الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالثَّانِيَةُ: الْبَيْعُ صَحِيحٌ وَالزِّيَادَةُ لِلْبَائِعِ؛ لأَِنَّ ذَلِكَ نَقْصٌ عَلَى الْمُشْتَرِي، فَلَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْبَيْعِ كَالْعَيْبِ، ثُمَّ يُخَيَّرُ الْبَائِعُ بَيْنَ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ زَائِدًا، وَبَيْنَ تَسْلِيمِ الْعَشَرَةِ، فَإِنْ رَضِيَ بِتَسْلِيمِ الْجَمِيعِ فَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي، لأَِنَّهُ زَادَهُ خَيْرًا، وَإِنْ أَبِي تَسْلِيمَهُ زَائِدًا فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ بَيْنَ الْفَسْخِ، وَالأَْخْذِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى وَقِسْطِ الزَّائِدِ، فَإِنْ رَضِيَ بِالأَْخْذِ أَخَذَ الْعَشَرَةَ، وَالْبَائِعُ شَرِيكٌ لَهُ بِالذِّرَاعِ. وَهَل لِلْبَائِعِ خِيَارُ الْفَسْخِ؟ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: لَهُ الْفَسْخُ لأَِنَّ عَلَيْهِ ضَرَرًا فِي الْمُشَارَكَةِ. وَالثَّانِي: لَا خِيَارَ لَهُ، وَقَوَّاهُ ابْنُ قُدَامَةَ، وَإِنْ بَانَ الْمَبِيعُ تِسْعَةً فَفِيهِ رِوَايَتَانِ: إِحْدَاهُمَا: يَبْطُل الْبَيْعُ كَمَا تَقَدَّمَ. وَالثَّانِيَةُ: الْبَيْعُ صَحِيحٌ، وَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالإِْمْسَاكِ بِتِسْعَةِ أَعْشَارِ الثَّمَنِ.
وَإِنِ اشْتَرَى صُبْرَةً عَلَى أَنَّهَا عَشَرَةُ أَقْفِزَةٍ، فَبَانَتْ أَحَدَ عَشَرَ، رَدَّ الزَّائِدَ وَلَا خِيَارَ لَهُ هَاهُنَا لأَِنَّهُ ضَرَرٌ فِي الزِّيَادَةِ. وَإِنْ بَانَتْ تِسْعَةً أَخَذَهَا بِقِسْطِهَا مِنَ الثَّمَنِ.
وَمَتَى سُمِّيَ الْكَيْل فِي الصُّبْرَةِ لَا يَكُونُ قَبْضُهَا إِلَاّ بِالْكَيْل، فَإِنْ وَجَدَهَا زَائِدَةً رَدَّ الزِّيَادَةَ، وَإِنْ كَانَتْ نَاقِصَةً أَخَذَهَا بِقِسْطِهَا مِنَ الثَّمَنِ. وَهَل لَهُ الْفَسْخُ فِي حَالَةِ النُّقْصَانِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا: لَهُ الْخِيَارُ. وَالثَّانِي: لَا خِيَارَ لَهُ (1) .
(1) المغني 4 / 146 - 147.
الثَّمَنُ وَأَحْكَامُهُ وَأَحْوَالُهُ
أَوَّلاً: تَعْرِيفُ الثَّمَنِ:
48 -
الثَّمَنُ هُوَ مَا يَبْذُلُهُ الْمُشْتَرِي مِنْ عِوَضٍ لِلْحُصُول عَلَى الْمَبِيعِ، وَالثَّمَنُ أَحَدُ جُزْأَيِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ - وَهُوَ الثَّمَنُ وَالْمُثَمَّنُ - وَهُمَا مِنْ مُقَوِّمَاتِ عَقْدِ الْبَيْعِ، وَلِذَا ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ هَلَاكَ الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ قَبْل الْقَبْضِ يَنْفَسِخُ بِهِ الْبَيْعُ فِي الْجُمْلَةِ (1) .
وَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ الْمَقْصُودَ الأَْصْلِيَّ مِنَ الْبَيْعِ هُوَ الْمَبِيعُ؛ لأَِنَّ الاِنْتِفَاعَ إِنَّمَا يَكُونُ بِالأَْعْيَانِ، وَالأَْثْمَانُ وَسِيلَةٌ لِلْمُبَادَلَةِ (2) ، وَلِذَا اعْتَبَرُوا التَّقَوُّمَ فِي الثَّمَنِ شَرْطَ صِحَّةٍ، وَهُوَ فِي الْمَبِيعِ شَرْطُ انْعِقَادٍ، وَهِيَ تَفْرِقَةٌ خَاصَّةٌ بِهِمْ دُونَ الْجُمْهُورِ، فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ غَيْرَ مُتَقَوَّمٍ لَمْ يَبْطُل الْبَيْعُ عِنْدَهُمْ، بَل يَنْعَقِدُ فَاسِدًا، فَإِذَا أُزِيل سَبَبُ الْفَسَادِ صَحَّ الْبَيْعُ.
كَمَا أَنَّ هَلَاكَ الثَّمَنِ قَبْل الْقَبْضِ لَا يَبْطُل بِهِ الْبَيْعُ، بَل يَسْتَحِقُّ الْبَائِعُ بَدَلَهُ. أَمَّا هَلَاكُ الْمَبِيعِ فَإِنَّهُ يَبْطُل بِهِ الْبَيْعُ (3) . وَالثَّمَنُ غَيْرُ الْقِيمَةِ؛ لأَِنَّ الْقِيمَةَ هِيَ: مَا يُسَاوِيهِ الشَّيْءُ فِي تَقْوِيمِ الْمُقَوِّمِينَ (أَهْل
(1) جواهر الإكليل 1 / 305، ومنح الجليل 2 / 100 و 3 / 616، وشرح الروض 2 / 64، والمجموع 9 / 269، والقليوبي 2 / 3، وشرح منتهى الإرادات 2 / 189، والإفصاح 1 / 337.
(2)
المجلة مادة (151) .
(3)
المجلة مادة (212) ، وحاشية ابن عابدين 4 / 104.