الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ (أَيِ الرَّافِعِيِّ وَالنَّوَوِيِّ) عَلَى قَوْل الْوَقْفِ أَنَّ الْمَوْقُوفَ الصِّحَّةُ، وَقَال إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: الصِّحَّةُ نَاجِزَةٌ، وَإِنَّمَا الْمَوْقُوفُ الْمِلْكُ، وَجَرَى عَلَيْهِ فِي الأُْمِّ (1) .
وَالْمُعْتَبَرُ عِنْدَهُمْ فِي الإِْجَازَةِ إِجَازَةُ مَنْ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ عِنْدَ الْعَقْدِ، فَلَوْ بَاعَ الْفُضُولِيُّ مَال الطِّفْل، فَبَلَغَ وَأَجَازَ لَمْ يَنْفُذْ.
وَمَحَل الْخِلَافِ فِي بَيْعِ الْفُضُولِيِّ عِنْدَهُمْ كَمَا جَاءَ فِي نِهَايَةِ الْمُحْتَاجِ مَا لَمْ يَحْضُرِ الْمَالِكُ، فَلَوْ بَاعَ مَال غَيْرِهِ بِحَضْرَتِهِ وَهُوَ سَاكِتٌ لَمْ يَصِحَّ قَطْعًا.
وَالْخِلَافُ الْمَذْكُورُ عِنْدَهُمْ فِي بَيْعِ الْفُضُولِيِّ مِنْ حَيْثُ الْبُطْلَانُ أَوِ الاِنْعِقَادُ يَجْرِي فِي كُل مَنْ زَوَّجَ ابْنَةَ غَيْرِهِ، أَوْ طَلَّقَ مَنْكُوحَتَهُ، أَوْ أَجَّرَ دَارِهِ، أَوْ وَهَبَهَا بِغَيْرِ إِذْنِهِ (2) .
15 -
وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الأَْصْحَابِ: عَدَمُ صِحَّةِ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ كَمَا جَاءَ فِي الإِْنْصَافِ. وَجَاءَ فِيهِ أَيْضًا: أَنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهَا.
(1) تحفة المحتاج 4 / 247 دار صادر.
(2)
المجموع 9 / 260 ط السلفية. ونهاية المحتاج 3 / 391 ط المكتبة الإسلامية، وروضة الطالبين 3 / 353 ط المكتب الإسلامي.
وَذَكَرَ صَاحِبُ كَشَّافِ الْقِنَاعِ أَنَّ الْبَيْعَ لَا يَصِحُّ، حَتَّى لَوْ كَانَ الْمَالِكُ حَاضِرًا وَسَكَتَ، ثُمَّ أَجَازَهُ بَعْدَ ذَلِكَ لِفَوَاتِ شَرْطِهِ، أَيْ لِفَوَاتِ الْمِلْكِ وَالإِْذْنِ وَقْتَ الْبَيْعِ (1) .
وَأَمَّا الرِّوَايَةُ الَّتِي تُصَحِّحُ بَيْعَ الْفُضُولِيِّ وَتَجْعَلُهُ مَوْقُوفًا عَلَى الإِْجَازَةِ، فَقَدِ اخْتَارَهَا صَاحِبُ الْفَائِقِ كَمَا جَاءَ فِي الإِْنْصَافِ، وَقَال: قَبَضَ وَلَا إِقْبَاضَ قَبْل الإِْجَازَةِ (2) .
ب - تَصَرُّفُ الْفُضُولِيِّ فِي الشِّرَاءِ:
16 -
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ شِرَاءَ الْفُضُولِيِّ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الإِْجَازَةِ، إِذَا وَجَدَ نَفَاذًا عَلَى الْعَاقِدِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ نَفَاذًا يَتَوَقَّفُ، كَشِرَاءِ الصَّغِيرِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ. وَإِنَّمَا يَنْفُذُ الشِّرَاءُ عَلَى الْمُشْتَرِي إِذَا لَمْ يُضِفْهُ إِلَى آخَرَ وَوَجَدَ الشِّرَاءُ النَّفَاذَ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَسْبِقْ بِتَوْكِيلٍ لِلْمُشْتَرِي مِنْ آخَرَ. فَأَمَّا إِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَالشِّرَاءُ يَتَوَقَّفُ. وَفِي الْوَكَالَةِ يَنْفُذُ عَلَى الْمُوَكِّل، فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ: وَلَوِ اشْتَرَى رَجُلٌ لِرَجُلٍ شَيْئًا بِغَيْرِ أَمْرِهِ كَانَ مَا اشْتَرَاهُ
(1) الإنصاف 4 / 283 ط التراث، والفروع 2 / 466، 467 ط المنار، والمحرر 1 / 310 ط المحمدية، وشرح منتهى الإرادات 2 / 143 ط الفكر، وكشاف القناع 3 / 157 ط النصر.
(2)
الإنصاف 4 / 283 ط التراث، والفروع 2 / 467 ط المنار، والمحرر 1 / 310 ط المحمدية، والمقنع 2 / 7، 8 ط السلفية، والمغني 4 / 227 ط الرياض.
لِنَفْسِهِ، أَجَازَ الَّذِي اشْتَرَاهُ لَهُ أَوْ لَمْ يُجِزْ. أَمَّا إِذْ أَضَافَهُ إِلَى آخَرَ، بِأَنْ قَال لِلْبَائِعِ: بِعْ عَبْدَكَ مِنْ فُلَانٍ، فَقَال: بِعْتُ، وَقَبِل الْمُشْتَرِي هَذَا الْبَيْعَ لِفُلَانٍ فَإِنَّهُ يَتَوَقَّفُ (1) .
17 -
أَمَّا شِرَاءُ الْفُضُولِيِّ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ فَهُوَ كَبَيْعِهِ، أَيْ يَتَوَقَّفُ عَلَى إِجَازَةِ الْمُشْتَرَى لَهُ، فَإِنْ لَمْ يُجِزِ الشِّرَاءَ لَزِمَتِ السِّلْعَةُ الْمُشْتَرِيَ الْفُضُولِيَّ، فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مَدْفُوعًا مِنْ مَال الْمُشْتَرِي لَهُ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ فِي حَال عَدَمِ الإِْجَازَةِ، إِلَاّ أَنْ يَكُونَ الْفُضُولِيُّ (الْمُشْتَرِي) أَشْهَدَ عِنْدَ الشِّرَاءِ: أَنَّهُ إِنَّمَا اشْتَرَى لِفُلَانٍ بِمَالِهِ، وَأَنَّ الْبَائِعَ يَعْلَمُ ذَلِكَ، أَوْ صُدِّقَ الْمُشْتَرِي فِي قَوْلِهِ، أَوْ تَقُومُ بَيِّنَةٌ عَلَى أَنَّ الشَّيْءَ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ هُوَ مِلْكُ الْمُشْتَرِي لَهُ. فَإِنْ أَخَذَ الْمُشْتَرِي لَهُ مَالَهُ، وَلَمْ يَجُزِ الشِّرَاءُ انْتُقِضَ الْبَيْعُ فِيمَا إِذَا صُدِّقَ الْبَائِعُ، وَلَمْ يُنْتَقَضْ فِي قِيَامِ الْبَيِّنَةِ أَنَّ الْمَال لَهُ، بَل يَرْجِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِمِثْل الثَّمَنِ، وَيَلْزَمُهُ الْبَيْعُ عَلَى قَوْل ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ.
وَقَال ابْنُ الْمَاجِشُونِ: الْقَوْل قَوْل الْمُشْتَرِي لَهُ، فَيَحْلِفُ أَنَّهُ مَا أَمَرَ الْمُشْتَرِيَ، وَيَأْخُذُ مَالَهُ إِنْ شَاءَ مِنَ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ شَاءَ مِنَ الْبَائِعِ. فَإِنْ أَخَذَهُ مِنَ الْبَائِعِ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُشْتَرِي
(1) تبيين الحقائق 4 / 103 ط دار المعرفة، ونتائج الأفكار 5 / 311 ط الأميرية، وحاشية ابن عابدين 4 / 6 ط المصرية.
وَيُلْزِمُهُ الشِّرَاءَ، وَإِنْ أَخَذَهُ مِنَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَكُنْ لَهُ رُجُوعٌ عَلَى الْبَائِعِ (1) .
18 -
وَأَمَّا الشَّافِعِيَّةُ: فَذَكَرُوا فِي شِرَاءِ الْفُضُولِيِّ تَفْصِيلاً؛ لأَِنَّ الْفُضُولِيَّ إِمَّا أَنْ يَشْتَرِيَ لِغَيْرِهِ بِعَيْنِ مَال الْغَيْرِ، وَإِمَّا أَنْ يَشْتَرِي لِغَيْرِهِ فِي الذِّمَّةِ، وَإِمَّا أَنْ يَشْتَرِيَ لِغَيْرِهِ بِمَال نَفْسِهِ. فَإِنِ اشْتَرَى لِغَيْرِهِ بِعَيْنِ مَال الْغَيْرِ فَفِيهِ قَوْلَانِ: الْجَدِيدُ بُطْلَانُهُ، وَالْقَدِيمُ وَقْفُهُ عَلَى الإِْجَازَةِ. وَإِنِ اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ نُظِرَ إِنْ أَطْلَقَ أَوْ نَوَى كَوْنَهُ لِلْغَيْرِ، فَعَلَى الْجَدِيدِ يَقَعُ لِلْمُبَاشِرِ، وَعَلَى الْقَدِيمِ يَقِفُ عَلَى الإِْجَازَةِ، فَإِنْ رَدَّ نَفَذَ فِي حَقِّ الْفُضُولِيِّ. وَلَوْ قَال: اشْتَرَيْتُ لِفُلَانٍ بِأَلْفٍ فِي ذِمَّتِهِ، فَهُوَ كَاشْتِرَائِهِ بِعَيْنِ مَال الْغَيْرِ. وَلَوِ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ: اشْتَرَيْتُ لِفُلَانٍ بِأَلْفٍ، وَلَمْ يُضِفِ الثَّمَنَ إِلَى ذِمَّتِهِ فَعَلَى الْجَدِيدِ وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: يَلْغُو الْعَقْدُ، وَالثَّانِي: يَقَعُ عَنِ الْمُبَاشِرِ. وَعَلَى الْقَدِيمِ يَقِفُ عَلَى إِجَازَةِ فُلَانٍ، فَإِنْ رَدَّ فَفِيهِ الْوَجْهَانِ.
وَلَوِ اشْتَرَى شَيْئًا لِغَيْرِهِ بِمَال نَفْسِهِ نُظِرَ: إِنْ لَمْ يُسَمِّهِ وَقَعَ الْعَقْدُ عَنِ الْمُبَاشِرِ، سَوَاءٌ أَذِنَ ذَلِكَ الْغَيْرُ أَمْ لَا، وَإِنْ سَمَّاهُ نُظِرَ: إِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ لَغَتِ التَّسْمِيَةُ، وَهَل يَقَعُ عَنْهُ أَمْ يَبْطُل؟ وَجْهَانِ. وَإِنْ أَذِنَ لَهُ، فَهَل تَلْغُو التَّسْمِيَةُ، وَجْهَانِ. فَإِنْ قُلْنَا:
(1) مواهب الجليل 4 / 272 ط النجاح، وحاشية العدوي هامش الخرشي 5 / 18 ط دار صادر.