الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السفار يقدمون عليكم، فإن محمدًا لا يستطيع أن يسحر الناس كلهم، فإن رأوا مثل الذي رأيتم فهو حق، فقدموا، فسألوهم، فقالوا قد رأينا قد انشق (1).
انشقاق القمر لسؤال أهل مكة
روى الإمام البغوي بسنده عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن أهل مكة سألوا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أن يريهم آية، فأراهم القمر شقتين حتى رأوا حراء بينهما".
إسلام حمزة وعمر في السنة التاسعة من البعثة
ولما اجتمع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وكانوا ثمانية وثلاثين رجلا، ألح أبو بكر على رسول الله صلى الله عليه وسلم في الظهور، فقال:"يا أبا بكر، إنا قليل"، فلم يزل أبو بكر يلح حتى ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتفرق المسلمون في نواحي المسجد كل رجل في عشيرته، وقام أبو بكر في الناس خطيبًا (2) ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس، فكان أول خطيب دعا إلى الله وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم، وثار المشركون على أبي بكر وعلى المسلمين؛ فضربوا في نواحي المسجد ضربًا شديد، ووطئ أبو بكر وضرب ضربًا شديدًا، ودنا منه الفاسق عتبة بن ربيعة، فجعل يضربه بنعلين مخصوفتين ويحرفهما لوجهه، ونزا على بطن أبي بكر، حتى ما يعرف وجهه من أنفه، وجاء بنو تيم يتعادون، فأجلت المشركين عن أبي بكر، وحملت بنو تيم أبا بكر في ثوب حتى أدخلوه منزله ولا يشكون في موته ثم رجعت بنو تيم، فدخلوا المسجد، وقالوا: والله لئن مات أبو بكر لنقتلن عتبة بن ربيعة، فرجعوا إلى أبي بكر، فجعل أبو قحافة وبنو تيم يكلمون أبا بكر حتى أجاب، فتكلم أخر النهار، فقال: ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فمسوا منه بألسنتهم وعذلوه، ثم قاموا، وقالوا لأمه أم الخير: انظري أن تطعميه شيئًا، أو تسقيه إياه، فلما دخلت به ألحت عليه؟ وجعل يقول: ما فعل رسول
(1) رواه أبو داود الطيالسي في مسنده ج 2/ 123.
(2)
نزل أبو بكر المسجد يوم الاثنين 1/ 6/ 4 ق. هـ.
الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: والله ما لي علم بصاحبك. فقال: اذهبي إلى أم جميل بنت الخطاب فاسأليها عنه، فخرجت حتى جاءت أم جميل، فقالت: إن أبا بكر يسألك عن محمد بن عبد الله؟ فقالت: ما أعرف أبا بكر ولا محمد بن عبد الله، وإن كنت تحبين أن أذهب معك إلى ابنك، قالت: نعم. فمضت معها حتى وجدت أبا بكر صريعًا دنفًا. فدنت أم جميل وأعلنت بالصياح وقالت: والله إن قوما نالوا هذا منك لأهل فسق وكفر، وإني لأرجو أن ينتقم الله لك منهم. قال: فما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: هذه أمك تسمع، قال: فلا شيء عليك منها، قالت: سالم صالح. قال: أين هو؟ قالت: في دار الأرقم، قال: فإن لله علي ألا أذوق طعامًا، ولا أشرب شرابًا، أو آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأمهلتا، حتى إذا هدأت الرجل، وسكن الناس، خرجتا به يتكئ عليهما، حتى أدخلتاه على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فأكب عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبله، وأكب عليه المسلمون، ورق له رسول الله صلى الله عليه وسلم رقة شديدة. فقال أبو بكر: بأبي وأمي يا رسول الله، ليس بي بأس إلا ما نال الفاسق من وجهي، وهذه أمي برة بولدها، وأنت مبارك فادعها إلى الله، وادع الله لها، عسى الله أن يستنقذها بك من النار، قال: فدعا لها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودعاها إلى الله؛ فأسلمت، وأقاموا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدار شهرًا، وهم تسعة وثلاثون رجلًا، وقد كان حمزة ابن عبد المطب أسلم يوم ضرب أبو بكر (وكان إسلام حمزة رضي الله عنه حمية، وكان يخرج فيصطاد فإذا رجع مر بمجلس قريش، فأقبل من رميه ذات يوم، فلقيته امرأة، فقالت: يا أبا عمارة ماذا لقي ابن أخيك من أبى جهل بن هشام؟ شتمه وتناوله وفعل وفعل، فأقبل حتى انتهى إلى ذلك المجلس، فإذا هم جلوس وأبو جهل فيهم، فاتكأ على قوسه ثم جمع يديه بالقوس فضرب بها رأس أبي جهل، ثم قال: أشهد أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه جاء بالحق من عند الله).
وكان من أمر عمر بن الخطاب: أنه خرج ذات ليلة إلى الكعبة، فسمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو قائم يصلي، فسمع شيئًا لم يسمع بمثله، وجعل يعجب من تأليف القرآن فوقع الإسلام في قلبه.
ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب - أو لأبي جهل بن هشام -[فقال: "اللَّهم أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك: بعمر بن الخطاب، أو بعمرو
بن هشام" فكان أحبهما إليه عمر]، [وقال: "اللَّهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب خاصة"].
فأصبح عمر وكانت الدعوة يوم الأربعاء، فأسلم عمر يوم الخميس (وذلك أنه ولج على أخته وزوجها ومعهما خباب بن الأرت)، وهم يقرءون القرآن، فلما دخل عليهم خافوه، فقال: ما كان معكم؟ قالوا: ما كان معنا من شيء وكابروه جهدهم، ثم لم يدعهم حتى أخرجوه فقرءوه عليه، فاستقام كما هو حتى قام إلى باب رسول الله صلى الله عليه وسلم).
[فقرع الباب، وكان هو وأصحابه مختفين (في دار الأرقم ابن أبي الأرقم)، فقالوا: من ذا؟ قال: عمر بن الخطاب على الباب، فأفزعهم ذلك، ثم أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا له: عمر على الباب، فقال: "ائذنوا له" فدخل][وضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم صدره بيده ثلاث مرات، وهو يقول: "اللَّهم أخرج ما في صدر عمر من غل وأبدله إيمانًا" يقول ذلك ثلاث مرات].
(وهو يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمد عبده ورسوله)؛ فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأهل البيت تكبيرة سمعت بأعلى مكة، وخرج أبو الأرقم -وهو أعمى كافر- وهو يقول: اللَّهم اغفر لبني غير الأرقم؛ فإنه كفر! فقام عمر فقال: يا رسول الله علام نخفي ديننا ونحن على الحق، ويظهر دينهم وهم على الباطل؟ قال:"يا عمر إنا قليل قد رأيت ما لقينا" فقال عمر: فوالذي بعثك بالحق لا يبقى مجلس جلست فيه بالكفر، إلا أظهرت فيه الإيمان، ثم خرج (وقال: أيُّ قريش أنقل للحديث؟ فقيل له: جميل بن معمر الجمحي، فغدا عليه، قال عبد الله بن عمر: فغدوت أتبع أثره وأنظر ما يفعل، وأنا غلام أعقل كل ما رأيت حتى جاءه، فقال له: أعلمت يا جميل أني قد أسلمت ودخلت في دين محمد، قال: فوالله ما راجعه حتى قام يجر رداءه وأتبعه عمر، واتبعت أبي، حتى إذا قام على باب المسجد؛ صرخ بأعلى صوته: يا معشر قريش -وهم في أنديتهم حول الكعبة- ألا إن عمر بن الخطاب قد صبأ، ويقول عمر من خلفه: كذب ولكني قد أسلمت، وشهدت أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله) فطاف بالبيت، ثم مر بقريش وهي تنتظره، فقال أبو جهل بن هشام: يزعم فلان أنك صبوت؟ فقال عمر: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمد عبده ورسوله (فثاروا إليه)،
فوثب المشركون إليه، ووثب على عتبة، فبرك عليه وجعل يضربه، وأدخل أصبعه في عينيه؛ فجعل عتبة يصيح، فتنحى الناس، فقام عمر، فجعل لا يدنو منه أحد إلا أخذ بشريف ممّن دنا منه، حتى أعجز الناس (فما برح يقاتلهم ويقاتلونه، حتى قامت الشمس على رءوسهم قال: وطلح، فقعد وقاموا على رأسه، وهو يقول: افعلوا ما بدا لكم، فأحلف بالله أن لو قد كنا ثلاثمائة رجل لقد تركناها لكم، أو تركتموها لنا، قال: فبينما هم على ذلك، إذ أقبل شيخ من قريش، عليه حلة حبرة، وقميص موشى، حتى وقف عليهم، فقال: ما شأنكم؟ قالوا: صبأ عمر، فقال: فمه، رجل اختار لنفسه أمرًا، فماذا تريدون؟! أترون بني عدي بن كعب يسلمون لكم صاحبهم هكذا، خلوا عن الرجل. قال: فوالله لكأنما كانوا ثوبًا كشط عنه. وكان هذا الرجل العاص بن وائل السهمي).
(قال: فبينما هو في الدار خائفًا (على نفسه) إذ جاءه العاص بن وائل السهمي -أبو عمرو- عليه حلته الحبرة وقميصه المكفوف بالحرير -وهو من بني سهم حلفاء بني عدي في الجاهلية- فقال: ما بالك (يا بن الخطاب؟) قال: زعم قومك أنهم سيقتلونني إن أسلمت، قال (العاص): لا سبيل إليك (فما عدا) بعد أن قالها أمنت (عليه)، قال عبد الله بن عمر: واجتمع الناس عند داره، وقالوا: صبأ عمر (وأنا غلام فوق ظهر بيتي، (وكان ابن خمس سنين) فخرج (عمر)(و) العاص، فلقي الناس قد سال بهم الوادي، فقال: أين تريدون؟ فقالوا: نريد هذا ابن الخطاب الذي صبأ. قال: قد صبأ عمر فما ذاك؟ فأنا له جار لا سبيل إليه (فارجعوا) فكر الناس، قال ابن عمر: فرأيت الناس تصدعوا عنه فعجبت من عزه).
واتبع المجالس التي كان يجالس فيها فيظهر الإيمان، ثم انصرف إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو ظاهر عليهم. قال: ما عليك بأبي وأمي والله ما بقي مجلس كنت أجلس فيه بالكفر إلا أظهرت فيه الإيمان، غير هائب ولا خائف، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج عمر أمامه وحمزة بن عبد المطب، حتى طاف بالبيت وصلى الظهر مؤمنًا، ثم انصرف إلى دار الأرقم ومعه وحده، ثم انصرف النبي صلى الله عليه وسلم.
وكان ابن مسعود يقول: ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر، (وكان يقول: لقد رأيتنا وما نستطيع أن نصلي بالبيت حتى أسلم عمر، فلما أسلم عمر؛ قاتلهم حتى تركونا نصلي).
وأسلم ابن عمر وأمه.
وآخى النبي صلى الله عليه وسلم بين زيد بن حارثة وحمزة، وعن سعيد بن زيد قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بحراء، فتحرك فقال:"اسكن حراء فإنه ليس عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد" وكان معهما أبو بكر، وعمر وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وسعد، وعبد الرحمن بن عوف.
حدثنا عبد الله بن إدريس عن حصين عن هلال بن يساف قال: أسلم عمر بن الخطاب بعد أربعين رجلًا وإحدى عشرة امرأة.
حدثنا أحمد بن يحي بن خالد بن حيان الرقي حدثنا يحي بن بكير حدثنا ابن لهيعة عن خالد بن يزيد عن عمرو بن دينار عن طاوس ومجاهد عن ابن عباس قال: أول من جهر بالإسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اللَّهم أعزَّ الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك، بأبي جهل، أو بعمر بن الخطاب" قال: وكان أحبهما إليه عمر (1).
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: "ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر"(2).
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: بينما هو: يعني -أباه عمر- في الدار خائفًا، إذا جاءه العاص بن وائل السهمي أبو عمرو وعليه حلة حبرة، وقميص مكفوف بحرير، وهو من بني سهم، وهم حلفاؤنا في الجاهلية، فقال له: ما بالك؟ قال: زعم قومك أنهم سيقتلونني إن أسلمت، قال: لا سبيل إليك -[بعد أن قالها] أمنت- فخرج العاص، فلقي الناس قد سال بهم الوادي، فقال: أين تريدون؟ قالوا: نريد هذا ابن الخطاب الذي صبأ؛ قال: لا سبيل إليه، فكَّر الناس.
(1) صحيح المشكاة 6036/ التحقيق الثاني وأخرجه الترمذيُّ.
(2)
أخرجه البخاريُّ.