الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السابقةُ قبلَكم"، (ولَّيتم أمرَين)؛ يعني: جُعلتم حُكَّامًا في أمرَين، وهو الكيل والميزان، وفي العدل فيهما الأجرُ، وفي الظلم فيهما الهلاكُ، كما هلك قومُ شعيب لمَّا أَخسروا فيهما، وكانوا إذا أخذوا حقوقَهم أتمُّوا الكيلَ والوزنَ، وإذا ما أَعطَوا ما عليهم أَنقصوا الكيلَ والميزانَ.
روى هذا الحديثَ ابن عباس.
* * *
7 - باب الاحتِكارِ
(باب الاحتكار)
مِنَ الصِّحَاحِ:
2123 -
قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَنِ احتكَرَ فهوَ خاطِئٌ".
قوله: "مَن احتكَرَ فهو خاطِئ"، (الاحتكار): ادِّخار المتاع لبيعه في وقته الغلاء.
ومذهب مالك: الاحتكارُ غيرُ جائزٍ في جميع الأمتعة من الطعام وغيره.
ومذهب الشافعي وأبي حنيفة وأحمد: الاحتكارُ مخصوصٌ بالطعام، ويجوز في غيره، فشرطُ الاحتكارِ ثلاثةٌ:
أن يكون طعامًا.
وأن يشتريَه في وقتٍ يحتاج إليه الناس لقُوتهم.
وأن يحفظه ليبيعَه بزيادةٍ من سعره.
فإن فُقِدَ شرطٌ من هذه الشروط لا يكون الاحتكارُ حرامًا.
روى هذا الحديثَ مَعْمَر بن عبد الله بن نَضْلة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
* * *
2124 -
وقال عمرُ رضي الله عنه: كانتْ أموالُ بني النَّضيرِ ممَّا أفاءَ الله عَلَى رسُولِهِ لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم خاصَّةً، يُنفِقُ عَلَى أهلِهِ منها نَفقةَ سنةٍ، ثُمَّ يَجْعَلُ ما بقيَ في السِّلاحِ والكُراعِ عُدَّةً في سَبيلِ الله.
قوله: "كانت أموالُ بني النَّضير مما أفاء الله على رسوله للرسولِ خاصةً، يُنفق على أهله منها نفقةَ سَنةٍ، ثم يجعل ما بقي في السِّلاح والكُراع عُدَّةً في سبيل الله"، (بنو النضير): اسم طائفة من اليهود ديارهم كانت قريبةً من المدينة، فأمرَ الله تعالى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بإخراجهم من ديارهم، وخُصَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بديارهم، فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصةً، يُنفق منها على عياله، ثم ما فضل صرفَه في سبيل الله بأن يشتريَ من السلاح والكُراع - وهو الفَرَس - للغُزَاة.
(أفاء)؛ أي: أعادَ، هذا هو لغةً، أفاء هنا: أَعطَى.
قوله: (العُدَّة) بضم العين: ما يُهيَّأ من السلاح وغيره للغزو، وما يُهيَّأ للسفر وغيره، وتناسُب إيراد هذا الحديث في هذا الباب إنما حبسُ الغلَّة سَنَةً؛ يعني: فإذا حبسَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الطعامَ لأهله نفقةَ سنةٍ لهم فقد عُلِمَ أن حبسَ الطعام للنفقة ليس من الاحتكار، بل جائزٌ.
* * *
مِنَ الحِسَان:
2125 -
عن عمرَ رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"الجالِبُ مَرْزُوقٌ، والمُحْتَكِرُ مَلْعُونٌ".
قوله: "الجالب مرزوقٌ، والمُحتكِرُ ملعونٌ"؛ يعني: التاجرُ الذي يبيع ويشتري الأمتعةَ والدوابَّ مرزوقٌ؛ أي: يحصل له الربحُ من عير إثمٍ، و (المُحتكِر): وهو الذي يشتري الطعامَ في وقت الغلاء؛ ليحفظَه مدةً، ليبيعَه بقيمةٍ كثيرةٍ فهو ملعونٌ؛ أي: آثمٌ وبعيدٌ من الخير ما دام في ذلك الفعل، ولا تحصل له البركةُ.
* * *
2126 -
عن أنس رضي الله عنه قال: غَلا السِّعْرُ على عَهْدِ رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقالُوا: يا رسُولَ الله! سَعِّرْ لنا، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"إنَّ الله هُوَ المُسعِّرُ القابضُ الباسِطُ الرَّازِقُ، وإنِّي لأرجُو أنْ ألقَى ربي وليسَ أحدٌ مِنْكُمْ يطلُبني بمَظْلَمَةٍ بدَمٍ ولا مالٍ".
قوله: "سعِّرْ لنا"، (التسعير): وضعُ سعرٍ على متاعٍ، والسعر: القيمة؛ يعني: مُرْ لنا ببيع الطعام أو غيره بثمنٍ رخيصٍ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن الله هو المُسعِّر"؛ أي: الموسِّع للرزق من الطعام وغيره بين الخلق، فإن الله إذا أكثرَ البركةَ والرزقَ بين الخلق تصير قيمةُ الأشياء رخيصةً، ولا يَقدِر أحدٌ غيره أن يوسِّعَ الرزقَ.
قوله: "القابض"؛ يعني: هو الذي يقبض الرزقَ؛ أي: يُقلِّل الرزقَ، ويجعل مَن يَشاء فقيرًا.
"وهو الذي يبسط الرزقَ"؛ أي: يوسِّعه على مَن يشاء.
قوله: "وإني لأرجو أن ألقَى ربي وليس أحدٌ منكم يَطلُبني بمَظلمةٍ"؛ يعني: إن أمرت ببيع السلع رخيصةً في حالة أن يشتريَها أصحابُها في وقت الغلاء تكون قد ألحقتَ بأصحابها ضررًا وخسرانًا، فيكون ذلك مظلمةً لهم عليَّ فلا