الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عِنْدِي، أَبْتَاعُ لَهُ مِنَ السُّوقِ ثُمَّ أَبِيعُهُ؟ قَال: لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ} (1) .
وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا بِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ قَال: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ حَتَّى ذَكَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال:{لَا يَحِل سَلَفٌ وَبَيْعٌ، وَلَا شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ، وَلَا رِبْحُ مَا لَمْ يُضْمَنْ، وَلَا بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ} (2) .
وَبِمَا رُوِيَ أَيْضًا عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: {لَا طَلَاقَ إِلَاّ فِيمَا تَمْلِكُ، وَلَا عِتْقَ إِلَاّ فِيمَا تَمْلِكُ، وَلَا بَيْعَ إِلَاّ فِيمَا تَمْلِكُ} (3) .
فَهَذِهِ الأَْحَادِيثُ تَدُل عَلَى أَنَّ بَيْعَ الْفُضُولِيِّ بَاطِلٌ، لأَِنَّهُ تَصَرُّفٌ بِلَا مِلْكٍ وَلَا إِذْنٍ وَلَا وِلَايَةٍ وَلَا وَكَالَةٍ.
(1) تحفة الأحوذي 4 / 430 ط الثانية، والمجموع 9 / 262 ط السلفية، وكشاف القناع 3 / 157 ط النصر. وحديث حكيم بن حزام " لا تبع ما ليس عندك. . . . " أخرجه الترمذي (4 / 430 تحفة الأحوذي) وحسنه.
(2)
تحفة الأحوذي 4 / 431 - 432 ط الثانية. وحديث عمرو بن شعيب " لا يحل سلف وبيع. . . . " أخرجه الترمذي 3 / 535 ط الحلبي. وقال: حسن صحيح.
(3)
المجموع 9 / 262 - 263 ط السلفية. وحديث عمرو بن شعيب " لا طلاق إلا فيما تملك. . . " أخرجه أبو داود (3 / 640 ط عزت عبيد دعاس) ، والترمذي (3 / 868 ط الحلبي) . واللفظ لأبي داود، وقال الترمذي: حديث حسن، وهو أحسن شيء روي في هذا الباب.
وَأَيْضًا فَإِنَّهُ بَاعَ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ فَلَمْ يَصِحَّ، كَبَيْعِ الآْبِقِ وَالسَّمَكِ فِي الْمَاءِ وَالطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ (1) .
وَفِيمَا يَلِي تَفْصِيل الْمَذَاهِبِ فِي تَصَرُّفِ الْفُضُولِيِّ:
(أ) تَصَرُّفُ الْفُضُولِيِّ فِي الْبَيْعِ:
6 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ مِنْ شُرُوطِ الْبَيْعِ: أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مَمْلُوكًا لِلْبَائِعِ، أَوْ لَهُ عَلَيْهِ وِلَايَةٌ أَوْ وَكَالَةٌ تُجِيزُ تَصَرُّفَهُ فِيهِ، وَاتَّفَقُوا أَيْضًا عَلَى صِحَّةِ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ، إِذَا كَانَ الْمَالِكُ حَاضِرًا وَأَجَازَ الْبَيْعَ، لأَِنَّ الْفُضُولِيَّ حِينَئِذٍ يَكُونُ كَالْوَكِيل.
وَاتَّفَقُوا أَيْضًا عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ إِذَا كَانَ الْمَالِكُ غَيْرَ أَهْلٍ لِلإِْجَازَةِ، كَمَا إِذَا كَانَ صَبِيًّا وَقْتَ الْبَيْعِ.
7 -
وَمَحَل الْخِلَافِ فِي بَيْعِ الْفُضُولِيِّ إِذَا كَانَ الْمَالِكُ أَهْلاً لِلتَّصَرُّفِ وَبِيعَ مَالُهُ وَهُوَ غَائِبٌ، أَوْ كَانَ حَاضِرًا وَبِيعَ مَالُهُ وَهُوَ سَاكِتٌ، فَهَل يَصِحُّ بَيْعُ الْفُضُولِيِّ أَوْ لَا يَصِحُّ؟
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْهِ فِي الْجَدِيدِ، وَأَحْمَدُ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ: إِلَى أَنَّ الْبَيْعَ صَحِيحٌ، إِلَاّ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى إِجَازَةِ الْمَالِكِ.
(1) مغني المحتاج 2 / 15 ط الحلبي، والمجموع 9 / 261 - 264 ط السلفية.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَوْل الثَّانِي مِنَ الْجَدِيدِ، وَأَحْمَدُ فِي الرِّوَايَةِ الأُْخْرَى عَنْهُ: إِلَى أَنَّ الْبَيْعَ بَاطِلٌ (1) .
8 -
وَهَذَا كُلُّهُ مِنْ حَيْثُ الإِْجْمَال فَقَطْ، وَذَلِكَ لأَِنَّ الْحَنَفِيَّةَ يَذْكُرُونَ شُرُوطًا لِنَفَاذِ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ، وَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ بَقَاءِ الْمِلْكِ، وَيَتَحَقَّقُ بِبَقَاءِ الْعَاقِدَيْنِ: الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي، وَبَقَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ بِلَا تَغْيِيرٍ؛ لأَِنَّ الإِْجَازَةَ تَصَرُّفٌ فِي الْعَقْدِ، فَلَا بُدَّ مِنْ قِيَامِهِ، وَذَلِكَ بِقِيَامِ الْعَاقِدَيْنِ وَمَحَل الْعَقْدِ، كَمَا هُوَ الْحَال فِي إِنْشَاءِ الْعَقْدِ. وَاشْتَرَطُوا أَيْضًا أَنْ لَا يَبِيعَ الْفُضُولِيُّ الشَّيْءَ عَلَى أَنَّهُ لِنَفْسِهِ. وَأَمَّا الثَّمَنُ فَإِنَّهُمُ اشْتَرَطُوا قِيَامَهُ إِنْ كَانَ عَرَضًا، لأَِنَّ الْعَرَضَ يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ فَصَارَ كَالْمَبِيعِ، وَلَمْ يَشْتَرِطُوا قِيَامَ الثَّمَنِ إِنْ كَانَ دَيْنًا.
وَاشْتَرَطُوا أَيْضًا: بَقَاءَ الْمَالِكِ الأَْوَّل، وَهُوَ الْمَعْقُودُ لَهُ مَعَ عِلْمِهِ بِحَال الْمَبِيعِ وَقْتَ الإِْجَازَةِ مِنْ وُجُودِهِ أَوْ عَدَمِهِ؛ لأَِنَّ الْعَقْدَ مَوْقُوفٌ عَلَى
(1) بدائع الصنائع 5 / 147 ط الجمالية، وتبيين الحقائق 4 / 102، 103 ط دار المعرفة، وابن عابدين 4 / 136، وفتح القدير 5 / 309 ط الأميرية، وحاشية الدسوقي 2 / 12 ط الفكر، ومواهب الجليل 4 / 269، 270 ط النجاح، والخرشي 5 / 18 ط دار صادر، وروضة الطالبين 3 / 353 ط المكتب الإسلامي، وتحفة المحتاج 4 / 246، 247 ط دار صادر، والمجموع 9 / 259 ط السلفية، وكشاف القناع 3 / 157 ط النصر، والإنصاف 4 / 283 ط التراث، والفروع 2 / 466 - 467 ط الأولى المنار.
إِجَازَتِهِ، فَلَا يَنْفُذُ بِإِجَازَةِ غَيْرِهِ، فَلَوْ مَاتَ الْمَالِكُ لَمْ يَنْفُذْ بِإِجَازَةِ الْوَارِثِ، سَوَاءٌ أَكَانَ الثَّمَنُ دَيْنًا أَمْ عَرَضًا (1) .
وَلَوْ لَمْ يَعْلَمِ الْمَالِكُ حَال الْمَبِيعِ وَقْتَ الإِْجَازَةِ مِنْ بَقَائِهِ أَوْ عَدَمِهِ جَازَ الْبَيْعُ فِي قَوْل أَبِي يُوسُفَ أَوَّلاً، وَهُوَ قَوْل مُحَمَّدٍ، لأَِنَّ الأَْصْل بَقَاؤُهُ. ثُمَّ رَجَعَ أَبُو يُوسُفَ وَقَال: لَا يَصِحُّ مَا لَمْ يَعْلَمِ الْمَالِكُ قِيَامَ الْمَبِيعِ عِنْدَ الإِْجَازَةِ؛ لأَِنَّ الشَّكَّ وَقَعَ فِي شَرْطِ الإِْجَازَةِ، فَلَا يَثْبُتُ مَعَ الشَّكِّ (2) .
9 -
وَإِذَا أَجَازَ الْمَالِكُ صَارَ الْمَبِيعُ مِلْكًا لِلْمُشْتَرِي وَالثَّمَنُ مَمْلُوكًا لَهُ أَمَانَةً فِي يَدِ الْفُضُولِيِّ، فَلَوْ هَلَكَ لَا يَضْمَنُهُ كَالْوَكِيل، فَإِنَّ الإِْجَازَةَ اللَاّحِقَةَ بِمَنْزِلَةِ الْوَكَالَةِ السَّابِقَةِ، مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ بِهَا صَارَ تَصَرُّفُهُ نَافِذًا، وَلِذَا يُسَمَّى هَذَا النَّوْعُ مِنَ الإِْجَازَةِ (إِجَازَةُ عَقْدٍ)
هَذَا إِذَا كَانَ الثَّمَنُ دَيْنًا، فَإِنْ كَانَ عَيْنًا بِأَنْ بَاعَ الْفُضُولِيُّ مِلْكَ غَيْرِهِ بِعَرَضٍ مُعَيَّنٍ بَيْعَ مُقَايَضَةٍ، اشْتُرِطَ قِيَامُ الأَْرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَهِيَ: الْعَاقِدَانِ وَالْمَبِيعُ وَمَالِكُهُ الأَْوَّل، وَخَامِسٌ وَهُوَ ذَلِكَ الثَّمَنُ الْعَرَضُ، وَإِذَا أَجَازَ مَالِكُ الْمَبِيعِ
(1) مجمع الأنهر 2 / 94 - 95 ط العثمانية، والبحر الرائق 6 / 160 ط العلمية، وجامع الفصولين 1 / 230 ط بولاق.
(2)
العناية مع فتح القدير 5 / 313 ط الأميرية، وتبيين الحقائق 4 / 106 ط دار المعرفة، والبحر الرائق 6 / 160 ط العلمية.
وَالثَّمَنُ عَرَضٌ - فَالْفُضُولِيُّ يَكُونُ بِبَيْعِ مَال الْغَيْرِ مُشْتَرِيًا لِلْعَرَضِ مِنْ وَجْهٍ، وَالشِّرَاءُ لَا يَتَوَقَّفُ إِذَا وُجِدَ نَفَاذًا، فَيَنْفُذُ عَلَى الْفُضُولِيِّ، فَيَصِيرُ مَالِكًا لِلْعَرَضِ، وَالَّذِي تُفِيدُهُ الإِْجَازَةُ أَنَّهُ أَجَازَ لِلْفُضُولِيِّ أَنْ يَنْقُدَ ثَمَنَ مَا اشْتَرَاهُ مِنْ ذَلِكَ الْعَرَضِ مِنْ مَالِهِ، وَلِذَا تُسَمَّى إِجَازَةَ الْعَقْدِ، كَأَنَّهُ قَال: اشْتَرِ هَذَا الْعَرَضَ لِنَفْسِكَ، وَانْقُدْهُ ثَمَنَهُ مِنْ مَالِي هَذَا قَرْضًا عَلَيْكَ، فَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا فَعَلَيْهِ مِثْلُهُ، وَإِنْ كَانَ قِيَمِيًّا كَثَوْبٍ فَقِيمَتُهُ. فَيَصِيرُ مُسْتَقْرِضًا لِلثَّوْبِ. وَالْقَرْضُ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ فِي الْقِيَمِيَّاتِ لَكِنَّ ذَلِكَ إِذَا كَانَ قَصْدًا. وَهُنَا إِنَّمَا يَثْبُتُ ضِمْنًا مُقْتَضًى لِصِحَّةِ الشِّرَاءِ، فَيُرَاعَى فِيهِ شَرَائِطُ صِحَّةِ الْمُقْتَضِي، وَهُوَ الشِّرَاءُ لَا غَيْرُ (1) .
10 -
وَصَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّ لِلْفُضُولِيِّ أَنْ يَفْسَخَ قَبْل إِجَازَةِ الْمَالِكِ، دَفْعًا لِلُحُوقِ الضَّرَرِ عَنْ نَفْسِهِ؛ لأَِنَّ حُقُوقَ الْبَيْعِ تَرْجِعُ إِلَيْهِ، بِخِلَافِ الْفُضُولِيِّ فِي النِّكَاحِ، لأَِنَّهُ مُعَبِّرٌ مَحْضٌ (2) .
11 -
وَذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ أَيْضًا أَنَّ الْفُضُولِيَّ بَعْدَ الإِْجَازَةِ يَصِيرُ حُكْمُهُ حُكْمَ الْوَكِيل، حَتَّى لَوْ حَطَّ مِنَ الثَّمَنِ ثُمَّ أَجَازَ الْمَالِكُ الْبَيْعَ يَثْبُتُ الْبَيْعُ وَالْحَطُّ، سَوَاءٌ عَلِمَ الْمَالِكُ الْحَطَّ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ، إِلَاّ أَنَّهُ إِذَا عَلِمَ بِالْحَطِّ بَعْدَ الإِْجَازَةِ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ.
(1) مجمع الأنهر 2 / 95، 312 ط العثمانية.
(2)
مجمع الأنهر 2 / 95 ط العثمانية، وفتح القدير 5 / 312 ط الأميرية.
وَوَجْهُهُ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ أَنَّهُ يَصِيرُ بِالإِْجَازَةِ كَوَكِيلٍ، وَلَوْ حَطَّهُ الْوَكِيل لَا يَتَمَكَّنُ الْمُوَكِّل مِنْ مُطَالَبَةِ الْمُشْتَرِي بِهِ، كَذَا هَذَا (1) .
12 -
وَاشْتَرَطَ الْمَالِكِيَّةُ لِصِحَّةِ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ ثَلَاثَةَ شُرُوطٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ لَا يَكُونَ الْمَالِكُ حَاضِرًا مَجْلِسَ الْبَيْعِ، وَلَكِنَّهُ حَاضِرٌ فِي الْبَلَدِ، أَوْ غَائِبٌ عَنْهُ غَيْبَةً قَرِيبَةً، لَا بَعِيدَةً بِحَيْثُ يَضُرُّ الصَّبْرُ إِلَى قُدُومِهِ أَوْ مَشُورَتِهِ. فَإِنْ كَانَ حَاضِرًا مَجْلِسَ الْعَقْدِ وَسَكَتَ لَزِمَهُ الْبَيْعُ، وَلِلْبَائِعِ الثَّمَنُ، فَإِنْ مَضَى نَحْوُ عَامٍ وَلَمْ يُطَالِبْ بِالثَّمَنِ فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ (2) ، وَلَا يُعْذَرُ بِجَهْلٍ فِي سُكُوتِهِ إِذَا ادَّعَاهُ. وَمَحَل مُطَالَبَةِ الْمَالِكِ لِلْفُضُولِيِّ بِالثَّمَنِ مَا لَمْ يَمْضِ عَامٌ، فَإِنْ مَضَى الْعَامُ وَهُوَ سَاكِتٌ سَقَطَ حَقُّهُ فِي الثَّمَنِ. هَذَا إِنْ بِيعَ بِحَضْرَتِهِ، أَمَّا إِنْ بِيعَ فِي غَيْبَتِهِ فَلَهُ نَقْضُ الْبَيْعِ إِلَى سَنَةٍ، فَإِنْ مَضَتْ سَقَطَ حَقُّهُ فِي النَّقْضِ.
وَلَا يَسْقُطُ حَقُّهُ فِي الثَّمَنِ مَا لَمْ تَمْضِ مُدَّةُ الْحِيَازَةِ، وَهِيَ عَشَرَةُ أَعْوَامٍ (3) .
ثَانِيهَا: أَنْ يَكُونَ فِي غَيْرِ الصَّرْفِ، وَأَمَّا فِيهِ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ.
(1) جامع الفصولين 1 / 231 ط الأميرية.
(2)
الزرقاني 5 / 19 ط الفكر.
(3)
الشرح الكبير 3 / 12 ط الفكر، والشرح الصغير 3 / 26 ط دار المعارف.
ثَالِثُهَا: أَنْ يَكُونَ فِي غَيْرِ الْوَقْفِ، وَأَمَّا فِيهِ فَبَاطِلٌ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى رِضَا وَاقِفِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمِلْكُ لَهُ (1) .
13 -
وَذَكَرَ الْمَالِكِيَّةُ أَيْضًا أَنَّ لِلْمَالِكِ نَقْضَ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ، غَاصِبًا أَوْ غَيْرَهُ إِنْ لَمْ يَفُتْ، فَإِنْ فَاتَ بِذَهَابِ عَيْنِهِ فَقَطْ، فَعَلَيْهِ الأَْكْثَرُ مِنْ ثَمَنِهِ وَقِيمَتِهِ (2) .
وَقَالُوا: إِنَّ لِلْمُشْتَرِي مِنَ الْفُضُولِيِّ الْغَلَّةَ قَبْل عِلْمِ الْمَالِكِ، إِذَا كَانَ الْمُشْتَرِي غَيْرَ عَالِمٍ بِالتَّعَدِّي، أَوْ كَانَتْ هُنَاكَ شُبْهَةٌ تَنْفِي عَنِ الْبَائِعِ التَّعَدِّي، لِكَوْنِهِ حَاضِنًا لِلأَْطْفَال مَثَلاً كَالأُْمِّ تَقُومُ بِهِمْ وَتَحْفَظُهُمْ، أَوْ لِكَوْنِهِ مِنْ سَبَبِ الْمَالِكِ أَيْ مِنْ نَاحِيَتِهِ مِمَّنْ يَتَعَاطَى أُمُورَهُ، وَيَزْعُمُ أَنَّهُ وَكِيلٌ، ثُمَّ يَقْدُمُ الْمَالِكُ وَيُنْكِرُ وَنَحْوُ ذَلِكَ. وَيَدُل لَهُ مَسْأَلَةُ الْيَمِينِ: أَنْ لَا يَبِيعَ لِفُلَانٍ، فَبَاعَ لِمَنْ هُوَ مِنْ سَبَبِهِ (3) .
وَتَذْكُرُ كُتُبُ الْمَالِكِيَّةِ أَيْضًا حُكْمًا آخَرَ فَرَّعُوهُ عَلَى الْجَوَازِ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ غَيْرُهُمْ، وَهُوَ حُكْمُ قُدُومِ الْفُضُولِيِّ عَلَى الْبَيْعِ، فَقَدْ ذَكَرَ الدُّسُوقِيُّ فِي
(1) الزرقاني 5 / 19 ط الفكر.
(2)
الزرقاني 5 / 19 ط الفكر، والدسوقي 3 / 12 ط الفكر، وجواهر الإكليل 2 / 5 ط دار المعرفة.
(3)
الخرشي مع حاشية العدوي 5 / 18 ط صادر، والزرقاني 5 / 19 ط الفكر، والدسوقي مع الشرح الكبير 3 / 12 ط الفكر.
حَاشِيَتِهِ: أَنَّهُ قَدْ قِيل بِمَنْعِهِ، وَقِيل: بِجَوَازِهِ، وَقِيل بِمَنْعِهِ فِي الْعَقَارِ وَالْجَوَازِ فِي الْعُرُوضِ (1) .
14 -
هَذَا وَالْقَوْل بِبُطْلَانِ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ هُوَ الصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي الْجَدِيدِ، وَبِهِ قَطَعَ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ وَجَمَاهِيرُ الْعِرَاقِيِّينَ، وَكَثِيرُونَ، أَوِ الأَْكْثَرُونَ مِنَ الْخُرَاسَانِيِّينَ كَمَا جَاءَ فِي الْمَجْمُوعِ.
وَأَمَّا الْقَوْل بِانْعِقَادِهِ مَوْقُوفًا عَلَى إِجَازَةِ الْمَالِكِ فَهُوَ الْقَوْل الْقَدِيمُ الَّذِي حَكَاهُ الْخُرَاسَانِيُّونَ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْعِرَاقِيِّينَ، مِنْهُمْ الْمَحَامِلِيُّ فِي اللُّبَابِ وَالشَّاشِيُّ وَصَاحِبُ الْبَيَانِ.
وَأَمَّا قَوْل إِمَامِ الْحَرَمَيْنِ: إِنَّ الْعِرَاقِيِّينَ لَمْ يَعْرِفُوا هَذَا الْقَوْل، وَقَطَعُوا بِالْبُطْلَانِ، فَمُرَادُهُ مُتَقَدِّمُوهُمْ كَمَا جَاءَ فِي الْمَجْمُوعِ. ثُمَّ إِنَّ كُل مَنْ حَكَاهُ إِنَّمَا حَكَاهُ عَنِ الْقَدِيمِ خَاصَّةً، وَهُوَ نَصٌّ لِلشَّافِعِيِّ فِي الْبُوَيْطِيِّ، وَهُوَ مِنَ الْجَدِيدِ، قَال الشَّافِعِيُّ فِي آخِرِ بَابِ الْغَصْبِ مِنَ الْبُوَيْطِيِّ: إِنْ صَحَّ حَدِيثُ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ، فَكُل مَنْ بَاعَ أَوْ أَعْتَقَ مِلْكَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ ثُمَّ رَضِيَ، فَالْبَيْعُ وَالْعِتْقُ جَائِزَانِ. هَذَا نَصُّهُ، وَقَدْ صَحَّ حَدِيثُ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ السَّابِقُ نَصُّهُ، فَصَارَ لِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ فِي الْجَدِيدِ أَحَدُهُمَا مُوَافِقٌ لِلْقَدِيمِ (2) .
(1) الدسوقي 3 / 12 ط الفكر، والفروق للقرافي 2 / 244 ط دار المعرفة.
(2)
المجموع 9 / 259 ط السلفية، ومغني المحتاج 2 / 15 ط الحلبي، وفتح الباري 6 / 632 ط الرياض. وسنن البيهقي 6 / 112 ط الأولى. وحديث عروة سبق تخريجه (ف 4) .