الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الله. وضعف: بأن الخلة خاصة، وهو توحيد المحبة، والمحبة عامة، قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ «1» قال: وقد صح أن الله اتخذ نبينا خليلا فقال: إن الله اتخذنى خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا. انتهى.
تنبيه:
والخليل مشتق من الخلة- بالفتح- وهى الحاجة، أو الخلة- بالضم- وهى المودة الحاصلة، أو من الخلل، قال ثعلب سمى خليلا لأن مودته تتخلل القلب، وأنشد:
قد تخللت مسلك الروح منى
…
وبدا سمى الخليل خليلا
وقال الراغب: الخلة- بالفتح-: الاختلال العارض للنفس، إما لشهرتها بشىء أو لحاجتها إليه، ولهذا فسّر الخلة بالحاجة، والخلة- بالضم- إما لأنها تتخلل النفس أو تتوسطها، وإما لأنها تخل النفس فتؤثر فيها تأثير السهم فى الرمية، وإما لفرط الحاجة إليها.
الفصل الثانى فى حكم الصلاة عليه والتسليم فريضة وسنة وفضيلة وصفة ومحلّا
قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً «2» . قال أبو العالية: معنى صلاة الله على نبيه ثناؤه عليه عند الملائكة، ومعنى صلاة الملائكة عليه الدعاء.
قال فى فتح البارى: وهذا أولى الأقوال، فيكون معنى صلاة الله تعالى عليه ثناؤه عليه وتعظيمه، وصلاة الملائكة وغيرهم طلب ذلك له من الله تعالى، والمراد طلب الزيادة لا طلب أصل الصلاة. وعن ابن عباس: أن معنى صلاة الملائكة الدعاء بالبركة. وروى ابن أبى حاتم عن مقاتل بن حيان قال:
صلاة الله مغفرته وصلاة الملائكة الاستغفار.
(1) سورة البقرة: 222.
(2)
سورة الأحزاب: 56.
وقال الضحاك بن مزاحم: صلاة الله رحمته، وفى رواية عنه: مغفرته، وصلاة الملائكة الدعاء. أخرجهما إسماعيل القاضى عنه، وكأنه يريد الدعاء بالمغفرة ونحوها. وقال المبرد: الصلاة من الله الرحمة ومن الملائكة رقة تبعث على استدعاء الرحمة.
وتعقب: بأنه الله غاير بين الصلاة والرحمة فى قوله سبحانه وتعالى:
أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ «1» ، ولذلك فهم الصحابة المغايرة من قوله تعالى: صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً «2» حتى سألوه عن كيفية الصلاة مع تقدم ذكر «الرحمة» فى تعليم السلام، حيث جاء بلفظ: السلام عليك أيها النبى ورحمة الله وبركاته، وأقرهم النبى- صلى الله عليه وسلم، فلو كانت الصلاة بمعنى الرحمة لقال لهم، قد علمتم ذلك فى السلام. وجوز الحليمى أن تكون الصلاة بمعنى السلام عليه، وفيه نظر. وقيل: صلاة الله على خلقه تكون خاصة وتكون عامة، فصلاته على أنبيائه هى ما تقدم من الثناء والتعظيم، وصلاته على غيرهم الرحمة، فهى التى وسعت كل شىء.
وحكى القاضى عياض: عن بكر القشيرى أنه قال: الصلاة على النبى- صلى الله عليه وسلم من الله تشريف وزيادة تكرمة، وعلى من دون النبى رحمة. وبهذا يظهر الفرق بين النبى- صلى الله عليه وسلم وبين سائر المؤمنين حيث قال الله تعالى فى سورة الأحزاب: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ «3» ، وقال قبل ذلك فى السورة المذكورة: هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ «4» ، ومن المعلوم أن القدر الذى يليق بالنبى- صلى الله عليه وسلم من ذلك أرفع مما يليق بغيره. والإجماع منعقد على أن فى هذه الآية من تعظيم النبى- صلى الله عليه وسلم والتنويه به ما ليس فى غيرها.
وقال الحليمى فى «الشعب» ، معنى الصلاة على النبى- صلى الله عليه وسلم تعظيمه، فمعنى قولنا: اللهم صل على محمد، عظم محمدا، والمراد تعظيمه فى الدنيا
(1) سورة البقرة: 157.
(2)
سورة الأحزاب: 56.
(3)
سورة الأحزاب: 56.
(4)
سورة الأحزاب: 43.