الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَيْعُ آلَاتِ اللَّهْوِ وَالْمَعَازِفِ:
19 -
ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ، وَمِنْهُمُ الصَّاحِبَانِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: إِلَى تَحْرِيمِ بَيْعِ آلَاتِ اللَّهْوِ الْمُحَرَّمَةِ، وَالْمَعَازِفِ إِلَاّ مَا جَازَ اسْتِعْمَالُهُ مِنْهَا، وَصَرَّحُوا بِعَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِهَا (1) .
وَالتَّقْيِيدِ بِالْمُحَرَّمَةِ، لإِِخْرَاجِ بَيْعِ الشِّطْرَنْجِ، الَّذِي يَقُول الشَّافِعِيَّةُ بِحِلِّهِ، وَطَبْل الْغُزَاةِ وَنَحْوِهِ، فَمِنَ الْمُحَرَّمَاتِ: الطُّنْبُورُ، وَالْمِزْمَارُ، وَالشَّبَّابَةُ (وَهِيَ النَّايَةُ) وَالْعُودُ، وَالصَّنْجُ وَالرَّبَابُ.
فَالصَّاحِبَانِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ يَرَيَانِ أَنَّ هَذِهِ الآْلَاتِ أُعِدَّتْ لِلْمَعْصِيَةِ، فَبَطَل تَقَوُّمُهَا، وَلَا يَنْعَقِدُ بَيْعُهَا، كَالْخَمْرِ (2) .
وَالْمَالِكِيَّةُ قَرَّرُوا أَنَّ مِنْ شُرُوطِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ: أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُنْتَفَعُ بِهِ انْتِفَاعًا شَرْعِيًّا، وَإِنْ قَل كَالتُّرَابِ، وَإِنْ كَانَتِ الْمَنْفَعَةُ لَا تَجُوزُ فَهِيَ كَآلَاتِ اللَّهْوِ (3) .
وَالشَّافِعِيَّةُ قَرَّرُوا أَنَّ آلَةَ اللَّهْوِ الْمُحَرَّمَةَ
(1) انظر على سبيل المثال: بدائع الصنائع 5 / 144، والقوانين الفقهية (164) وشرح المحلي وحاشية القليوبي 2 / 158، وكشاف القناع 3 / 155.
(2)
الهداية وشروحها، آخر باب الغصب 8 / 293.
(3)
القوانين الفقهية (164) وانظر الشرح الكبير للدردير 3 / 10، وحاشية العدوي على الخرشي 5 / 15.
لَا يُقْصَدُ مِنْهَا غَيْرُ الْمَعْصِيَةِ، وَلَا نَفْعَ بِهَا شَرْعًا (1) .
وَالْحَنَابِلَةُ قَرَّرُوا أَنَّ كَسْرَ هَذِهِ الآْلَاتِ لَا يَسْتَوْجِبُ الضَّمَانَ، وَأَنَّهَا كَالْمَيْتَاتِ (2) .
وَتَحْرِيمُ بَيْعِ الْمَعَازِفِ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْل الْجُمْهُورِ بِتَحْرِيمِ الْمَعَازِفِ وَآلَاتِ اللَّهْوِ.
وَذَهَبَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ إِلَى إِبَاحَتِهَا إِذَا لَمْ يُلَابِسْهَا مُحَرَّمٌ، فَيَكُونُ بَيْعُهَا عِنْدَ هَؤُلَاءِ مُبَاحًا (3) .
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (مَعَازِفُ) .
وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ - خِلَافًا لِصَاحِبَيْهِ - أَنَّهُ يَصِحُّ بَيْعُ آلَاتِ اللَّهْوِ كُلِّهَا، وَهُوَ أَيْضًا قَوْلٌ ضَعِيفٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، مُقَيَّدٌ بِأَنْ يُمْكِنَ اعْتِبَارُ مُكَسَّرِهَا مَالاً، فَفِيهَا نَفْعٌ مُتَوَقَّعٌ عِنْدَئِذٍ (4) .
وَفِي الْوَقْتِ الَّذِي يَرَى الصَّاحِبَانِ أَنَّ آلَاتِ اللَّهْوِ مُعَدَّةٌ لِلْمَعْصِيَةِ، مَوْضُوعَةٌ لِلْفِسْقِ وَالْفَسَادِ
- كَمَا هُوَ تَعْبِيرُ الْكَاسَانِيِّ - فَلَا تَكُونُ أَمْوَالاً فَيَبْطُل تَقَوُّمُهَا، كَالْخَمْرِ. يَرَى أَبُو حَنِيفَةَ أَنَّهَا أَمْوَالٌ لِصَلَاحِيَتِهَا لِمَا يَحِل مِنْ وُجُوهِ الاِنْتِفَاعِ، بِأَنْ تُجْعَل ظُرُوفًا لأَِشْيَاءَ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الْمَصَالِحِ، وَإِنْ صَلَحَتْ لِمَا لَا يَحِل فَصَارَتْ كَالأَْمَةِ الْمُغَنِّيَةِ،
(1) شرح المحلي على المنهاج 2 / 158، وشرح المنهج بحاشية الجمل 3 / 27.
(2)
المغني 5 / 445، 446، وانظر كشاف القناع 3 / 155.
(3)
الدر المختار 5 / 135، وتحفة المحتاج 4 / 239.
(4)
شرح المحلي على المنهاج 2 / 158.