الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
زَوَال الشَّمْسِ، وَإِنْ لَمْ يَجْلِسِ الإِْمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ. وَلأَِنَّهُ لَوْ كَانَ تَحْرِيمُ الْبَيْعِ مُعَلَّقًا بِالْوَقْتِ، لَمَا اخْتُصَّ بِالزَّوَال، فَإِنَّ مَا قَبْلَهُ وَقْتٌ أَيْضًا، (1) لأَِنَّ وَقْتَ الْجُمُعَةِ عِنْدَ أَحْمَدَ هُوَ مَا بَيْنَ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ قَدْرَ رُمْحٍ إِلَى آخِرِ وَقْتِ الظُّهْرِ.
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ فِيهِ:
134 -
جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ عَنِ الْبَيْعِ عِنْدَ الأَْذَانِ هُوَ لِلتَّحْرِيمِ، صَرَّحَ بِهِ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ.
أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّ أَقَل أَحْوَال النَّهْيِ الْكَرَاهَةُ، وَأَنَّ تَرْكَ الْبَيْعِ وَاجِبٌ، فَيُكْرَهُ تَحْرِيمًا مِنَ الطَّرَفَيْنِ: الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي عَلَى الْمَذْهَبِ، وَيَصِحُّ إِطْلَاقُ الْحَرَامِ عَلَيْهِ، كَمَا عَبَّرَ الْمَرْغِينَانِيُّ وَيُفْتَرَضُ تَرْكُهُ، كَمَا عَبَّرَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ. (2)
قُيُودُ تَحْرِيمِ هَذَا الْبَيْعِ:
135 -
إِنَّ هَذَا النَّهْيَ الَّذِي اقْتَضَى التَّحْرِيمَ أَوِ الْكَرَاهَةَ، مُقَيَّدٌ بِقُيُودٍ:
أ - أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَغِل بِالْبَيْعِ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ، فَلَا يَحْرُمُ الْبَيْعُ عَلَى الْمَرْأَةِ وَالصَّغِيرِ وَالْمَرِيضِ، بَل نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّ هَذَا النَّهْيَ قَدْ خُصَّ مِنْهُ
(1) المغني 2 / 145.
(2)
انظر القوانين الفقهية (ص 57) ، وشرح المنهج بحاشية الجمل 2 / 54، وكشاف القناع 3 / 180، وحاشية الشلبي على تبيين الحقائق 4 / 68، وحاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح (282) ، وانظر الدر المختار (4 / 131) فقد عبر بكراهة التحريم، والهداية بشروحها (2 / 38) .
مَنْ لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِ. (1) وَمَعَ ذَلِكَ، فَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ أَبِي مُوسَى - مِنَ الْحَنَابِلَةِ - رِوَايَتَيْنِ فِي غَيْرِ الْمُخَاطَبِينَ، وَالصَّحِيحُ عِنْدَهُمْ أَنَّ التَّحْرِيمَ خَاصٌّ بِالْمُخَاطَبِينَ بِالْجُمُعَةِ. وَذَلِكَ: لأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا نَهَى عَنِ الْبَيْعِ مِنْ أَمْرِهِ بِالسَّعْيِ، فَغَيْرُ الْمُخَاطَبِينَ بِالسَّعْيِ لَا يَتَنَاوَلُهُمُ النَّهْيُ. وَلأَِنَّ تَحْرِيمَ الْبَيْعِ مُعَلَّلٌ بِمَا يَحْصُل بِهِ مِنَ الاِشْتِغَال عَنِ الْجُمُعَةِ، وَهَذَا مَعْدُومٌ فِي حَقِّهِمْ.
ب - وَأَنْ يَكُونَ الْمُشْتَغِل بِالْبَيْعِ عَالِمًا بِالنَّهْيِ، كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيَّةُ.
ج - انْتِفَاءُ الضَّرُورَةِ إِلَى الْبَيْعِ، كَبَيْعِ الْمُضْطَرِّ مَا يَأْكُلُهُ، وَبَيْعِ كَفَنِ مَيِّتٍ خِيفَ تَغَيُّرُهُ بِالتَّأْخِيرِ، وَإِلَاّ فَلَا حُرْمَةَ، وَإِنْ فَاتَتِ الْجُمُعَةُ - كَمَا يَقُول الْجَمَل مِنَ الشَّافِعِيَّةِ.
د - أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي أَذَانِ الْخُطْبَةِ - كَمَا عَبَّرَ الْجُمْهُورُ - (2) أَوْ عِنْدَهُ - كَمَا عَبَّرَ الْمَالِكِيَّةُ أَيْضًا.
هـ - وَلَمْ يَتَعَرَّضِ الْحَنَفِيَّةُ لِلتَّقْيِيدِ بِغَيْرِ كَوْنِ الأَْذَانِ بَعْدَ الزَّوَال (3) .
(1) حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح (282) وشرح المنهج بحاشية الجمل 2 / 54، والمغني 2 / 146، والدر المختار ورد المحتار 4 / 132.
(2)
المغني 2 / 146، وحاشية الجمل على شرح المنهج 2 / 54، وكشاف القناع 3 / 180 - 181 في أمثلة أخرى ذكرت في هذا.
(3)
شرح الخرشي وحاشية العدوي عليه 2 / 90، والهداية وشرح العناية 2 / 38 و 39، ومراقي الفلاح (282) .