الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النبي صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه على قبائل العرب
روى أحمد بسنده عن جابر بن عبد الله قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه على الناس بالموقف يقول: ألا رجل يعرضني على قومه، فإن قريشًا قد منعوني أن أبلغ كلام ربي، قال: فأتاه رجل من همدان، فقال: وممن أنت؟ قال: من همدان، قال: وعند قومك منعة؟ قال: نعم، قال: فذهب الرجل ثم إنه خشي أن يخفره قومه، فرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: اذهب فأعرض على قومي ثم آتيك من قابل، ثم ذهب وجاءت وفود الأنصار في رجب (1).
تبنِّي النبي صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة رضي الله عنه
قال ابن إسحاق:
…
وكان حكيم بن حزام بن خويلد قدم من الشام برقيق فيهم زيد بن حارثة وصيف، فدخلت عليه عمته خديجة بنت خويلد، وهي يومئذ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لها: اختاري يا عمة أيّ هؤلاء الغلمان شئت فهو لك، فاختارت زيدًا، فأخذته، فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم عندها، فاستوهبه منها، فوهبته له، فأعتقه رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبناه، وذلك قبل أن يوحى إليه، وكان أبوه حارثة قد جزع عليه جزعًا شديدًا، وبكى عليه حين فقده (2)
…
ثم قدم عليه وهو عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن شئت فأقم عندي وإن شئت فانطلق مع أبيك" فقال: بل أقيم عندك؛ فلم يزل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بعثه الله فصدقه وأسلم وصلى معه، فلما أنزل الله عز وجل:{ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} (3) قال: أنا زيد بن حارثة.
(1) انظر أحمد ج 3 ص 390. كان هذا في موسم الحج في شهر رجب عام 4 ق. هـ.
(2)
روى بعضه الحاكم في المستدرك (ج 4/ 63).
(3)
سورة الأحزاب: 5.
روى البخاري بسنده عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن زيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كنا ندعوه إلَّا زيد بن محمد حتى نزل القرآن:{ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ} (1).
روى الحاكم بسنده عن أسامة بن زيد قال: كان حارثة بن شراحيل تزوج امرأة في طيء من نبهان فأولدها جبلة وأسماء وزيدًا، فتوفيت وأخلفت أولادها في حجر جدهم لأبيهم، وأراد حارثة حملهم، فأتى جدهم فقال: ما عندنا فهو خير لهم، فتراضوا إلى أن حمل جبلة وأسماء، وخلف زيدًا، وجاءت خيل من تهامة من بني فزارة فأغارت على طيء فسبت زيدًا، فصيروه إلى سوق عكاظ، فرآه النبي صلى الله عليه وسلم، من قبل أن يبعث، فقال لخديجة رضي الله عنها:"يا خديجة رأيت في السوق غلامًا من صفته كيت وكيت يصف عقلًا وأدبًا وجمالًا، لو أنّ لي مالًا لاشتريته"، فأمرت ورقة بن نوفل، فاشتراه من مالها، فقال:"يا خديجة هبي لي هذا الغلام بطيب من نفسك" فقالت: يا محمد أرى غلامًا وضيئًا وأخاف أن تبيعه أو تهبه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "يا موفقة ما أردت إلا لأتبناه"، فقالت: نعم يا محمد، فربَّاه وتبنَّاه، فكان يقال له: زيد بن محمد، فجاء رجل من الحي فنظر إلى زيد فعرفه أنت زيد بن حارثة، من صفة أبيك وعمومتك وأخوالك كيت وكيت قد اتعبوا الأبدان وأنفقوا الأموال في سبيلك
…
فقدم حارثة بن شراحيل إلى مكة في إخوته وأهل بيته، فأتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، في فناء الكعبة في نفر من أصحابه فيهم زيد بن حارثة، فلما نظروا إلى زيد عرفوه وعرفهم، ولم يقم إليهم إجلالًا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالوا له: يا زيد، فلم يجبهم، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم:"من هؤلاء يا زيد؟ ". قال: يا رسول الله هذا أبي، وهذا عمي، وهذا أخي وهؤلاء عشيرتي، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم:"قم فسلم عليهم يا زيد" فقام فسلم عليهم، وسلَّموا عليه ثم قالوا له: امضِ معنا يا زيد، فقال: ما أريد برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بدلًا، ولا غيره أحدًا. فقالوا: يا محمد، إنا معطوك بهذا الغلام ديات فسمِّ ما شئت، فإنَّا حاملوه إليك، فقال: "أسألكم أن تشهدوا أن لا إله إلا الله، وأني خاتم أنبيائه ورسله وأرسله
(1) البخاري ج 6/ 145.