الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
و -
تَلَقِّي الْجَلَبِ أَوِ الرُّكْبَانِ أَوِ السِّلَعِ:
129 -
عَبَّرَ الْحَنَفِيَّةُ بِتَلَقِّي الْجَلَبِ، وَعَبَّرَ الْمَالِكِيَّةُ بِتَلَقِّي السِّلَعِ. قَال خَلِيلٌ: كَتَلَقِّي السِّلَعِ أَوْ صَاحِبِهَا. وَعَبَّرَ ابْنُ جُزَيٍّ مِنْهُمْ بِتَلَقِّي السِّلْعَةِ.
وَعَبَّرَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بِتَلَقِّي الرُّكْبَانِ.
وَالتَّلَقِّي: هُوَ الْخُرُوجُ مِنَ الْبَلَدِ الَّتِي يُجْلَبُ إِلَيْهَا الْقُوتُ (1)(وَنَحْوُهُ) .
وَالْجَلَبُ - بِفَتْحَتَيْنِ - بِمَعْنَى الْجَالِبِ، أَوْ هُوَ بِمَعْنَى الْمَجْلُوبِ، فَهُوَ فَعَلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، (2) وَهُوَ مَا تَجْلِبُهُ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ، وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِتَلَقِّي السِّلَعِ فِي تَعْبِيرِ الْمَالِكِيَّةِ.
كَمَا أَنَّ الرُّكْبَانَ - فِي تَعْبِيرِ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ - جَمْعُ رَاكِبٍ، وَالتَّعْبِيرُ بِهِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَالْمُرَادُ الْقَادِمُ وَلَوْ وَاحِدًا أَوْ مَاشِيًا. (3)
حُكْمُ التَّلَقِّي التَّكْلِيفِيُّ:
130 -
ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ بَيْعَ التَّلَقِّي مُحَرَّمٌ، لِثُبُوتِ النَّهْيِ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: لَا تَلَقُّوا الْجَلَبَ، فَمَنْ تَلَقَّاهُ فَاشْتَرَى مِنْهُ، فَإِذَا أَتَى
(1) انظر الشرح الكبير للدردير 3 / 70.
(2)
المصباح المنير. مادة " جلب "، والدر المختار ورد المحتار 4 / 132.
(3)
تحفة المحتاج 4 / 311، وفتح القدير 6 / 107، وبدائع الصنائع 5 / 232، ورد المحتار 4 / 132، وحاشية الشلبي على تبيين الحقائق 4 / 68.
سَيِّدُهُ أَيْ صَاحِبُهُ السُّوقَ فَهُوَ بِالْخِيَارِ. (1)
وَالْحَنَفِيَّةُ ذَهَبُوا إِلَى كَرَاهَةِ التَّلَقِّي، وَذَلِكَ لِلضَّرَرِ أَوِ الْغَرَرِ، أَوْ كَمَا قَال الْكَاسَانِيُّ: لأَِنَّ الْبَيْعَ مَشْرُوعٌ فِي ذَاتِهِ، وَالنَّهْيُ فِي غَيْرِهِ، وَهُوَ الإِْضْرَارُ بِالْعَامَّةِ عَلَى التَّفْسِيرِ الأَْوَّل - الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عِنْدَهُمْ - وَتَغْرِيرُ أَصْحَابِ السِّلَعِ عَلَى التَّفْسِيرِ الثَّانِي، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ ضَرَرٌ أَوْ غَرَرٌ فَلَا بَأْسَ، وَلَا يُكْرَهُ، كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ الْمَرْغِينَانِيُّ وَالْكَرْلَانِيُّ وَالْكَاسَانِيُّ وَالزَّيْلَعِيُّ وَالْحَصْكَفِيُّ، لاِنْعِدَامِ الضَّرَرِ. (2)
فَقَوْل ابْنِ قُدَامَةَ: وَحُكِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَمْ يَرَ بِذَلِكَ بَأْسًا، وَسُنَّةُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَحَقُّ أَنْ تُتَّبَعَ. (3) لَيْسَ عَلَى إِطْلَاقِهِ. وَفَسْخُ الْمَكْرُوهِ - مِنَ الْبِيَاعَاتِ - وَاجِبٌ عَلَى كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا، لِرَفْعِ الإِْثْمِ، وَهِيَ عِنْدَ الإِْطْلَاقِ عِنْدَهُمْ لِلتَّحْرِيمِ، كَمَا هُنَا، وَكَمَا فِي كُل بَيْعٍ مَكْرُوهٍ.
حُكْمُ التَّلَقِّي الْوَضْعِيُّ:
131 -
ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ بَيْعَ التَّلَقِّي صَحِيحٌ، وَلَا يُفْسَخُ الْعَقْدُ بِهِ. وَنَقَل ابْنُ قُدَامَةَ
(1) حدث: " لا تلقوا الجلب. . . " أخرجه مسلم (3 / 1157 ط الحلبي) .
(2)
بدائع الصنائع 5 / 232، والهداية وشرح العناية 6 / 107، وتبيين الحقائق 4 / 68، والدر المختار 4 / 132.
(3)
المغني 4 / 281، والدر المختار 4 / 134.