المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌فصل مِنَ الصِّحَاحِ: (فصل) (من الصحاح):   2108 - عن ابن عمرَ رضي الله عنهما - المفاتيح في شرح المصابيح - جـ ٣

[مظهر الدين الزيداني]

فهرس الكتاب

- ‌7 - كِتابُ الصَّومِ

- ‌1 - باب

- ‌2 - باب رؤية الهِلال

- ‌فصل

- ‌3 - باب تَنْزيه الصَّوم

- ‌4 - باب صَوْم المُسافِر

- ‌5 - باب القَضَاء

- ‌6 - باب صِيَام التَّطوُّع

- ‌فصل

- ‌7 - باب لَيْلَةِ القَدْر

- ‌8 - باب الاعتِكاف

- ‌8 - كِتَابُ فَضَائِلِ القُرْآنِ

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌9 - كِتابُ الدَّعَوَاتِ

- ‌2 - باب ذِكْرِ الله عز وجل والتَّقرُّبِ إليهِ

- ‌3 - باب أَسْماءِ الله تعالى

- ‌4 - باب ثواب التَسبيح والتَحميد والتَهليل

- ‌5 - باب الاستِغفار والتَّوبة

- ‌فصل

- ‌6 - باب ما يقُول عند الصَّباح والمَسَاء والمَنام

- ‌7 - باب الدَّعَوَاتِ في الأَوْقاتِ

- ‌8 - باب الاستِعاذَة

- ‌9 - باب جامع الدُّعاءِ

- ‌10 - كِتَابُ المَنَاسِكِ

- ‌2 - باب الإِحْرام والتَّلْبية

- ‌3 - قِصَّةُ حجة الوداع

- ‌4 - باب دُخُول مَكَّةَ والطَّواف

- ‌5 - باب الوُقُوفِ بِعَرَفةَ

- ‌6 - باب الدَّفْع من عَرَفَةَ والمُزْدَلِفَة

- ‌7 - باب رَمْيِ الجِمَار

- ‌8 - باب الهَدْي

- ‌9 - باب الحلق

- ‌فصل

- ‌10 - باب الخُطْبة يومَ النَّحر، ورَمْي أَيَّام التَّشريق والتَّوديع

- ‌11 - باب ما يجتنبه المحرم

- ‌12 - باب المُحرِم يَجتنِب الصَّيد

- ‌13 - باب الإِحْصَار وفَوْت الحَجِّ

- ‌14 - باب حرَم مكَّة حرَسَها الله

- ‌15 - باب حرَم المَدينة على ساكنها الصلاةُ والسلام

- ‌11 - كِتابُ البُيُوعِ

- ‌1 - باب الكَسْب وطلَب الحَلال

- ‌2 - باب المُساهلةِ في المُعاملةِ

- ‌3 - باب الخِيَارِ

- ‌4 - باب الرِّبا

- ‌5 - باب المنهيِّ عنها من البيوع

- ‌فصل

- ‌6 - باب السَّلَمِ والرَّهنِ

- ‌7 - باب الاحتِكارِ

- ‌8 - باب الإفلاسِ والإنظارِ

- ‌9 - باب الشَّركةِ والوَكالةِ

- ‌10 - باب الغَصْبِ والعاريَةِ

- ‌11 - باب الشُّفْعَةِ

- ‌12 - باب المُساقاةِ والمُزارعةِ

- ‌13 - باب الإجارة

- ‌14 - باب إحياء المَوَاتِ والشّرْبِ

- ‌15 - باب العطايا

- ‌فصل

- ‌16 - باب اللُّقَطَة

- ‌17 - باب الفرائضِ

- ‌18 - باب الوصايا

الفصل: ‌ ‌فصل مِنَ الصِّحَاحِ: (فصل) (من الصحاح):   2108 - عن ابن عمرَ رضي الله عنهما

‌فصل

مِنَ الصِّحَاحِ:

(فصل)

(من الصحاح):

2108 -

عن ابن عمرَ رضي الله عنهما قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَنِ ابْتاعَ نخلاً بعدَ أن تُؤبَّرَ فثمَرَتُها للبائِعِ إلَاّ أنْ يشتَرِطَ المُبْتاعُ، ومَنِ ابْتاعَ عَبدًا ولهُ مالٌ؛ فمالُهُ للبائِعِ إلَاّ أنْ يشتَرِطَ المُبْتاعُ".

قوله: "مَن ابتاع نخلاً بعد أن تُؤبَّر فثمرتُها للبائع"، (التأبير): أن يُشقق طلعُ النخل، ويُوضَع فيه شيءٌ من طلع فحال النخل، فتَصلُح ثمرتُه بإذن الله تعالى، وإن لم يُوضَع فيه شيءٌ من ذلك تَفسُد الثمرةُ، فإذا باع أحدٌ نخيلاً بعد أن يكون طلعُها أو بعضُ طلعِها متشققًا، سواءٌ وُضعَ فيها شيءٌ من طلع فحال النخل أو لم يوضع، تكون ثمارُ النخيل للبائع، إلا أن يقول المشتري: أَشتري النخيلَ مع الثمار، وباعَها البائعُ مع الثمار، فحينَئذٍ تكون الثمارُ مع النخيل للمشتري، وإن لم يتشقق الطلعُ لا جميعُه ولا بعضُه يكون الطلعُ للمشتري؛ لأنه كأغصان الشجر، إلا أن يقول البائع: بعتُ النخيلَ بلا طلعٍ، فحينَئذٍ يكون الطلعُ للبائع، وما قلنا هو مذهب الشافعي ومالك وأحمد.

وقال أبو حنيفة: يكون الطلعُ للمشتري، وإن كان متشققًا تبعًا للشجر، إلا أن يقول البائع: بعتُ النخيلَ بغير الثمار.

قوله: "ومَن ابتاع عبدًا وله مالٌ فمالُه للبائع، إلا أن يشترطَ المُبتاع"؛ يعني: إذا كان في يدِ العبدِ مالٌ، فباع السيدُ العبدَ يكون مالُه للبائع لا للمشتري؛ لأن العبدَ لا يكون له مالٌ، بل مالُه لسيده.

ص: 448

قوله: "إلا أن يَشترطَ المُبتاعُ"؛ يعني: إلا أن يقول المشتري: أشتري هذا العبدَ مع ما في يده من المال، وباعَه السيدُ مع ماله، فحينَئذٍ يكون المال مع العبد للمشتري إن كان ذلك معلومًا مَرئيًا للبائع والمشتري، وإن باعَه السيدُ مع ماله، والمالُ مجهولُ، بطل البيعُ.

* * *

2109 -

وعن جابرٍ رضي الله عنه أنَّه كانَ يَسيرُ على جَمَلٍ لهُ قَدْ أعْيا، فمرَّ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فضَرَبَهُ، فسارَ سَيْرًا ليسَ يَسِيرُ مثلَهُ، ثُمَّ قال:"بِعْنِيهِ بِوُقِيَّةٍ". قال: فبعْتُهُ فاسْتَثْنَيْتُ حُمْلانَهُ إلى أهْلي، فلمَّا قَدِمْتُ المدِينةَ أتيتُهُ بالجمَلِ ونقَدَني ثمنَهُ. ويُروى: فأعطاني ثمنَهُ وردَّهُ عليَّ. ورُوي: أنَّهُ قالَ لِبلالٍ: "اقْضهِ وزِدْهُ"، فأَعْطاهُ وزادَهُ قِيرَاطًا.

قوله: "قد أَعْيَا"؛ أي: قد عجزَ ذلك الجَمَل عن السير، فضربه النبي صلى الله عليه وسلم، فأصابه بركةُ يد النبي صلى الله عليه وسلم، فصار قويًا حسنَ السَّير.

قوله: "فاستثنيتُ حُملانَه إلى أهلي"؛ يعني: قلت: أبيعُه بشرط أن أُحملَه رَحْلِي إلى أهلي، وهذا خاصة لجابر أم يجوز لكل أحدٍ بيعُ دابةٍ أو غيرها، ويشترط أن ينتفعَ بها مدةً معلومةً بعد البيع؟ فمذهب الشافعي وأبي حنيفة: أنه خاصة بجابر، ولا يجوز لغيره، بل فسدَ البيعُ بهذا الشرط.

وقال أحمد: يجوز لكل أحدٍ.

وقال مالك: إن كانت مدةُ الانتفاع قريبةً كمدة استثناء جابر يجوز، وإن كانت مدةً بعيدةً لا يجوز.

قوله: "وزادَه قيراطًا"، (القِيراط) أصله: قرراط، فقُلبت الراء الأولى ياءً، وكذلك (الدينار) أصله: دننار، فقُلبت النونُ الأولى ياءً، وُيرَدُّ المقلوبُ فيهما إلى الأصل في الجمع، فيقال: قراريط ودنانير.

ص: 449

والقيراط: نصف دانق، والدانق: سُدس درهم وحَبَّتان وثلاثة أرباع حَبَّة ونصف عُشرِ شَعيرة.

* * *

2110 -

وعن عائشةَ رضي الله عنها قالت: جاءتْ بَريرَةُ فقالتْ: إنِّي كاتَبْتُ على تِسْعِ أَواقٍ في كُلِّ عامٍ وُقِيَّةٌ فأعِينيني، فقالت عائشةُ: إنْ أحبَّ أهلُكِ أنْ أعُدَّها لهم عَدَّةً واحِدةً وأعْتِقَكِ فَعلتُ ويكونُ وَلاؤُكِ لي. فذهبَتْ إلى أهلِها، فأبَوْا إلَاّ أَنْ يكونَ الوَلاءُ لهُمْ. فقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"خُذيها وأَعْتِقيها". ثُمَّ قامَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم في النَّاسِ فحمِدَ الله وأثنَى عليهِ ثُمَّ قال: "أمَّا بعدُ، فما بالُ رجالٍ يَشْتَرِطُونَ شُروطًا ليسَتْ في كِتابِ الله، ما كانَ مِنْ شَرْطٍ ليسَ في كِتابِ الله فهوَ باطِلٌ وإنْ كانَ مائةَ شَرْط، فقضاءُ الله أَحَقُّ، وشَرْطُ الله أَوْثَقُ، وإنَّما الوَلاءُ لمنْ أَعْتَقَ".

قولها: "كاتبتُ"؛ أي: اشتريتُ نفسي على تسعِ أواقٍ، (الأواقي) - بتشديد الياء وتخفيفها - جمع: أُوقيَّة بضم الهمز، ووُقيَّة، وكلاهما بتشديد الياء، وهي أربعون درهمًا.

قولها: "فأَعِينيني": وهي أمر مخاطبة من: الإعانة، وهي النُّصرة؛ يعني: أعطيني شيئًا.

قولها: "أن أعدَّها"؛ يعني: أعطي تلك الأواقي مرةً واحدةً في ثمنك وأشتريك من مواليك، وإنما قالت:(أن أعدَّها)، ولم تقل: أن أديها؛ لأن عادةَ أهل المدينة في ذلك الوقت المعاملةُ بعدد الدراهم، وكانوا يقولون: بعتُ منك هذا الشيءَ بكذا من الدراهم، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يعاملوا بالوزن.

قولها: "فأَبَوا إلا أن يكون الولاءُ لهم"؛ يعني: أبى ساداتُها أن يبيعوها إلا

ص: 450

بشرط أن يعتقها ويكون ولاؤها لهم.

قوله صلى الله عليه وسلم: "خُذِيها وأَعتقِيها"؛ يعني: اشترِيها وأَعتقِيها، وفي رواية:"خُذِيها واشترطي لهم الولاء؛ فإنما الولاءُ لمَن أَعتق".

قال المصنف - رحمة الله عليه - في "شرح السُّنَّة": هذه الرواية - أعني قوله: "واشترطي لهم الولاء" - تفرَّد بها هشام، ولم يَرْوِه باقي الرواة، فلم يكن صحيحًا؛ لأنه لا يجوز أن يُظَنَّ بالنبي صلى الله عليه وسلم أن يأمرَ عائشةَ بأن تشترطَ شرطًا لا يجوز؛ لأنه إذا اشترطت عائشة لهم الولاء، ولم يحصل لهم الولاء، بل يكون الولاء لمَن أَعتق، فيكون تغريرًا وخداعًا، وهذا لا يليق بالنبي صلى الله عليه وسلم.

فإذا عرفتَ هذا فاعلم أنه اختُلف في جواز البيع بشرط الإعتاق؛ فالأصح من قولَي الشافعي: أن البيعَ والشرطَ صحيحانِ، وفي قول آخر، وبه قال أبو حنيفة: إن البيعَ باطلٌ، فإذا صححنا البيعَ؛ فإن أَعتقَ المشتري العبدَ فهو المراد، وإن لم يُعتق في قولٍ: يُجبَر عليه، وفي قول: كان البائعُ بالخيار بين الفسخ وبين الرضا بترك الإعتاق، فإن باعَ بشرط الإعتاق على أن يكون الولاءُ للبائع، فالمذهب: أن البيعَ باطلٌ، وفي قول آخر: أن البيعَ صحيحٌ، والشرطَ باطلٌ، ويكون الولاءُ لمَن أَعتق.

واعلم أن بريرةَ كانت مُكاتَبةً، وقد اشترتها عائشةُ، فهل يجوز بيعُ المُكاتَب أم لا؟ فيه خلاف؛ فقال مالك وأحمد: يصح بيع المُكاتَب، ولكن لا تبطل الكتابة؛ بل لو أدَّى المُكاتَب المالَ إلى المشتري عتقَ بالكتابة، ويكون الولاء للبائع لا للمشتري.

وقال الشافعي: لا يجوز بيع المُكاتَب إلا أن يشترطَ البائعُ على المشتري إعتاقَ المُكاتَب كما في قصة بريرة، فإن عائشةَ اشترتْها وأعتقتْها، وقيل: رضيت بريرة بأن تشترطَ عائشةُ فسخَ الكتابة منها؛ لعجزها عن أداء المال، فعلى هذا لم يكن مُكاتَبةٌ عند شراء عائشة إياها.

ص: 451

وقال أبو حنيفة: لا يجوز بيعُ المُكاتَب أصلاً.

قوله صلى الله عليه وسلم: "ما كان من شرطٍ ليس في كتاب الله فهو باطلٌ"، ليس المراد منه: ما ليس في القرآن فهو باطلٌ؛ لأن كثيرًا من الأحكام ليس في القرآن، بل ثبت بالحديث، بل معناه: ليس في حكم الله وأمره، وكل ما أمرَ به النبيُّ أو نَهَى عنه فهو حكم الله وأمره.

* * *

2111 -

وعن ابن عمرَ رضي الله عنهما قال: نَهَى رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ الوَلاءِ وعنْ هِبتِهِ.

قوله: "نهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الولاء وهِبَتِه"؛ يعني: لا يجوز بيعُ الولاء ولا هبتُه؛ لأنه حقٌّ كالنَّسَب، وكما لا يجوز نقلُ النَّسَب مثل أن يقول ابن زيدٍ: أنا ابن عمرٍو، وتركَ نسبتَه إلى أبيه، وينسب نفسَه إلى غيره، فكذلك الولاءُ لا يجوز نقلُه إلى غير المُعتِق؛ لأنه من حقوق العتق، فمَن أعتقَ عبدًا فله ولاؤُه.

* * *

مِنَ الحِسَان:

2112 -

عن مَخْلَدِ بن خُفافٍ قال: ابْتَعْتُ غُلامًا فاسْتَغْلَلْتُهُ، ثُمَّ ظَهَرْتُ منهُ على عَيْبٍ، فقَضَى عليَّ عُمرُ بن عبدِ العزيزِ بردِّ غَلَّتِهِ، فراحَ إليهِ عُرْوَةُ فأخبَرَهُ أنَّ عائِشةَ رضي الله عنها أخْبَرَتْني: أنَّ رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قضَى في مِثْلِ هذا أنَّ الخَراجَ بالضَّمانِ، فقَضَى لي أنْ آخُذَ الخَراجَ.

2113 -

وقالت عائشةُ رضي الله عنها: إنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "الخَراجُ بالضَّمانِ".

ص: 452

قوله: "ابتعت"؛ أي: اشتريت "غلامًا، فاستغللتُه"؛ أي: أخذتُ غلَّتَه؛ أي: وجدتُ منه فوائدَ بأن استخدمتُه وآجرتُه وأخذتُ أجرتَه مدةً، "ثم ظهرتُ"؛ أي: اطلعتُ ورأيتُ به عيبًا، فرددتُه إلى بائعه بذلك العيب، فقضى عليَّ عمرُ بن عبد العزيز بأن أردَّ معه أجرتَه للمدة التي كان في يدي.

"فراح": فمشى "إليه عروة بن الزبير، فأخبره: أن عائشةَ أخبرته: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: الخَراجُ بالضَّمَان"، أراد بـ (الخراج): ما حصل المشتري من نفع المَبيع، وأراد بقوله:(الخراج بالضمان): أنه لا يجب على المشتري ردُّ ما حصل له من فوائد المَبيع؛ لأنه كان قبلَ الردِّ في ضمان المشتري، ونفقةُ المَبيع عليه، فإذا كان نفقةُ المَبيع ومُؤنته عليه تكون فوائدُه له.

قوله: "فقضى لي أن آخذَ الخراجَ"؛ يعني: فلما سمع عمرُ بن عبدِ العزيزِ هذا الحديثَ من عروة، فقضى لي أن آخذَ غلةَ العبد التي رددتُها مع العبد.

وهذا يدل على أن القاضي إذا أخطأ في حكم، ثم بان له الخطأ يلزمُه أن ينقضَ حكمَه، كما نقض عمرُ بن عبد العزيز.

* * *

2114 -

عن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إذا اخْتلَفَ البَيعانِ فالقَوْلُ قَوْلُ البائِعِ، والمُبْتاعُ بالخِيارِ".

وفي روايةٍ: "البيعانِ إذا اخْتَلفا والمبيعُ قائِمٌ وليسَ بينَهُما بَينَةٌ، فالقَوْلُ ما قالَ البائعُ، أو يتَرادَّانِ البَيْعَ".

قوله: "إذا اختلف البيعانِ فالقولُ قولُ البائع، والمُبتاعُ بالخيار"، (البيعان): البائع والمشتري؛ يعني: إذا اختلف البائع والمشتري في قَدْر الثمن، أو

ص: 453

في شرط الخيار، أو الأجل، أو غيرهما من الشروط؛ فمذهب الشافعي: أن البائعَ يحلف: أنْ ما بعتُه بكذا؛ بل بعتُه بكذا، ثم المشتري مخيَّر بين أن يرضَى بما حَلَف عليه البائع، وبين أن يَحلِف: إني ما اشتريتُ إلا بكذا، وهذا معنى قوله:(والمبتاع بالخيار).

فإذا تحالَفَا؛ فإن رضي أحدُهما بقول الآخر فهو المراد، وإن لم يرضَيَا على شيءٍ واحدٍ فسخَ القاضي بينهما العقدَ، سواءٌ كان المَبيعُ باقيًا أو لم يكن.

وعند مالك وأبي حنيفة: لا يتحالفان عند هلاك المَبيع، بل القولُ قولُ المشتري مع يمينه، ولا تحالُفَ عند أبي حنيفة إذا اختلفا في شرط كالخيار والأجل والرَّهن، بل القولُ قولُ مَن ينفي الشرطَ مع يمينه.

قوله: "وفي رواية أخرى: والمَبيعُ قائمٌ"؛ يعني: إن كان المَبيعُ باقيًا عند النزاع فالقولُ قولُ البائع يحلف، فإذا حلف فالمشتري مخيَّرٌ بين أن يرضى بما حلَف عليه البائع، وبين أن يحلف على ما يقول، فإذا حلفَ يُفسَخ بينهما العقدُ ويُرَدُّ المَبيعُ، وإن لم يكن المَبيعُ باقيًا عند النزاع فالقولُ قولُ المشتري مع يمينه، ولم يَحلِفِ البائعُ.

وإلى هذا ذهب أبو حنيفة ومالك.

* * *

2115 -

وقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أقالَ أخاهُ المسلِمَ صَفْقَةً كَرِهَها، أقالَهُ الله عَثْرَتَهُ يومَ القِيامَةِ".

قوله: "مَن أقالَ أخاه المسلمَ صفقةً كرهَها أقالَ الله عثرتَه يومَ القيامة"، (أقال)؛ أي: أبطلَ "صفقةً"؛ أي: عقدًا، "كرهها"؛ أي: ندمَ فيها "أقالَ الله"؛ أي: عفا الله "عثرته"؛ أي: خطيئته؛ يعني: إذا ندمَ المشتري بعد لزوم العقد،

ص: 454