الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأَْغْرَاضُ بِهَا وَهِيَ صِفَاتُ السَّلَمِ. وَالأَْظْهَرُ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيَّةِ: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْغَائِبِ، وَهُوَ: مَا لَمْ يَرَهُ الْمُتَعَاقِدَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا، وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا، لِلنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ (1) .
أَمَّا الْبَيْعُ عَلَى الْبَرْنَامَجِ، وَهُوَ الدَّفْتَرُ الْمُبَيَّنَةُ فِيهِ الأَْوْصَافُ، أَوْ عَلَى الأُْنْمُوذَجِ بِأَنْ يُرِيَهُ صَاعًا وَيَبِيعَهُ الصُّبْرَةَ عَلَى أَنَّهَا مِثْلُهُ فَقَدْ أَجَازَهُ الْحَنَفِيَّةُ، وَهُوَ قَوْلٌ لِلْحَنَابِلَةِ صَوَّبَهُ الْمِرْدَاوِيُّ - لِمَا سَبَقَ - وَالْمَالِكِيَّةِ، وَالأَْصَحُّ لِلْحَنَابِلَةِ مَنْعُهُ، وَأَجَازَهُ الشَّافِعِيَّةُ فِيمَا لَوْ قَال مَثَلاً: بِعْتُكَ الْحِنْطَةَ الَّتِي فِي هَذَا الْبَيْتِ، وَهَذَا أُنْمُوذَجُهَا، وَيَدْخُل الأُْنْمُوذَجُ فِي الْبَيْعِ (2) .
وَلِلْمَالِكِيَّةِ تَفْصِيلٌ فِيمَا إِذَا ظَهَرَ أَنَّ مَا فِي الْعَدْل الْمَبِيعِ عَلَى الْبَرْنَامَجِ أَقَل أَوْ أَكْثَرُ، وَتَفْصِيلُهُ فِي (ظُهُورُ الْمَبِيعِ زَائِدًا أَوْ نَاقِصًا) .
خَامِسًا: ظُهُورُ النُّقْصَانِ أَوِ الزِّيَادَةِ فِي الْمَبِيعِ:
45 -
يَخْتَلِفُ الْحُكْمُ فِي الْمَبِيعِ إِذَا ظَهَرَ فِيهِ نُقْصَانٌ أَوْ زِيَادَةٌ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ عَلَى أَسَاسِ الْمِقْدَارِ،
(1) القليوبي 2 / 164، ومغني المحتاج 2 / 16، ونهاية المحتاج 3 / 401.
(2)
شرح منتهى الإرادات 2 / 146، والقليوبي 2 / 163 - 165، ومغني المحتاج 2 / 19، والفروع 4 / 21، والإنصاف 4 / 295.
وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ مِنْ قَبِيل
بَيْعِ الْجُزَافِ
(أَوِ الْمُجَازَفَةِ) وَهُوَ مَا يُسَمَّى أَيْضًا (بَيْعَ الصُّبْرَةِ) وَمِنْهُ بَعْضُ صُوَرِ الْبَيْعِ عَلَى الْبَرْنَامَجِ أَوِ الأُْنْمُوذَجِ، حَيْثُ يَظْهَرُ الْقَدْرُ مُخَالِفًا لِمَا كُتِبَ فِي الْبَرْنَامَجِ.
أ - بَيْعُ الْجُزَافِ:
46 -
إِذَا كَانَ الْبَيْعُ جُزَافًا فَلَا أَثَرَ لِظُهُورِ النَّقْصِ أَوِ الزِّيَادَةِ عَمَّا تَوَقَّعَهُ الْمُشْتَرِي أَوِ الْبَائِعُ. وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي (بَيْعِ الْجُزَافِ) .
ب -
بَيْعُ الْمُقَدَّرَاتِ:
47 -
إِذَا ظَهَرَ نَقْصٌ أَوْ زِيَادَةٌ فِيمَا بِيعَ مُقَدَّرًا بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ ذَرْعٍ أَوْ عَدٍّ، فَيُنْظَرُ فِي الْمَبِيعِ، هَل هُوَ مِمَّا يَضُرُّهُ التَّبْعِيضُ أَوْ لَا يَضُرُّهُ؟ كَمَا يُنْظَرُ فِي أَسَاسِ الثَّمَنِ الَّذِي تَمَّ عَلَيْهِ الْبَيْعُ هَل هُوَ مُجْمَلٌ أَوْ مُفَصَّلٌ عَلَى أَجْزَاءٍ؟ .
فَإِذَا كَانَ الْمَبِيعُ مِمَّا لَا يَضُرُّهُ التَّبْعِيضُ كَالْمَكِيلَاتِ بِأَنْوَاعِهَا، وَكَذَلِكَ بَعْضُ الْمَوْزُونَاتِ كَالْقَمْحِ، وَالْمَذْرُوعَاتِ كَالْقُمَاشِ الَّذِي يُبَاعُ بِالذِّرَاعِ، دُونَ نَظَرٍ إِلَى مَا يَكْفِي لِلثَّوْبِ الْوَاحِدِ، وَكَذَلِكَ الْمَعْدُودَاتُ الْمُتَقَارِبَةُ. فَإِنَّ الزِّيَادَةَ فِي الْمَبِيعِ هِيَ لِلْبَائِعِ، وَالنَّقْصُ عَلَى حِسَابِهِ، وَلَا حَاجَةَ فِي هَذِهِ الْحَال لِلنَّظَرِ إِلَى تَفْصِيل الثَّمَنِ أَوْ إِجْمَالِهِ.
وَإِذَا كَانَ الثَّمَنُ مُفَصَّلاً، كَمَا لَوْ قَال: كُل ذِرَاعٍ بِدِرْهَمٍ، فَالزِّيَادَةُ لِلْبَائِعِ وَالنَّقْصُ عَلَيْهِ، وَلَا حَاجَةَ لِلنَّظَرِ إِلَى كَوْنِهِ يَضُرُّهُ التَّبْعِيضُ أَوْ لَا.
أَمَّا إِذَا كَانَ الثَّمَنُ غَيْرَ مُفَصَّلٍ، وَالْمَبِيعُ مِمَّا يَضُرُّهُ التَّبْعِيضُ، فَإِنَّ الزِّيَادَةَ لِلْمُشْتَرِي وَالنَّقْصُ عَلَيْهِ، وَلَا يُقَابِلُهُ شَيْءٌ مِنَ الثَّمَنِ، لَكِنْ يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ فِي حَال النَّقْصِ، وَهُوَ خِيَارُ تَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ.
وَذَلِكَ لأَِنَّ مَا لَا يَضُرُّهُ التَّبْعِيضُ يُعْتَبَرُ التَّقْدِيرُ فِيهِ كَالْجُزْءِ، وَمَا يَضُرُّهُ التَّبْعِيضُ يُعْتَبَرُ التَّقْدِيرُ فِيهِ كَالْوَصْفِ. وَالْوَصْفُ لَا يُقَابِلُهُ شَيْءٌ مِنَ الثَّمَنِ بَل يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ (1) .
هَذَا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْحَنَفِيَّةُ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الصَّحِيحِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ إِلَى: أَنَّهُ إِذَا ظَهَرَ فِي الْمَبِيعِ الْمُقَدَّرِ زِيَادَةٌ أَوْ نُقْصَانٌ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ، لأَِنَّهُ لَا يُمْكِنُ إِجْبَارُ الْبَائِعِ عَلَى تَسْلِيمِ الزِّيَادَةِ، وَلَا الْمُشْتَرِي عَلَى أَخْذِ الْبَعْضِ، وَهُنَاكَ ضَرَرٌ فِي الشَّرِكَةِ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي بِالنِّسْبَةِ لِمَا زَادَ (2) .
وَلِلْمَالِكِيَّةِ تَفْصِيلٌ بَيْنَ كَوْنِ النَّقْصِ قَلِيلاً أَوْ كَثِيرًا. . فَإِنْ كَانَ قَلِيلاً لَزِمَ الْمُشْتَرِيَ الْبَاقِي بِمَا يَنُوبُهُ مِنَ الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا كَانَ مُخَيَّرًا فِي الْبَاقِي بَيْنَ أَخْذِهِ بِمَا يَنُوبُهُ، أَوْ رَدِّهِ. وَقِيل: إِنَّ
(1) المجلة مادة (223 - 229) ، وحاشية ابن عابدين 4 / 30، والدرر شرح الغرر 2 / 147، ومنح الجليل 2 / 505 و 669، وجواهر الإكليل 2 / 47 - 48، والحطاب 4 / 299، ومغني المحتاج 2 / 17 - 18، ونهاية المحتاج 3 / 400 و 4 / 61، وشرح منتهى الإرادات 2 / 166، والمغني 4 / 146 - 147.
(2)
نهاية المحتاج 3 / 400، ومغني المحتاج 2 / 17 - 18، وشرح منتهى الإرادات 2 / 166، والمغني 4 / 146.
ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الصِّفَةِ لِلْمَبِيعِ، فَإِنْ وَجَدَهُ أَكْثَرَ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي، وَإِنْ وَجَدَهُ أَقَل كَانَ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَخْذِهِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ أَوْ رَدِّهِ (1) .
وَمُقَابِل الصَّحِيحِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فِي ظُهُورِ الزِّيَادَةِ أَوِ النُّقْصَانِ: صِحَّةُ الْبَيْعِ لِلإِْشَارَةِ تَغْلِيبًا. ثُمَّ لِلشَّافِعِيَّةِ تَفْصِيلٌ، وَهُوَ أَنَّهُ إِنْ قَابَل الْبَائِعُ الْجُمْلَةَ بِالْجُمْلَةِ، كَقَوْلِهِ: بِعْتُكَ الصُّبْرَةَ بِمِائَةٍ عَلَى أَنَّهَا مِائَةٌ، فَفِي حَال الزِّيَادَةِ أَوِ النُّقْصَانِ يَصِحُّ الْبَيْعُ، وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ لِمَنْ عَلَيْهِ الضَّرَرُ.
أَمَّا إِنْ قَابَل الأَْجْزَاءَ بِالأَْجْزَاءِ كَقَوْلِهِ: بِعْتُكَ الصُّبْرَةَ كُل صَاعٍ بِدِرْهَمٍ عَلَى أَنَّهَا مِائَةُ صَاعٍ، فَإِذَا ظَهَرَتْ زِيَادَةٌ أَوْ نُقْصَانٌ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ عِنْدَ الإِْسْنَوِيِّ، وَفَرَّقَ الْمَاوَرْدِيُّ بَيْنَ النُّقْصَانِ فَيَكُونُ الْبَيْعُ صَحِيحًا، وَبَيْنَ الزِّيَادَةِ فَفِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ، وَهُوَ بُطْلَانُ الْبَيْعِ عَلَى الصَّحِيحِ، أَوْ صِحَّتُهُ عَلَى مَا يُقَابِلُهُ (2) .
وَذَكَرَ ابْنُ قُدَامَةَ فِي الْمُغْنِي أَنَّهُ إِذَا قَال: بِعْتُكَ هَذِهِ الأَْرْضَ أَوْ هَذَا الثَّوْبَ عَلَى أَنَّهُ عَشَرَةُ أَذْرُعٍ، فَبَانَ أَحَدَ عَشَرَ، فَفِيهِ رِوَايَتَانِ:
إِحْدَاهُمَا: الْبَيْعُ بَاطِلٌ، لأَِنَّهُ لَا يُمْكِنُ إِجْبَارُ الْبَائِعِ عَلَى تَسْلِيمِ الزِّيَادَةِ وَإِنَّمَا بَاعَ عَشَرَةً، وَلَا الْمُشْتَرِي عَلَى أَخْذِ الْبَعْضِ، وَإِنَّمَا اشْتَرَى الْكُل وَعَلَيْهِ ضَرَرٌ فِي الشَّرِكَةِ أَيْضًا.
(1) منح الجليل 2 / 505، والحطاب 4 / 299، والشرح الصغير 2 / 13 ط الحلبي.
(2)
مغني المحتاج 2 / 18، والمهذب 1 / 71.