الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إسلام حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه
روى بسنده عن ابن إسحاق قال: فحدثني رجل من أسلم، وكان واعية، فذكر الخير السابق وزاد: ثم رجع حمزة إلى بيته فأتاه الشيطان، فقال: أنت سيد قريش اتبعت هذا الصابئ وتركت دين آبائك، للموت خير لك مما صنعت، فأقبل على حمزة شبه فقال: ما صنعت؟ اللَّهم إن كان رشدًا، فاجعل تصديقه في قلبي، وإلا فاجعل لي مما وقعت فيه مخرجًا، فبات بليلةٍ لم يبت بمثلها من وسوسة الشيطان حتى أصبح فغدا على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، فقال: ابن أخي، إني وقعت في أمر لا أعرف المخرج منه، وإقامة مثلي على ما لا أدري ما هو، أرشد هو أم غي، شديد، فحدثني حديثًا، فقد استشهيت يا ابن أخي أن تحدثي، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، فذكره ووعظه، وخوفه وبشره، فألقى الله في نفسه الإيمان كما قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، فقال: أشهد أنك لصادق شهادة المصدق والعارف، فأظهر يا ابن أخي دينك، فوالله ما أحب أن لي ما ألمعت الشمس وأني على ديني الأول. قال: فكان حمزة ممّن أعز الله به الدين. (1)
عن يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس بن شريق حليف بني زهرة أن أبا جهل. اعترض رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بالصفا فآذاه، وكان حمزة رضي الله عنه، صاحب قنصٍ وصيدٍ، وكان يومئذ في قنصه فلما رجع قالت له امرأته، وكانت قد رأت ما صنع أبو جهل برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: يا أبا عُمارة، لو رأيت ما صنع تعني أبا جهل بابن أخيك، فغضب حمزة ومضى كما هو قبل أن يدخل بيته، وهو معلق قوسه في عنقه، حتى دخل المسجد فوجد أبا جهل في مجلس من مجالس قريش، فلم يكلمه حتى علا رأسه بقوسه فشجه، فقام رجال من قريش إلى حمزة يمسكونه عنه، فقال حمزة: ديني دين محمد أشهد أنه رسول الله فوالله لا أنثني عن ذلك فامنعوني من ذلك إن كنتم صادقين. فلما أسلم حمزة عز به رسول الله صلى الله عليه وعلى
(1) المستدرك ج 3/ 193.
آله وصحبه وسلم، والمسلمون، وثبت لهم بعض أمرهم، وهابت قريش، وعلموا أن حمزة رضي الله عنه، سيمنعه. (1)
قال ابن إسحاق: حدثني رجل من أسلم، كان واعية، أن أبا جهلٍ مر برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم فآذاه وشتمه، ونال منه بعض ما يكره من العيب لدينه، والتضعيف لأمره، فلم يكلمه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ومولاة لعبد الله بن جدعان في مسكن لها تسمع ذلك، ثم انصرف عنه، فعمد إلى ناد من قريش عند الكعبة، فجلس معهم، فلم يلبث حمزة بن عبد المطب رضي الله عنه، أن أقبل متوشحًا قوسه، راجعا من قنص له، وكان صاحب قنص يرميه ويخرج له، وكان إذا رجع من قنصه لم يصل إلى أهله حتى يطوف بالكعبة، وكان إذا فعل ذلك لم يمر على ناد من قريش إلا وقف وسلم وتحدث معهم، وكان أعز فتى في قريش، وأشد شكيمة، فلما مر بالمولاة وقد رجع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم إلى بيته، قالت له: يا أبا عُمارة، لو رأيت ما لقي ابن أخيك محمد آنفًا من أبى الحكم بن هشام!! وجده ها هنا جالسًا، فآذاه وسبه، وبلغ منه ما يكره، ثم انصرف عنه، ولم يقف على أحد، معدًا لأبي جهل -إذا لقيه- أن يوقع به، فلما دخل المسجد نظر إليه جالسا في القوم، فأقبل نحوه، حتى إذا قام على رأسه رفع القوس فضربه بها فشجه شجة منكرة، ثم قال: أتشتمه؟ فأنا على دينه أقول ما يقول، فرد ذلك علي إن استطعت، فقامت رجال من بني مخزوم إلى حمزة لينصروا أبا جهل، فقال أبو جهل: دعوا أبا عُمارة، فإني والله قد سببت ابن أخيه سبًا قبيحًا، وتم حمزة رضي الله عنه، على إسلامه، وعلى ما تابع عليه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم من قوله. (2)
فلما أسلم حمزة عرفت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قد عز وامتنع، وأن حمزة سيمنعه، فكفوا عن بعض ما كانوا ينالون منه.
(1) مجموع الزوائد ج 9/ 267.
(2)
ابن هشام ج 1/ 312.