الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَذَكَرَ الشَّافِعِيَّةُ نَحْوَ هَذَا فِي تَأْوِيل الْحَدِيثِ، وَطَرَقُوا لَهُ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ مِنَ الاِحْتِمَالَاتِ، وَنَصُّوا - كَغَيْرِهِمْ - عَلَى بُطْلَانِ بَيْعِهِ، وَقَالُوا: يَحْرُمُ ثَمَنُ مَائِهِ، وَيَبْطُل بَيْعُهُ، لأَِنَّهُ غَيْرُ مَعْلُومٍ وَلَا مُتَقَوَّمٍ، وَلَا مَقْدُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهِ (1) .
الشَّرْطُ الثَّانِي مَا يَتَعَلَّقُ بِمَحَل الْعَقْدِ:
7 -
أَنْ يَكُونَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ مَالاً، بِمَعْنَاهُ الْفِقْهِيِّ الاِصْطِلَاحِيِّ، وَهُوَ: مَا يَمِيل إِلَيْهِ الطَّبْعُ، وَيَجْرِي فِيهِ الْبَذْل وَالْمَنْعُ (2) . (ر: مُصْطَلَحُ: مَال) فَلَا يَنْعَقِدُ بَيْعُ مَا لَيْسَ بِمَالٍ. وَذَلِكَ مِثْل بَيْعِ الْمُسْلِمِ الْمَيْتَةَ فَإِنَّهُ بَاطِلٌ، سَوَاءٌ أَمَاتَتْ حَتْفَ أَنْفِهَا، أَمْ مَاتَتْ بِخَنْقٍ وَنَحْوِهِ مِنْ غَيْرِ تَذْكِيَةٍ، وَهَذَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ} (3) وَلَا يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ إِلَاّ السَّمَكُ وَالْجَرَادُ، لِحَدِيثِ:{أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ: فَأَمَّا الْمَيْتَتَانِ فَالْحُوتُ وَالْجَرَادُ، وَأَمَّا الدَّمَانِ فَالْكَبِدُ وَالطِّحَال} (4) .
(1) تحفة المحتاج بشرح المنهاج لابن حجر الهيثمي، بحاشيتي الشرواني والعبادي 4 / 292، وكشاف القناع 3 / 166، والمغني 4 / 277.
(2)
الدر المختار نقلا عن درر الحكام 3 / 100.
(3)
سورة المائدة / 3.
(4)
حديث: " أحلت لنا ميتتان ودمان. . . " أخرجه ابن ماجه 2 / 1073 ط عيسى الحلبي من حديث ابن عمر مرفوعا، وصوب الدارقطني وقفه على ابن عمر، نقله ابن حجر ثم عقب عليه بقوله: الرواية الموقوفة التي صحهها أبو حاتم وغيره، هي في حكم المرفوع. (التلخيص الحبير 1 / 26 ط شركة الطباعة الفنية) .
أَمَّا بَيْعُ الذِّمِّيِّ لِلْمَيِّتَةِ، فَإِنْ كَانَ مَوْتُهَا حَتْفَ أَنْفِهَا أَيْ بِغَيْرِ ضَرْبٍ وَلَا قَتْلٍ - وَهِيَ: مَا تَنَفَّسَتْ حَتَّى انْقَضَى رَمَقُهَا - فَهِيَ لَيْسَتْ مَالاً بِالاِتِّفَاقِ.
وَأَمَّا مَا لَمْ يَمُتْ حَتْفَ أَنْفِهِ، بَل مَاتَ خَنْقًا، أَوْ بِمَا يَدِينُ بِهِ الذِّمِّيُّ، وَلَيْسَ تَذْكِيَةً فِي شَرْعِنَا فَالرِّوَايَاتُ مُخْتَلِفَةٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فِي جَوَازِ بَيْعِهِ وَفِي فَسَادِهِ: فَالرِّوَايَةُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ الْجَوَازُ، وَالرِّوَايَةُ عَنْ مُحَمَّدٍ الْفَسَادُ، وَلَا رِوَايَةَ فِي الْبُطْلَانِ (1) .
وَأَمَّا غَيْرُ الْحَنَفِيَّةِ، فَلَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَ مَا مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ وَمَا لَيْسَ كَذَلِكَ فِي بُطْلَانِ الْبَيْعِ.
قَال ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ أَهْل الْعِلْمِ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ بَيْعِ الْمَيْتَةِ أَوْ شَيْءٍ مِنْهَا (2) .
وَدَلِيل التَّحْرِيمِ حَدِيثُ: {إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالأَْصْنَامِ} (3)
وَيَحْرُمُ وَلَا يَنْعَقِدُ بَيْعُ الدَّمِ الْمَسْفُوحِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا} (4) وَالتَّقْيِيدُ بِالْمَسْفُوحِيَّةِ مُخْرِجٌ مَا سِوَاهُ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ،
(1) الدر المختار ورد المحتار 4 / 101.
(2)
الشرح الكبير في ذيل المغني 4 / 13، وانظر أيضا الشرح الكبير للدردير 3 / 10، وشرح المحلي على المنهاج 2 / 570.
(3)
حديث " إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة. . . " أخرجه البخاري من حديث جابر بن عبد الله (فتح الباري 4 / 424 ط السلفية) .
(4)
سورة الأنعام / 145.