الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَرَّرَا أَنَّ الْمُعْتَادَ هُوَ التَّرْكُ بِلَا شَرْطٍ، وَالإِْذْنُ فِي تَرْكِهِ بِلَا شَرْطٍ فِي الْعَقْدِ، لَا شَرْطِ التَّرْكِ. فَفِي نَقْل الْكَرْلَانِيِّ عَنِ الأَْسْرَارِ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْل مُحَمَّدٍ، وَهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ الطَّحَاوِيُّ، لِعُمُومِ الْبَلْوَى (1) .
78 -
وَإِذَا اشْتَرَى الثَّمَرَةَ مُطْلَقًا، فَلَمْ يَشْتَرِطِ التَّرْكَ وَلَا الْقَطْعَ، وَلَمْ يَتَنَاهَ عِظَمُهَا، ثُمَّ تَرَكَهَا: فَإِنْ كَانَ التَّرْكُ بِإِذْنٍ مُجَرَّدٍ مِنَ الْبَائِعِ، طَابَ لَهُ الْفَضْل وَالأَْكْل. وَإِنْ كَانَ التَّرْكُ بِإِذْنٍ فِي ضِمْنِ الإِْجَارَةِ، بِأَنِ اسْتَأْجَرَ الأَْشْجَارَ إِلَى وَقْتِ الإِْدْرَاكِ، طَابَ لَهُ الْفَضْل أَيْضًا؛ لأَِنَّ الإِْجَارَةَ بَاطِلَةٌ، لِعَدَمِ التَّعَارُفِ بَيْنَ النَّاسِ عَلَى اسْتِئْجَارِ الأَْشْجَارِ، وَلِعَدَمِ حَاجَةِ الْمُشْتَرِي إِلَى اسْتِئْجَارِ الأَْشْجَارِ، لأَِنَّهُ يُمْكِنُهُ شِرَاءُ الثِّمَارِ مَعَ أُصُولِهَا، وَالأَْصْل فِي الْقِيَاسِ بُطْلَانُ الإِْجَارَةِ، وَأُجِيزَتْ شَرْعًا لِلْحَاجَةِ فِيمَا فِيهِ تَعَامُلٌ، وَلَا تَعَامُل فِي إِجَارَةِ الأَْشْجَارِ الْمُجَرَّدَةِ، فَبَقِيَ الإِْذْنُ.
أَمَّا لَوْ تَرَكَهَا بِغَيْرِ إِذْنِهِ، فَإِنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِمَا زَادَ فِي ذَاتِهِ، لِحُصُولِهِ بِجِهَةِ مَحْظُورِهِ، وَهِيَ حُصُولُهَا بِقُوَّةِ الأَْرْضِ الْمَغْصُوبَةِ، فَيُقَوَّمُ ذَلِكَ قَبْل الإِْدْرَاكِ وَبَعْدَهُ، وَيَتَصَدَّقُ بِفَضْل مَا بَيْنَهُمَا.
أَمَّا إِذَا اشْتَرَى الثَّمَرَةَ بَعْدَمَا تَنَاهَى عِظَمُهَا، وَتَرَكَهَا، فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِشَيْءٍ؛ لأَِنَّ
(1) الهداية وشروحها 5 / 489، وتبيين الحقائق 4 / 12، والدر المختار، ورد المحتار 4 / 39
هَذَا تَغَيُّرُ حَالَةٍ، لَا تَحَقُّقُ زِيَادَةٍ (1) .
هَل يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ بَيْعِ الثَّمَرِ بُدُوُّ صَلَاحِ كُلِّهِ
؟
79 -
يُمْكِنُ الْقَوْل بِوَجْهٍ عَامٍّ، أَنَّهُ يَكْفِي لِصِحَّةِ الْبَيْعِ بُدُوُّ صَلَاحِ بَعْضِهِ - وَإِنْ قَل - لِبَيْعِ كُلِّهِ، بِشَرْطِ اتِّحَادِ الْعَقْدِ وَالْجِنْسِ وَالْبُسْتَانِ، وَالْحَمْل عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ - كَالشَّافِعِيَّةِ - أَوِ الْجِنْسِ عِنْدَ آخَرِينَ - كَالْمَالِكِيَّةِ - وَإِنْ شَرَطَ بَعْضُهُمْ خِلَافًا لآِخَرِينَ صَلَاحَ كُلِّهِ، فَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُ إِلَاّ بَيْعُ مَا بَدَا صَلَاحُهُ (2) . وَفِي الْمَسْأَلَةِ تَفْصِيلٌ نَذْكُرُهُ فِيمَا يَلِي:
أَوَّلاً:
إِنْ كَانَتْ شَجَرَةٌ وَاحِدَةٌ، وَبَدَا الصَّلَاحُ فِي بَعْضِ ثَمَرِهَا، جَازَ بَيْعُ جَمِيعِهَا بِذَلِكَ، قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَلَا أَعْلَمُ فِيهِ اخْتِلَافًا.
ثَانِيًا:
وَإِنْ بَدَا الصَّلَاحُ فِي شَجَرَةٍ وَاحِدَةٍ، فَهَل يَجُوزُ بَيْعُ سَائِرِ مَا فِي الْبُسْتَانِ مِنْ ذَلِكَ النَّوْعِ؟ فِيهِ قَوْلَانِ:
الأَْوَّل: مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ، وَمِنْهُمْ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، وَهُوَ الأَْظْهَرُ مِنْ مَذْهَبِ الْحَنَابِلَةِ: أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ جَمِيعِ الثَّمَرِ مِنْ ذَلِكَ النَّوْعِ، وَوَجْهُهُ:
(1) الهداية وشروحها 5 / 489، 490، وتبيين الحقائق 4 / 12، وبدائع الصنائع 5 / 166
(2)
شرح المحلي على المنهاج وحاشية القليوبي عليه 2 / 236، وانظر تحفة المحتاج بشرح المنهاج، وحاشية الشرواني 4 / 467، والشرح الكبير للدردير بحاشية الدسوقي عليه 3 / 177، والمغني مع الشرح الكبير 4 / 205، والدر المختار ورد المحتار 4 / 39