الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِكَمِّيَّةِ مَا فِي الصُّبْرَةِ مِنَ الْقُفْزَانِ (1) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى بُطْلَانِ الْبَيْعِ فِي صُورَةِ مَا إِذَا قَال الْبَائِعُ: بِعْتُكَ هَذِهِ الصُّبْرَةَ كُل صَاعٍ بِدِرْهَمٍ، عَلَى أَنْ أَزِيدَكَ صَاعًا مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ الأُْخْرَى. لأَِنَّهُ يُفْضِي إِلَى الْجَهَالَةِ فِي جُمْلَةِ الثَّمَنِ وَتَفْصِيلِهِ، فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ بَاعَهُ صَاعًا وَشَيْئًا بِدِرْهَمٍ، وَالشَّيْءُ لَا يُعْرَفُ، لِلْجَهَالَةِ بِكَمِّيَّةِ مَا فِي الصُّبْرَةِ مِنَ الصِّيعَانِ (2) .
وَلَمْ نَطَّلِعْ عَلَى تَفْصِيلٍ لِلْحَنَفِيَّةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.
10 -
لَوْ بَاعَ هَذِهِ الصُّبْرَةَ أَوْ نَحْوَهَا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، كُل صَاعٍ أَوْ رَأْسٍ أَوْ ذِرَاعٍ بِدِرْهَمٍ صَحَّ الْبَيْعُ، إِنْ خَرَجَ مَا بَاعَهُ مِائَةً، لِتَوَافُقِ الْجُمْلَةِ وَالتَّفْصِيل فَلَا غَرَرَ وَلَا جَهَالَةَ. وَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ مِائَةً، بِأَنْ خَرَجَتْ أَقَل أَوْ أَكْثَرَ، لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ عَلَى الصَّحِيحِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَذَلِكَ لِتَعَذُّرِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْجُمْلَةِ وَالثَّمَنِ وَتَفْصِيلِهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي عِنْدَهُمْ أَنَّهُ يَصِحُّ تَغْلِيبًا لِلإِْشَارَةِ (3) .
ظُهُورُ الْمَبِيعِ أَقَل أَوْ أَكْثَرُ مِنَ الْمُسَمَّى:
11 -
مَنِ ابْتَاعَ صُبْرَةَ طَعَامٍ عَلَى أَنَّهَا مِائَةُ قَفِيزٍ
(1) المغني 4 / 143
(2)
المجموع 9 / 314
(3)
نهاية المحتاج 3 / 399
بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَوَجَدَهَا أَقَل أَوْ أَكْثَرَ، وَمَنِ ابْتَاعَ ثَوْبًا عَلَى أَنَّهُ عَشَرَةُ أَذْرُعٍ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ، أَوْ أَرْضًا عَلَى أَنَّهَا مِائَةُ ذِرَاعٍ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَوَجَدَهَا أَقَل أَوْ أَكْثَرَ، ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى صِحَّةِ الْبَيْعِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، سَوَاءٌ ظَهَرَ الْمَبِيعُ زَائِدًا أَمْ نَاقِصًا عَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِ الاِتِّفَاقُ فِي الْعَقْدِ.
وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْمَبِيعُ ثَوْبًا أَمْ أَرْضًا مِنَ الْمَذْرُوعَاتِ، أَوْ صُبْرَةَ طَعَامٍ مِنَ الْمَكِيلَاتِ.
وَفِي رِوَايَةٍ لِلْحَنَابِلَةِ: أَنَّ الْبَيْعَ بَاطِلٌ، إِذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ أَرْضًا أَوْ ثَوْبًا، وَذَلِكَ لاِخْتِلَال الْوَصْفِ فِيهِمَا، لأَِنَّهُ لَا يُمْكِنُ إِجْبَارُ الْبَائِعِ عَلَى تَسْلِيمِ الزِّيَادَةِ، وَلَا يُمْكِنُ إِجْبَارُ الْمُشْتَرِي عَلَى أَخْذِ الْبَعْضِ، لأَِنَّهُ اشْتَرَى الْكُل. كَمَا لَا يُجْبَرَانِ عَلَى الشَّرِكَةِ فِي الْقَدْرِ الزَّائِدِ لِلضَّرَرِ الْحَاصِل بِسَبَبِ الشَّرِكَةِ.
وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ - مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ - عَلَى ثُبُوتِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ فِي حَال الزِّيَادَةِ، وَلِلْمُشْتَرِي فِي حَال النُّقْصَانِ فِي الصُّورَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ.
وَفَرَّقَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بَيْنَ مَا يُبَاعُ ذَرْعًا كَالثَّوْبِ وَالأَْرْضِ، وَبَيْنَ مَا يُبَاعُ كَيْلاً كَصُبْرَةِ الطَّعَامِ، وَلَمْ يُفَرِّقِ الشَّافِعِيَّةُ بَيْنَهُمَا، بَل أَثْبَتُوا الْخِيَارَ لِمَنْ عَلَيْهِ الضَّرَرُ مُطْلَقًا.
فَفِي صُورَةِ مَا إِذَا ابْتَاعَ صُبْرَةً مِنْ طَعَامٍ عَلَى أَنَّهَا مِائَةُ قَفِيزٍ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَوَجَدَهَا أَقَل. ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: إِلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ أَخْذَ الْمَوْجُودِ بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ، وَإِنْ شَاءَ
فَسَخَ الْبَيْعَ، وَذَلِكَ لأَِنَّ الثَّمَنَ يَنْقَسِمُ عَلَى أَجْزَاءِ الْمَبِيعِ الْمِثْلِيِّ مَكِيلاً أَوْ مَوْزُونًا، وَلَمْ يَتِمَّ رِضَا الْمُشْتَرِي بِهِ لأَِنَّهُ أَقَل مِمَّا تَمَّ الْعَقْدُ عَلَيْهِ، وَلِهَذَا كَانَ لَهُ خِيَارُ أَخْذِ الْمَوْجُودِ بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ، وَكَانَ لَهُ خِيَارُ الْفَسْخِ لأَِنَّهُ وَجَدَ الْمَبِيعَ نَاقِصًا.
وَفِي قَوْلٍ لِلْحَنَابِلَةِ: أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ خِيَارُ الْفَسْخِ؛ لأَِنَّ نُقْصَانَ الْقَدْرِ لَيْسَ بِعَيْبٍ فِي الْبَاقِي مِنَ الْكَيْل.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ الْمَوْجُودَ بِكُل الثَّمَنِ الْمُسَمَّى، وَبَيْنَ الْفَسْخِ.
وَإِذَا وَجَدَ الصُّبْرَةَ أَكْثَرَ مِمَّا تَمَّ عَلَيْهِ الاِتِّفَاقُ: رَدَّ الْمُشْتَرِي الزِّيَادَةَ لِلْبَائِعِ لأَِنَّهُ تَضَرَّرَ بِالزِّيَادَةِ، وَلأَِنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ عَلَى مِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ، فَمَا زَادَ عَلَيْهِ لَا يَدْخُل فِي الْبَيْعِ. وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ، وَلَا يَسْقُطُ خِيَارُهُ فِيمَا إِذَا قَال الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ: لَا تَفْسَخْ، وَأَنَا أَقْنَعُ بِالْقَدْرِ الْمَشْرُوطِ، أَوْ أَنَا أُعْطِيكَ ثَمَنَ الزَّائِدِ.
وَإِذَا كَانَ مَا يُبَاعُ جُزَافًا مَذْرُوعًا كَالثَّوْبِ وَالأَْرْضِ، وَظَهَرَ أَنَّهُ أَقَل مِمَّا اتُّفِقَ عَلَيْهِ فِي الْعَقْدِ، فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ: إِلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ الْمَوْجُودَ بِجُمْلَةِ الثَّمَنِ وَبَيْنَ أَنْ يَتْرُكَ الْبَيْعَ، وَلَا يَسْقُطُ خِيَارُ الْمُشْتَرِي فِيمَا إِذَا حَطَّ الْبَائِعُ مِنَ الثَّمَنِ قَدْرَ النَّقْصِ.
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ
أَنْ يَأْخُذَ الْمَوْجُودَ بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ، أَوْ أَنْ يَتْرُكَ الْبَيْعَ.
وَإِذَا ظَهَرَ أَنَّ الْمَبِيعَ أَكْثَرُ مِمَّا اتُّفِقَ عَلَيْهِ، فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الزِّيَادَةَ لِلْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ نَفْسِهِ، لأَِنَّ الذَّرْعَ كَالْوَصْفِ، وَالأَْوْصَافُ لَا يُقَابِلُهَا شَيْءٌ مِنَ الثَّمَنِ، وَلَا خِيَارَ لِلْبَائِعِ.
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ: إِلَى أَنَّ الْبَائِعَ بِالْخِيَارِ.
وَلِلْحَنَابِلَةِ تَفْصِيلٌ فِي مَذْهَبِهِمْ:
فَذَهَبُوا إِلَى تَخْيِيرِ الْبَائِعِ بَيْنَ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ زَائِدًا، وَبَيْنَ تَسْلِيمِ الْقَدْرِ الْمَوْجُودِ. فَإِنْ رَضِيَ بِتَسْلِيمِ الْجَمِيعِ فَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي، لأَِنَّهُ زَادَهُ خَيْرًا. وَإِنْ أَبَى تَسْلِيمَهُ زَائِدًا، فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ بَيْنَ الْفَسْخِ أَوِ الأَْخْذِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى وَقِسْطِ الزَّائِدِ.
فَإِنْ رَضِيَ بِالأَْخْذِ أَخَذَ الْعَشَرَةَ، وَالْبَائِعُ شَرِيكٌ لَهُ فِي الذِّرَاعِ.
وَفِي تَخْيِيرِ الْبَائِعِ فِي الْفَسْخِ وَجْهَانِ.
الأَْوَّل: لَهُ الْفَسْخُ؛ لأَِنَّ عَلَيْهِ ضَرَرًا فِي الْمُشَارَكَةِ.
الثَّانِي: لَا خِيَارَ لَهُ، لأَِنَّهُ رَضِيَ بِبَيْعِ الْجَمِيعِ بِهَذَا الثَّمَنِ.
فَإِذَا وَصَل إِلَيْهِ الثَّمَنُ مَعَ بَقَاءِ جُزْءٍ لَهُ فِيهِ كَانَ زِيَادَةً عَلَى مَا رَضِيَ بِهِ مِنَ الثَّمَنِ، فَلَا يَسْتَحِقُّ بِهَا الْفَسْخَ. فَإِنْ بَذَلَهَا الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي بِثَمَنٍ، أَوْ طَلَبَهَا الْمُشْتَرِي بِثَمَنٍ، لَمْ يَلْزَمِ الآْخَرَ الْقَبُول،