الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جاءه جبريل عليه السلام بنمط من ديباج وهو نائم صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
قال عبيد بن عمير:
كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يجاور في حراء، في كل سنة شهرًا يتحنث، وكان ذلك مما تحنث به قريش في الجاهلية -والتحنث: التبرر- فكان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يجاور ذلك الشهر من كل سنة، يطعم من جاءه من المساكين، فإذا قضى جواره من شهره ذلك كان أول ما يبدأ به إذا انصرف من جواره الكعبة قبل أن يدخل بيته، فيطوف بها سبعًا أو ما شاء الله من ذلك، ثم يرجع إلى بيته. حتى إذا كان الشهر الذي أراد الله به فيه ما أراد من كرامته من السنة التي بعثه فيها، وذلك الشهر (رمضان) خرج إلى حراء كما كان يخرج لجواره ومعه أهله، حتى إذا كانت الليلة التي أكرمه الله فيها برسالته، ورحم العباد به جاءه جبريل بأمر الله تعالى.
قال صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم:
فجاءني وأنا نائم بنمط من ديباج فيه كتاب فقال:
اقرأ. قلت:
ما أقرأ؟.
فغتني حتى ظننت أنه الموت، ثم أرسلني فقال:
اقرأ. قلت:
ما أقرأ؟.
فغتني حتى ظننت أنه الموت، ثم أرسلني فقال:
اقرأ. قلت:
ما أقرأ؟.
فغتني حتى ظننت أنه الموت، ثم أرسلني فقال:
اقرأ. قلت:
ماذا أقرأ؟ ما أقول ذلك إلا افتداءً منه أن يعود لي بمثل ما صنع بي.
قال:
فقرأتها.
ثم انتهى وانصرف عني، وهببت من نومي، فكأنما كتب في قلبي كتابًا فخرجت حتى إذا كنت في وسطٍ من الجبل سمعت صوتًا من السماء يقول:
يا محمد أنت رسول الله وأنا جبريل.
فرفعت رأسي إلى السماء، فأنظر فإذا جبريل في صورة صاف قدميه في أفق السماء يقول: يا محمَّد أنت رسول الله وأنا جبريل.
فوقعت أنظر إليه فما أتقدم وما أتأخر، وجعلت أصرف وجهي عنه في آفاق السماء فما أنظر في ناحية منها إلا رأيته ذلك. فما زلت واقفًا ما أتقدم أمامي وما أرجع ورائي حتى بعثت خديجة رسلها في طلبي، فبلغوا مكة ورجعوا إليها وأنا واقف في مكاني ذلك، ثم انصرف عني، وانصرفت راجعًا إلى أهلي حتى أتيت خديجة فجلست إلى فخذها مضيفًا إليها، فقالت: يا أبا القاسم أين كنت؟ فوالله لقد بعثت رسلي في طلبك حتى بلغوا مكة ورجعوا إليّ.
ثم حدثتها بالذي رأيت فقالت:
أبشر يا ابن العم واثبت فوالذي نفس خديجة بيده إنّي لأرجو أن تكون نبي هذه الأمة. ثم قامت فجمعت عليها ثيابها، ثم انطلقت إلى ورقة بن نوفل، فأخبرته بما أخبرها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم فقال ورقة بن نوفل:
قدوس .. قدوس، والذي نفس ورقة بيده لئن كنت صدقتني يا خديجة.
لقد جاءه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى، وإنه لنبي هذه الأمة وقولي له فليثبت.
فرجعت خديجة إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم فأخبرته بقول ورقة.
فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم جوراه، وانصرف صنع كما يصنع، بدأ بالكعبة فطاف بها، فلقيه ورقة بن نوفل وهو يطوف بالكعبة فقال:
يا ابن أخي أخبرني بما رأيت وسمعت.
فأخبره فقال له ورقة:
والذي نفسي بيده، إنك لنبي هذه الأمة، ولقد جاءك الناموس الذي جاء موسى ولتكذَّبَنَّه، ولتؤذينَّه، ولتخرجنَّه، ولتقاتلنَّه، ولئن أنا أدركت ذلك اليوم لأنصرن الله نصرًا يعلمه. ثم أدنى رأسه منه فقبل يافوخه ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم إلى منزله (1).
(1) إسنادُهُ صحيحٌ، رواه إسحاق (سيرة ابن كثير-1/ 402).