا أدري أقدر على إتمام الحج أم لا.
"فقال لها: حُجِّي واشترطي، وقولي: اللهم مَحِلَّي حيث حبستني"، (المَحَل) بفتح الميم والحاء: مصدر ميمي، و (المَحِلَّ) بفتح الميم وكسر الحاء: زمان ومكان، كلها من (حلَّ) بفتح الحاء في الماضي وكسرها في الغابر: إذا خرج من الإحرام.
يعني: أحرمي بالحج، وقولي: اشترطت أن أخرج من الإحرام حيث مرضْتُ وعجزْتُ عن إتمام الحج.
وهذا الحديث يدل على أنه يجوز لكل محرم أن يشترط الخروج من الإحرام بعذر يعترضه، وهو قول أحمد، وأحد قولي الشافعي.
وقال غيرهما: لا يجوز له الخروج بالشرط.
* * *
1976 -
عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما: أنَّ رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم أَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يُبَدِلُوا الهَدْيَ الذي نَحَرُوا عامَ الحُدَيْبيَةِ في عُمْرَة القَضَاءِ.
قوله: "أن رسول الله عليه السلام أمر أصحابه أن يُبْدِلُوا الهديَ الذي نحروا عام الحديبية في عمرة القضاء"؛ يعني: بنحر الهدي للإحصار، فلما جاؤوا في السَّنة القابلة لقضاء تلك العمرة أمرهم أن ينحروا بدل ما نحروا في
السنة المتقدمة، وسببه: أنهم نحروا عام الحديبية خارج الحرم، والنَّحْرُ خارج الحرم غير جائز عند الشافعي، وجائز عند أبي حنيفة.
فلما نحروا عام الحديبية خارجَ الحرم أمرهم أن ينحروا بدل تلك الهدايا في سنة القضاء في الحرم.
* * *
1977 -
عن الحَجَّاجِ بن عَمْرو الأَنْصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ كُسِرَ أو عَرِجَ أو مَرِضَ فقدْ حَلَّ، وعليهِ الحَجُّ مِنْ قَابلٍ"، ضعيف.
قوله: "مَنْ كُسِرَ أو عَرِجَ أو مَرِضَ؛ فقد حلَّ وعليه الحجُّ من قَابل"؛ يعني: مَنْ حَدَثَ له بعد الإحرام مانع غير إحصار العدو، وعجز عن إتمام أركان الحج كالمرض وغيره، يجوز له أن يترك الإحرام، ويرجع إلى وطنه؛ ليجيء في سنة أخرى بعد ما زال ذلك العذر، ويقضي ذلك الحج كالمحصر، وهذا قول أبي حنيفة.
وقال الشافعي ومالك وأحمد: لا يجوز الخروج من الإحرام بغير عذر الإحصار، بل يصبر على الإحرام، فإن زال العذر قبل فوات الحج؛ فهو المراد، وإن زال بعد فوات الحج؛ لزمه أن يخرج من الإحرام بأفعال العمرة، وحكمه في القضاء ما ذكرناه في الإحصار.
* * *
1978 -
عن عبد الرحمن بن يَعْمَرَ الدِّيْلي قال: سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: "الحَجُّ عَرَفَة، مَنْ أدركَ عَرَفَة ليْلَةَ جَمْعٍ قَبْلَ طُلوعِ الفَجْرِ فقدْ أَدْرَكَ الحجَّ، أيَّامُ مِنًى ثلاثةٌ، {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: 203] ".