الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَيَحْتَاجَ إِلَى كَيْلٍ وَاحِدٍ، إِمَّا كَيْل الْمُشْتَرِي، أَوْ كَيْل الْبَائِعِ بِحَضْرَتِهِ؛ لأَِنَّ الْكَيْل شَرْطٌ لِجَوَازِ التَّصَرُّفِ فِيمَا بِيعَ مُكَايَلَةً، لِمَكَانِ الْحَاجَةِ إِلَى تَعْيِينِ الْمِقْدَارِ الْوَاقِعِ مَبِيعًا، وَأَمَّا الْمُجَازَفَةُ فَلَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ.
فَبِنَاءً عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ الأَْخِيرَةِ، تَخْرُجُ هَذِهِ الصُّورَةُ الَّتِي حَقَّقَهَا ابْنُ عَابِدِينَ رحمه الله وَهِيَ:
إِذَا مَلَكَ زَيْدٌ طَعَامًا، بِيعَ مُجَازَفَةً أَوْ بِإِرْثٍ وَنَحْوِهِ، ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ عَمْرٍو مُكَايَلَةً سَقَطَ هُنَا صَاعُ الْبَائِعِ؛ لأَِنَّ مِلْكَهُ الأَْوَّل لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْكَيْل، وَبَقِيَ الاِحْتِيَاجُ إِلَى كَيْلٍ لِلْمُشْتَرِي فَقَطْ، فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ مِنْ عَمْرٍو بِلَا كَيْلٍ، فَهُنَا فَسَدَ الْبَيْعُ الثَّانِي فَقَطْ. ثُمَّ إِذَا بَاعَهُ عَمْرٌو مِنْ بَكْرٍ، فَلَا بُدَّ مِنْ كَيْلٍ آخَرَ لِبَكْرٍ، فَهُنَا فَسَدَ الْبَيْعُ الأَْوَّل وَالثَّانِي، لِوُجُودِ الْعِلَّةِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا (1) .
52 -
وَبِصَدَدِ الْكَيْل الْمُعْتَبَرِ شَرْعًا، نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ:
أ - لَا مُعْتَبَرَ بِكَيْل الْبَائِعِ قَبْل الْبَيْعِ مِنَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي، وَإِنْ كَانَ كَالَهُ لِنَفْسِهِ بِحَضْرَةِ الْمُشْتَرِي عَنْ شِرَائِهِ هُوَ، لأَِنَّهُ لَيْسَ صَاعَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي، وَهُوَ الشَّرْطُ بِالنَّصِّ.
ب - وَلَا مُعْتَبَرَ بِكَيْلِهِ بَعْدَ الْبَيْعِ الثَّانِي، بِغَيْبَةِ الْمُشْتَرِي؛ لأَِنَّ الْكَيْل مِنْ بَابِ التَّسْلِيمِ؛ لأَِنَّ بِهِ
(1) شرح العناية على الهداية 6 / 139، 140 بتصرف
يَصِيرُ الْمَبِيعُ مَعْلُومًا، وَلَا تَسْلِيمَ إِلَاّ بِحَضْرَتِهِ.
ج - وَإِنْ كَالَهُ أَوْ وَزَنَهُ بَعْدَ الْبَيْعِ، بِحَضْرَةِ الْمُشْتَرِي، فَفِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ:
- قِيل: لَا يُكْتَفَى بِهِ، وَلَا بُدَّ مِنَ الْكَيْل أَوِ الْوَزْنِ مَرَّتَيْنِ، احْتِجَاجًا بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ.
- وَقَال عَامَّتُهُمْ: كَفَاهُ ذَلِكَ، حَتَّى يَحِل لِلْمُشْتَرِي التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْل كَيْلِهِ وَوَزْنِهِ إِذَا قَبَضَهُ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ؛ لأَِنَّ الْغَرَضَ مِنَ الْكَيْل وَالْوَزْنِ صَيْرُورَةُ الْمَبِيعِ مَعْلُومًا، وَقَدْ حَصَل ذَلِكَ بِكَيْلٍ وَاحِدٍ، وَتَحَقَّقَ مَعْنَى التَّسْلِيمِ.
وَقَدْ بَحَثَ الْبَابَرْتِيُّ، فِي الاِكْتِفَاءِ بِالْكَيْل الْوَاحِدِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَنَظَرَ إِلَى تَعْلِيل الْحُكْمِ فِي الأَْصْل، بِاحْتِمَال الزِّيَادَةِ عَلَى الْمَشْرُوطِ، وَقَرَّرَ: أَنَّ مُقْتَضَى ذَلِكَ الاِكْتِفَاءُ بِالْكَيْل الْوَاحِدِ فِي أَوَّل الْمَسْأَلَةِ أَيْضًا، وَقَال: وَلَوْ ثَبَتَ أَنَّ وُجُوبَ الْكَيْلَيْنِ عَزِيمَةٌ، وَالاِكْتِفَاءَ بِالْكَيْل الْوَاحِدِ رُخْصَةٌ، أَوْ قِيَاسٌ وَاسْتِحْسَانٌ، لَكَانَ ذَلِكَ مَدْفَعًا جَارِيًا عَلَى الْقَوَانِينِ (أَيِ الْقَوَاعِدِ) لَكِنْ لَمْ أَظْفَرْ بِذَلِكَ (1) .
ز -
بَيْعُ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ:
53 -
الْكَالِئُ مَأْخُوذٌ مِنْ: كَلأََ الدَّيْنَ يَكْلأَُ، مَهْمُوزٌ بِفَتْحَتَيْنِ، كُلُوءًا: إِذَا تَأَخَّرَ، فَهُوَ كَالِئٌ
(1) الهداية وفتح القدير مع شرح العناية 6 / 140، 141، وتبيين الحقائق 4 / 82
بِالْهَمْزِ، وَيَجُوزُ تَخْفِيفُهُ، فَيَصِيرُ مِثْل الْقَاضِي.
وَكَانَ الأَْصْمَعِيُّ لَا يَهْمِزُهُ. قَال: هُوَ مِثْل الْقَاضِي، وَلَا يَجُوزُ هَمْزُهُ.
وَبَيْعُ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ هُوَ: بَيْعُ النَّسِيئَةِ بِالنَّسِيئَةِ.
قَال أَبُو عُبَيْدٍ: صُورَتُهُ: أَنْ يُسَلِّمَ الرَّجُل الدَّرَاهِمَ فِي طَعَامٍ إِلَى أَجَلٍ، فَإِذَا حَل الأَْجَل يَقُول الَّذِي عَلَيْهِ الطَّعَامُ: لَيْسَ عِنْدِي طَعَامٌ وَلَكِنْ بِعْنِي إِيَّاهُ إِلَى أَجَلٍ. فَهَذِهِ نَسِيئَةٌ انْقَلَبَتْ إِلَى نَسِيئَةٍ. فَلَوْ قَبَضَ الطَّعَامَ، ثُمَّ بَاعَهُ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ، لَمْ يَكُنْ كَالِئًا بِكَالِئٍ (1) .
وَلَا يَخْرُجُ الْمَعْنَى الشَّرْعِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ، إِذْ هُوَ بَيْعُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ (2) .
وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْهُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ، وَقَال: هُوَ النَّسِيئَةُ بِالنَّسِيئَةِ (3) .
وَفُسِّرَ أَيْضًا بِبَيْعِ الدَّيْنِ، كَمَا وَرَدَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي رِوَايَةٍ.
(1) المصباح المنير ومختار الصحاح مادة: " كلأ "
(2)
انظر على سبيل المثال كفاية الطالب 2 / 166، وشرح المحلي على المنهاج 2 / 215، والشرح الكبير في ذيل المغني 4 / 165
(3)
حديث: " نهى عن بيع الكالئ بالكالئ " أخرجه البيهقي (5 / 290 ط دار المعارف العثمانية) وضعفه ابن حجر في بلوغ المرام (ص 193 ط عبد المجيد حنفي)
وَفِي بَيْعِ الدَّيْنِ صُورَتَانِ: بَيْعُهُ مِنَ الْمَدِينِ نَفْسِهِ، وَبَيْعُهُ مِنْ غَيْرِهِ.
وَلَا يَخْتَلِفُ الْفُقَهَاءُ فِي عَدَمِ جَوَازِ بَيْعِ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ.
وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ بَيْعِهِ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ، وَجُمْهُورُهُمْ - بِوَجْهٍ عَامٍّ - لَا يُجِيزُهُ، إِلَاّ فِي أَحْوَالٍ مُعَيَّنَةٍ، خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ.
وَفِيمَا يَلِي عَرْضٌ لأَِهَمِّ الصُّوَرِ وَالتَّقَاسِيمِ الَّتِي يَطْرَحُهَا الْفُقَهَاءُ فِي هَذَا الصَّدَدِ، مَعَ تِبْيَانِ أَحْكَامِهَا.
54 -
مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ: وَيَتَّخِذُ الْعَقْدُ عَلَى الدَّيْنِ عِنْدَهُمْ صُوَرًا شَتَّى:
أ - فَسْخُ مَا فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ أَيْ إِسْقَاطُهُ فِي شَيْءٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ عَنْ وَقْتِ الْفَسْخِ، سَوَاءٌ أَحَل الدَّيْنُ الْمَفْسُوخُ أَمْ لَا، إِنْ كَانَ الْمُؤَخَّرُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ أَوْ مِنْ جِنْسِهِ بِأَكْثَرَ مِنْهُ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْمَفْسُوخُ فِيهِ مُعَيَّنًا كَالْعَقَارِ، أَمْ كَانَ مَنَافِعَ ذَاتٍ مُعَيَّنَةٍ كَرُكُوبِ دَابَّةٍ. فَهَذَا غَيْرُ جَائِزٍ، وَهُوَ مِنْ رِبَا الْجَاهِلِيَّةِ، وَهُوَ أَشَدُّ الأَْنْوَاعِ تَحْرِيمًا، وَتَحْرِيمُهُ بِالْكِتَابِ.
ب - بَيْعُ الدَّيْنِ بِدَيْنٍ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ وَلَوْ حَالاً: وَهَذَا مَمْنُوعٌ بِالسُّنَّةِ.
فَمَنْ لَهُ دَيْنٌ عَلَى زَيْدٍ، وَلآِخَرَ دَيْنٌ عَلَى عَمْرٍو، فَبَاعَ كُلٌّ مِنْهُمَا دَيْنَهُ بِدِينٍ صَاحِبِهِ، كَانَ مُحَرَّمًا بِالسُّنَّةِ، وَهُوَ فَاسِدٌ.
أَمَّا بَيْعُهُ بِمُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ كَعَقَارٍ، أَوْ بِمَنْفَعَةِ ذَاتٍ مُعَيَّنَةٍ، كَمَا لَوْ كَانَ لِزَيْدٍ دَيْنٌ عَلَى عَمْرٍو،
فَبَاعَ زَيْدٌ ذَلِكَ الدَّيْنَ لِخَالِدٍ بِمَا ذُكِرَ، فَإِنَّهُ جَائِزٌ.
وَقَدِ اعْتُبِرَ الْعَقَارُ وَمَنَافِعُ الذَّاتِ الْمُعَيَّنَةِ مِنْ قَبِيل الْحَاضِرِ وَلَوْ تَأَخَّرَ تَسْلِيمُهُ؛ لأَِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِمَّا يُضْمَنُ فِي الذِّمَّةِ إِذْ لَا تَثْبُتُ الْمُعَيَّنَاتُ فِي الذِّمَّةِ فَهُمَا نَقْدٌ بِهَذَا الْمَعْنَى. أَيْ حَاضِرٌ يُنْقَدُ وَلَا يَثْبُتُ بِالذِّمَّةِ.
ج - تَأْخِيرُ رَأْسِ مَال السَّلَمِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَهُوَ عَيْنٌ، فَهَذَا مَنْهِيٌّ عَنْهُ غَيْرُ جَائِزٍ، لِمَا فِيهِ مِنَ ابْتِدَاءِ دَيْنٍ بِدَيْنٍ. وَوَجْهُ كَوْنِ هَذَا مِنَ ابْتِدَاءِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ، أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا شَغَل ذِمَّةَ صَاحِبِهِ بِدَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ (1) .
أَمَّا لَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَال غَيْرَ عَيْنٍ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، إِنْ لَمْ يَكُنْ بِشَرْطٍ.
فَكُل وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ يُقَال لَهُ بَيْعُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ لُغَةً، إِلَاّ أَنَّ فُقَهَاءَ الْمَالِكِيَّةِ سَمُّوا كُل وَاحِدٍ مِنْهَا بِاسْمٍ يَخُصُّهُ.
هَذِهِ أَقْسَامُ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَأَحْكَامُهَا.
أَمَّا بَيْعُ الدَّيْنِ بِالنَّقْدِ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ، إِلَاّ إِذَا كَانَ الْمَدِينُ حَيًّا حَاضِرًا فِي الْبَلَدِ، وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ مَجْلِسَ الْبَيْعِ، وَأَقَرَّ بِالدَّيْنِ، وَكَانَ مِمَّنْ تَأْخُذُهُ الأَْحْكَامُ (أَيْ مِنَ الْمُكَلَّفِينَ) ، وَبِيعَ الدَّيْنُ بِغَيْرِ جِنْسِهِ، أَوْ بِيعَ بِجِنْسِهِ وَكَانَ مُتَسَاوِيًا، لَا أَنْقَصَ وَلَا أَزْيَدَ، وَلَيْسَ ذَهَبًا بِفِضَّةٍ وَلَا عَكْسَهُ، وَلَيْسَ بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَالْمَدِينِ عَدَاوَةٌ.
(1) حاشية الدسوقي 3 / 61 - 63 مع تعليقات الشيخ عليش
وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ مِمَّا يَجُوزُ أَنْ يُبَاعَ قَبْل قَبْضِهِ، وَهَذَا احْتِرَازٌ مِنْ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ.
قَال الدُّسُوقِيُّ: فَإِنْ وُجِدَتْ تِلْكَ الشُّرُوطُ جَازَ بَيْعُهُ، وَإِنْ تَخَلَّفَ شَرْطٌ مِنْهَا مُنِعَ الْبَيْعُ (1) .
55 -
وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ الْجَدِيدُ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ: جَوَازُ الاِسْتِبْدَال عَنِ الثَّمَنِ الَّذِي فِي الذِّمَّةِ.
وَمَذْهَبُهُ الْقَدِيمُ هُوَ الْمَنْعُ (2) .
وَدَلِيل الْمَذْهَبِ الْجَدِيدِ، وَهُوَ نَفْسُهُ دَلِيل الْحَنَابِلَةِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ، حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَال: كُنْتُ أَبِيعُ الإِْبِل بِالدَّنَانِيرِ، وَآخُذُ مَكَانَهَا الدَّرَاهِمَ، وَأَبِيعُ بِالدَّرَاهِمِ، وَآخُذُ مَكَانَهَا الدَّنَانِيرَ، فَأَتَيْتُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَال: لَا بَأْسَ إِذَا تَفَرَّقْتُمَا وَلَيْسَ بَيْنَكُمَا شَيْءٌ (3) .
قَالُوا: وَهَذَا تَصَرُّفٌ فِي الثَّمَنِ قَبْل قَبْضِهِ، وَهُوَ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ (4) .
وَدَلِيل الْمَذْهَبِ الْقَدِيمِ: حَدِيثُ: إِذَا
(1) نفس المراجع
(2)
شرح المحلي على المنهاج 2 / 214، وشرح المنهج 3 / 164، والمغني 4 / 220، 221
(3)
حديث ابن عمر: " كنت أبيع الإبل. . . " أخرجه أبو داود (3 / 651 تحقيق عزت عبيد دعاس) . ونقل البيهقي عن شعبة أنه أعله بالوقف على ابن عمر. (التلخيص لابن حجر 3 / 26 ط شركة الطباعة الفنية)
(4)
المغني 4 / 221
اشْتَرَيْتَ بَيْعًا فَلَا تَبِعْهُ حَتَّى تَقْبِضَهُ (1) .
فَإِنِ اسْتَبْدَل بِمُوَافِقٍ فِي عِلَّةِ الرِّبَا، كَدَرَاهِمَ بِدَنَانِيرَ، اشْتُرِطَ قَبْضُ الْبَدَل فِي الْمَجْلِسِ.
وَإِنِ اسْتَبْدَل بِغَيْرِ مُوَافِقٍ فِي عِلَّةِ الرِّبَا، كَمَا لَوِ اشْتَرَى ثَوْبًا بِدَرَاهِمَ فِي الذِّمَّةِ، لَمْ يُشْتَرَطْ ذَلِكَ (2) .
أَمَّا بَيْعُ الدَّيْنِ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ، فَبَاطِلٌ فِي الأَْظْهَرِ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ بَاطِلٌ أَيْضًا فِي مَذْهَبِ الْحَنَابِلَةِ. كَمَا لَوِ اشْتَرَى ثَوْبًا مِنْ زَيْدٍ بِمِائَةٍ لَهُ عَلَى عَمْرٍو، وَذَلِكَ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ.
وَفِي قَوْلٍ ثَانٍ لِلشَّافِعِيَّةِ، يَصِحُّ، وَصَحَّحَهُ فِي أَصْل الرَّوْضَةِ، مُخَالِفًا لِلرَّافِعِيِّ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، نَظَرًا لاِسْتِقْرَارِ الدَّيْنِ، كَبَيْعِهِ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ.
لَكِنْ يُشْتَرَطُ فِي هَذَا قَبْضُ الْعِوَضَيْنِ فِي الْمَجْلِسِ، فَلَوْ تَفَرَّقَا قَبْل قَبْضِ أَحَدِهِمَا فِي الْبَيْعِ. وَإِنْ كَانَ مُقْتَضَى كَلَامِ الأَْكْثَرِينَ يُخَالِفُهُ، كَمَا ذَكَرَهُ الْمَحَلِّيُّ (3) .
أَمَّا لَوْ كَانَ لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو دَيْنَانِ عَلَى شَخْصٍ، فَبَاعَ زَيْدٌ عَمْرًا دَيْنَهُ بِدَيْنِهِ، بَطَل قَطْعًا بِلَا خِلَافٍ، اتَّفَقَ الْجِنْسُ أَوِ اخْتَلَفَ، وَذَلِكَ لِحَدِيثِ
(1) حديث: " إذا اشتريت بيعا فلا تبعه حتى تقبضه. . . " أخرجه أحمد (3 / 402 ط الميمنية) وصححه ابن حبان كما في نصب الراية (4 / 33 ط المجلس العلمي بالهند)
(2)
شرح المحلي على المنهاج 2 / 214، وشرح المنهج بحاشية الجمل 3 / 164 و 165، وتحفة المحتاج 4 / 406 - 407
(3)
شرح المحلي 2 / 215، وانظر كشاف القناع 3 / 265
ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ (1) .
56 -
وَمَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ بُطْلَانُ بَيْعِ الدَّيْنِ بِدَيْنٍ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِ مُطْلَقًا.
وَذَكَرُوا لَهُ صُوَرًا، سِوَى مَا وَافَقُوا فِيهِ مَذْهَبَ الشَّافِعِيَّةِ مِنْ بَعْضِ الصُّوَرِ مِمَّا ذَكَرْنَا. وَقَال فِي ابْنِ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ أَهْل الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ بَيْعَ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ لَا يَجُوزُ. وَقَال أَحْمَدُ: إِنَّمَا هُوَ إِجْمَاعٌ (2)
57 -
بَقِيَ أَنْ نُشِيرَ إِلَى مَوْقِفِ الْحَنَفِيَّةِ الْمُتَمَيِّزِ بِالتَّفْرِقَةِ بَيْنَ بَيْعِ الدَّيْنِ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ، وَبَيْنَ بَيْعِهِ مِنْ غَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ، وَأَنَّ التَّصَرُّفَ الْجَائِزَ فِي الدَّيْنِ، هُوَ تَمْلِيكُهُ مِمَّنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ، وَلَوْ بِعِوَضٍ، وَلَا يَجُوزُ مِنْ غَيْرِهِ كَمَا نَقَلَهُ الْحَصْكَفِيُّ عَنِ ابْنِ مَلِكٍ.
وَاسْتَثْنَوْا ثَلَاثَ صُوَرٍ أَجَازُوا فِيهَا تَمْلِيكَ الدَّيْنِ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ.
الأُْولَى: إِذَا سَلَّطَ الدَّائِنُ غَيْرَهُ عَلَى قَبْضِ الدَّيْنِ، فَيَكُونُ وَكِيلاً قَابِضًا لِلْمُوَكِّل، ثُمَّ لِنَفْسِهِ.
الثَّانِيَةُ: الْحَوَالَةُ وَاسْتِثْنَاءُ جَوَازِهَا إِجْمَاعٌ - كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّافِعِيَّةُ.
(1) حديث: " نهى عن بيع الكالئ بالكالئ ". تقدم تخريجه (فقرة 53)
(2)
كشاف القناع 3 / 265، والشرح الكبير في ذيل المغني 4 / 172