الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصَّلَاحِ، بِشَرْطِ التَّرْكِ وَالتَّبْقِيَةِ عَلَى الشَّجَرِ حَتَّى تَنْضَجَ، فَلَا يَصِحُّ هَذَا الْبَيْعُ إِجْمَاعًا، لأَِنَّهُ شَرْطٌ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ، وَهُوَ شَغْل مِلْكِ الْغَيْرِ.
أَوْ هُوَ صَفْقَةٌ فِي صَفْقَةٍ أَوْ هُوَ إِعَارَةٌ أَوْ إِجَارَةٌ فِي بَيْعٍ.
وَعَلَّلَهُ ابْنُ قُدَامَةَ بِالنَّهْيِ عَنْهُ فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ، وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي الْفَسَادَ.
قَالُوا: وَمِثْل بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْل بُدُوِّ الصَّلَاحِ بِشَرْطِ التَّرْكِ، بَيْعُ الزَّرْعِ قَبْل أَنْ يَشْتَدَّ (1) .
الثَّالِثَةُ:
أَنْ يَبِيعَهَا بَعْدَ الظُّهُورِ، قَبْل بُدُوِّ الصَّلَاحِ بِشَرْطِ الْقَطْعِ فِي الْحَال، فَهَذَا الْبَيْعُ صَحِيحٌ بِالإِْجْمَاعِ، وَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِهِ (2) ، وَعَلَّلَهُ الْحَنَابِلَةُ بِأَنَّ الْمَنْعَ مِنَ الْبَيْعِ قَبْل بُدُوِّ الصَّلَاحِ، إِنَّمَا كَانَ خَوْفًا مِنْ تَلَفِ الثَّمَرَةِ، وَحُدُوثِ الْعَاهَةِ عَلَيْهَا قَبْل أَخْذِهَا، بِدَلِيل حَدِيثِ أَنَسٍ الْمَارِّ، وَقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيهِ: أَرَأَيْتَ إِذَا مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ، بِمَ يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ مَال أَخِيهِ (3) ؟ وَهَذَا مَأْمُونٌ فِيمَا يُقْطَعُ، فَصَحَّ بَيْعُهُ كَمَا لَوْ بَدَا صَلَاحُهُ.
(1) الدر المختار ورد المحتار 4 / 38، وانظر فتح القدير 5 / 488 - 490، وتبيين الحقائق 4 / 12، والشرح الكبير بحاشية الدسوقي 3 / 177، وانظر شرح المحلي على المنهاج 2 / 233، والمغني 4 / 202 وما بعدها
(2)
فتح القدير 5 / 488، والمغني 4 / 202، وكشاف القناع 3 / 281
(3)
حديث: " أرأيت إذا منع الله الثمرة. . . " تقدم تخريجه في التعليق على فقرة (71)
قَالُوا: وَالإِْجْمَاعُ عَلَى صِحَّةِ الْبَيْعِ فِي هَذِهِ الْحَال، مُخَصِّصٌ لِعُمُومِ الْمَنْعِ فِي مَفْهُومِ الْحَدِيثِ السَّابِقِ. وَفَارَقَ مَا بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ، لأَِمْنِ الْعَاهَةِ فِيهِ غَالِبًا، بِخِلَافِ مَا قَبْل بُدُوِّ الصَّلَاحِ، وَبِهَذَا الْفَارِقِ يُشْعِرُ الْحَدِيثُ الْوَارِدُ فِي وَضْعِ الْجَوَائِحِ (1)، وَهُوَ: لَوْ بِعْتَ مِنْ أَخِيكَ ثَمَرًا، فَأَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ - أَيْ آفَةٌ أَهْلَكَتِ الثَّمَرَةَ - فَلَا يَحِل لَكَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا، بِمَ تَأْخُذُ مَال أَخِيكَ بِغَيْرِ حَقٍّ (2) .
73 -
غَيْرَ أَنَّ الْفُقَهَاءَ قَيَّدُوا هَذَا الْحُكْمَ، وَهُوَ جَوَازُ بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْل بُدُوِّ صَلَاحِهَا بِشَرْطِ الْقَطْعِ فِي الْحَال، بِقُيُودٍ بَعْضُهَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَبَعْضُهَا انْفَرَدَ بِهِ فَرِيقٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ، نُشِيرُ إِلَيْهَا فِيمَا يَلِي:
الشَّرْطُ الأَْوَّل:
أَنْ يَكُونَ الثَّمَرُ مُنْتَفَعًا بِهِ:
أ - فَالْحَنَفِيَّةُ - فِي الأَْصَحِّ مِنْ مَذْهَبِهِمْ - وَكَذَا الْمَالِكِيَّةُ عَلَى إِطْلَاقِ الاِنْتِفَاعِ بِهِ، وَصَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِشُمُول الاِنْتِفَاعِ لِمَا هُوَ فِي الْحَال أَوْ فِي الزَّمَانِ الثَّانِي، وَهُوَ الْمَآل، أَوْ فِي ثَانِي الْحَال - كَمَا يُعَبِّرُونَ.
فَمِثْل الْقَصِيل (وَهُوَ الْفَصْفَصَةُ الَّتِي يُعْلَفُ بِهَا الْحَيَوَانُ) وَالْحِصْرِمِ مِمَّا يَجُوزُ بَيْعُهُ، لاِنْتِفَاعِ
(1) المغني 4 / 202، وكشاف القناع 3 / 281، 282، وشرح المحلي على المنهاج وحاشية القليوبي عليه 2 / 233
(2)
حديث: " لو بعت من أخيك ثمرا. . . " أخرجه مسلم (3 / 1190 ط الحلبي)