الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنْ جُلُودِ الأَْنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ} (1) .
وَلأَِنَّ حُرْمَةَ الْمَيْتَةِ لَيْسَتْ لِمَوْتِهَا، فَإِنَّ الْمَوْتَ مَوْجُودٌ فِي السَّمَكِ وَالْجَرَادِ، وَهُمَا حَلَالَانِ بِالنَّصِّ، بَل لِمَا فِيهَا مِنَ الرُّطُوبَاتِ السَّيَّالَةِ وَالدِّمَاءِ النَّجِسَةِ، لاِنْجِمَادِهَا بِالْمَوْتِ. وَلِهَذَا يَطْهُرُ جِلْدُ الْمَيْتَةِ بِالدَّبَّاغِ، حَتَّى يَجُوزُ بَيْعُهُ، لِزَوَال الرُّطُوبَةِ عَنْهُ، وَلَا رُطُوبَةَ فِي هَذِهِ الأَْشْيَاءِ، فَلَا تَكُونُ حَرَامًا (2) . بَل نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ، وَمِنْهُمُ الزَّيْلَعِيُّ، عَلَى أَنَّ لُحُومَ السِّبَاعِ وَشُحُومَهَا وَجُلُودَهَا بَعْدَ الذَّكَاةِ الشَّرْعِيَّةِ هِيَ كَجُلُودِ الْمَيْتَةِ بَعْدَ الدَّبَّاغِ، حَتَّى يَجُوزَ بَيْعُهَا وَالاِنْتِفَاعُ بِهَا فِي غَيْرِ الأَْكْل، وَذَلِكَ لِطَهَارَتِهَا بِالذَّكَاةِ. يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ جِلْدُ الْخِنْزِيرِ، فَإِنَّهُ نَجِسُ الْعَيْنِ (وَكَذَا لَحْمُهُ وَعَظْمُهُ وَشَعْرُهُ) فَلَا يَطْهُرُ بِالتَّذْكِيَةِ وَلَا بِالدَّبَّاغِ. وَإِنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ - فِيمَا سِوَى الْخِنْزِيرِ - بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ، فَقَرَّرَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ أَنَّهُ تُطَهِّرُ الذَّكَاةُ الشَّرْعِيَّةُ جِلْدَ غَيْرِ الْمَأْكُول، دُونَ لَحْمِهِ، عَلَى أَصَحِّ مَا يُفْتَى بِهِ، وَيَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ بَيْعُ عَظْمِ الْفِيل وَالاِنْتِفَاعُ بِهِ كَسَائِرِ السِّبَاعِ.
(1) سورة النحل / 80.
(2)
بدائع الصنائع 5 / 142، وانظر الدر المختار ورد المحتار 4 / 114.
وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَجُوزُ، وَهُوَ عِنْدَهُ كَالْخِنْزِيرِ (1) .
أَمَّا عَظْمُ الآْدَمِيِّ وَشَعْرُهُ، فَوَافَقَ الْحَنَفِيَّةُ. الْجُمْهُورَ فِي أَنَّهُ لَا يُبَاعُ. قَال الْكَاسَانِيُّ: لَا لِنَجَاسَتِهِ " لأَِنَّهُ طَاهِرٌ فِي الصَّحِيحِ مِنَ الرِّوَايَةِ، لَكِنِ احْتِرَامًا لَهُ، وَالاِبْتِذَال بِالْبَيْعِ يُشْعِرُ بِالإِْهَانَةَ (2) .
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: {لَعَنَ اللَّهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ} (3) فَنَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الاِنْتِفَاعُ بِهِ لِلْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ. وَصَرَّحُوا بِأَنَّ الآْدَمِيَّ مُكَرَّمٌ شَرْعًا، وَإِنْ كَانَ كَافِرًا، فَإِيرَادُ الْعَقْدِ عَلَيْهِ وَابْتِذَالُهُ وَإِلْحَاقُهُ بِالْجَمَادَاتِ إِذْلَالٌ لَهُ، وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ. وَبَعْضُ الآْدَمِيِّ فِي حُكْمِ كُلِّهِ. وَصَرَّحَ الْكَمَال مِنَ الْحَنَفِيَّةِ بِبُطْلَانِ بَيْعِهِ (4) .
بَيْعُ الْكَلْبِ
13 -
ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ الْكَلْبِ، أَيَّ كَلْبٍ
(1) مراقي الفلاح (91) وهذه عبارة متن نور الإيضاح، وانظر تبيين الحقائق وحاشية الشلبي 1 / 51.
(2)
بدائع الصنائع 5 / 142.
(3)
حديث " لعن الله الواصلة والمستوصلة. . . " أخرجه البخاري (فتح الباري 1 / 378 ط السلفية) من حديث عبد الله بن مسعود.
(4)
الدر المختار ورد المحتار 4 / 105.