الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَرَفْعُ الْفَسَادِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، فَيَظْهَرُ فِي حَقِّ الْكَافَّةِ، وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى قَضَاءٍ وَلَا رِضَاءٍ (1) .
الثَّانِي: بِالْفِعْل، وَذَلِكَ بِأَنْ يُرَدَّ الْمَبِيعُ عَلَى بَائِعِهِ بِأَيِّ وَجْهٍ، بِهِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ، أَوْ إِعَارَةٍ، أَوْ بَيْعٍ أَوْ إِجَارَةٍ، فَإِذَا فَعَل ذَلِكَ، وَوَقَعَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ بَائِعِهِ - حَقِيقَةً، أَوْ حُكْمًا كَالتَّخْلِيَةِ - فَهُوَ مُتَارَكَةٌ لِلْبَيْعِ، وَبَرِئَ الْمُشْتَرِي مِنْ ضَمَانِهِ (2) .
مَا يَبْطُل بِهِ حَقُّ الْفَسْخِ:
29 -
لَا يَسْقُطُ حَقُّ الْفَسْخِ بِصَرِيحِ الإِْبْطَال وَالإِْسْقَاطِ، بِأَنْ يَقُول: أَسْقَطْتُ، أَوْ: أَبْطَلْتُ، أَوْ: أَوْجَبْتُ الْبَيْعَ، أَوْ أَلْزَمْتُهُ؛ لأَِنَّ وُجُوبَ الْفَسْخِ ثَبَتَ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى، دَفْعًا لِلْفَسَادِ، وَمَا ثَبَتَ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى خَالِصًا، لَا يَقْدِرُ الْعَبْدُ عَلَى إِسْقَاطِهِ مَقْصُودًا، كَخِيَارِ الرُّؤْيَةِ.
لَكِنْ قَدْ يَسْقُطُ بِطَرِيقِ الضَّرُورَةِ، بِأَنْ يَتَصَرَّفَ الْعَبْدُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ مَقْصُودًا، فَيَتَضَمَّنُ ذَلِكَ سُقُوطَ حَقِّ اللَّهِ عز وجل، بِطَرِيقِ الضَّرُورَةِ.
وَإِذَا بَطَل حَقُّ الْفَسْخِ لَزِمَ الْبَيْعُ، وَتَقَرَّرَ الضَّمَانُ، وَإِذَا لَمْ يَبْطُل لَا يَلْزَمُ الْبَيْعُ، وَلَا يَتَقَرَّرُ الضَّمَانُ.
وَفِيمَا يَلِي أَهَمُّ صُوَرِ ذَلِكَ.
(1) البدائع 5 / 300
(2)
بدائع الصنائع 5 / 300، والدر المختار ورد المحتار 4 / 125.
الصُّورَةُ الأُْولَى: التَّصَرُّفُ الْقَوْلِيُّ فِي الْمَبِيعِ بَيْعًا فَاسِدًا
.
30 -
أَطْلَقَ الْحَنَفِيَّةُ الْقَوْل بِأَنَّهُ يَبْطُل حَقُّ الْفَسْخِ بِكُل تَصَرُّفٍ يُخْرِجُ الْمَبِيعَ عَنْ مِلْكِ الْمُشْتَرِي (1) لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْعَبْدِ بِهِ (2) . وَهَذَا التَّعْلِيل هُوَ الَّذِي أَصَّلَهُ الْمَالِكِيَّةُ، وَذَلِكَ كَمَا لَوْ جَعَل الْمَبِيعَ مَهْرًا، أَوْ بَدَل صُلْحٍ، أَوْ بَدَل إِجَارَةٍ، وَعَلَّلُوهُ قَائِلِينَ: لِخُرُوجِهِ عَنْ مِلْكِهِ بِذَلِكَ (3) .
أَوْ وَهَبَهُ وَسَلَّمَهُ؛ لأَِنَّ الْهِبَةَ لَا تُفِيدُ الْمِلْكَ إِلَاّ بِالتَّسْلِيمِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ.
أَوْ رَهَنَهُ وَسَلَّمَهُ؛ لأَِنَّ الرَّهْنَ لَا يَلْزَمُ بِدُونِ التَّسْلِيمِ.
أَوْ وَقَفَهُ وَقْفًا صَحِيحًا، لأَِنَّهُ اسْتَهْلَكَهُ حِينَ وَقَفَهُ وَأَخْرَجَهُ عَنْ مِلْكِهِ (4) .
أَوْ أَوْصَى بِهِ ثُمَّ مَاتَ، لأَِنَّهُ يَنْتَقِل مِنْ مِلْكِهِ إِلَى مِلْكِ الْمُوصَى لَهُ، وَهُوَ مِلْكٌ مُبْتَدَأٌ، فَصَارَ كَمَا لَوْ بَاعَهُ.
أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ وَسَلَّمَهُ أَيْضًا، لأَِنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ مِلْكِ الْمُتَصَدِّقِ بِدُونِ تَسْلِيمٍ (5) .
وَكَذَا الْعِتْقُ، فَقَدِ اسْتَثْنَوْهُ لِقُوَّتِهِ وَسِرَايَتِهِ وَتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إِلَيْهِ (6) .
(1) رد المحتار 4 / 126 نقلا عن الوقاية.
(2)
الدر المختار 4 / 127، والشرح الكبير 3 / 74.
(3)
تبيين الحقائق 4 / 64، والدسوقي 3 / 74.
(4)
الاختيار 2 / 22، 23، وابن عابدين 4 / 126.
(5)
الدر المختار ورد المحتار عليه 4 / 126، 127.
(6)
الاختيار 2 / 22، 23، وابن عابدين 4 / 126.