المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌النوع الثالث فى وصفه له ص بالشهادة وشهادته له بالرسالة - المواهب اللدنية بالمنح المحمدية - جـ ٢

[القسطلاني]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثاني

- ‌[المقصد الثالث]

- ‌الفصل الأول فى كمال خلقته وجمال صورته صلى الله عليه وسلم وشرفه وكرمه

- ‌الفصل الثانى فيما أكرمه الله تعالى به من الأخلاق الزكية وشرفه به من الأوصاف المرضية

- ‌الفصل الثالث فيما تدعو ضرورته إليه صلى الله عليه وسلم من غذائه وملبسه ومنكحه وما يلحق بذلك

- ‌النوع الأول فى عيشه صلى الله عليه وسلم فى المأكل والمشرب

- ‌النوع الثانى فى لباسه صلى الله عليه وسلم وفراشه

- ‌النوع الثالث فى سيرته صلى الله عليه وسلم فى نكاحه

- ‌النوع الرابع فى نومه صلى الله عليه وسلم

- ‌المقصد الرابع وفيه فصلان:

- ‌الفصل الأول فى معجزاته ص

- ‌تعريف المعجزة بالدليل:

- ‌[شروط المعجزة]

- ‌ أحدها: أن تكون خارقة للعادة

- ‌ الثانى: أن تكون مقرونة بالتحدى

- ‌ والشرط الثالث من شروط المعجزة:

- ‌[وجوه بطلان دعوى اشتراط التحدي بالمعجزة]

- ‌أحدها: أن اشتراط التحدى قول لا دليل عليه

- ‌الثانى: أن أكثر آياته- صلى الله عليه وسلم وأعمها وأبلغها كانت بلا تحد

- ‌والوجه الثالث:

- ‌الرابع من شروط المعجزة: أن تقع على وفق دعوى المتحدى بها

- ‌[وجوه إعجاز القرآن الكريم]

- ‌ أحدها: أن وجه إعجازه هو الإيجاز والبلاغة

- ‌ والثانى: أن إعجازه هو الوصف الذى صار به خارجا عن جنس كلام العرب

- ‌ والثالث: أن وجه إعجازه هو أن قارئه لا يمله

- ‌ والرابع: أن وجه إعجازه هو ما فيه من الإخبار بما كان

- ‌ والخامس: أن وجه إعجازه هو ما فيه من علم الغيب

- ‌ السادس: أن وجه إعجازه هو كونه جامعا لعلوم كثيرة، لم تتعاط العرب فيها الكلام

- ‌[أقسام معجزاته ص]

- ‌[القسم الأول ما كان قبل ظهوره]

- ‌وأما القسم الثانى ما وقع بعد وفاته- ص:

- ‌وأما القسم الثالث: وهو ما كان معه من حين ولادته إلى وفاته

- ‌حديث القصعة

- ‌الفصل الثانى فيما خصّه الله تعالى به من المعجزات وشرفه به على سائر الأنبياء من الكرامات والآيات البيّنات

- ‌[خصائص النبي ص من الفضائل والكرامات]

- ‌القسم الأول: ما اختص به- صلى الله عليه وسلم من الواجبات والحكمة

- ‌ فاختص- صلى الله عليه وسلم بوجوب الضحى على المذهب

- ‌ ومنها الوتر وركعتا الفجر

- ‌ ومنها صلاة الليل

- ‌ ومنها السواك

- ‌ ومنها الأضحية

- ‌ ومنها المشاورة

- ‌ ومنها مصابرة العدو

- ‌ ومنها تغيير المنكر إذا رآه

- ‌ ومنها قضاء دين من مات مسلما معسرا

- ‌ ومنها تخيير نسائه- صلى الله عليه وسلم فى فراقه

- ‌الثانى:

- ‌[سبب تخييره ص نساءه]

- ‌أحدها: أن الله تعالى خيره بين ملك الدنيا ونعيم الآخرة على الدنيا، فاختار الآخرة

- ‌والثالث: لأن أزواجه طالبنه وكان غير مستطيع

- ‌والرابع: أن أزواجه- صلى الله عليه وسلم اجتمعن يوما فقلن: نريد ما تريد النساء من الحلى

- ‌ ومنها: إتمام كل تطوع شرع فيه

- ‌ ومنها: أنه كان يلزمه- صلى الله عليه وسلم أداء فرض الصلاة بلا خلل

- ‌ وقال بعضهم: كان يجب عليه- صلى الله عليه وسلم إذا رأى ما يعجبه أن يقول: «لبيك إن العيش عيش الآخرة»

- ‌ ومنها: أنه- صلى الله عليه وسلم كان يؤخذ عن الدنيا حالة الوحى

- ‌ ومنها: أنه كان- صلى الله عليه وسلم يغان على قلبه فيستغفر الله سبعين مرة

- ‌القسم الثانى: ما اختص به- صلى الله عليه وسلم مما حرم عليه:

- ‌ فمنها: تحريم الزكاة عليه

- ‌ ومنها: تحريم الزكاة على آله- صلى الله عليه وسلم

- ‌ ومنها: أنه يحرم عليه- صلى الله عليه وسلم أكل ما له رائحة كريهة

- ‌ ومنها: تحريم الكتابة والشعر

- ‌ ومنها: نزع لأمته إذا لبسها، حتى يقاتل

- ‌ ومنها: المن ليستكثر

- ‌ ومنها: مد العين إلى ما متع به الناس

- ‌ ومنها: خائنة الأعين

- ‌ ومنها: نكاح من لم تهاجر

- ‌ ومنها: تحريم إمساك من كرهته

- ‌ ومنها: نكاح الكتابية

- ‌ ومنها: نكاح الأمة المسلمة

- ‌ ومنها: تحريم الإغارة

- ‌القسم الثالث: فيما اختص به- صلى الله عليه وسلم من المباحات

- ‌ اختص- صلى الله عليه وسلم بإباحة المكث فى المسجد جنبا

- ‌ ومما اختص به أيضا أنه لا ينتقض وضوؤه بالنوم مضطجعا

- ‌ واختص أيضا بإباحة الصلاة بعد العصر

- ‌ وبالقبلة فى الصوم

- ‌ واختص أيضا بإباحة الوصال فى الصوم:

- ‌ وأن يأخذ الطعام والشراب من مالكهما المحتاج إليهما إذا احتاج

- ‌وبإباحة النظر إلى الأجنبيات لعصمته

- ‌ ومنها نكاح أكثر من أربع نسوة

- ‌ وكذا يجوز له- صلى الله عليه وسلم النكاح بلا مهر

- ‌ وكذا يجوز له النكاح فى حال الإحرام

- ‌ وكذا يجوز له- صلى الله عليه وسلم النكاح بغير رضى المرأة

- ‌ وكذا يجوز له- صلى الله عليه وسلم النكاح بلا ولى وبلا شهود

- ‌ وأعتق أمته صفية وجعل عتقها صداقها

- ‌ واختلف فى انحصار طلاقه- صلى الله عليه وسلم فى الثلاث

- ‌ وفى وجوب نفقة زوجاته

- ‌ وكان له- صلى الله عليه وسلم أن يصطفى ما شاء من المغنم قبل القسمة

- ‌ وأبيح له القتال بمكة والقتل بها

- ‌ ومن خصائصه- صلى الله عليه وسلم أنه كان يقضى بعلمه من غير خلاف

- ‌ وكان له أن يدعو لمن شاء بلفظ الصلاة

- ‌ وكان له أن يقتل بعد الأمان

- ‌ وجعل الله شتمه ولعنه قربة للمشتوم والملعون

- ‌ وكان يقطع الأراضى قبل فتحها

- ‌القسم الرابع: فيما اختص به- صلى الله عليه وسلم من الفضائل والكرامات

- ‌ منها: أنه أول النبيين خلقا

- ‌ ومنها: أنه أول من أخذ عليه الميثاق

- ‌ ومنها: أنه أول من قال: «بلى» يوم أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ

- ‌ ومنها: أن آدم وجميع المخلوقات خلقوا لأجله

- ‌ ومنها: أن الله كتب اسمه الشريف على العرش

- ‌ ومنها: أن الله تعالى أخذ الميثاق على النبيين، آدم فمن بعده، أن يؤمنوا به وينصروه

- ‌ ومنها: أنه وقع التبشير به فى الكتب السالفة

- ‌ ومنها: أنه لم يقع فى نسبه من لدن آدم سفاح

- ‌ ومنها: أنه نكست الأصنام لمولده

- ‌ ومنها: أنه ولد مختونا مقطوع السرة

- ‌ ومنها: أنه خرج نظيفا

- ‌ ومنها: أنه وقع إلى الأرض ساجدا رافعا أصبعيه كالمتضرع المبتهل

- ‌ ومنها: شق صدره الشريف

- ‌ وغطه جبريل عند ابتداء الوحى ثلاث غطات

- ‌ ومنها: أن الله تعالى ذكره فى القرآن عضوا عضوا

- ‌ ومنها أنه- صلى الله عليه وسلم كان يبيت جائعا، ويصبح طاعما

- ‌ وكان يرى من خلفه كما يرى أمامه

- ‌ وكانت ريقه يعذب الماء الملح

- ‌ ومنها: أنه- صلى الله عليه وسلم كان إذا مشى فى الصخر غاصت قدماه فيه

- ‌ وكان إبطه- صلى الله عليه وسلم لا شعر عليه

- ‌ وكان- صلى الله عليه وسلم يبلغ صوته وسمعه

- ‌ وكان تنام عينه ولا ينام قلبه

- ‌ وما تثاءب قط

- ‌ وما احتلم قط

- ‌وإذا مشى مع الطويل طاله

- ‌وكان- صلى الله عليه وسلم لا يقع على ثيابه ذباب قط

- ‌ومنها: انقطاع الكهنة عند مبعثه

- ‌ومنها أنه أتى بالبراق ليلة الإسراء مسرجا ملجما

- ‌ومنها أنه أسرى به- صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى

- ‌ومنها: أنه رأى الله تعالى بعينيه

- ‌ومنها أن الملائكة تسير معه حيث سار

- ‌ومنها: أنه يجب علينا أن نصلى ونسلم عليه

- ‌ومنها: أنه أوتى الكتاب العزيز، وهو أمى

- ‌ومنها: حفظ كتابه هذا من التبديل والتحريف

- ‌ومنها: أنه أنزل على سبعة أحرف

- ‌ومنها: أنه تعالى تكفل بحفظه

- ‌ومنها: أنه- صلى الله عليه وسلم خص باية الكرسى

- ‌ومنها: أنه أعطى مفاتيح الخزائن

- ‌ومنها: أنه أوتى جوامع الكلم

- ‌ومنها: أنه بعث إلى الناس كافة

- ‌ومنها: نصره- صلى الله عليه وسلم بالرعب مسيرة شهر

- ‌ومنها: إحلال الغنائم ولم تحل لأحد قبله

- ‌ومنها: جعل الأرض له ولأمته مسجدا وطهورا

- ‌ومنها: أن معجزته- صلى الله عليه وسلم مستمرة إلى يوم القيامة

- ‌ومنها: أنه أكثر الأنبياء معجزة

- ‌ومنها: أنه خاتم الأنبياء والمرسلين

- ‌ومنها: أن شرعه مؤبد إلى يوم الدين

- ‌ومنها: أنه لو أدركه الأنبياء لوجب عليهم اتباعه

- ‌ومنها: أنه أرسل إلى الجن اتفاقا

- ‌ومنها: أنه أرسل الملائكة

- ‌ومنها: أنه أرسل رحمة للعالمين

- ‌ ومنها: أن الله تعالى خاطب جميع الأنبياء بأسمائهم فى القرآن

- ‌ ومنها: أنه حرم على الأمة نداءه باسمه

- ‌ ومنها: أنه يحرم الجهر له بالقول

- ‌ ومنها: أنه يحرم نداؤه من وراء الحجرات

- ‌ ومنها: أنه حبيب الله، وجمع له بين المحبة والخلة

- ‌ ومنها: أنه تعالى أقسم على رسالته وبحياته وببلده وعصره

- ‌ ومنها: أنه كلم بجميع أصناف الوحى

- ‌ ومنها: أن إسرافيل هبط عليه، ولم يهبط على نبى قبله

- ‌ ومنها: أنه سيد ولد آدم

- ‌ ومنها: أنه غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر

- ‌ ومنها: أنه أكرم الخلق على الله

- ‌ ومنها: إسلام قرينه

- ‌ ومنها: أنه لا يجوز عليه الخطأ

- ‌ ومنها: أن الميت يسأل عنه- ص فى قبره

- ‌ ومنها: أنه حرم نكاح أزواجه من بعده

- ‌ ومنها: ما عده ابن عبد السلام أنه يجوز أن يقسم على الله به

- ‌ ومنها: أنه يحرم رؤية أشخاص أزواجه فى الأزر

- ‌ ومنها: أن أولاد بناته ينسبون إليه

- ‌ ومنها: أن كل نسب وسبب منقطع يوم القيامة إلا سببه ونسبه

- ‌ ومنها: أنه لا يتزوج على بناته

- ‌ومنها: أن من رآه فى المنام فقد رآه حقّا

- ‌وبالجملة:

- ‌ومنها: أنه يكره لقارئ حديثه أن يقوم لأحد

- ‌ومنها أن قراء حديثه لا تزال وجوههم نضرة

- ‌ومنها: أنه تثبت الصحبة لمن اجتمع به- صلى الله عليه وسلم لحظة

- ‌ومنها: أن أصحابه كلهم عدول

- ‌ومنها أن المصلى يخاطبه بقوله: السلام عليك أيها النبى

- ‌ومنها أنه كان يجب على من دعاه وهو فى الصلاة أن يجيبه

- ‌ومنها: أن الكذب عليه ليس كالكذب على غيره

- ‌ومنها أنه معصوم من الذنوب كبيرها وصغيرها

- ‌ومنها أنه لا يجوز عليه الجنون

- ‌ ومن خصائصه- صلى الله عليه وسلم أنه كان- صلى الله عليه وسلم يخص من شاء بما شاء من الأحكام

- ‌ ومنها أنه كان يوعك كما يوعك رجلان

- ‌ ومنها أن جبريل أرسل إليه ثلاثا فى مرضه

- ‌ ومنها: أنه صلى عليه الناس أفواجا أفواجا بغير إمام

- ‌ ومنها: أنه لا يبلى جسده

- ‌ ومنها: أنه لا يورث

- ‌ ومنها: أنه حى فى قبره

- ‌ ومنها: أنه وكل بقبره ملك يبلغه صلاة المصلين عليه

- ‌ ومنها: أن منبره- صلى الله عليه وسلم على حوضه

- ‌ ومنها أن ما بين منبره وقبره روضة من رياض الجنة

- ‌ ومنها: أنه- صلى الله عليه وسلم أول من ينشق عنه القبر

- ‌ ومنها: أنه يعطى المقام المحمود

- ‌ ومنها أنه يعطى الشفاعة العظمى

- ‌ ومنها: أنه صاحب لواء الحمد

- ‌ ومنها أنه- صلى الله عليه وسلم أول من يدخل الجنة

- ‌ ومن خصائصه- صلى الله عليه وسلم الكوثر

- ‌[خصائص أمة النبي ص]

- ‌ ومن خصائص هذه الأمة الوضوء

- ‌ ومنها مجموع الصلوات الخمس

- ‌ ومنها الأذان والإقامة

- ‌ ومنها البسملة

- ‌ ومنها التأمين

- ‌ ومنها الاختصاص بالركوع

- ‌ ومنها الصفوف فى الصلاة

- ‌ ومنها تحية الإسلام

- ‌ ومنها الجمعة

- ‌ ومنها ساعة الإجابة التى فى الجمعة

- ‌ ومنها: أنه إذا كان أول ليلة من شهر رمضان نظر الله إليهم

- ‌ ومنها السحور

- ‌ ومنها: ليلة القدر

- ‌ ومنها أن لهم الاسترجاع عند المصيبة

- ‌ ومنها: أن الله تعالى رفع عنهم الأصرار

- ‌ ومنها أن الله تعالى أحل لهم كثيرا مما شدد على من قبلهم

- ‌ ومنها: أن الله رفع عنهم المؤاخذة بالخطأ والنسيان

- ‌ ومنها أن الإسلام وصف خاص بهم

- ‌ ومنها: أن شريعتهم أكمل من جميع شرائع الأمم المتقدمة

- ‌ وكذلك تحريم ما حرم على هذه الأمة صيانة وحمية

- ‌ ومنها: أنهم لا يجتمعون على ضلالة

- ‌ ومنها: أن إجماعهم حجة وأن اختلافهم رحمة

- ‌ ومنها: أنهم إذا شهد اثنان منهم لعبد بخير وجبت له الجنة

- ‌ ومنها أنهم أقل الأمم عملا، وأكثرهم أجرا

- ‌ ومنها: أنهم أوتوا الإسناد

- ‌ ومنها: أنهم أوتوا الأنساب والاعراب

- ‌ ومنها: أنهم أوتوا تصنيف الكتب

- ‌ ومنها: أن فيهم أقطابا وأوتادا ونجباء وأبدالا

- ‌ ومنها أنهم يدخلون قبورهم بذنوبهم، ويخرجون منها بلا ذنوب

- ‌ ومنها أنهم اختصوا فى الآخرة بأنهم أول من تنشق عنهم الأرض من الأمم

- ‌ ومنها: أنهم يدعون يوم القيامة غرّا محجلين من آثار الوضوء

- ‌ ومنها أنهم يكونون فى الموقف على مكان عال

- ‌ ومنها: أن سيماهم فى وجوههم من أثر السجود

- ‌ ومنها أنهم يؤتون كتبهم بأيمانهم

- ‌ ومنها أن نورهم يسعى بين أيديهم

- ‌ ومنها: أن لهم ما سعوا، وما يسعى لهم

- ‌ ومن خصائص هذه الأمة أنهم يدخلون الجنة قبل سائر الأمم

- ‌ ومنها: أنه يدخل منهم الجنة سبعون ألفا بغير حساب

- ‌المقصد الخامس الإسراء والمعراج

- ‌المقصد السادس فيما ورد فى آى التنزيل من تعظيم قدره صلى الله عليه وسلم

- ‌النوع الأول فى آيات تتضمن تعظيم قدره ورفعة ذكره وجليل رتبته وعلو درجته على الأنبياء وتشريف منزلته

- ‌النوع الثانى فى أخذ الله الميثاق له على النبيين فضلا ومنة ليؤمنن به إن أدركوه ولينصرنه

- ‌النوع الثالث فى وصفه له ص بالشهادة وشهادته له بالرسالة

- ‌تنبيه:

- ‌النوع الرابع فى التنويه به ص فى الكتب السالفة كالتوراة والإنجيل بأنه صاحب الرسالة والتبجيل

- ‌فصل

- ‌النوع الخامس فى آيات تتضمن إقسامه تعالى على تحقيق رسالته وثبوت ما أوحى إليه من آياته وعلو رتبته الشريفة ومكانته

- ‌الفصل الأول فى قسمه تعالى على ما خصه به من الخلق العظيم وحباه من الفضل العميم

- ‌الفصل الثانى فى قسمه تعالى على ما أنعم به عليه وأظهره من قدره العلى لديه

- ‌الفصل الثالث فى قسمه تعالى على تصديقه ص فيما أتى به من وحيه وكتابه وتنزيهه عن الهوى فى خطابه

- ‌الفصل الرابع: فى قسمه تعالى على تحقيق رسالته

- ‌الفصل الخامس فى قسمه تعالى بمدة حياته صلى الله عليه وسلم وعصره وبلده

- ‌النوع السادس فى وصفه تعالى له ص بالنور والسراج المنير

- ‌النوع السابع فى آيات تتضمن وجوب طاعته واتباع سنته

- ‌النوع الثامن فيما يتضمن الأدب معه ص

- ‌النوع التاسع فى آيات تتضمن رده تعالى بنفسه المقدسة على عدوه ص ترفيعا لشأنه

- ‌النوع العاشر فى إزالة الشبهات عن آيات وردت فى حقه ص متشابهات

- ‌[وجوه تفسير آية وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى]

- ‌أحدها: وجدك ضالا عن معالم النبوة

- ‌الثانى: من معنى قوله: (ضالا)

- ‌الثالث: يقال: ضل الماء فى اللبن إذا صار مغمورا، فمعنى الآية:

- ‌الرابع: أن العرب تسمى الشجرة الفريدة فى الفلاة ضالة

- ‌الخامس: قد يخاطب السيد، والمراد قومه

- ‌السادس: أى محبّا لمعرفتى

- ‌السابع: أى وجدك ناسيا فذكرك

- ‌الثامن: أى وجدك بين أهل ضلال فعصمك من ذلك

- ‌التاسع: أى وجدك متحيرا فى بيان ما أنزل إليك

- ‌العاشر: عن على أنه- صلى الله عليه وسلم قال:

- ‌المقصد السابع فى وجوب محبته واتباع سنته والاهتداء بهديه

- ‌الفصل الأول فى وجوب محبته واتباع سنته والاقتداء بهديه وسيرته ص

- ‌[حدود قيلت فى المحبة]

- ‌فمنها: موافقة الحبيب فى المشهد والمغيب

- ‌ومنها: استقلال الكثير من نفسك، واستكثار القليل من حبيبك

- ‌ومنها: استكثار القليل من جنايتك، واستقلال الكثير من طاعتك

- ‌ومنها: أن تهب كلك لمن أحببت

- ‌ومنها: أن تمحو من القلب ما سوى المحبوب

- ‌ومنها: أن تغار على المحبوب أن يحبه مثلك

- ‌ومنها: ميلك إلى الشىء بكليتك ثم إيثارك له على نفسك

- ‌ومنها: سفر القلب فى طلب المحبوب، ولهج اللسان بذكره على الدوام

- ‌ومنها: الميل إلى ما يوافق الإنسان

- ‌[أقسام محبة الله تبارك وتعالى]

- ‌فالفرض: المحبة التى تبعث على امتثال الأوامر والانتهاء عن المعاصى

- ‌والندب: أن يواظب على النوافل ويجتنب الوقوع فى الشبهات

- ‌‌‌[إشكال]

- ‌[إشكال]

- ‌وأجيب:

- ‌وأجيب بأجوبة:

- ‌منها: أنه ورد على سبيل التمثيل

- ‌‌‌ومنها: أن المعنىأن كليته مشغولة بى

- ‌ومنها: أن المعنى

- ‌ومنها: أنه على حذف مضاف

- ‌[فروق بين المحبة والخلة]

- ‌منها:

- ‌‌‌‌‌ومنها:

- ‌‌‌ومنها:

- ‌ومنها:

- ‌[مناقشة المؤلف للفروق بين المحبة والخلة]

- ‌تنبيه:

- ‌الفصل الثانى فى حكم الصلاة عليه والتسليم فريضة وسنة وفضيلة وصفة ومحلّا

- ‌[سؤال]

- ‌فالجواب

- ‌[حكم الصلاة على النبي ص]

- ‌أحدها: أنها تجب فى الجملة

- ‌الثانى: يجب الإكثار منها، من غير تقييد بعدد

- ‌الثالث: تجب كل ما ذكر

- ‌الرابع: فى كل مجلس مرة ولو تكرر ذكره مرارا

- ‌الخامس: فى كل دعاء

- ‌السادس: أنها من المستحبات

- ‌السابع: تجب فى العمر مرة

- ‌الثامن: تجب فى الصلاة من غير تعيين المحل

- ‌التاسع: تجب فى التشهد

- ‌العاشر: تجب فى القعود آخر الصلاة، بين قول التشهد وسلام التحلل

- ‌[استدلال الشافعي على وجوب الصلاة على النبي ص]

- ‌[تعقيب هذا الاستدلال]

- ‌أحدها: ضعف إبراهيم بن محمد بن أبى يحيى

- ‌الثانى: على تقدير صحته فقوله فى الأول: يعنى فى الصلاة

- ‌الثالث: قوله فى الثانى: «أنه كان يقول فى الصلاة»

- ‌الرابع: ليس فى الحديث ما يدل على تعيين ذلك فى التشهد

- ‌[إشكال]

- ‌[الجواب]

- ‌منها: أنه- صلى الله عليه وسلم قال ذلك قبل أن يعلم أنه أفضل من إبراهيم

- ‌ومنها: أنه قال ذلك تواضعا

- ‌ومنها: أن التشبيه إنما هو لأصل الصلاة بأصل الصلاة، لا للقدر بالقدر

- ‌ومنها: أن قوله: (اللهم صل على محمد) مقطوع عن التشبيه

- ‌ومنها: رفع المقدمة المذكورة أولا

- ‌[مواطن الصلاة على النبي ص]

- ‌فمنها: التشهد الأخير

- ‌ومنها: خطبة الجمعة

- ‌ومنها: عقب إجابة المؤذن

- ‌تنبيه:

- ‌ومنها: أول الدعاء وأوسطه وآخره

- ‌ومنها: وهو من آكدها، عقب دعاء القنوت

- ‌ومنها: أثناء تكبيرات العيدين

- ‌ومنها: عند دخول المسجد والخروج منه

- ‌ومنها: فى صلاة الجنازة

- ‌ومنها: عند التلبية

- ‌ومنها: عند الصفا والمروة

- ‌ومنها: عند الإجماع والتفرق

- ‌ومنها: عند الصباح والمساء

- ‌ومنها: عند الوضوء

- ‌ومنها: عند طنين الأذن

- ‌ومنها: عند نسيان الشىء

- ‌ومنها: بعد العطاس

- ‌ومنها: عند زيارة قبره الشريف

- ‌[الإكثار من الصلاة عليه ليلة الجمعة]

- ‌[فضيلة الصلاة على النبي ص]

- ‌الفصل الثالث فى ذكر محبة أصحابه ص وقرابته وأهل بيته وذريته

- ‌[فى ذكر محبة آله ص وقرابته وأهل بيته وذريته]

- ‌فى محبة الصحابة:

- ‌[طبقات الصحابة]

- ‌الطبقة الأولى: قوم أسلموا بمكة أول البعث

- ‌الطبقة الثانية: أصحاب دار الندوة

- ‌الطبقة الثالثة: الذين هاجروا إلى الحبشة فرارا بدينهم

- ‌الطبقة الرابعة: أصحاب العقبة الأولى

- ‌الطبقة الخامسة: أصحاب العقبة الثالثة

- ‌الطبقة السادسة: المهاجرون

- ‌الطبقة السابعة: أهل بدر الكبرى

- ‌الطبقة الثامنة: الذين هاجروا بين بدر والحديبية

- ‌الطبقة التاسعة: أهل بيعة الرضوان

- ‌الطبقة العاشرة: الذين هاجروا بعد الحديبية

- ‌الطبقة الحادية عشر: الذين أسلموا يوم الفتح

- ‌الطبقة الثانية عشر: صبيان أدركوا النبى- صلى الله عليه وسلم ورأوه عام الفتح وبعده

- ‌فهرس المحتويات

الفصل: ‌النوع الثالث فى وصفه له ص بالشهادة وشهادته له بالرسالة

والثانى: قوله- صلى الله عليه وسلم: «كنت نبيّا وآدم بين الروح والجسد» «1» ، كنا نظن أنه بالعلم، فبان أنه زائد على ذلك، وإنما يفترق الحال بين ما بعد وجود جسده- صلى الله عليه وسلم وبلوغه الأربعين، وما قبل ذلك بالنسبة إلى المبعوث إليهم وتأهلهم لسماع كلامه لا بالنسبة إليه ولا إليهم، لو تأهلوا قبل ذلك، وتعليق الأحكام على الشروط قد يكون بحسب المحل القابل، وقد يكون بحسب الفاعل المتصرف فها هنا التعليق إنما هو بحسب المحل القابل، وهو المبعوث إليهم وقبولهم سماع الخطاب والجسد الشريف الذى يخاطبهم بلسانه.

وهذا كما يوكل الأب رجلا فى تزويج ابنته إذا وجدت كفأ، فالتوكيل صحيح وذلك الرجل أهل للوكالة، ووكالته ثابتة، وقد يحصل توقف التصرف على وجود الكفء، ولا يوجد إلا بعد مدة، وذلك لا يقدح فى صحة الوكالة وأهلية الوكيل، انتهى.

‌النوع الثالث فى وصفه له ص بالشهادة وشهادته له بالرسالة

قال الله تعالى حكاية عن إبراهيم وإسماعيل- عليهما الصلاة والسلام- عند بناء البيت الحرام رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127) رَبَّنا وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنا مَناسِكَنا وَتُبْ عَلَيْنا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (128) رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ «2» . فاستجاب الله دعاءهما، وبعث فى أهل مكة رسولا منهم بهذه الصفة من ولد إسماعيل الذى دعا مع أبيه إبراهيم- عليهما السلام بهذا الدعاء. فإن قلت: من أين علم أن الرسول هنا المراد به محمد- صلى الله عليه وسلم؟

(1) صحيح: وقد تقدم.

(2)

سورة البقرة: 127- 129.

ص: 531

فالجواب من وجوه:

أحدها: إجماع المفسرين وهو حجة.

والثانى: قوله- صلى الله عليه وسلم: «أنا دعوة أبى إبراهيم، وبشارة عيسى» «1»

قالوا: وأراد بالدعوة هذه الآية، وبشارة عيسى هى ما ذكر فى سورة الصف فى قوله: وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ «2» .

الثالث: إن إبراهيم إنما دعا بهذا الدعاء بمكة لذريته الذين كانوا بها وبما حولها، ولم يبعث الله تعالى إلى من بمكة إلا محمدا- صلى الله عليه وسلم. وقد امتن الله تعالى على المؤمنين يبعث هذا النبى منهم على هذه الصفة فقال تعالى: لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ «3» الآية، فليس لله منة على المؤمنين أعظم من إرساله محمدا- صلى الله عليه وسلم يهدى إلى الحق وإلى طريق مستقيم، وإنما كانت النعمة على هذه الأمة بإرساله أعظم النعم، لأن النعمة به- صلى الله عليه وسلم تمت بها مصالح الدنيا والآخرة، وكمل بسببها دين الله الذى رضيه لعباده.

وقوله: مِنْ أَنْفُسِهِمْ «4» يعنى أنه بشر مثلهم، وإنما امتاز عليهم بالوحى. وقرئ فى الشواذ (من أنفسهم) - بفتح الفاء- يعنى من أشرفهم، لأنه من بنى هاشم، وبنو هاشم أفضل قريش، وقريش أفضل العرب، والعرب أفضل من غيرهم. ثم قيل: لفظ (المؤمنين) عام، ومعناه خاص فى العرب، لأنه ليس حى من أحياء العرب إلا وقد ولده، وخص المؤمنين بالذكر لأنهم المنتفعون به أكثر، فالمنة عليهم أعظم.

(1) ذكره الهيثمى فى «المجمع» (8/ 223) عن العرباض بن سارية، وقال: رواه أحمد بأسانيد والبزار والطبرانى بنحوه، وأحد أسانيد أحمد رجاله رجال الصحيح، غير سعيد بن سويد، وقد وثقه ابن حبان.

(2)

سورة الصف: 6.

(3)

سورة آل عمران: 164.

(4)

سورة آل عمران: 164.

ص: 532

فإن قلت: هل العلم بكونه- صلى الله عليه وسلم بشرا، ومن العرب، شرط فى صحة الإيمان، أو هو من فروض الكفاية.

أجاب الشيخ ولى الدين بن العراقى: بأنه شرط فى صحة الإيمان. قال:

فلو قال شخص: أومن برسالة محمد- صلى الله عليه وسلم إلى جميع الخلق، ولكنى لا أدرى هل هو من البشر أو الملائكة، أو من الجن، أو لا أدرى أهو من العرب أو العجم، فلا شك فى كفره لتكذيبه للقرآن وجحده ما تلقته قرون الإسلام خلفا عن سلف، وصار معلوما بالضرورة عند الخاص والعام، ولا أعلم فى ذلك خلافا. فلو كان غبيّا لا يعرف ذلك وجب تعليمه إياه، فإن جحده بعد ذلك حكمنا بكفره. انتهى. فإن قلت: هل هو- صلى الله عليه وسلم باق على رسالته إلى الآن؟

أجاب أبو المعين النفسى: بأن الأشعرى قال: إنه- صلى الله عليه وسلم الآن فى حكم الرسالة، وحكم الشىء يقوم مقام أصل الشىء، ألا ترى أن العدة تدل على ما كان من أحكام النكاح. انتهى. وقال غيره: إن النبوة والرسالة باقية بعد موته- صلى الله عليه وسلم حقيقة، كما يبقى وصف الإيمان بعد موته، لأن المتصف بالنبوة والرسالة، والإيمان هو الروح وهى باقية لا تتغير بموت البدن. انتهى.

وتعقب: بأن الأنبياء أحياء فى قبورهم، فوصف النبوة باق للجسد والروح معا.

وقال القشيرى: كلام الله تعالى لمن اصطفاه: أرسلتك أن تبلغ عنى، وكلامه تعالى قديم، فهو- صلى الله عليه وسلم قبل أن يوجد كان رسولا. وفى حال كونه وإلى الأبد رسولا، لبقاء الكلام وقدمه، واستحالة البطلان على الإرسال الذى هو كلام الله تعالى. ونقل السبكى فى طبقاته، عن ابن فورك أنه قال:

إنه- صلى الله عليه وسلم حى فى قبره، رسول الله أبد الآباد على الحقيقة لا المجاز. انتهى.

وقال تعالى: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ «1» .

(1) سورة الجمعة: 2.

ص: 533

والمراد بالأميين: العرب، تنبيها لهم على قدر هذه النعمة وعظمها حيث كانوا أميين، لا كتاب لهم، وليس عندهم شىء من آثار النبوة، كما عند أهل الكتاب، فمنّ الله تعالى عليهم بهذا الرسول وبهذا الكتاب، حتى صاروا أفضل الأمم وأعلمهم، وعرفوا ضلالة من ضل قبلهم من الأمم. وفى كونه- صلى الله عليه وسلم منهم فائدتان:

إحداهما: أن هذا الرسول كان أيضا أميّا كأميّة المبعوث إليهم، لم يقرأ كتابا قط ولم يخطه بيمينه، كما قال تعالى: وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ «1» ، ولا خرج عن ديار قومه فأقام عند غيرهم حتى تعلم منهم، بل لم يزل أميّا بين أمة أمية لا يكتب ولا يقرأ حتى بلغ الأربعين من عمره، ثم جاء بعد ذلك بهذا الكتاب المبين، وهذه الشريعة الباهرة، وهذا الدين القيم الذى اعترف حذاق أهل الأرض ونظارها أنه لم يقرع العالم ناموس أعظم منه، وفى هذا برهان عظيم على صدقه- صلى الله عليه وسلم.

والفائدة الثانية: التنبيه على أن المبعوث منهم وهم الأميون، وخصوصا أهل مكة، يعرفون نسبه وشرفه وصدقه وأمانته وعفته، وأنه نشأ بينهم معروفا بذلك، وأنه لم يكذب قط، فكيف كان يدع الكذب على الناس ثم يفترى الكذب على الله عز وجل؟ هذا هو الباطل. ولذلك سأل هرقل عن هذه الأوصاف واستدل بها على صدقه فيما ادعاه من النبوة والرسالة.

وقد قال الله تعالى خطابا له: فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ «2» . ويروى أن رجلا قال: والله يا محمد ما كذبتنا قط فنتهمك اليوم ولكنا إن نتبعك نتخطف من أرضنا، فنزلت هذه الآية. رواه أبو صالح عن ابن عباس. وعن مقاتل: كان الحارث بن عامر يكذب النبى- صلى الله عليه وسلم فى العلانية، فإذا خلا مع أهل بيته قال: ما محمد من أهل الكذب. ويروى أن المشركين كانوا إذا رأوه- صلى الله عليه وسلم قالوا: إنه لنبى. وعن على: قال أبو جهل للنبى- صلى الله عليه وسلم: إنا لا

(1) سورة العنكبوت: 48.

(2)

سورة الأنعام: 33.

ص: 534

نكذبك ولكن نكذب بما جئت به، فأنزل الله تعالى الآية. والمعنى: أنهم ينكرونه مع العلم بصحته. إذ الجحد هو الإنكار مع العلم.

فإن قلت: فما الجمع بين هذا وبين قوله تعالى: وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ «1» ؟ أجيب: بأنه على طريق الجحد، وهو يختلف باختلاف أحوالهم فى الجهل، فمنهم من وقع منه ذلك لجهله، فحيث علم آمن، ومنهم من علم وأنكر كفرا وعنادا كأبى جهل. فيكون المراد بقوله فإنهم لا يكذبونك، قوما مخصوصين منهم لا كلهم، وحينئذ فلا تعارض.

وروى أن أبا جهل لقيه فصافحه فقيل له: أتصافحه؟ فقال: والله إنى لأعلم أنه نبى، ولكن متى كنا تبعا لبنى عبد مناف؟ فأنزل الله الآية، رواه أبو حاتم. والقرآن كله مملوء بالآيات الدالة على صدق هذا الرسول الكريم، وتحقيق رسالته، فكيف يليق بكمال الله أن يقر من يكذب عليه أعظم الكذب، ويخبر عنه بخلاف ما الأمر عليه، ثم ينصره على ذلك ويؤيده، ويعلى كلمته ويرفع شأنه، ويجيب دعوته ويهلك عدوه، ويظهر على يده من الآيات والبراهين والأدلة ما يضعف عن مثله قوى البشر، وهو مع ذلك كاذب عليه، مفتر ساع فى الأرض بالفساد؟؟ ومعلوم أن شهادته سبحانه وتعالى على كل شىء، وقدرته على كل شىء، وحكمته وعزته وكماله المقدس يأبى ذلك كل الإباء، ومن ظن ذلك به وجوزه عليه فهو من أبعد الخلق عن معرفته إن عرف منه بعض صفاته كصفة القدرة وصفة المشيئة.

والقرآن كله مملوء من هذه الطريق، وهذه طريقة الخاصة، بل خاصة الخاصة الذين يستدلون بالله على أفعاله، وما يليق به أن يفعله وما لا يفعله.

وإذا تدبرت القرآن رأيته ينادى على ذلك ويبديه ويعيده لمن له فهم وقلب واع عن الله تعالى. قال الله تعالى: وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ (44) لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ (46) فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ «2» ، أفتراه سبحانه وتعالى يخبر أن كماله وحكمه يأبى أن يقرّ من

(1) سورة الأنعام: 34.

(2)

سورة الحاقة: 44- 47.

ص: 535

تقول عليه بعض الأقاويل، بل لابد أن يجعله عبرة لعباده، كما جرت بذلك سننه فى المتقولين عليه.

وقال تعالى: أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ «1» هاهنا انتهى جواب الشرط. ثم أخبر خبرا جازما غير معلق بأنه يمحو الباطل ويحق الحق. وقال تعالى: وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ «2» ، فأخبر أن من نفى عنه الإرسال والكلام لم يقدره حق قدره، ولا عرفه كما ينبغى ولا عظمه كما يستحق، فكيف من ظن أن الله ينصر الكاذب المفترى عليه، ويؤيده ويظهر على يديه الآيات والأدلة؟

وهذا فى القرآن كثير يستدل تعالى بكماله المقدس وأوصافه وجلاله على صدق رسوله، وعلى وعده ووعيده، ويدعو عباده إلى ذلك.

وقال تعالى لمن طلب آية تدل على صدق رسوله: أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (51) قُلْ كَفى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْباطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ «3» ، فأخبر سبحانه أن الكتاب الذى أنزله يكفى من كل آية، ففيه الحجة والدلالة على أنه من الله، وأن الله سبحانه أرسل به رسوله، وفيه بيان ما يوجب لمن اتبعه السعادة، وينجيه من العذاب.

ثم قال: قُلْ كَفى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ «4» فإذا كان سبحانه عالما بجميع الأشياء كانت شهادته أصدق شهادة وأعدلها، فإنها شهادة بعلم تام محيد بالمشهود به، وهو سبحانه وتعالى يذكر علمه عند شهادته وقدرته، وملكه عند مجازاته، وحكمته عند خلقه، وأمره ورحمته عند ذكر إرسال رسله، وحلمه عند ذنوب عباده. فتأمل ورود أسمائه الحسنى

(1) سورة الشورى: 24.

(2)

سورة الأنعام: 91.

(3)

سورة العنكبوت: 51، 52.

(4)

سورة العنكبوت: 52.

ص: 536

فى كتابه، وارتباطها بالخلق والأمر والثواب والعقاب. انتهى. وقال تعالى:

إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً (45) وَداعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً «1» . أى شاهدا على الوحدانية، وشاهدا فى الدنيا بأحوال الآخرة من الجنة والنار والميزان والصراط، وشاهدا فى الآخرة بأحوال الدنيا، وبالطاعة والمعصية والصلاح والفساد، وشاهدا على الخلق يوم القيامة كما قال تعالى:

وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً «2» . كأنه تعالى يقول: يا أيها المشرّف من قبلنا، إنا أرسلناك شاهدا بوحدانيتنا ومشاهدا كمال فردانيتنا، تبشر عبادنا عنا، وتحذرهم مخالفة أمرنا، وتعلمهم مواضع الخوف منا، وداعيا الخلق إلينا، وسراجا يستضيئون بك، وشمسا تبسط شعاعك على جميع من صدقك وآمن بك، ولا يصل إلينا إلا من اتبعك وخدمك وقدمك، فبشر بفضلنا وطولنا عليهم وإحساننا إليهم.

ولما كان الله تعالى قد جعله- صلى الله عليه وسلم شاهدا على الوحدانية، والشاهد لا يكون مدعيا، فالله تعالى لم يجعل النبى فى مسألة الوحدانية مدعيا لها، لأن المدعى من يقول شيئا على خلاف الظاهر، والوحدانية أظهر من الشمس، والنبى- صلى الله عليه وسلم كان ادعى النبوة، فجعل الله تعالى نفسه شاهدا له فى مجازاة كونه شاهدا له تعالى فقال سبحانه: وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ «3» ، ومن هذا قوله تعالى: وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ «4» فاستشهد على رسالته بشهادة الله له. وكذلك قوله تعالى: قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ «5» ، وقوله:

لكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفى بِاللَّهِ

(1) سورة الأحزاب: 45، 46.

(2)

سورة البقرة: 143.

(3)

سورة المنافقون: 1.

(4)

سورة الرعد: 43.

(5)

سورة الأنعام: 19.

ص: 537

شَهِيداً «1» وقوله: وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ «2» وقوله: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ «3» ، فهذا كله منه تعالى شهادة لرسوله قد أظهرها وبينها، وبين صحتها غاية البيان بحيث قطع العذر بينه وبين عباده، وأقام الحجة عليهم بكونه سبحانه شاهدا لرسوله.

وقال تعالى: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً «4» . فيظهر ظهورين: ظهورا بالحجة والبيان، وظهورا بالنصر والغلبة والتأييد حتى يظهر على مخالفيه ويكون منصورا.

ومن شهادته تعالى أيضا ما أودعه فى قلوب عباده من التصديق الجازم، واليقين الثابت والطمأنينة بكلامه ووحيه، فإن الله تعالى فطر القلوب على قلوب الحق والانقياد له، والطمأنينة والسكون إليه ومحبته، وفطرها على بغض الكذب والباطل والنفور عنه وعدم السكون إليه، ولو بقيت الفطرة على حالها لما آثرت على الحق سواه، ولما سكنت إلا إليه، ولا اطمأنت إلا به، ولا أحبت غيره. ولهذا ندب الحق سبحانه إلى تدبر القرآن، فإن كل من تدبره أوجب له علما ضروريّا ويقينا جازما أنه حق، بل أحق كل حق، وأصدق كل صدق قال تعالى: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها «5» ، فلو رفعت الأقفال عن القلوب لباشرتها حقائق القرآن، واستنارت فيها مصابيح الإيمان، وعلمت علما ضروريّا كسائر الأمور الوجدانية باللذة والألم أنه من عند الله، تكلم به حقّا، وبلغه رسوله جبريل إلى رسوله محمد- صلى الله عليه وسلم. فهذا الشاهد فى القلب من أعظم الشواهد. انتهى ملخصا من مدارج السالكين.

(1) سورة النساء: 166.

(2)

سورة المنافقون: 1.

(3)

سورة الفتح: 29.

(4)

سورة محمد: 24.

(5)

سورة الأعراف: 158.

ص: 538

وقال تعالى: قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً «1» . ففى هذه الآية دلالة على أنه- صلى الله عليه وسلم مبعوث إلى كافة الثقلين. وقالت العيسوية من اليهود- وهم أتباع عيسى الأصبهانى-. إن محمدا صادق مبعوث إلى العرب، غير مبعوث إلى بنى إسرائيل.

ودليلنا على إبطال قولهم هذه الآية، لأن قوله: يا أَيُّهَا النَّاسُ خطاب يتناول كل الناس، ثم قال: إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً «2» وهذا يقتضى كونه مبعوثا إلى جميع الناس. وأيضا: فلأنا نعلم بالتواتر أنه كان يدعى أنه مبعوث إلى الثقلين. فإما أن تقول: كان رسولا حقّا، أو ما كان كذلك، فإن كان رسولا حقّا امتنع الكذب عليه، ووجب الجزم بكونه صادقا فى كل ما يدعيه، فلما ثبت بالتواتر وبظاهر هذه الآية أنه كان يدعى كونه مبعوثا إلى جميع الثقلين، وجب كونه صادقا، وذلك يبطل قول من يقول:

إنه كان مبعوثا إلى العرب فقط، لا إلى بنى إسرائيل. وإذا ثبت هذا فنقول:

قوله تعالى: قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً «3» من الناس من يقول إنه عام دخله التخصيص، ومنهم من أنكر ذلك. أما الأولون فقالوا:

دخله التخصيص من وجهين:

الأول: أنه رسول إلى الناس إذا كانوا من جملة المكلفين، فأما إذا لم يكونوا من جملة المكلفين لم يكن رسولا إليهم، وذلك لأنه- صلى الله عليه وسلم قال:

«رفع القلم عن ثلاث: عن الصبى حتى يبلغ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق» «4» رواه ابن جرير عن ابن عباس.

(1) سورة الأعراف: 158.

(2)

سورة الأعراف: 158.

(3)

سورة الأعراف: 158.

(4)

صحيح: أخرجه أبو داود (4399- 4403) فى الحدود، باب: فى المجنون يسرق أو يصيب حدّا، والترمذى (1423) فى الحدود، باب: ما جاء فيمن لا يجب عليه الحد، وابن ماجه (2042) فى الطلاق، باب: طلاق المعتوه والصغيرة والنائم، من حديث على- رضى الله عنه-، وفى الباب عن عائشة- رضى الله عنها-، والحديث صححه الشيخ الألبانى فى «صحيح الجامع» (3512 و 3513 و 3514) .

ص: 539

والثانى: أنه رسول إلى من وصله خبر وجوده، وخبر معجزاته وشرائعه، حتى يمكنه عند ذلك متابعته. أما لو قدرنا حصول قوم فى طرف من أطراف الأرض لم يبلغهم خبره وخبر معجزاته وشرائعه حتى لا يمكنهم عند ذلك متابعته فلا يكونون مكلفين بالإقرار بنبوته. وعن أبى هريرة عن النبى- صلى الله عليه وسلم أنه قال:«والذى نفسى بيده لا يسمع بى أحد من هذه الأمة ولا يهودى ولا نصرانى ومات ولم يؤمن بالذى أرسلت به إلا كان من أصحاب النار» «1» رواه مسلم. ومفهومه: أن من لم يسمع بالنبى- صلى الله عليه وسلم ولم تبلغه دعوة الإسلام فهو معذور، على ما تقرر فى الأصول أنه لا حكم قبل ورود الشرع على الصحيح. وفى هذا الحديث نسخ الملل كلها برسالة نبينا- صلى الله عليه وسلم.

وقال تعالى: يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ فَقَدْ جاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ «2» . خاطب تعالى أهل الكتاب من اليهود والنصارى بأنه قد أرسل إليهم رسوله محمدا خاتم النبيين الذى لا نبى بعده ولا رسول. بل هو المعقب لجميعهم، ولهذا قال تعالى: عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ «3» أى بعد مدة متطاولة، ما بين إرساله وعيسى ابن مريم.

وقد اختلفوا فى مقدار هذه الفترة كم هى؟ فقال النهدى وقتادة فى رواية عنه: ستمائة سنة. ورواه البخارى عن سلمان الفارسى. وعن قتادة:

خمسمائة وستون سنة، وقال الضحاك: أربعمائة وبضع وثلاثون سنة، وعن الشعبى- فيما ذكره ابن عساكر- تسعمائة وثلاث وثلاثون سنة. قال الحافظ عماد الدين بن كثير: والمشهور أنها ستمائة سنة، قال: وكانت هى الفترة بين عيسى ابن مريم، آخر أنبياء بنى إسرائيل، وبين محمد آخر النبيين من بنى آدم على الإطلاق، كما فى البخارى من حديث أبى هريرة مرفوعا: «أنا أولى

(1) صحيح: أخرجه مسلم (153) فى الإيمان، باب: وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد- صلى الله عليه وسلم إلى جميع الناس وفسخ الملل بملة.

(2)

سورة المائدة: 19.

(3)

سورة المائدة: 19.

ص: 540

الناس بابن مريم ليس بينى وبينه نبى» «1» وهذا فيه رد على من زعم أنه بعث بعد عيسى نبى يقال له: خالد بن سنان، كما حكاه القضاعى وغيره.

والمقصود: أن الله بعث محمدا على فترة من الرسل وطموس من السبل وتغير الأديان، وكثرة عبادة الأوثان والنيران والصلبان، فكانت النعمة به أتم والنفع به أعم. وفى حديث عند الإمام أحمد مرفوعا:«إن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عجمهم وعربهم إلا بقايا من بنى إسرائيل» «2» وفى لفظ مسلم «من أهل الكتاب» . فكان الدين قد التبس على أهل الأرض كلهم، حتى بعث الله محمدا فهدى به الخلائق، وأخرجهم الله به من الظلمات إلى النور، وتركهم على المحجة البيضاء، والشريعة الغراء، - صلوات الله وسلامه عليه-.

وقال تعالى: لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ «3» . أى: عزيز عليه عنتكم، أى إثمكم بالشرك والمعاصى، حريص عليكم أن تهتدوا. قال الحسن: عزيز عليه أن تدخلوا النار، حريص عليكم أن تدخلوا الجنة، ومن حرصه- صلى الله عليه وسلم علينا أنه لم يخاطبنا بما يريد إبلاغه إلينا، وفهمنا إياه على قدر منزلته، بل على قدر منزلتنا، وإلى هذا أشار صاحب البردة بقوله:

لم يمتحنا بما تعيى العقول به

حرصا علينا فلم نرتب ولم نهم

أى لم نتحير ولم نشك فيما ألقاه إلينا. وقال: وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ «4» ولا رحمة مع التكليف بما لا يفهم. ومن حرصه- صلى الله عليه وسلم على هدايتنا أنه كان كثيرا ما يضرب المثل بالمحسوس ليحصل الفهم، وهذه سنة

(1) صحيح: وقد تقدم.

(2)

صحيح: أخرجه أحمد فى «المسند» (4/ 162) ، وهو عند مسلم (2865) فى الجنة، باب: الصفات التى يعرف بها فى الدنيا أهل الجنة وأهل النار، من حديث عياض بن حمار المجاشعى.

(3)

سورة التوبة: 128.

(4)

سورة الأنبياء: 107.

ص: 541