الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- فَإِنْ بَاعَهُ بِمِثْلِهِ، فَلَيْسَ هَذَا بَيْعًا فِي الْحَقِيقَةِ، إِنَّمَا سَلَّمَ إِلَيْهِ مُبَاحًا وَأَخَذَ مِثْلَهُ مُبَاحًا، وَلِكُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا الاِنْتِفَاعُ بِمَا أَخَذَ، وَصَارَ أَحَقَّ بِهِ، لِثُبُوتِ يَدِهِ عَلَيْهِ.
فَعَلَى هَذَا لَوْ بَاعَ صَاعًا بِصَاعَيْنِ، وَافْتَرَقَا قَبْل الْقَبْضِ جَازَ، لأَِنَّهُ لَيْسَ بِبَيْعٍ. وَإِنْ بَاعَهُ نَسِيئَةً، أَوْ أَقْرَضَهُ إِيَّاهُ فَأَخَذَهُ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ إِيفَاؤُهُ، فَإِنْ وَفَّاهُ أَوْ رَدَّهُ إِلَيْهِ، عَادَتِ الْيَدُ إِلَيْهِ.
- وَإِنْ بَاعَهُ بِغَيْرِ الطَّعَامِ وَالْعَلَفِ، فَالْبَيْعُ أَيْضًا غَيْرُ صَحِيحٍ، وَيَصِيرُ الْمُشْتَرِي أَحَقَّ بِهِ، لِثُبُوتِ يَدِهِ عَلَيْهِ، وَلَا ثَمَنَ عَلَيْهِ. وَإِنْ أَخَذَ مِنْهُ وَجَبَ رَدُّهُ إِلَيْهِ (1) .
30 -
وَمِنْ هَذَا يَتَّضِحُ أَنَّ الاِتِّجَاهَ الْعَامَّ فِي الْفِقْهِ
- بِغَضِّ النَّظَرِ عَمَّا رُوِيَ مِنْ قَوْلٍ لِلشَّافِعِيَّةِ، وَعَنْ حَال مُبَادَلَةِ الطَّعَامِ بِالْمِثْل وَغَيْرِهِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ - هُوَ عَدَمُ جَوَازِ بَيْعِ الْمَغَانِمِ قَبْل الْقِسْمَةِ، كَمَا هُوَ نَصُّ الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ، الَّذِي نَهَى عَنْ شِرَاءِ الْمَغَانِمِ حَتَّى تُقْسَمَ.
وَفِي هَذَا يَقُول الشَّوْكَانِيُّ: مُقْتَضَى النَّهْيِ عَدَمُ صِحَّةِ بَيْعِهَا قَبْل الْقِسْمَةِ، لأَِنَّهُ لَا مِلْكَ - عَلَى مَا هُوَ الأَْظْهَرُ مِنْ قَوْل الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ - لأَِحَدٍ مِنَ الْغَانِمِينَ قَبْلَهَا، فَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ أَكْل أَمْوَال النَّاسِ بِالْبَاطِل (2) .
(1) المغني 10 / 489، والشرح الكبير في ذيله 10 / 469.
(2)
نيل الأوطار 5 / 149، 150.
31 -
هَذَا حُكْمُ بَيْعِ الْغُزَاةِ الْغَانِمِينَ أَنْصِبَتَهُمْ وَمَا يَأْخُذُونَهُ مِنَ الْغَنَائِمِ، قَبْل الْقِسْمَةِ.
أَمَّا حُكْمُ بَيْعِ الإِْمَامِ الْغَنَائِمَ قَبْل الْقِسْمَةِ، فَقَدْ عَرَضَ لَهُ الْحَنَفِيَّةُ فَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّهُ يَصِحُّ.
لأَِنَّهُ مُجْتَهِدٌ فِيهِ، يَعْنِي أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الإِْمَامُ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي ذَلِكَ، وَأَقَلُّهَا تَخْفِيفُ إِكْرَاهِ الْحَمْل عَلَى النَّاسِ، أَوْ عَنِ الْبَهَائِمِ وَنَحْوِهِ، وَتَخْفِيفُ مُؤْنَتِهِ عَنْهُمْ، فَيَقَعُ عَنِ اجْتِهَادٍ فِي الْمَصْلَحَةِ، فَلَا يَقَعُ جُزَافًا، فَيَنْعَقِدُ بِلَا كَرَاهَةٍ مُطْلَقًا (1) .
كَمَا عَرَضَ لَهُ الْمَالِكِيَّةُ أَيْضًا، وَلَهُمْ فِيهِ قَوْلَانِ:
الأَْوَّل: وُجُوبُ بَيْعِ الإِْمَامِ الأَْرْبَعَةَ الأَْخْمَاسَ مِنَ الْغَنَائِمِ، لِيَقْسِمَهَا بَيْنَ الْمُجَاهِدِينَ؛ لأَِنَّ قِسْمَةَ الأَْثْمَانِ أَقْرَبُ إِلَى الْمُسَاوَاةِ، لِمَا يَدْخُل التَّقْوِيمَ مِنَ الْخَطَأِ.
الآْخَرُ: عَدَمُ الْوُجُوبِ، بَل الإِْمَامُ مُخَيَّرٌ، فَإِنْ شَاءَ بَاعَ وَقَسَمَ الثَّمَنَ، وَإِنْ شَاءَ قَسَمَ الأَْعْيَانَ بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ مِنَ الْمَصْلَحَةِ (2) .
الشَّرْطُ الْخَامِسُ: أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مَقْدُورَ التَّسْلِيمِ
.
32 -
نَصَّ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ كَوْنَهُ مَقْدُورَ التَّسْلِيمِ
(1) فتح القدير 5 / 227.
(2)
شرح الخرشي 3 / 136، وانظر الشرح الكبير للدردير 2 / 194، والقوانين الفقهية 100.