الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
منها:
أن الخليل يصل بالواسطة، من قوله تعالى: وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ «1» ، والحبيب يصل إليه به، من قوله تعالى: فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى «2» .
ومنها:
أن الخليل قال: وَلا تُخْزِنِي «3» ، والحبيب قيل له: يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ «4» .
ومنها:
أن الخليل قال فى المحنة: حَسْبِيَ اللَّهُ «5» والحبيب قيل له:
يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ «6» .
ومنها:
أن الخليل هو الذى تكون مغفرته فى حد الطمع، من قوله:
وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ «7» ، والحبيب الذى مغفرته فى حد اليقين، من قوله: لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ «8» .
وفى كتابى: «تحفة السامع والقارى بختم حجج البخارى» وجوه أخر غير ما حكاه القاضى عياض.
[مناقشة المؤلف للفروق بين المحبة والخلة]
وفى كلها نظر واضح كما بينته فى حاشية الشفاء، وذلك أن مقتضى الفرق بين الشيئين أن يكون فى حد ذاتيهما، يعنى باعتبار مدلولى «خليل» و «حبيب» وما حكاه القاضى عياض، وذكرته فى التحفة، يقتضى تفضيل ذات محمد- صلى الله عليه وسلم ذات إبراهيم- عليه الصلاة والسلام. لا يقال باعتبار ثبوت وصف الخلة له فيلزم ذلك. لأنا نقول: كل منهما ثابت له وصف الخلة والمحبة. إذ لا يسلب عن إبراهيم- عليه الصلاة والسلام وصف المحبة
(1) سورة الأنعام: 75.
(2)
سورة النجم: 9.
(3)
سورة الشعراء: 87.
(4)
سورة التحريم: 8.
(5)
سورة الزمر: 38، وسورة التوبة:129.
(6)
سورة الأنفال: 64.
(7)
سورة الشعراء: 82.
(8)
سورة الفتح: 2.
لا سيما والخلة أخص من المحبة، ولا يسلب عن نبينا- صلى الله عليه وسلم وصف الخلة لا سيما وقد ثبت فى حديث أبى هريرة قول الله تعالى له:(إنى اتخذتك خليلا)«1» . وقد قام الإجماع على فضل نبينا- صلى الله عليه وسلم على جميع الأنبياء، بل هو أفضل خلق الله تعالى مطلقا.
أما قوله: إن الخليل يصل بالواسطة فلا يفيد غرضا فى هذا المقام الذى هو بصدده، وليس المراد به قطعا إلا الوصول إلى المعرفة، إذ الوصول الحسى يمتنع على الله تعالى.
وأما قوله: والحبيب يصل إليه به، فالوصول إلى الله تعالى لا يكون إلا به حبيبا كان أو خليلا. وأما قوله: الخليل هو الذى تكون مغفرته فى حد الطمع إلخ
…
فإنه لا يصح أن يكون على جهة التفسير للخليل، ولا تعلق له بمعناه. وقصارى ما ذكره: أنه يعطى تفضيل نبينا- صلى الله عليه وسلم على إبراهيم- عليه الصلاة والسلام فى حد ذاته من غير نظر إلى ما جعله علة معنوية فى ذلك من وصف المحبة والخلة. والحق: أن الخلة أعلى وأكمل وأفضل من المحبة.
قال ابن القيم: وأما ما يظنه بعض الغالطين أن المحبة أكمل من الخلة، وأن إبراهيم خليل الله ومحمدا حبيب الله فمن جهله. فإن المحبة عامة والخلة خاصة والخلة نهاية المحبة. قال: وقد أخبر النبى- صلى الله عليه وسلم أن الله اتخذه خليلا، ونفى أن يكون له خليل غير ربه، مع إخباره بحبه لعائشة ولأبيها ولعمر بن الخطاب وغيرهم. وأيضا فإنه تعالى يحب التوابين ويحب المتطهرين ويحب الصابرين ويحب المحسنين ويحب المتقين ويحب المقسطين، وخلته خاصة بالخليلين. قال: وإنما هذا من قلة العلم والفهم عن الله ورسوله.
انتهى.
وقال الشيخ بدر الدين الزركشى فى شرحه لبردة الأبوصيرى: وزعم بعضهم أن المحبة أفضل من الخلة وقال: محمد حبيب الله وإبراهيم خليل
(1) تقدم.