الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شفاعته للناس في المحشر يوم القيامة صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أنا سيد الناس يوم القيامة، وهل تدرون مم ذلك، يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد يسمعهم الداعي وينفذهم البصر وتدنوا (1) الشمس فيبلغ الناس من الهم والكرب ما لا يطيقونه ولا يحتملون فيقول بعض الناس لبعض: ألا ترون إلى ما أنتم فيه، ألا ترون إلى ما قد بلغكم، ألا تنظرون من يشفع لكم إلى ربكم؟. فيقول الناس بعضهم لبعض: أبوكم آدم.
فيأتون آدم فيقولون، يا آدم أنت أبو البشر (2)، خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه وأمر الملائكة فسجدوا لك فاشفع لنا إلى ربك ألا ترى إلى ما نحن فيه ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول آدم: إن ربى قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله ولن يغضب بعده مثله، وأنه نهاني عن الشجرة فعصيت، نفسي، نفسي اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى نوح.
فيأتون نوحًا فيقولون: يا نوح أنت أول الرسل (3) إلى أهل الأرض، وسمّاك الله عبدًا شكورًا، فاشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه، ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول نوح: إن ربى قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعد مثله، وإنه كانت لي دعوة دعوتها على قومي، نفسي، نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى إبراهيم.
فيأتون إبراهيم فيقولون: يا إبراهيم أنت نبي الله وخليله من أهل الأرض ألا ترى ما نحن فيه، ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول إن الله قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله فذكر كذباته (4)، نفسي، نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى موسى.
(1) تدنوا: أي تقترب.
(2)
أبو البشر: فيه رد على فكرة داروين الملعون القائل بأن الإنسان أصله قرد وليس بابن لآدم عليه السلام.
(3)
أول الرسل: معناه أولهم بعد عبادة الأصنام، وإلا فقد سبقه آدم وإدريس.
(4)
كذباته: هي كذبات حسب للظاهر أما في الواقع فليست كذلك وهي قوله في سارة: أختي، وقوله:(إني سقيم) وقوله: (بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم).
فيأتون موسى فيقولون: يا موسى أنت رسول الله اصطفاك (1) الله برسالته وبتكليمه على الناس اشفع لنا إلى ربك ألا ترى ما نحن فيه، ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول: إن ربي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، وإني قتلت (2) نفسًا لم أؤمر بقتلها، نفسي، نفسي، اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى عيسى.
فيأتون عيسى فيقولون: يا عيسى، أنت رسول الله وكلمته (3) ألقاها إلى مريم وروح منه، وكلمت الناس في المهد (4)، فاشفع لنا إلى ربك، ألا ترى ما نحن فيه ألا ترى ما قد بلغنا، فيقول لهم: إن ربي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، ولم يذكر ذنبا، اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى محمد.
فيأتون فيقولون: يا محمد أنت رسول الله وخاتم النبيين، غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فاشفع لنا إلى ربك، ألا ترى ما قد بلغنا، ألا ترى ما نحن فيه فأقوم فآتي تحت العرش، فأقع ساجدًا لربي يفتح الله تعالى عليّ ويلهمني من محامده وحسن الثناء عليه ما لم يفتحه على أحد قبلي، فيقال: يا محمد ارفع رأسك سل تعط اشفع تشفع فيقول: يا رب أمتي أمتي، يا رب أمتي أمتي، يا رب أمتي أمتي، فيقال: يا محمد أدخل من أمتك من لا حساب عليه (5) من الباب الأيمن من أبواب الجنة وهم شركاء الناس فيما سواه من الأبواب، ثم قال: والذي نفس محمد بيده لما بين مصراعين من (6) مصاريع الجنة لكما بين مكة وهجر أو كما بين مكة وبصرى).
(1) اصطفاك: أي اختارك.
(2)
قتلت: قال تعالى: {فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ} . ولم يكن قتله عن عمد، ثم أن القتيل كان محاربًا قبطيًا فهو مهدر الدم، ولكن مقام النبوة يقتضي هذا وأكثر، فهم أشد الناس خوفًا من الله عز وجل.
(3)
كلمته: أي قوله: (كن فيكون).
(4)
في المهد: أي في الفراش.
(5)
من لا حساب عليه: هذا يقتضي أنه هناك من الأمة من لا يحاسبه الله.
(6)
جمع مصراع بكسر الميم هي دفة الباب وغلقته.