الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اشْتِرَاطُ عِلْمِ الْبَائِعِ بِقَصْدِ الْمُشْتَرِي اتِّخَاذَ الْعَصِيرِ لِلْخَمْرِ:
107 -
اشْتَرَطَ الْجُمْهُورُ لِلْمَنْعِ مِنْ هَذَا الْبَيْعِ: أَنْ يَعْلَمَ الْبَائِعُ بِقَصْدِ الْمُشْتَرِي اتِّخَاذَ الْخَمْرِ مِنَ الْعَصِيرِ، فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ لَمْ يُكْرَهْ بِلَا خِلَافٍ، كَمَا ذَكَرَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ صَرِيحُ كَلَامِ الْمَرْغِينَانِيِّ الآْنِفِ الذِّكْرِ.
وَكَذَلِكَ قَال ابْنُ قُدَامَةَ: إِنَّمَا يَحْرُمُ الْبَيْعُ إِذَا عَلِمَ الْبَائِعُ قَصْدَ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ: إِمَّا بِقَوْلِهِ، وَإِمَّا بِقَرَائِنَ مُخْتَصَّةٍ بِهِ تَدُل عَلَى ذَلِكَ.
أَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فَاكْتَفَوْا بِظَنِّ الْبَائِعِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَعْصِرُ خَمْرًا أَوْ مُسْكِرًا، وَاخْتَارَهُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ (1) .
108 -
أَمَّا إِذَا لَمْ يَعْلَمِ الْبَائِعُ بِحَال الْمُشْتَرِي، أَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي مِمَّنْ يَعْمَل الْخَل وَالْخَمْرَ مَعًا، أَوْ كَانَ الْبَائِعُ يَشُكُّ فِي حَالِهِ، أَوْ يَتَوَهَّمُ:
- فَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ الْجَوَازُ، كَمَا هُوَ نَصُّ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.
- وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ الْبَيْعَ فِي حَال الشَّكِّ أَوِ التَّوَهُّمِ مَكْرُوهٌ (2) .
(1) رد المحتار 5 / 250، والمغني 4 / 284، وتحفة المحتاج 4 / 316، وشرح المحلي وحاشية القليوبي عليه 2 / 184، والإنصاف 4 / 327. وقال المرداوي فيه: وهو الصواب.
(2)
الدر المختار ورد المحتار 5 / 250، والمغني 4 / 284، وشرح المحلي على المنهاج وحاشية القليوبي 2 / 184، 185، وتحفة المحتاج 4 / 316، وشرح المنهج بحاشية الجمل 3 / 93.
حُكْمُ بَيْعِ الْعَصِيرِ لِذِمِّيٍّ يَتَّخِذُهُ خَمْرًا:
109 -
إِنَّ مُقْتَضَى الْعُمُومِ وَالإِْطْلَاقِ فِي مَنْعِ بَيْعِ الْعَصِيرِ مِمَّنْ يَتَّخِذُهُ خَمْرًا، وَكَذَا مَا عَلَّلَتْهُ الشُّرُوحُ - كَمَا يَقُول ابْنُ عَابِدِينَ - أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ فِي بَيْعِ الْعَصِيرِ مِنْهُمَا، وَأَنَّ مَنْ ذَهَبَ مِنَ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الْكُفَّارَ غَيْرُ مُخَاطَبِينَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ، يَرَوْنَ جَوَازَ بَيْعِ الْعَصِيرِ مِنَ الْكَافِرِ. وَالأَْصَحُّ أَنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ وَلَا فَرْقَ، وَصَرَّحَ بِذَلِكَ الْحَنَابِلَةُ أَيْضًا.
وَالشَّافِعِيَّةُ صَرَّحُوا بِذَلِكَ، وَقَالُوا بِحُرْمَةِ الْبَيْعِ لِلْعَاصِرِ وَلَوْ كَانَ كَافِرًا، لِحُرْمَةِ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كُنَّا لَا نَتَعَرَّضُ لَهُ بِشَرْطِهِ، أَيْ عَدَمَ إِظْهَارِهِ. (1)
الْحُكْمُ فِي بَيْعِ الْعَصِيرِ وَشُمُولِهِ لِغَيْرِهِ:
110 -
عَمَّمَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ الْحُكْمَ فِي بَيْعِ الْعَصِيرِ مِمَّنْ يَتَّخِذُهُ خَمْرًا، وَلَمْ يُقْصِرُوهُ عَلَى الْعَصِيرِ، بَل عَدَّوْهُ إِلَى الْعِنَبِ نَفْسِهِ وَإِلَى الرُّطَبِ وَالزَّبِيبِ، فَهِيَ مِثْل الْعَصِيرِ فِي التَّحْرِيمِ، كُلَّمَا قُصِدَ بِهَا اتِّخَاذُ الْخَمْرِ وَالْمُسْكِرِ.
فَقَال الشَّافِعِيَّةُ: وَبَيْعُ نَحْوِ رُطَبٍ، كَعِنَبٍ، لِمُتَّخِذِهِ مُسْكِرًا.
(1) رد المحتار 5 / 250، وكشاف القناع 3 / 181، وحاشية الشرواني وابن قاسم العبادي على تحفة المحتاج 4 / 316، وحاشية الجمل على شرح المنهج 3 / 93.