الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الآْيَةِ قَال تَعَالَى: {وَأُشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} . (1)
هـ - الْبَيْعُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ، لِثُبُوتِهِ بِحَدِيثِ حِبَّانَ بْنِ مُنْقِذٍ، الْمَعْرُوفِ (2) .
24 -
الْبَيْعُ بِشَرْطِ عِتْقِ الْمَبِيعِ، وَفِيهِ أَقْوَالٌ عِنْدَ
هُمْ:
الْقَوْل الأَْوَّل:
وَهُوَ أَصَحُّهَا، أَنَّ الشَّرْطَ صَحِيحٌ، وَالْبَيْعَ صَحِيحٌ، وَذَلِكَ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَنَّهَا أَرَادَتْ أَنْ تَشْتَرِيَ بَرِيرَةَ لِلْعِتْقِ، فَاشْتَرَطُوا وَلَاءَهَا، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَال: اشْتَرِيهَا وَأَعْتِقِيهَا، فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ (3) وَلَمْ يُنْكِرِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ شَرْطَ الْوَلَاءِ لَهُمْ، إِذْ قَال: مَا بَال أَقْوَامٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ؟ مَنِ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ (4)
وَلأَِنَّ اسْتِعْقَابَ الْبَيْعِ الْعِتْقَ عَهْدٌ فِي شِرَاءِ الْقَرِيبِ، فَاحْتُمِل شَرْطُهُ. وَلِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْعِتْقِ.
عَلَى أَنَّ فِيهِ مَنْفَعَةً لِلْمُشْتَرِي، دُنْيَا بِالْوَلَاءِ،
(1) سورة البقرة / 282.
(2)
الحديث (سبق تخريجه ف 9) .
(3)
حديث: " إنما الولاء لمن أعتق. . . " أخرجه البخاري. (فتح الباري 4 / 376 ط السلفية) ، ومسلم (3 / 1145 ط عيسى الحلبي) .
(4)
حديث: " من اشترط شرطا ليس في كتاب الله فهو باطل. . . " سبق تخريجه (ف 1) .
وَأُخْرَى بِالثَّوَابِ، وَلِلْبَائِعِ بِالتَّسَبُّبِ فِيهِ. (1)
الْقَوْل الثَّانِي:
أَنَّ الشَّرْطَ بَاطِلٌ وَالْبَيْعَ بَاطِلٌ، كَمَا لَوْ شَرَطَ بَيْعَهُ أَوْ هِبَتَهُ.
وَالْقَوْل الثَّالِثُ:
أَنَّهُ يَصِحُّ الْبَيْعُ، وَيَبْطُل الشَّرْطُ. (2)
25 -
وَمِمَّا اسْتَثْنَاهُ الشَّافِعِيَّةُ أَيْضًا مِنَ النَّهْيِ: شَرْطُ الْوَلَاءِ لِغَيْرِ الْمُشْتَرِي مَعَ الْعِتْقِ، فِي أَضْعَفِ الْقَوْلَيْنِ عِنْدَهُمْ، فَيَصِحُّ الْبَيْعُ وَيَبْطُل الشَّرْطُ، لِظَاهِرِ حَدِيثِ بَرِيرَةَ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِهِ، وَقَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام لِعَائِشَةَ رضي الله عنها: وَاشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلَاءَ. (3)
لَكِنَّ الأَْصَحَّ بُطْلَانُ الشَّرْطِ وَالْبَيْعِ فِي هَذِهِ الْحَال، لِمَا تَقَرَّرَ فِي الشَّرْعِ، مِنْ أَنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ.
فَأَجَابَ هَؤُلَاءِ عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَاشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلَاءَ بِأَنَّ الشَّرْطَ لَمْ يَقَعْ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ، وَبِأَنَّهُ خَاصٌّ بِقَضِيَّةِ عَائِشَةَ، وَبِأَنَّ قَوْلَهُ: لَهُمْ بِمَعْنَى: عَلَيْهِمْ (4)
26 -
وَمِمَّا اسْتَثْنَوْهُ أَيْضًا: شَرْطُ الْبَرَاءَةِ مِنَ الْعُيُوبِ فِي الْمَبِيعِ، لأَِنَّهُ يَحْتَاجُ الْبَائِعُ فِيهِ إِلَى
(1) تحفة المحتاج 4 / 300.
(2)
حاشية الجمل 3 / 75، 76 وانظر أيضا شرح المنهج فيه 3 / 76.
(3)
حديث: " الولاء لمن أعتق. . . " سبق تخريجه (ف 24) .
(4)
حاشية الجمل على شرح المنهج 3 / 76، وانظر شرح المحلي على المنهاج 2 / 180.
شَرْطِ الْبَرَاءَةِ، لِيَثِقَ بِلُزُومِ الْبَيْعِ فِيمَا لَا يَعْلَمُهُ مِنَ الْخَفِيِّ، دُونَ مَا يَعْلَمُهُ، مُطْلَقًا فِي حَيَوَانٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَالْبَيْعُ مَعَ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ صَحِيحٌ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ أَصَحَّ الشَّرْطُ أَمْ لَمْ يَصِحَّ، لأَِنَّهُ شَرْطٌ يُؤَكِّدُ الْعَقْدَ، وَيُوَافِقُ ظَاهِرَ الْحَال، وَهُوَ السَّلَامَةُ مِنَ الْعُيُوبِ. (1)
وَتَأَيَّدَ هَذَا بِمَا رُوِيَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما: بَاعَ عَبْدًا لَهُ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ، بِالْبَرَاءَةِ فَقَال لَهُ الْمُشْتَرِي: بِهِ دَاءٌ لَمْ تُسَمِّهِ لِي. فَاخْتَصَمَا إِلَى عُثْمَانَ رضي الله عنه فَقَضَى عَلَى ابْنِ عُمَرَ أَنْ يَحْلِفَ: لَقَدْ بَاعَهُ الْعَبْدَ وَمَا بِهِ دَاءٌ يَعْلَمُهُ، فَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ، وَارْتَجَعَ الْعَبْدَ، فَبَاعَهُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ. (2)
قَالُوا: فَدَل قَضَاءُ عُثْمَانَ الْمَشْهُورُ بَيْنَ الصَّحَابَةِ عَلَى جَوَازِ اشْتِرَاطِ الْبَرَاءَةِ مِنَ الْعَيْبِ، وَهُوَ مَشْهُورٌ بَيْنَ الصَّحَابَةِ، فَصَارَ مِنَ الإِْجْمَاعِ السُّكُوتِيِّ. (3)
27 -
وَمِمَّا اسْتَثْنَوْهُ أَيْضًا:
أ - شَرْطُ نَقْل الْمَبِيعِ مِنْ مَكَانِ الْبَائِعِ، قَالُوا:
(1) شرح المنهج 3 / 132، 133.
(2)
أثر ابن عمر " أنه باع عبدا. . . إلخ " ذكره شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في شرح المنهج (3 / 132 ط الميمنية) ، وعزاه إلى البيهقي، ونقل عنه أنه صححه، ولم نجده في كتاب السنن للبيهقي، فلعله في أحد كتبه الأخرى.
(3)
انظر شرح المنهج، وحاشية الجمل عليه 3 / 132، وشرح المحلي على المنهاج 2 / 178.
لأَِنَّهُ تَصْرِيحٌ بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ. (1)
ب - شَرْطُ قَطْعِ الثِّمَارِ أَوْ تَبْقِيَتِهَا بَعْدَ صَلَاحِهَا وَنُضْجِهَا، فَهُوَ جَائِزٌ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ، كَمَا أَنَّهُ جَائِزٌ بَيْعُهَا بَعْدَ النُّضْجِ مُطْلَقًا مِنَ الشَّرْطِ. لِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا. (2) وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا تَتَبَايَعُوا الثِّمَارَ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا (3)
فَالْحَدِيثُ يَدُل عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الثَّمَرِ بَعْدَ بَدْوِ صَلَاحِهِ، وَهُوَ صَادِقٌ بِكُل الأَْحْوَال الثَّلَاثَةِ: بَيْعُهُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ، وَبِشَرْطِ قَطْعِهِ، وَبِشَرْطِ إِبْقَائِهِ. (4)
ج - شَرْطُ أَنْ يَعْمَل الْبَائِعُ عَمَلاً مَعْلُومًا فِي الْمَبِيعِ، كَمَا لَوِ اشْتَرَى ثَوْبًا بِشَرْطِ أَنْ يَخِيطَهُ الْبَائِعُ، فِي أَضْعَفِ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ. (5)
د - اشْتِرَاطُ وَصْفٍ مَقْصُودٍ فِي الْمَبِيعِ عُرْفًا، كَكَوْنِ الدَّابَّةِ حَامِلاً أَوْ ذَاتَ لَبَنٍ، فَالشَّرْطُ
(1) حاشية الجمل على شرح المنهج 3 / 76.
(2)
حديث: " نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها. . . " أخرجه البخاري (فتح الباري 4 / 394 ط السلفية) ، ومسلم (3 / 1167 ط الحلبي) ، واللفظ للبخاري.
(3)
حديث: " لا تتبايعوا الثمار حتى يبدو صلاحها. . . " أخرجه مسلم (3 / 1167 ط الحلبي) .
(4)
شرح المحلي على المنهاج 2 / 233.
(5)
راجع (ف 22) من هذا البحث.