الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَعْرِضُ - لاِخْتِلَافِ حُكْمِهِمَا بِاخْتِلَافِ أَسْبَابِ الْفَسْخِ وَالاِنْفِسَاخِ وَغَيْرِ ذَلِكَ - مَا يَقْتَضِي فَسْخَ أَحَدِهِمَا، فَيَحْتَاجُ إِلَى التَّوْزِيعِ، وَيَلْزَمُ الْجَهْل عِنْدَ الْعَقْدِ بِمَا يَخُصُّ كُلًّا مِنْهُمَا مِنَ الْعِوَضِ، وَذَلِكَ مَحْذُورٌ، غَيْرَ أَنَّهُ إِنْ كَانَ أَحَدُ الْعَقْدَيْنِ نِكَاحًا صَحَّ بِمَهْرِ الْمِثْل. لأَِنَّ التَّسْمِيَةَ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ فِي صِحَّتِهِ. (1)
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ - عَلَى الْمَشْهُورِ عِنْدَهُمْ - التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَجْتَمِعَ مَعَ الْبَيْعِ صَرْفٌ وَلَا جِعَالَةٌ وَلَا مُسَاقَاةٌ وَلَا شَرِكَةٌ وَلَا قِرَاضٌ وَلَا نِكَاحٌ وَلَا سَلَفٌ، وَلَا يَجُوزُ اجْتِمَاعُ شَيْءٍ مِنْهَا مَعَ غَيْرِهِ مِنْهَا. وَالسَّلَفُ لَا يَجْتَمِعُ مَعَهُ أَيْضًا صَدَقَةٌ أَوْ هِبَةٌ أَوْ نَحْوُهُمَا مِنْ جَانِبِ الْمُتَسَلِّفِ (2)
النَّوْعُ الْخَامِسُ:
اشْتِرَاطُ مَنْفَعَةٍ لأَِحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ:
14 -
وَمِثَالُهُ أَنْ يَقُول: بِعْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ عَلَى أَنْ أَسْكُنَهَا سَنَةً، أَوْ قَال: بِعْتُكَ هَذِهِ الدَّابَّةَ عَلَى أَنْ أَسْتَخْدِمَهَا شَهْرًا. وَقَدْ أَدْخَل الْحَنَفِيَّةُ هَذَا النَّوْعَ فِي الْبَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةِ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ، وَقَالُوا: بِأَنَّهُ يَفْسُدُ الْبَيْعُ لِذَلِكَ، وَلأَِنَّهُ مِنْ بَابِ الْبَيْعِ وَالشَّرْطِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ (ر: الْبَيْع وَالشَّرْط) .
وَوَجْهُ كَوْنِهِ مِنَ الْبَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ - كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ - أَنَّهُ لَوْ كَانَتِ الْخِدْمَةُ
(1) المغني 4 / 236، وشرح المنتهى 4 / 154، ونهاية المحتاج 3 / 466 - 468، وشرح المحلي على المنهاج 2 / 188.
(2)
الحطاب 4 / 313.
وَالسُّكْنَى يُقَابِلُهُمَا شَيْءٌ مِنَ الثَّمَنِ، بِأَنْ يُعْتَبَرَ الْمُسَمَّى ثَمَنًا بِإِزَاءِ الْمَبِيعِ، وَأُجْرَةً بِإِزَاءِ الْخِدْمَةِ وَالسُّكْنَى، يَكُونُ إِجَارَةً فِي بَيْعٍ. وَلَوْ كَانَ لَا يُقَابِلُهُمَا شَيْءٌ يَكُونُ إِعَارَةً فِي بَيْعٍ. وَوَجْهُ كَوْنِهِ رِبًا: أَنَّ الْمَشْرُوطَ زِيَادَةٌ فِي الْعَقْدِ عَارِيَّةً عَنِ الْعِوَضِ، وَهُوَ مَعْنَى الرِّبَا. (1)
وَمِثْلُهُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ مَا لَوْ بَاعَ شَجَرًا عَلَيْهِ ثَمَرٌ، اشْتُرِطَ بَقَاءُ الثَّمَرِ عَلَى الشَّجَرِ مُدَّةً. وَوَجْهُ مَنْعِهِ أَنَّهُ يَكُونُ إِجَارَةً أَوْ إِعَارَةً فِي بَيْعٍ، فَيَكُونُ مِنْ بَابِ صَفْقَتَيْنِ فِي صَفْقَةٍ كَذَلِكَ. (2)
وَيُوَافِقُ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّ هَذَا الْبَيْعَ مَمْنُوعٌ، وَأَنَّ مِثْل هَذَا الشَّرْطِ يُفْسِدُ الْعَقْدَ، لأَِنَّهُ مِنْ بَابِ الْبَيْعِ وَالشَّرْطِ.
أَمَّا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ: فَهُوَ بَيْعٌ جَائِزٌ، حَيْثُ كَانَتِ الْمَنْفَعَةُ الْمَشْرُوطَةُ مَعْلُومَةً. وَقَالُوا: قَدْ صَحَّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ رضي الله عنه أَنَّهُ بَاعَ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم جَمَلاً وَاسْتَثْنَى حَمْلَهُ إِلَى الْمَدِينَةِ وَلأَِنَّهُ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الثُّنْيَا إِلَاّ أَنْ تُعْلَمَ (3)
(1) الهداية وفتح القدير 6 / 78 - 80.
(2)
الاختيار لتعليل المختار 2 / 7 ط ثالثة، وابن عابدين 4 / 39، 121.
(3)
المغني 4 / 96 - 98، ونيل المآرب 1 / 399 نشر مكتبة الفلاح بالكويت 1403 هـ، وجواهر الإكليل 2 / 186، 187. وحديث جابر أخرجه البخاري (فتح الباري 5 / 314 ط السلفية) . وحديث. " النهي عن الثنيا " أخرجه الترمذي (3 / 585 ط الحلبي) .