الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كان أكرم منه، كان إذا بلغ المنزل أناخ بي ثم استأخر عني، حتى إذا نزلت عنه استأخر ببعيري فحط عنه ثم قيده في الشجرة، ثم تنحى إلى الشجرة فاضطجع تحتها، فإذا دنا الرواح قام إلى بعيري فقدمه فرحله، ثم استأخر عني فقال: اركبي، فإذا ركبت فاستويت على بعيري أتى فأخذ بخطامه، فقاد بي حتى ينزل بي، فلم يزل يصنع ذلك بي حتى أقدمني المدينة، فلما نظر إلى قرية بني عمرو بن عوف بقباء قال: زوجك في هذه القرية، وكان أبو سلمة بها نازلًا، فادخليها على بركة الله، ثم انصرف راجعا إلى مكة قال: فكانت تقول: والله ما أعلم أهل بيت في الإِسلام أصابهم ما أصاب آل أبي سلمة، وما رأيت صاحبًا قط أكرم من عثمان بن طلحه (1).
روى بسنده (2) عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: إنها لما قدمت المدينة أخبرتهم أنها ابنة أبى أميه بن المغيرة؛ فكذبوها ويقولون: ما أكذب الغرائب حتى أنشأ ناس منهم إلى الحج فقالوا: ما تكتبين إلى أهلك فكتبت معهم فرجعوا إلى المدينة يصدقونها فازدادت عليهم كرامة (3).
روى بسنده عن أم سلمة قالت: يا رسول الله، لا أسمع الله ذكر النساء في الهجرة (4)، فأنزل الله تعالى {أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ} (5).
هجرة الصحابة رضوان الله عليهم إلى المدينة
قال ابن إسحاق: ثم كان أول من قدمها من المهاجرين بعد أبي سلمة: عامر بن ربيعة، حليف بني عدي بن كعب، معه امرأته ليلى بنت أبى حثمة بن غانم بن عبد الله
(1) الخير في عيون الأثر (ج 1/ 173).
(2)
مسند الإمام أحمد: ج 6/ 307.
(3)
أخرجه الحاكم في المستدرك (ج4/ 19) والبيهقيُّ في السنن (ج 7/ 301)، وفي الدلائل (ج 3/ 464) وابن سعد في الطبقات (ج 8/ 93). ذكر ابن عبد البر في الدرر:(ص:69): أن أبا سلمة حبست عنه امرأته أم سلمة بمكة نحو سنة.
(4)
الترمذيُّ: ج 5/ 237 كتاب تفسير القرآن باب ومن سورة النساء ح 3023.
(5)
آل عمران:195، والحديث أخرجه الحاكم في المستدرك (ج 2/ 300) وقال: هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه، وأقره الذهبي.
بن عوف بن عبيد بن على بن كعب. ثم عبد الله بن جحش بن رئاب بن يعمر بن صبرة بن مرة بن كبير بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة، حليف بني أمية بن عبد شمس احتمل بأهله وبأخيه عبد بن جحش، وهو أبو أحمد -وكان أبو أحمد رجلًا ضرير البصر، وكان يطوف مكة، أعلاها وأسفلها، بغير قائد، وكان شاعرًا، وكانت عنده الفرعة بنت أبي سفيان بن حرب، وكانت أمه أميمة بنت عبد المطلب بن هاشم- فغلقت دار بني جحش هجرة، فمر بها عتبة بن ربيعه. والعباس بن عبد المطلب، وأبو جهل بن هشام بن المغيرة؛، وهي دار أبان في عثمان اليوم التي بالردم، وهم مصعدون إلى أعلى مكة، فنظر إليها عتبة بن ربيعه تخفق أبوابها يبابا (1) ليس فيها ساكن، فلما رآها كذلك تنفس الصعداء، ثم قال:
وكل دار، وإن طالت سلامتها
…
يومًا ستدركها النكباء والحوب
قال ابن هشام: وهنا البيت لأبي داود الإيادي في قصيدة له.
والحوب: التوجع.
قال ابن إسحاق: ثم قال عتبة بن ربيعة: أصبحت دار بني جحش خلاء من أهلها! فقال أبو جهل: وما تبكي عليه من قل بن قل.
قال ابن هشام: القل: الواحد. قال لبيد بن ربيعة:
كل بني حرة مصيرهم
…
قل وإن أكثرت من العدد
قال ابن إسحاق.: ثم قال: هنا عمل ابن أخي هنا، فرق جماعتنا، وشتت أمرنا وقطع بيننا. فكان منزل أبي سلمة بن عبد الأسد، وعامر بن ربيعة، وعبد الله بن جحش، وأخيه أبي أحمد جحش، على مبشر بن عبد المنذر بن زنير بقباء، في بني عمرو بن عوف، ثم قدم المهاجرون أرسالا، وكان بنو غنم بن دودان أهل إسلام، قد أوعبوا إلى المدينة مع رسول لله صلى الله عليه وسلم هجرة رجالهم ونسائهم: عبد الله بن جحش، وأخوه أبو أحمد بن جحش، وعكاشة بن محصن، وشجاع، وعقبة، ابنا وهب، وأربد بن حميرة.
قال ابن هشام: ويقال ابن حميرة.
(1) اليباب: القفر.
قال ابن إسحاق: ومنقذ بن نباتة، وسعيد بن رقيش، ومحرز بن نضلة، ويزيد بن رقيش، وقيس بن جابر، وعمرو بن محصن، ومالك بن عمرو، وصفوان بن عمرو، وثقف بن عمرو، وربيعة بن أكثم، والزبير بن عبيد، وتمام بن عبيدة، وسخبرة بن عبيدة ومحمَّد بن عبد الله بن جحش.
ومن نسائهم: زينب بنت جحش، وأم حبيب بنت جحش، وحذامة بنت جندل، وأم قيس بنت محصن، وأم حبيب بنت ثمامة، وآمنة بنت رقيش، وسخبرة بنت تميم، وحمنة بنت جحش.
وقال أبو أحمد بن جحش بن رئاب، وهو يذكر هجرة بني أسد بن خزيمة من قومه إلى الله تعالى وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم، وإيعابهم في ذلك حين دعوا إلى الهجرة:
ولو حلفت بين الصفا أم أحمد
…
ومروتها بالله برت يمينها
لنحن الألى كنا بها ثم لم نزل
…
بمكة حتى عثا سمينها
بها خيمت غنم بن دودان وابتنت
…
وما إن غدت غنم وخف قطينها (1)
إلى الله تغدو بين عن مثنى وواحد
…
ودين رسول الله بالحق دينها
وقال أبو أحمد بن جحش أيضًا:
لما رأتني أم أحمد غاديا
…
بذمة من أخشى بغيب وأرهب
تقول: فإما كنت لابد فاعلا
…
فيمم بنا البلدان ولتنأ يثرب
فقلت لها: بل يثرب اليوم وجهنا
…
ومنا يشأ الرحمن فالعبد يركب
إلى الله وجهي والرسول ومن يقم
…
إلى الله يوما وجهه لا يخيب
فكم قد تركنا من حميم مناصح
…
وناصحة تبكي بدمع وتندب
ترى أن وترًا نأينا عن بلادنا
…
ونحن نرى أن الرغائب نطلب
دعوت بني غنم لحقن دمائهم
…
وللحق لما لاح للناس ملحب
أجابوا بحمد الله لما دعاهم
…
إلى الحق داع والنجاح فأوعبوا
وكنا وأصحابا لنا فارقوا الهدى .. أعانوا علينا بالسلاح وأجلبوا
(1) القطين: القم المقيمون.