الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَيْعُ الْوَفَاءِ
التَّعْرِيفُ:
1 -
الْبَيْعُ هُوَ: مُبَادَلَةُ مَالٍ بِمَالٍ. (1)
وَالْوَفَاءُ لُغَةً: ضِدُّ الْغَدْرِ، يُقَال: وَفَّى بِعَهْدِهِ وَأَوْفَى بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَالْوَفَاءُ: الْخُلُقُ الشَّرِيفُ الْعَالِي الرَّفِيعُ، وَأَوْفَى الرَّجُل حَقَّهُ وَوَفَّاهُ إِيَّاهُ بِمَعْنَى: أَكْمَلَهُ لَهُ وَأَعْطَاهُ وَافِيًا.
وَفِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ، بَيْعُ الْوَفَاءِ هُوَ: الْبَيْعُ بِشَرْطِ أَنَّ الْبَائِعَ مَتَى رَدَّ الثَّمَنَ يَرُدُّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ (بَيْعَ الْوَفَاءِ) لأَِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِالشَّرْطِ.
هَذَا، وَيُسَمِّيهِ الْمَالِكِيَّةُ " بَيْعَ الثُّنْيَا " وَالشَّافِعِيَّةُ " بَيْعَ الْعُهْدَةِ "(2) وَالْحَنَابِلَةُ " بَيْعَ الأَْمَانَةِ "(3) وَيُسَمَّى أَيْضًا " بَيْعَ الطَّاعَةِ "" وَبَيْعَ الْجَائِزِ " وَسُمِّيَ فِي بَعْضِ كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ " بَيْعَ الْمُعَامَلَةِ. (4) "
(1) مجلة الأحكام العدلية مادة: " 105 ".
(2)
الحطاب 4 / 373، وبغية المسترشدين ص 133.
(3)
كشاف القناع 3 / 149 - 150.
(4)
الفتاوى الهندية 3 / 209.
حُكْمُ بَيْعِ الْوَفَاءِ:
2 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ لِبَيْعِ الْوَفَاءِ.
فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَالْمُتَقَدِّمُونَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ إِلَى: أَنَّ بَيْعَ الْوَفَاءِ فَاسِدٌ؛ لأَِنَّ اشْتِرَاطَ الْبَائِعِ أَخْذَ الْمَبِيعِ إِذَا رَدَّ الثَّمَنَ إِلَى الْمُشْتَرِي يُخَالِفُ مُقْتَضَى الْبَيْعِ وَحُكْمَهُ، وَهُوَ مِلْكُ الْمُشْتَرِي لِلْمَبِيعِ عَلَى سَبِيل الاِسْتِقْرَارِ وَالدَّوَامِ. وَفِي هَذَا الشَّرْطِ مَنْفَعَةٌ لِلْبَائِعِ، وَلَمْ يَرِدْ دَلِيلٌ مُعَيَّنٌ يَدُل عَلَى جَوَازِهِ، فَيَكُونُ شَرْطًا فَاسِدًا يَفْسُدُ الْبَيْعُ بِاشْتِرَاطِهِ فِيهِ.
وَلأَِنَّ الْبَيْعَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَا يُقْصَدُ مِنْهُ حَقِيقَةُ الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْوَفَاءِ، وَإِنَّمَا يُقْصَدُ مِنْ وَرَائِهِ الْوُصُول إِلَى الرِّبَا الْمُحَرَّمِ، وَهُوَ إِعْطَاءُ الْمَال إِلَى أَجَلٍ، وَمَنْفَعَةُ الْمَبِيعِ هِيَ الرِّبْحُ، وَالرِّبَا بَاطِلٌ فِي جَمِيعِ حَالَاتِهِ.
وَذَهَبَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ إِلَى أَنَّ بَيْعَ الْوَفَاءِ جَائِزٌ مُفِيدٌ لِبَعْضِ أَحْكَامِهِ، وَهُوَ انْتِفَاعُ الْمُشْتَرِي بِالْمَبِيعِ - دُونَ بَعْضِهَا - وَهُوَ الْبَيْعُ مِنْ آخَرَ.
وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ: أَنَّ الْبَيْعَ بِهَذَا الشَّرْطِ تَعَارَفَهُ النَّاسُ وَتَعَامَلُوا بِهِ لِحَاجَتِهِمْ إِلَيْهِ، فِرَارًا مِنَ الرِّبَا، فَيَكُونُ صَحِيحًا لَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ بِاشْتِرَاطِهِ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا لِلْقَوَاعِدِ، لأَِنَّ