الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
له، أما والله ليَفوتنّهم سبقًا وليقسمن بينهم حظوظا وجدودًا! ويقال إنه إبليس، فقال أبو طالب:
إن لنا أوله وآخره
…
في الحكم والعدل الذي لا ننكره
وقد جهدنا جهده لنعمره
…
وقد عمرنا خيره وأكثره
فإن يكن حقا ففينا أوفره
ثم بنوا حتى انتهوا إلى موضع الخشب، فكان خمسة عشر جائزًا سقفوا البيت عليه، وبنوه على ستة أعمدة، وأخرجوا الحجر من البيت.
قال: أخبرنا محمَّد بن عمر، أخبرنا ابن جريج عن الوليد بن عطاء عن الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن قومك استقصروا من بنيان الكعبة ولولا حداثة عهدهم بالشرك أعدت فيه ما تركوا منه فإن بدا لقومك من بعدي أن يبنوه فهلمي أريك ما تركوا منه، فأراها قريبا من سبع أذرع في الحجر قالت: وقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في حديثه: ولجعلت لها بابين موضوعين في الأرض شرقيا وغربيًا. أتدرين لم كان قومك رفعوا بابها؟ فقلت له: لا أدري، قال: تعززًا ألا يدخلها إلا من أرادوا، وكان الرجل إذا كرهوا أن يدخل يدعونه حتى إذا كاد أن يدخل دفعوه حتى يسقط.
قال: أخبرنا محمَّد بن عمر قال: حدثني عبد الله بن يزيد الهُذلي عن سعيد بن عمرو عن أبيه قال: رأيت قريشًا يفتحون البيت في الجاهلية يوم الاثنين ويوم الخميس، فكان حجابه يجلسون على بابه، فيرقي الرجل فإذا كانوا لا يريدون دخوله دفع فطرح، فربما عطب، وكانوا لا يدخلون الكعبة بحذاء يعظمون ذلك، يضعون نعالهم تحت الدرج.
بناء الكعبة برواية الأزرقي
حدثني جدي قال: حدثنا مسلم ابن خالد الزنجي عن ابن أبي نجيح عن أبيه قال: جلس رجال من قريش في المسجد الحرام فيهم حويطب بن عبد العزى ومخرمة بن نوفل فتذاكروا بنيان قريش الكعبة وما هاجهم على ذلك وذكروا كيف كان بناؤها قبل ذلك قالوا: كانت الكعبة مبنية برضم يابس ليس بمدر وكان بابها بالأرض ولم يكن لها سقف وإنما تدلى الكسوة على الجدر من خارج وتربط من أعلا الجدر من بطنها وكان في بطن الكعبة عن يمين من دخلها جب يكون فيه ما يهدى إلى الكعبة من مال وحلية كهيئة الخزانة
وكان يكون على ذلك الجب حية تحرسه بعثها الله منذ زمن جرهم وذلك إنّه عدا على ذلك الجب قوم من جرهم فسرقوا مالها وحليتها مرة بعد مرة فبعث الله تلك الحية فحرست الكعبة وما فيها خمسمائة سنة فلم تزل كذلك حتى بنت قريش الكعبة وكان قرنا الكبش الذي ذبحه إبراهيم خليل الرحمن معلقين في بطنها بالجدر تلقا من دخلها، يخلقان ويطيبان إذا طيب البيت فكان فيها معاليق من حلية كانت تهدى إلى الكعبة فكانت على ذلك من أمرها ثم أن امرأة ذهبت تجمر الكعبة فطارت من مجمرتها شرارة فأحرقت كسوتها وكانت الكسوة عليها ركامًا بعضها فوق بعض فلما احترقت الكعبة توهنت جدرانها من كل جانب وتصدعت وكانت الخرف الأربعة عليهم مظللة والسيول متواترة، ولمكة سيول عوارم فجاء سيل عظيم على تلك الحال فدخل الكعبة وصدع جدرانها وأخافهم ففزعت من ذلك قريش فزعًا شديدًا وهابوا هدمها وخشوا أن مسوها أن ينزل عليهم العذاب قال: فبينا هم على ذلك يتناظرون ويتشاورون إذ أقبلت سفينة للروم حتى إذا كانت بالشعبية وهي يومئذ ساحل مكة قبل جدة انكسرت فسمعت بها قريش فركبوا إليها فاشتروا خشبها وأذنوا لأهلها أن يدخلوا مكة فيبيعون ما معهم من متاعهم على أن لا يعشروهم، قال: وكانوا يعشرون من دخلها من تجار الروم كما كانت الروم تعشر من دخل منهم بلادها، فكان في السفينة رومي نجار بناء يسمى باقوم فلما قدموا بالخشب مكة قالوا: لو بنينا بيت ربنا فأجمعوا لذلك وتعاونوا عليه وترافدوا في النفقة وربعوا قبائل قريش أرباعًا ثم اقترعوا عند هبل في بطن الكعبة على جوانبها فطار قدح بن عبد مناف وبني زهرة على الوجه الذي فيه الباب وهو الشرقي وقدح بن عبد الدار وبني أسد بن عبد العزى وبني عدي بن كعب على الشق الذي يلي الحجر وهو الشق الشامي وطار قدح بني سهم وبني جمح وبني عامر بن لؤي على ظهر الكعبة وهو الشق الغربي وطار قدح بني تيم وبني مخزوم وقبائل من قريش ضموا معهم على الشق اليماني الذي يلي الصفا وأجياد، فنقلوا الحجارة ورسول الله يومئذ غلام لم ينزل عليه الوحي ينقل معهم الحجارة على رقبته فبينا هو ينقلها إذ انكشفت نمرة كانت عليه فنودي يا محمَّد عورتك وذلك أول ما نودي والله أعلم فما رؤيت لرسول الله صلي الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم عورة بعد ذلك ولبج برسول الله من الفزع حين نودي، فأخذه العباس بن عبد المطلب فضمه إليه وقال: لو جعلت بعض نمرتك على عاتقك تقيك الحجارة، قال: ما أصابني هذا إلا من التعري، فشد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله
وصحبه وسلم إزاره وجعل ينقل معهم وكانوا ينقلون بأنفسهم تبررا وتبركًا بالكعبة. فلما اجتمع لهم ما يريدون من الحجارة والخشب وما يحتاجون إليه عدوا على هدمها فخرجت الحية التي كانت في بطنها تحرسها سوداء الظهر، بيضاء البطن، رأسها مثل رأس الجدي، تمنعهم كلما أرادوا هدمها، فلما رأوا ذلك اعتزلوا عند مقام إبراهيم وهو يومئذ بمكانه الذي هو فيه اليوم فقال لهم الوليد بن المغيرة: يا قوم ألستم تريدون بهدمها الإصلاح؟ قالوا: بلي قال: فإن الله لا يهلك المصلحين ولكن لا تدخلوا في عمارة بيت ربكم إلا من طيب أموالكم ولا تدخلوا فيه مالًا من ربا ، ولا مالًا من ميسر، ولا مهر بغي، وجنبوه الخبيث من أموالكم فإن الله لا يقبل إلا طيبًا ففعلوا ثم وقفوا عند المقام فقاموا يدعون ربهم ويقولون: اللَّهم إن كان لك في هدمها رضًا فأتمه واشغل عنا هذا الثعبان فأقبل طائر من جو السماء كهيئة العقاب ظهره أسود، وبطنه أبيض، ورجلاه صفراوان والحية على جدر البيت فاغرة فاها فأخذ برأسها ثم طار بها حتى أدخلها أجياد الصغير فقالت قريش: انا لنرجوا أن يكون الله سبحانه وتعالي قد رضي عملكم وقبل نفقتكم فاهدموه، فهابت قريش هدمه وقالوا: من يبدأ فيهدمه؟ فقال الوليد بن المغيرة: أنا أبدؤكم في هدمه، أنا شيخ كبير فإن أصابني أمر كان قد دنا أجلي وإن كان غير ذلك لم يرزأني فعلا البيت وفي يده عتلة يهدم بها فتزعزع من تحت رجله حجر فقال: اللَّهم لم ترع؟ إنما أردنا الإصلاح وجعل يهدمه حجرًا حجرًا بالعتلة فهدم يومه ذلك فقالت قريش: إنا نخاف أن ينزل به العذاب إذا أمسى. فلما أمسى، لم تر بأسًا فأصبح الوليد بن المغيرة غاديًا على عمله فهدمت قريش معه حتى بلغوا الأساس الأول الذي رفع عليه إبراهيم وإسماعيل القواعد من البيت فأبصروا حجارة كأنها الإبل الخلف لا يطيق الحجر منها ثلاثون رجلًا، يحرك الحجر منها فترتج جوانبها، قد تشبك بعضها ببعض فأدخل الوليد بن المغيرة عتلته بين الحجرين فانفلقت منه فلقة عظيمة فأخذها أبو وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم فنزت من يده حتى عادت في مكانها وطارت من تحتها برقة كادت أن تخطف أبصارهم ورجفت مكة بأسرها فلما رأوا ذلك امسكوا عن أن ينظروا ما تحت ذلك فلما جمعوا ما اخرجوا من النفقة قلت النفقة عن أن تبلغ لهم عمارة البيت كله فتشاوروا في ذلك فأجمع رأيهم على أن يقصروا عن القواعد ويحجروا ما يقدرون عليه من بناء البيت ويتركوا بقيته في الحِجْر عليه جدار مدار يطوف الناس من ورائه ففعلوا ذلك وبنوا في بطن الكعبة أساسًا يبنون عليه من
شق الحجر وتركوا من ورائه من فناء البيت في الحجر ستة أذرع وشبرًا فبنوا على ذلك فلما وضعوا أيديهم في بنائها قالوا: ارفعوا بابها من الأرض واكبسوها حتى لا تدخلها السيول ولا ترقا إلا بسلم ولا يدخلها إلا من أردتم إن كرهتم أحدًا دفعتموه، ففعلوا ذلك وبنوها بساف من حجارة، وساق من خشب بين الحجارة حتى انتهوا إلى موضع الركن فاختلفوا في وضعه وكثر الكلام فيه وتنافسوا في ذلك فقالت بنو عبد مناف وزهرة: هو في الشق الذي وقع لنا وقالت تيم ومخزوم: هو في الشق الذي وقع لنا وقالت سائر القبائل: لم يكن الركن مما أسهمنا عليه فقال أبو أمية بن المغيرة: يا قوم إنما أردنا البر، ولم نرد الشر فلا تحاسدوا ، ولا تنافسوا فإنكم إذا اختلفتم تشتت أموركم، وطمع فيكم غيركم ولكن حكموا بينكم أول من يطلع عليكم من هذا الفج، قالوا: رضينا وسلمنا، فطلع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم فقالوا: هذا الأمين قد رضينا به، فحكموه، فبسط رداءه ثم وضع فيه الركن فدعا من كل ربع رجلًا فأخذوا بأطراف الثوب فكان من بني عبد مناف عتبة بن ربيعة وكان في الربع الثاني أبو زمعة بن الأسود، وكان أسن القوم وفي الربع الثالث العاصي بن وائل، وفي الربع الرابع أبو حذيفة بن المغيرة فرفع القوم الركن وقام النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم على الجدر ثم وضعه بيده فذهب رجل من أهل نجد ليناول النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم حجرًا ليشد به الركن فقال العباس بن عبد المطلب: لا. وناول العباس النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم حجرًا فشد به الركن فغضب النجدي حيث نحي فقال النجدي: واعجباه لقوم أهل شرف وعقول وسن وأموال عمدوا إلى أصغرهم سنًا، وأقلهم مالًا فرأسوه عليهم في مكرمتهم وحوزهم كأنهم خدم له أما والله ليفوتنهم سبقًا وليقسمن عليهم حظوظًا وجدودًا ويقال: إنّه إبليس فبنوا حتى رفعوا أربعة أذرع وشبرًا ثم كبسوها ووضعوا بابها مرتفعًا على هذا الذرع ورفعوها بمدماك خشب ومدماك حجارة حتى بلغوا السقف. فقال لهم باقوم الرومي: أتحبون أن تجعلوا سقفها مكبسا أو مسطحًا؟ فقالوا: بل ابن بيت ربنا مسطحا. قال: فبنوه مسطحا وجعلوا فيه ست دعايم في صفين في كل صف ثلاث دعايم من الشق الشامي الذي يلي الحجر إلى الشق اليماني وجعلوا ارتفاعها من خارجها من الأرض إلى أعلاها ثمانية عشر ذراعا وكانت قبل ذلك تسعة أذرع فزادت قريش في ارتفاعها في السماء تسعة أذرع أخر وبنوها من أعلاها إلى أسفلها بمدماك من حجارة ومدماك من خشب وكان الخشب