الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أوَمخرجي هم؟ قال: نعم، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك حيًا أنصرك نصرًا مؤزرًا، ثم لم ينشب ورقة أن توفي، وفتر الوحي" (1).
بدء الوحي
وقال موسى بن عقبة عن الزهريّ عن سعيد بن المسيب قال: "وكان فيما بلغنا: أول ما رأى أن الله عز وجل أراه رؤيا في المنام، فشق ذلك عليه فذكرها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم لامرأته خديجة بنت خويلد بن أسد، فعصمها الله من التكذيب وشرح صدرها بالتصديق، فقالت: أبشر، فإن الله عز وجل لن يصنع بك إلا خيرًا، ثم أنه خرج من عندها، ثم رجع إليها، فأخبرها أنه رأى بطنه شُقّ، ثم طهر، وغسل ثم أعيد كما كان. قالت: هذا والله خير فأبشر، ثم استعلن له جبريل عليه السلام وهو بأعلى مكة، فأجلسه على مجلس كريم معجب، كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يقول: أجلسني على بساط كهيئة الدُرنوك فيه الياقوت واللؤلؤ، فبشرّه برسالة الله عز وجل حتى اطمأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، فقال له جبريل عليه السلام: اقرأ. فقال: كيف اقرأ، قال:{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق: 1 - 5].
"
…
قال، فقبل الرسول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم رسالة ربه عز وجل، واتبع الذي جاءه به جبريل عليه السلام من عند الله عز وجل، فلما قبل الذي جاءه من عند الله تعالى وانصرف منقلبًا إلى بيته جعل لا يمر على شجرة، ولا حجر، إلا سلم عليه. فرجع مسرورًا إلى أهله موقنًا [أنه] قد رأى أمرًا عظيمًا، فلما دخل على خديجة قال: أرأيتك الذي كنت أخبرتك أني رأيته في المنام، فإنه جبريل عليه السلام استعلن لي، أرسله إليّ ربّي، فأخبرها بالذي جاءه من الله عز وجل وما يسمع منه، فقالت: أبشر
(1) رواه البخاري ومسلمٌ.
فوالله لا يفعل الله بك إلا خيرا، فاقبل الذي جاءك من الله عز وجل فإنه حق، وأبشر فإنك رسول الله حقًا، ثم انطلقت مكانها حتى أتت غلامًا لعتبة بن ربيعة بن عبد شمس نصرانيًا من أهل نينوى يقال عداس، فقالت له: يا عداس أذكرك بالله إلا ما أخبرتني هل عندك علم من جبريل؟ فقال عداس: قدوس .. قدوس، ما شأن جبريل يذكر بهذه الأرض التي أهلها أهل الأوثان. فقالت: أخبرني بعلمك فيه. قال فإنه أمين الله بينه وبين النبيين، وهو صاحب موسى، وعيسى عليهما السلام. فرجعت خديجة من عنده فجاءت ورقة بن نوفل.
فلما وصفت خديجة لورقة حين جاءته شأن محمَّد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وذكرت له جبريل عليه السلام، وما جاء به إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم من عند الله عز وجل، فقال لها ورقة: يا بنية أخي، ما أدري لعل صاحبك النبي الذي ينتظر أهل الكتاب الذي يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل، وأقسم بالله لئن كان إياه ثم أظهر دعواه وأنا حي لأبلين الله في طاعة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وحسن مؤزراته الصبر والنصر فمات ورقة (1).
(1) دلائل النبوة للبيهقي ج 2/ 142.