الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فبينوا ذلك فهو عذر لكم عند الله، قالوا: أمط عنا يا أسعد فوالله لا ندع هذه البيعة أبدا ولا نسلبها أبدا، قال: فقمنا إليه فبايعناه فأخذ علينا وشرط يعطينا على ذلك الجنة، رضي الله عنهم أجمعين. (1)
خطيب الأنصار أبو أمامة أسعد بن زرارة رضي الله عنه يوم العقبة
حدثنا محمَّد بن منصور الجواز قال: ثنا سفيان عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي قال: ذهب النبي صلى الله عليه وسلم وذهب معه بالعباس يوم العقبة فقال العباس: اعلموا (2) يا معشر الأنصار وأوجزوا فإن علينا عيونا، قال الشعبي: فخطب أبو أمامة أسعد بن زرارة ما خطب المرد ولا الشيب بمثلها قط، فقال: يا رسول الله اشترط لربك واشترط لنفسك واشترط لأصحابك، فقال: أشترط لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا وأشترط لنفسي أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأهليكم وأشترط لأصحابي المواساة في ذات أيديكم، قالوا: هذا لك فما لنا؟ قال: الجنة، قال: ابسط يدك. (3)
حديث العقبة كما رواه كعب بن مالك رضي الله عنه
حدثنا عبد الملك بن محمَّد، عن زياد بن عبد الله قال: قال ابن إسحاق: فحدثني معبد بن كعب بن مالك أخو بن سلمة، أن (أخاه) عبيد الله بن كعب بن مالك -وكان من أعلم الأنصار- حدثه أن أباه كعب بن مالك، -وكان كعب ممّن شهد العقبة، وبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فخرجنا في حجاج قومنا من المشركين، وقد فقهنا وصلينا، ومعنا البراء بن معرور رضي الله عنه سيدنا وكبيرنا، فلما وجهنا لسفرنا وخرجنا من المدينة، قال البراء بن معرور رضي الله عنه: يا هؤلاء إني قد رأيت رأيًا، والله ما أدري أتوافقونني عليه أم لا؟ فقلنا: ما هو؟ قال: تصلون إلى الكعبة! قال: قلنا: ما أمرنا نبينا صلى الله عليه وسلم، نصلي إلا إلى الشام. وما نريد أن نخالفه. قال: إني لمصل إليها. قال: قلنا: لا تفعل. قال: فكنا إذا حضرت الصلاة نصلي إلى الشام ويصلي إلى الكعبة، حتى
(1) مسند الإمام أحمد: ج 3/ 322.
(2)
تكلموا يا معشر الأنصار.
(3)
هذه رواية الدولابي في الكنى وقد روى ذلك ابن أبي شيبة وابن عساكر.
قدمنا مكة وقد عبنا ما صنع، وأبى إلا الإقامة عليه. قال: فلما قدمنا مكة، قال: يا أخي انطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أسأله عما صنعت في سفري هذا، فإني والله لقد وقع في نفسي منه شيء لما رأيت من خلافكم إياي فيه، فخرجنا نسأل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكنا لا نعرفه، لم نره قبل ذلك، فلقينا رجلًا من أهل مكة، فسألناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: هل تعرفونه؟ قال: قلنا: لا. قال: فهل تعرفون العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه؟ قال: قلنا: نعم -وكنا نعرف العباس، كان لا يزال يقدم علينا تاجرًا- قال: فإذا دخلتما المسجد فهو الرجل الذي جالس مع العباس رضي الله عنه، فدخلنا المسجد، فإذا العباس رضي الله عنه جالس ورسول الله صلى الله عليه وسلم معه جالس، فسلمنا، ثم جلسنا إليه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم للعباس رضي الله عنه: هل تعرف هذين الرجلين يا أبا الفضل؟ قال: نعم، هذا البراء ابن معرور، سيد قومه، وهذا كعب بن مالك، قال: فوالله ما أنسى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: الشاعر؟ -يريد كعب بن مالك رضي الله عنه قال: نعم، قال: فقال البراء بن معرور رضي الله عنه: يا نبي الله إني قد خرجت في سفري هذا، وقد هداني الله -تعالى- إلى الإِسلام، فرأيت ألا (أضع) هذه البنية بظهر، فصليت إليها، وقد خالفني أصحابي في ذلك، حتى وقع في نفسي من ذلك شيء، فماذا ترى يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وسلم:"قد كنت على قبلة لو صبرت عليها".
قال: فرجع البراء رضي الله عنه إلى قبلة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى معنا إلى الشام. وأهله يزعمون أنه صلى إلى الكعبة حتى مات، وليس كذلك كما قالوه، ونحن أعلم به منهم.
ثم خرجنا إلى الحج، وواعدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم العقبة من أوسط أيام التشريق، فلما فرغنا من الحج، وكانت ليلة التي واعدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم العقبة من أوسط أيام التشريق، ومعنا عبد الله بن عمرو بن حرام -أبو جابر- سيد من ساداتنا، وكلنا يكتم من معنا من قومنا من المشركين أمرنا، فكلمناه، وقلنا: يا أبا جابر إنك سيد من ساداتنا، وشريف من أشرافنا، وإنا نرغب بك عما أنت عليه أن تكون حطبًا للنار غدا، ثم دعوناه إلى الإِسلام، وأخبرناه بميعادنا رسول الله صلى الله عليه وسلم العقبة. قال: فأسلم وشهد معنا من رجالنا لميعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخفين تسلل القطا، إذ
اجتمعنا في الشعب عند العقبة ونحن سبعون رجلًا، منهم امرأتان، نسيبة بنت كعب، أم (عمارة)، إحدى بني مازن بن النجار، وأسماء بنت عمرو بن عدي بن نابي إحدى بني سلمة، وهي: أم منيع. قال: فاجتمعنا بالشعب، ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جاءنا ليلتئذ مع عمه العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه وهو يومئذ على دين قومه، إلا أنه أحب أن يحضر أمر ابن أخيه، فيوثق له، فلما جلسنا كان العباس رضي الله عنه أول من تكلم، فقال: يا معشر الخزرج- قال: وكانت العرب يسمون هذا الحي من الأنصار الخزرج أوسها وخزرجها- إن محمَّدًا صلى الله عليه وسلم منا حيث علمتم، وقد منعناه من قومنا، (ممّن) هو على رأينا، وهو في عز من قومه، ومنعة من بلده.
قال: قلنا: ما قلت. فتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعى إلى الله -تعالى- ورغب في الإسلام، ثم قال صلى الله عله وسلم:"أبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم".
قال: فأخذ البراء بن معرور رضي الله عنه بيده، ثم قال: نعم، والذي بعثك بالحق لنمنعنك مما نمنع منه أزرنا يا رسول الله فبايعنا فنحن والله أهل الحروب، وأهل الحلقة، ورثناها كابرًا عن كابر. فاعترض القول والبراء يكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو الهيثم ابن التيهان -حليف بني عبد الأشهل- فقال: يا رسول الله، إن بيننا وبين الناس حبالا، وإنا قاطعوها، فهل عسيت إن نحن فعلنا ذلك، ثم أظهرك الله أن ترجع إلى قومك وتدعنا؟
قال: فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال:"بل الدم بالدم، والهدم بالهدم، أنا منكم وأنتم مني، دمي مع دمائكم، وهدمي مع هدمكم، أحارب من حاربتم وأسالم من سالمتم".
وقد قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: "أخرجوا إلي اثنى عشر نقيبا يكونون على قومهم". فأخرجوا منهم اثنى عشر رجلا، تسعة من الخزرج، وثلاثة من الأوس. (1)
وحدثني عبد الملك بن محمد، عن زياد بن عبد الله، قال: قال ابن إسحاق: وأما [معبد] بن كعب بن مالك فحدثني عن أخيه -عبد الله بن كعب، عن أبيه كعب بن مالك- رضي الله عنه أنه كان يقول: أول من ضرب على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم البراء ابن معرور رضي الله عنه وتتابع القوم. فلما بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صرخ
(1) رواه أحمد في المسند: 3/ 460 - 462.