الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
و"أم عُمَارة" هي جدَّة حبيب بن زيد الأنصاري.
* * *
7 - باب لَيْلَةِ القَدْر
(باب ليلة القَدْر)
مِنَ الصِّحَاحِ:
1488 -
قالت عائشة رضي الله عنها: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تَحَرَّوْا لَيْلَةَ القَدْرِ في الوِتْرِ مِنَ العَشْرِ الأَواخِرِ مِنْ رَمَضانَ".
قوله: "تحرَّوا"؛ أي: اطلبوا.
قوله: "في الوِتر"؛ أي: في ليالي الوِتر.
"من العَشر الأواخر": مثل الحادي والعشرين، والثالث والعشرين
…
إلى آخرها.
* * *
1489 -
وقال ابن عمر: إنَّ رجالًا مِنْ أصْحابِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أُرُوا لَيلَةَ القَدْرِ في المَنامِ في السَّبْعِ الأَواخِرِ، فقالَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:"أَرَى رُؤْياكُمْ قد تَواطَأَتْ في السَّبْعِ الأَواخِرِ، فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مُتَحَرِّيَها فلْيَتَحَرَّها في السَّبْعِ الأَواخِرِ".
قوله: "أُرُوا" بضم الهمزة والراء، أصله: أُرِيُوا، فنُقلت ضمةُ الياء إلى الراء وحُذفت؛ لسكونها وسكون واو الجمع.
قوله: "قد تَواطَتْ في السَّبع الأواخر"، (تواطت): أصله: (تواطأت) بالهمز بعد الطاء، فقُلبت الهمزة ألفًا وحُذفت الألفُ؛ لسكونها وسكون التاء، ومعناه: توافقت؛ يعني: رأى جماعةٌ من الصحابة ليلةَ القَدْر في المنام، بعضُهم رآها في ليلة الثالث والعشرين، وبعضُهم في ليلة الخامس والعشرين، وكذلك جميعُهم رَأَوها في المنام في السَّبع الأواخر.
سُمِّيت ليلةُ القَدْر بهذا الاسم؛ لأن معنى (القَدْر) عظيمُ الشأن والمنزلة، هذه الليلةُ عظيمةُ القَدْرِ والمنزلةِ، وقيل: سُميت هذه الليلةُ بليلة القَدْرِ؛ لِمَا يجري فيها من قضاء الله وقَدَره أكثر مما يجري سائرَ الليالي.
* * *
1490 -
وعن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "الْتمِسُوا في العَشْرِ الأواخِرِ في رمَضانَ لَيْلَةَ القَدْرِ في تاسِعةٍ تَبْقَى، في سابعةٍ تَبْقَى، في خامِسَةٍ تَبْقَى، في ثالِثَةٍ تَبْقَى".
قوله: "التَمِسُوا"؛ أي: اطلبوا.
* * *
1491 -
عن أبي سَعيد الخُدْري رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم اعْتكَفَ العَشْرَ الأَوَّلَ مِنْ رَمَضَانَ، ثُمَّ اعْتَكَفَ العَشْرَ الأَوْسَطَ في قُبَّةٍ تُرْكِيَّةٍ، ثُمَّ أَطْلَعَ رَأْسَهُ فقال: إنِّي "اعْتكَفْتُ العَشْرَ الأَوَّلَ أَلْتَمِسُ هذِهِ اللَّيْلَةَ، ثُمَّ اعْتكَفْتُ العَشْرَ الأَوْسَطَ، ثْمَّ أُتِيتُ، فَقِيلَ لي: إنَّهَا في العَشْرِ الأَواخِرِ، فَمَنْ كانَ اعْتَكَفَ مَعي فَلْيَعْتَكِفِ العَشْرَ الأَواخِرَ، فقدْ أُريتُ هذِهِ اللَّيْلَةَ، ثُمَّ أُنْسِيتُها، وقدْ رَأَيْتُني أَسْجُدُ في ماءٍ وطِينٍ مِنْ صَبيحَتِها، فالْتِمِسُوها في العِشْرِ الأَواخِرِ، والْتَمِسُوها في كُلِّ وِتْرٍ"، قال: فَمَطَرَتِ السَّماءُ تِلكَ اللَّيْلَة، وكانَ المسجِدُ على عَرِيشٍ، فَوَكَفَ المسجِدُ،
فَبَصُرَتْ عَيْنايَ رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم وعلى جَبْهَتِهِ أَثَرُ الماءِ والطِّينِ من صَبيحَةِ إحْدَى وعِشْرِين.
قوله: "اعتَكَفَ العَشْرَ الأولَ من رمضانَ
…
" إلى آخره، (الاعتكاف): الإقامة في المسجد بنية الاعتكاف، ولا يصح من غير نية، ولا يصح إلا في المسجد، سواءٌ فيه مسجد الجامع وغيره عند الشافعي وأبي حنيفة ومالك.
وقيل: يصحُّ اعتكافُ المرأة في بيتها، ويصحُّ الاعتكافُ بغير صومٍ عند الشافعي، ولا يصحُّ عند أبي حنيفة ومالك.
قوله: "فِي قُبَّةٍ تُرْكِيَّةٍ"؛ أي: في قُبَّةٍ من لِبْدٍ.
قوله: "ثم أُتيتُ"؛ يعني: قال لي قائلٌ من الملائكة: إن ليلةَ القَدْر في العَشر الأواخر لا في العَشر الأول والأوسط، فعَزَمتُ على أن أَعتكفَ في العَشر الأواخر لا في العشر الأول؛ فمَن أراد موافقتي فَلْيُوافِقْني في اعتكاف العَشر الأواخر.
قوله: "فقد رأيتُ هذه الليلةَ ثم أُنسيتُها"؛ يعني: رأيتُ هذه الليلةَ مرارًا ثم أُنسيتُها، ولعل الحكمةَ في نسيانه عليه السلام ليلةَ القَدْر: أنَّه لو لم يَنْسَها لأَخْبَرَ الناسَ بها، وإذا أَخْبَرَ الناسَ بها فربما يُواظب جماعةٌ على تعظيم ليلة القَدْر، ويغترُّون بكثرة ثوابهم في إحياء تلك الليلة ويتركون تعظيمَ باقي الليالي والأيام، فأخفاها الله تعالى ليُعظِّمَ الناسُ لياليَ رمضانَ أو لياليَ العَشر الأواخر من رمضانَ لطلب ليلة القَدْر.
قوله: "وقد رأيتُني أسجدُ في ماءٍ وطينٍ من صبيحتها"؛ يعني: رأيتُ ليلةَ القَدْر في المنام، ورأيتُ في المنام أيضًا أني أَسجدُ في صبيحةِ ليلةِ القَدْر على أرضٍ رطبٍ، فنُسِّيتُ أيةَ ليلةٍ كانت.
قال أبو سعيد: فبَصُرَتْ عيناي جبهةَ رسول الله عليه السلام ملطخةً
بالطين صبيحةَ الحادي والعشرين؛ لأن المسجدَ كان من أغصان الشجر، و"مَطَرَتِ السماءُ تلك الليلةَ"، ورطبت أرض المسجد؛ يعني: الليلةُ التي رآها رسولُ الله عليه السلام في المنام أنها ليلةُ القدر هي ليلةُ الحادي والعشرين.
و"العَرِيش": بيتٌ من أغصان الشجر، "وَكَفَ": أي: قَطَرَ ونَزَلَ الماءُ من السقف.
* * *
1492 -
وعن عبد الله بن أُنَيْس قال: أَمَرَهُ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أَنْ يقُومَ لَيْلَةَ ثَلاثٍ وعِشْرِينَ.
قوله: "ليلةَ ثلاثٍ وعشرين"؛ أي: قال عبد الله بن أُنَيْس: إن ليلةَ القَدْر هي ليلةُ ثلاثٍ وعشرين.
* * *
1493 -
وعن أُبيِّ بن كَعْب: أنَّه حَلَفَ لا يَسْتَثْني أنَّها ليلَةُ سَبْعٍ وعِشْرِينَ، فقِيلَ لهُ: بأَيِّ شَيءٍ تقُولُ ذلك؟، قال: بالعلامَةِ التي أَخْبَرَنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ في صَبِيحَةِ يَوْمِها بَيْضاءَ لا شُعاعَ لها".
قوله: "لا يستثني"، (الاستثناء): أن يقول الحالفُ عَقيبَ حَلِفِه: (إن شاء الله)؛ يعني: حَلَفَ أُبي بن كعب حلفًا جازمًا أن ليلةَ القَدْر هي ليلةُ السابع والعشرين.
* * *
1494 -
وقالتْ عائشةُ رضي الله عنها: كانَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَجْتَهِدُ في العَشْرِ الأَواخِرِ ما لا يَجْتَهِدُ في غَيْرِه.
قولها: "يجتهد في العَشْر الأواخر"؛ يعني: يُبالغ في طلب ليلة القَدْر في العَشْر الأواخر أكثرَ مما يُبالغ في غيرهن من الليالي.
* * *
1495 -
وقالت: كانَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا دَخَلَ العَشْرُ شَدَّ مَئْزَرَهُ، وأَحْيا لَيْلَهُ، وأَيْقَظَ أَهْلَهُ.
قولها: "إذا دخل العَشْر"؛ أي: العَشْر الأواخر من رمضان.
قولها: "شدَّ مِئْزَرَه"، (شد الإزار): عبارة عن الجد والمبالغة في الأمر، وهو عبارة أيضًا عن ترك المجامعة.
قولها: "وأَيقظَ أهلَه"؛ أي: أَيقظَ أهلَه للعبادة وطلب ليلة القَدْر في العَشْر الأواخر.
* * *
مِنَ الحِسَان:
1497 -
وقال ابن عمر رضي الله عنهما: سُئِلَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم عَنْ لَيْلَةِ القَدْرِ، فقال:"هيَ في كُلِّ رَمَضانَ"، ووقفَه بعضُهم على ابن عُمر.
قوله: "هي في كل رمضان"؛ يعني: ليلة القَدْر ليست مختصةً بالعَشْر الأواخر من رمضان، بل كلُّ ليلةٍ من شهر رمضانَ يمكن أن تكون ليلةَ القَدْر، ولهذا لو قال أحدٌ لامرأته في نصف رمضان أو غيرها من ليالي رمضان: أنتِ طالقٌ في ليلة القَدْر، لا تَطلُقُ حتَّى يأتيَ رمضانُ السَّنةِ القابلةِ، فتَطلُق في الليلة التي علَّق فيها الطلاقَ.
* * *