الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ يُسَافَرَ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ. (1)
وَمَعَ ذَلِكَ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي صِحَّةِ هَذَا الْبَيْعِ:
أ - فَالأَْظْهَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَمَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: عَدَمُ صِحَّةِ بَيْعِ الْمُصْحَفِ لِكَافِرٍ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِْثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (2) وَلأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الْمُسَافَرَةِ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ مَخَافَةَ أَنْ تَنَالَهُ أَيْدِيهِمْ، فَلَا يَجُوزُ تَمْكِينُهُمْ مِنْهُ. وَلأَِنَّهُ يُمْنَعُ الْكَافِرُ مِنَ اسْتِدَامَةِ الْمِلْكِ عَلَيْهِ، فَمُنِعَ مِنَ ابْتِدَائِهِ كَسَائِرِ مَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَلِمَا فِي مِلْكِ الْكَافِرِ لِلْمُصْحَفِ وَنَحْوِهِ مِنَ الإِْهَانَةِ. (3) وَفَرَّعَ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى هَذَا فَسْخَ الْبَيْعِ إِذَا كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا، وَنَسَبَ هَذَا الرَّأْيَ سَحْنُونٌ إِلَى أَكْثَرِ أَصْحَابِ مَالِكٍ (4) . وَلَمْ يَشْتَرِطِ الْمَالِكِيَّةُ الإِْسْلَامَ - كَمَا يَقُول ابْنُ جُزَيٍّ - فِي الْبَيْعِ إِلَاّ فِي شِرَاءِ
(1) حديث: " نهى أن يسافر بالقرآن. . . " أخرجه البخاري (الفتح 6 / 133 ط السلفية) ، ومسلم (3 / 1490) ط الحلبي) .
(2)
سورة المائدة / 2.
(3)
الشرح الكبير في ذيل المغني 4 / 13، وكشاف القناع 3 / 134، وشرح المنهج بحاشية الجمل 3 / 20، وانظر شرح المحلي على المنهاج 2 / 156، وتحفة المحتاج 4 / 230.
(4)
حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير 3 / 7.
الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ، وَفِي شِرَاءِ الْمُصْحَفِ (1) .
ب - وَمَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ، وَمَشْهُورُ مَذْهَبِ الْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: أَنَّ بَيْعَ الْمُصْحَفِ لِلْكَافِرِ صَحِيحٌ، لَكِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى إِخْرَاجِهِ مِنْ مِلْكِهِ، وَذَلِكَ لِحِفْظِ كِتَابِ اللَّهِ عَنِ الإِْهَانَةِ - كَمَا نَقَل ابْنُ عَابِدِينَ عَنِ الطَّحَاوِيِّ - وَلأَِنَّ فِيهِ امْتِهَانَ حُرْمَةِ الإِْسْلَامِ بِمِلْكِ الْمُصْحَفِ - كَمَا يَقُول الْخَرَشِيُّ - وَلَا خِلَافَ فِي التَّحْرِيمِ. كَمَا قَال عَمِيرَةُ (2) .
مُلْحَقَاتٌ بِالْبَيْعِ:
146 -
وَكَمَا يُمْنَعُ بَيْعُ الْمُصْحَفِ لَهُمْ - يُمْنَعُ التَّصَدُّقُ بِهِ عَلَيْهِمْ، وَهِبَتُهُ مِنْهُمْ - كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْمَالِكِيَّةُ - وَكَذَا ارْتِهَانُهُ مِنْهُمْ - كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْحَنَابِلَةُ. وَالأَْوَّلُونَ يُجْبِرُونَهُمْ عَلَى إِخْرَاجِهِ مِنْ مِلْكِهِمْ كَمَا فِي الْبَيْعِ، نَصَّ عَلَيْهِ الدُّسُوقِيُّ (3) ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُخَالِفَ فِيهِ الآْخَرُونَ.
مُسْتَثْنَيَاتٌ مِنَ الْبَيْعِ:
147 -
وَاسْتَثْنَى الشَّافِعِيَّةُ مِنْ حُكْمِ بَيْعِ الْمُصْحَفِ، أَشْيَاءَ:
(1) القوانين الفقهية (163) وانظر أيضا في هذا الشرط شرح المنهج وحاشية الجمل عليه 3 / 19 و 20.
(2)
رد المحتار 4 / 134، وشرح الخرشي بحاشية العدوي 5 / 10، وانظر القول الثاني للشافعية في شرح المحلي على المنهاج وحاشية عميرة عليه 2 / 156، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير 3 / 7.
(3)
كشاف القناع 3 / 134، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 3 / 7.