الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نَسِيئَةً (1) فَمَا قُدِّمَ فِيهِ الثَّمَنُ وَأُجِّل فِيهِ تَسْلِيمُ الْمُثَمَّنِ، فَهُوَ السَّلَمُ، وَقَدْ وَرَدَ الشَّرْعُ بِجَوَازِهِ، وَانْعَقَدَ عَلَيْهِ الإِْجْمَاعُ، فَهَذَا مِثْلُهُ، لأَِنَّهُ تَأْجِيلٌ لأَِحَدِ الْعِوَضَيْنِ، وَهَذَا كُلُّهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ الْعِوَضَانِ مِمَّا يَجْرِي بَيْنَهُمَا رِبَا النَّسِيئَةِ، كَالذَّهَبِ بِالذَّهَبِ أَوْ بِالْفِضَّةِ، وَكَالْقَمْحِ بِالشَّعِيرِ.
هَذَا، غَيْرَ أَنَّ الإِْمَامَ أَحْمَدَ كَرِهَ أَنْ يَخْتَصَّ الرَّجُل بِالْبَيْعِ بِالنَّسِيئَةِ، لَا يَبِيعُ إِلَاّ بِهَا، وَلَا يَبِيعُ بِنَقْدٍ
قَال ابْنُ عَقِيلٍ: وَإِنَّمَا كَرِهَ النَّسِيئَةَ لِمُضَارَعَتِهَا الرِّبَا، فَإِنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْبَائِعَ بِنَسِيئَةٍ يَقْصِدُ الزِّيَادَةَ بِالأَْجَل، لَكِنَّ الْبَيْعَ بِنَسِيئَةٍ لَيْسَ بِمُحَرَّمٍ اتِّفَاقًا، وَلَا يُكْرَهُ إِلَاّ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ تِجَارَةٌ غَيْرُهُ. (2)
غَيْرَ أَنَّهُ إِنْ كَانَ الثَّمَنُ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ بِالنَّسِيئَةِ أَعْلَى مِنَ الثَّمَنِ الْحَاضِرِ لِتِلْكَ السِّلْعَةِ: فَقَدْ نُقِل الْخِلَافُ فِيهِ عَنْ زَيْنِ الْعَابِدِينَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، فَقَدْ نَقَل الشَّوْكَانِيُّ عَنْهُ: أَنَّهُ كَانَ يَرَى حُرْمَةَ بَيْعِ الشَّيْءِ بِأَكْثَرَ مِنْ سِعْرِ يَوْمِهِ لأَِجْل النَّسَاءِ. (3)
وَنَقَل صَاحِبُ سُبُل السَّلَامِ الْخِلَافَ فِيهِ عَنْ قَوْمٍ لَمْ يُسَمِّهِمْ. (4)
(1) تفسير القرطبي 3 / 377، وفتح القدير لابن الهمام 5 / 468.
(2)
المغني 4 / 176.
(3)
نيل الأوطار 5 / 172.
(4)
سبل السلام 3 / 16 ط رابعة 1370هـ.
قَال الشَّوْكَانِيُّ: مُتَمَسَّكُهُمْ رِوَايَةُ فَلَهُ أَوْكَسُهُمَا أَوِ الرِّبَا قَال: وَقَدْ عَرَفْتُ مَا فِي رَاوِيهِ مِنَ الْمَقَال، وَمَعَ ذَلِكَ فَالْمَشْهُورُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه اللَّفْظُ الَّذِي رَوَاهُ غَيْرُهُ، وَهُوَ النَّهْيُ عَنْ بَيْعَتَيْنِ، وَلَا حُجَّةَ فِيهِ عَلَى الْمَطْلُوبِ، ثُمَّ قَال: عَلَى أَنَّ غَايَةَ مَا فِيهَا الدَّلَالَةُ عَلَى الْمَنْعِ مِنَ الْبَيْعِ إِذَا وَقَعَ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ، وَهِيَ أَنْ يَقُول: نَقْدًا بِكَذَا وَنَسِيئَةً بِكَذَا، لَا إِذَا قَال مِنْ أَوَّل الأَْمْرِ: نَسِيئَةً بِكَذَا فَقَطْ، وَكَانَ أَكْثَرُ مِنْ سِعْرِ يَوْمِهِ. مَعَ أَنَّ الْمُتَمَسِّكِينَ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ يَمْنَعُونَ مِنْ هَذِهِ الصُّورَةِ، وَلَا يَدُل الْحَدِيثُ عَلَى ذَلِكَ، فَالدَّلِيل أَخَصُّ مِنَ الدَّعْوَى. وَظَاهِرُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ سِمَاكٍ (ر: ف 1) أَنَّهُ كَانَ يَرَى الْمُحَرَّمَ أَنْ يَقُول: هُوَ نَقْدًا بِكَذَا وَنَسِيئَةً بِكَذَا، فَدَلَالَةُ الْحَدِيثِ عَلَيْهِ مُطَابِقَةٌ. (1)
النَّوْعُ الثَّانِي:
الْبَيْعُ بِثَمَنَيْنِ مُعَجَّلٍ وَمُؤَجَّلٍ أَعْلَى مِنْهُ، مَعَ الإِْبْهَامِ:
6 -
إِذَا بَاعَ سِلْعَةً بِأَلْفٍ حَالَّةً أَوْ أَلْفٍ وَمِائَةٍ إِلَى سَنَةٍ، وَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ أَحَدُهُمَا، فَإِنْ عَيَّنَا أَحَدَ الثَّمَنَيْنِ قَبْل الاِفْتِرَاقِ جَازَ الْبَيْعُ، وَإِنِ افْتَرَقَا عَلَى الإِْبْهَامِ لَمْ يَجُزْ.
وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ كَمَا تَقَدَّمَ عَلَى أَنَّ هَذَا مِنَ
(1) نيل الأوطار 5 / 172. قال الشوكاني: وقد جمعنا في ذلك رسالة سميناها (شفاء الغلل في حكم الزياة في البيع لمجرد الأجل) وحققناها تحقيقا لم نسبق إليه.