الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثَّمَرِ وَلَا بَعْضِهِ (وَكَذَا الْحَبُّ) وَعِبَارَةُ مُتُونِهِمْ فِي هَذَا صَرِيحَةٌ، وَنَصُّهَا: وَمَنْ بَاعَ ثَمَرَةً لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا، أَوْ قَدْ بَدَا، جَازَ الْبَيْعُ، وَعَلَى الْمُشْتَرِي قَطْعُهَا فِي الْحَال، وَإِنْ شَرَطَ تَرْكَهَا عَلَى النَّخْل فَسَدَ الْبَيْعُ، وَقِيل: لَا إِذَا تَنَاهَتْ، وَبِهِ يُفْتَى (1)
بَيْعُ الْمُتَلَاحِقِ مِنَ الثَّمَرِ وَنَحْوِهِ:
85 -
وَيَتَّصِل بِبَيْعِ الثَّمَرِ قَبْل بُدُوِّ صَلَاحِهِ - عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي فِيهِ - مَسْأَلَةُ مَا إِذَا بَاعَ ثَمَرَةً قَدْ بَدَا صَلَاحُهَا، وَكَانَتْ مِمَّا تُطْعَمُ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ.
وَيَغْلِبُ تَلَاحُقُ ثَمَرِهَا، وَيَخْتَلِطُ مَا يَحْدُثُ مِنْهَا بِالْمَوْجُودِ، كَالتِّينِ وَالْقِثَّاءِ وَالْبِطِّيخِ، وَكَذَا فِي الزَّرْعِ كَالْبِرْسِيمِ (وَهُوَ الْفَصْفَصَةُ) وَكَذَا فِي الْوَرْدِ وَنَحْوِهِ، وَتُعْرَفُ بِمَسْأَلَةِ الثَّمَرِ الْمُتَلَاحِقِ، وَفِيهَا بَعْضُ الْخِلَافِ.
(أ) فَمَذْهَبُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ الأَْصَحُّ عِنْدَهُمْ قِيَاسًا: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ، وَذَلِكَ:
لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ لِتَعَذُّرِ التَّمْيِيزِ، فَأَشْبَهَ هَلَاكَهُ قَبْل التَّسْلِيمِ، كَمَا يَقُول الْمَرْغِينَانِيُّ وَالْكَمَال مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَاقْتَصَرَ عَلَى صَدْرِ التَّعْلِيل
(1) شروح الهداية 5 / 488، 489، ومتن تنوير الأبصار بشرحه الدر المختار ورد المحتار عليه 4 / 39
الْقَاضِي زَكَرِيَّا الأَْنْصَارِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ، وَعَلَّلَهُ السَّرَخْسِيُّ بِأَنَّهُ جَمَعَ فِي الْعَقْدِ بَيْنَ الْمَوْجُودِ وَالْمَعْدُومِ، وَالْمَعْدُومُ لَا يَقْبَل الْبَيْعَ، وَحِصَّةُ الْمَوْجُودِ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ (1) .
وَعَلَّلَهُ الْحَنَابِلَةُ بِأَنَّهُ ثَمَرَةٌ لَمْ تُخْلَقْ، فَلَمْ يَجُزْ بَيْعُهَا، كَمَا لَوْ بَاعَهَا قَبْل ظُهُورِ شَيْءٍ مِنْهَا، وَالْحَاجَةُ تَنْدَفِعُ بِبَيْعِ أُصُولِهِ.
وَمَا لَمْ يُخْلَقْ مِنْ ثَمَرَةِ النَّخْل، لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ تَبَعًا لِمَا خُلِقَ، وَإِنْ كَانَ مَا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ تَبَعًا لِمَا بَدَا صَلَاحُهُ، لأَِنَّ مَا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ يَجُوزُ إِفْرَادُهُ بِالْبَيْعِ فِي بَعْضِ الأَْحْوَال كَمَا تَقَدَّمَ، وَأَمَّا مَا لَمْ يُخْلَقْ فَلَا (2) .
86 -
(ب) وَمَذْهَبُ مَالِكٍ جَوَازُهُ، وَهُوَ أَيْضًا مَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ كَالْحَلْوَانِيِّ وَأَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْل الْبُخَارِيِّ وَآخَرِينَ اسْتِحْسَانًا، وَذَلِكَ بِجَعْل الْمَوْجُودِ أَصْلاً فِي الْعَقْدِ، وَمَا يَحْدُثُ بَعْدَهُ تَبَعًا لَهُ، مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِكَوْنِ الْمَوْجُودِ وَقْتَ الْعَقْدِ أَكْثَرَ. وَرَجَّحَهُ ابْنُ عَابِدِينَ وَوَجَّهَهُ.
وَوَجْهُ الاِسْتِحْسَانِ هُوَ تَعَامُل النَّاسِ، فَإِنَّهُمْ تَعَامَلُوا بِبَيْعِ ثِمَارِ الْكَرْمِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ، وَلَهُمْ فِي
(1) شرح المحلي على المنهاج 2 / 237، والمغني 4 / 207، وكشاف القناع 3 / 212، والدر المختار 4 / 38، والهداية وفتح القدير 5 / 489، 492، وشرح المنهج بحاشية الجمل 3 / 206
(2)
المغني 4 / 207