الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْغَرَرُ فِي اللُّغَةِ هُوَ: الْخَطَرُ.
وَلَهُ فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ تَعْرِيفَاتٌ شَتَّى.
فَهُوَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: مَا طُوِيَ عَنْكَ عِلْمُهُ.
وَعِنْدَ بَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ: التَّرَدُّدُ بَيْنَ أَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا عَلَى الْغَرَضِ، وَالثَّانِي عَلَى خِلَافِهِ.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: مَا انْطَوَتْ عَنَّا عَاقِبَتُهُ، أَوْ: مَا تَرَدَّدَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ أَغْلَبِهِمَا أَخْوَفُهُمَا.
وَيَرَى بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ الْغَرَرَ وَالْخَطَرَ لَفْظَانِ مُتَرَادِفَانِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَهُوَ مَا جُهِلَتْ عَيْنُهُ.
وَيَرَى الْمُحَقِّقُونَ مِنْهُمْ أَنَّهُمَا مُتَبَايِنَانِ: فَالْخَطَرُ: مَا لَمْ يُتَيَقَّنْ وُجُودُهُ، كَمَا لَوْ قَال: بِعْنِي فَرَسَكَ بِمَا أَرْبَحُ غَدًا.
وَالْغَرَرُ: مَا يُتَيَقَّنُ وُجُودُهُ، وَيُشَكُّ فِي تَمَامِهِ، كَبَيْعِ الثِّمَارِ قَبْل بُدُوِّ صَلَاحِهَا (1) .
68 -
وَقَدْ تَقَدَّمَتْ صُوَرٌ يَنْطَبِقُ عَلَيْهَا الْغَرَرُ، عِنْدَ الْكَلَامِ عَنْ شُرُوطِ انْعِقَادِ الْبَيْعِ، مِنْهَا: كَوْنُ الْمَبِيعِ مَالاً مَوْجُودًا مَمْلُوكًا مَقْدُورَ التَّسْلِيمِ، فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْحَمْل فِي بَطْنِ أُمِّهِ، وَلَا مَا سَيُخْرِجُهُ الصَّيَّادُ فِي شَبَكَتِهِ، وَلَا الطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ، وَلَا الْجَمَل الشَّارِدِ. إِلَخْ.
(1) انظر المصباح المنير ومختار الصحاح، مادة " غرر "، وفتح القدير 6 / 136، وشرح العناية على الهداية 6 / 136، 137، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 3 / 55، وانظر تعريفا آخر لابن عرفة في حاشية العدوي على كفاية الطالب 2 / 137، وحاشية القليوبي على شرح المحلي 2 / 161
وَالْغَرَرُ نَوْعَانِ:
أَحَدُهُمَا: مَا يَرْجِعُ إِلَى أَصْل وُجُودِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، أَوْ مِلْكِيَّةِ الْبَائِعِ لَهُ، أَوْ قُدْرَتِهِ عَلَى تَسْلِيمِهِ، فَهَذَا يُوجِبُ بُطْلَانَ الْبَيْعِ، فَلَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ اتِّفَاقًا فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ.
وَالآْخَرُ: مَا يَرْجِعُ إِلَى وَصْفٍ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ أَوْ مِقْدَارِهِ، أَوْ يُورِثُ فِيهِ أَوْ فِي الثَّمَنِ أَوْ فِي الأَْجَل جَهَالَةً.
فَهَذَا مَحَل خِلَافٍ. تَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ (غَرَر) .
وَفِيمَا يَلِي صُوَرُ الْغَرَرِ الَّتِي وَرَدَ النَّهْيُ فِيهَا بِخُصُوصِهَا، وَالْحُكْمُ الْفِقْهِيُّ فِيهَا، مِنَ الْبُطْلَانِ أَوِ الْفَسَادِ. إِذِ النَّهْيُ عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ - كَمَا يَقُول النَّوَوِيُّ - أَصْلٌ مِنْ أُصُول الشَّرْعِ، يَدْخُل تَحْتَهُ مَسَائِل كَثِيرَةٌ جِدًّا (1) . مِنْهَا: بَيْعُ الْحَصَاةِ وَبَيْعُ الْمُلَامَسَةِ وَبَيْعُ الْمُنَابَذَةِ. وَتُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحَاتِهَا.
وَمِنْهَا مَا يَلِي:
أ -
بَيْعُ الْجَنِينِ وَهُوَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ:
69 -
وَهُوَ بَيْعُ الْحَمْل، كَمَا عَبَّرَتْ بَعْضُ الْمَرَاجِعِ الْفِقْهِيَّةِ (2) .
وَالْجَنِينُ هُوَ: الْوَلَدُ مَا دَامَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ، وَيُجْمَعُ عَلَى أَجِنَّةً، كَدَلِيلٍ وَأَدِلَّةٍ. وَمِثْل الْجَنِينِ أَيْضًا: الْمَلْقُوحُ وَالْمَلْقُوحَةُ، وَجَمْعُهُمَا مَلَاقِيحُ، وَهِيَ:
(1) انظر نيل الأوطار 5 / 148
(2)
انظر على سبيل المثال الهداية وشروحها 6 / 50