الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من شتم آبائنا، وتسفيه أحلامنا، وعيب آلهتنا، حتى تكفه عنا، أو ننازله وإياك في ذلك، حتى يهلك أحد الفريقين -أو كما قالوا له- ثم انصرفرا عنه، فعظم على أبي طالب فراق قومه وعداوتهم، ولم يطب نفسًا بإسلام رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم ولا خذلانه.
ما دار بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي طالب
قال ابن إسحاق: وحدثني يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس أنه حدث: أن قريشًا حين قالوا لأبي طالب هذه المقالة، بعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له: يا ابن أخي، إن قومك قد جاءوني، فقالوا لي كذا وكذا، للذي كانوا قالوا له فابق علي وعلى نفسك، ولا تحملني من الأمر ما لا أطيق؛ فظن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قد بدا لعمه فيه بداء أنه خاذله ومسلمه، وأنه قد ضعف عن نصرته والقيام معه. قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا عم، والله لو وضعوا الشمس في يميني، والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله، أو أهلك فيه ما تركته". قال: ثم استعبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبكى ثم قام؛ فلما ولى ناداه أبو طالب فقال: أقبل يا بن أخي؛ قال: فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: اذهب يا بن أخي، فقل ما أحببت، فوالله لا أسلمك لشيءٍ أبدا.
قريش تعرض عمارة بن الوليد على أبي طالب
قال ابن إسحاق: ثم إن قريشًا حين عرفوا أن أبا طالب قد أبى خذلان رسول الله صلى الله عليه وسلم وإسلامه، وإجماعه لفراقهم في ذلك وعداوتهم، مشوا إليه بعمارة بن الوليد بن المغيرة، فقالوا له -فيما بلغني- يا أبا طالب، هذا عمارة بن الوليد، أنهد فتىً في قريش وأجمله، فخذه فلك عقله ونصره، واتخذه ولداً فهو لك، وأسلم إلينا ابن أخيك هذا، الذي قد خالف دينك ودين آبائك وفرق جماعة قومك، وسفه أحلامهم، فنقتله، فإنما هو رجل برجل؛ فقال: والله لبئس ما تسومونني، أتعطونني ابنكم أغذوه لكم، وأعطيكم ابني تقتلونه؟! هذا والله ما لا يكون أبدًا. قال: فقال المطعم بن عدي بن نوفل
بن عبد مناف بن قصي: والله يا أبا طالب لقد أنصفك قومك، وجهدوا على التخلص مما تكرهه، فما أراك تريد أن تقبل منهم شيئًا؛ فقال أبو طالب للمطعم: والله ما أنصفوني، ولكنك قد أجمعت خذلاني ومظاهرة القوم عليّ، فاصنع ما بدا لك، أو كما قال. فحقب الأمر، وحميت الحرب، وتنابذ القوم، وبادى بعضهم بعضا.
شعر أبي طالب في المطعم ومن خذله: فقال أبو طالب عند ذلك، يعرض بالمطعم بن عديّ، ويعم من خذله من بني عبد مناف، ومن عاداه من قبائل قريش، ويذكر ما سألوه، وما تباعد من أمرهم:
ألا قل لعمرو والوليد ومطعم
…
ألا ليت حظي من حياطتكم بكر
من الخور حبحاب كثير رغاؤه
…
يرش على الساقين من بوله قطر
تخلف خلف الورد ليس بلاحق
…
إذا ما علا الفيفاء قيل له وبر
أرى أخوينا من أبينا وأمنا
…
إذا سئلا قالا إلى غيرنا الأمر
بلى لهما أمر ولكن تجرجما
…
كما جرجمت من رأس ذى علق صخر
أخص خصوصا عبد شمس ونوفل
…
هما نبذانا مثل ما ينبذ الجمر
هما أغمزا للقوم في أخويهما
…
فقد أصبحا منهم أكفُّهما صفر
هما أشركا في المجد من لا أبا له
…
من الناس إلا أن يرس له ذكر
وتيم ومخزوم وزهرة منهم
…
وكانوا لنا مولى إذا بغي النصر
فوالله لا تنفك منا عداوة
…
ولا منهم ما كان من نسلنا شفر
فقد سفهت أحلامهم وعقولهم
…
وكانوا كجفر بئس ما صنعت جفر
قال ابن هشام: تركنا منها بيتين أقذع فيهما.
قريش تظهر عداوتها للمسلمين: قال ابن إسحاق: ثم إن قريشًا تذامروا بينهم على من في القبائل منهم من أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم الذين أسلموا معه، فوثبت كل قبيلة على من فيهم من المسلمين يعذبونهم، ويفتنونهم عن دينهم، ومنع الله رسوله- صلى الله عليه وسلم منهم بعمه أبي طالب، وقد قام أبو طالب، حين رأى قريشًا يصنعون ما يصنعون في بني هاشم وبني المطلب، فدعاهم إلى ما هو عليه، من منع
رسول الله- صلى الله عليه وسلم، والقيام دونه؛ فاجتمعوا إليه، وقاموا معه وأجابوا إلى ما دعوهم إليه، إلا ما كان من أبي لهب، عدو الله الملعون.
شعر أبي طالب في مدح قومه لنصرته: فلما رأى أبو طالب من قومه ما سره في جهدهم معه، وحدبهم عليه، جعل يمدحهم ويذكر قديمهم، ويذكر فضل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم، ومكانه منهم، ليشد لهم رأيهم، وليحدبوا معه على أمره، فقال:
إذا اجتمعت يوما قريش لمفخر
…
فعبد مناف سرها وصميمها
وإن حصلت أشراف عبد منافها
…
ففي هاشم أشرافها وقديمها
وإن فخرت يومًا فإن محمدًا
…
هو المصطفى من سرها وكريمها
تداعت قريش غثُّها وسمينها
…
علينا فلم تظفر وطاشت حلومها
وكنا قديمًا لا نقرُّ ظلامة
…
إذا ما ثنوا صعر الخدود نقيمها
ونحمي حماها كل يوم كريهة
…
ونضرب عن أحجارها من يرومها
بنا انتعش العود الذواء وإنما
…
بأكنافنا تندى وتنمى أرومها
شعر أبي طالب في معاداة خصومه فلما خشي أبو طالب دهماء العرب أن يركبوه مع قومه، قال قصيدته التي تعوذ فيها بحرم مكة منها، وتودد فيها أشراف قومه، وهو على ذلك يخبرهم وغيرهم في ذلك من شعره أنه غير مسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا تاركه لشيء أبدًا حتى يهلك دونه، فقال:
ولما رأيت القوم لا ود فيهم
…
وقد قطعوا كل العرى والوسائل
وقد صارحونا بالعداوة والأذى
…
وقد طاوعوا أمر العدو المزايل
وقد حالفوا قومًا علينا أظنة
…
يعضون غيظًا خلفنا بالأنامل
صبرت لهم نفسي بسمراء سمحة
…
وأبيض عضب من تراث المقاول
وأحضرت عند البيت رهطي وإخوتي
…
وأمسكت من أثوابه بالوصائل
قيامًا معنا مستقبلين رتاجه
…
لدى حيث يقضي حلفه كل نافل
وحيث ينيخ الأشعرون ركابهم
…
بمفضي السيول من إساف ونائل
موسمة الأعضاد أو قصراتها
…
مخيَّسة بين السديس وبازل
ترى الودع فيها والرخام وزينة
…
بأعنافها معقودة كالعثاكل (1)
أعوذ برب الناس من كل طاعن
…
علينا بسوء أو ملح بباطل
ومن كاشح يسعى لنا بمعيبة
…
ومن ملحق في الدّين ما لم نحاول
وثور ومن أرسى ثبيرًا مكانه
…
وراق ليرقى في حراء ونازل (2)
وبالبيت، حق البيت، من بطن مكة
…
وبالله إن الله ليس بغافل
وبالحجر المسودّ إذ يمسحونه
…
إذا اكتنفوه (3) بالضحى والأصائل
وموطيء إبراهيم في الصخر رطبة
…
على قدميه حافيًا غير ناعل
وأشواط بين المروتين إلى الصفا
…
وما فيهما من صورة وتماثل (4)
ومن حج بيت الله من كل راكب
…
ومن كل ذي نذر ومن كل راجل
وبالمشعر الأقصى إذا عمدوا له
…
إلالٌ إلى مفضى الشراج القوابل (5)
وتوقافهم فوق الجبال عشية
…
يقيمون بالأيدي صدور الرواحل
وليلة جمعٍ (6) والمنازل من منى
…
وهل فوقها من حرمة ومنازل
وجمع إذا ما المقربات أجزنه
…
سراعا كما يخرجن من وقع وابل (7)
وبالجمرة الكبرى إذا صمدوا لها
…
يؤمُّون قذفًا رأسها بالجنادل
وكندة إذ هم بالحصاب (8) عشية
…
تجيز بهم حجاج بكر بن وائل
حليفان شدا عقد ما احتلفا له
…
وردا عليه عاطفات الوسائل
(1) الودع: خرزات يتحلى بها الصبيان. والعثاكل: الأغصان.
(2)
ثور وثبير وحراء: جبال بمكة.
(3)
اكتنفوه: أحاطوا به.
(4)
الأشواط: جمع شوط، الجري من البداية إلى الغاية مرة واحدة، والمروتين: الصفا والمروة، فهو من باب التغليب كالأبوين. والتماثل أسقط ياءها ضرورة.
(5)
المشعر: عرفة. الإل: جبل بعرفات. والشراج: جمع شرج وهر مسيل الماء. والقوابل: المقابلة.
(6)
جمع: المزدلفة.
(7)
المقربات: الخيل الكريمة التى تقرب مرابطها من البيوت. الوابل: المطر الشديد.
(8)
الحصاب: مكان رمي الجمار.
وحطمهم سمر الرماح وسرحه
…
وشبرقه وخد النعام الجوافل (1)
فهل بعد هذا من معاذ لعائذ
…
وهل من معيذ يتقي الله عاذل
يطاع بنا أمر العدى وُدّ أننا
…
تسد بنا أبواب ترك وكابل (2)
كذبتم وبيت الله نترك مكة
…
ونطعن إلا أمركم في بلابل (3)
كذبتم وبيت الله نبزى محمدًا
…
ولما نطاعن دونه ونناضل (4)
ونسلمه حتى نصرع حوله
…
ونذهل عن أبنائنا والحلائل
وينهض قوم في الحديد إليكم
…
نهوض الروايا تحت ذات الصلاصل (5)
وحتى ترى ذا الضغن يركب ردعه
…
من الطعن فعل الأنكب المتحامل (6)
وإنا -لعمر الله- إن جد ما أرى
…
لتلتبسن أسيافنا بالأماثل
بكفي فتى مثل الشهاب سميدع (7)
…
كأخي ثقة حامي الحقيقة باسل
شهورًا وأيامًا وحولًا مُجرمًا (8)
…
علينا وتأتي حجةٌ بعد قابل
وما ترك قوم، لا أبالك، سيدًا
…
يحوط الذِّمار غير ذرب مواكل (9)
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه
…
ثمال اليتامى (10) عصمة للأرامل
يلوذ به الهلاف (11) من آل هاشم
…
فهم عنده في رحمةٍ وفواضل
(1) الحطم: الكسر. والسمر: من شجر الطلح. والسرح: الشجر العظام، والشبرق: نبات. والوخد: السريع. والجوافل: المسرعة. وفي رواية "سمر الصفاح".
(2)
ترك وكابل: جيلان من الناس.
(3)
البلابل: وساوس الهموم.
(4)
نبزى: نسلب ونغلب.
(5)
الروايا: الإبل تحمل الماء. والصلاصل: المزادات يسمع لها صلصلة.
(6)
الضغن: العداوة. ويركب ردعه: يخر على وجهه صريعا، والأنكب: المائل.
(7)
السميدع: السيد من الرجال.
(8)
المجرم: الكامل.
(9)
الذمار: الحمى. والذرب: الفاحش المنطق. المواكل: من يكل أمره إلى غيره.
(10)
ثمال اليتامى: من يتولى أمرهم ويقوم بهم.
(11)
وفي رواية "الهلاك".
لعمرى لقد أجرى أسيد وبكره
…
إلى بغضنا وجزآنا لآكل
وعثمان لم يربع (1) علينا وقنفذ
…
ولكن أطاعا أمر تلك القبائل
أطاعا أبيا وابن عبد يغوثهم
…
ولم يرقبا فينا مقالة قائل
كما قد لقينا من سبيع ونوفل
…
وكل تولى معرضًا لم يجامل
فإن يلقيا أو يمكن الله منهما
…
نكل لهما صاعًا بصاع المكايل
وذاك أبو عمرو أبى غير بغضنا
…
ليظعنا في أهل شاء وجامل (2)
يناجي بنا في كل ممسى ومصبح
…
فناج أبا عمروٍ بنا ثم خاتل
ويؤلي (3) لنا بالله ما إن يغشنا
…
بلى قد نراه جهرة غير حائل
أضاق عليه بغضنا كل تلعة
…
من الأرض بين أخشب فمجادل (4)
وسائل أبا الوليد ماذا حبوتنا
…
بسعيك فينا معرضًا كالمخاتل
وكنت أمرءًا ممّن يعاش برأيه
…
ورحمته فينا ولست بجاهل
فعتبة لا تسمع بنا قول كاشح
…
حسودٍ كذوبٍ مبغض ذى دغاول (5)
ومرّ أبو سفيان عني معرضًا
…
كما مرّ قيل من عظام المقاول
يفرُّ إلى نجدٍ وبرد مياهه
…
ويزعم أني لست عنكم بغافل
ويخبرنا فعل المناصح أنه
…
شفيق ويخفي عارمات الدواخل (6)
أمطعم لم أخذلك في يوم نجدة
…
ولا معظم عند الأمور الجلائل
ولا يوم خصم إذا أتوك ألدة
…
أولي جدل من الخصرم المساجل (7)
(1) لم يربع: لم يقم.
(2)
الجامل: جماعة الجمال.
(3)
يؤلي: يقسم.
(4)
التلعة: ما شرف من الأرض. والأخشب: أراد الأخاشب وهي جمال مكة، وجاء به على أخشب لأنه في معني أجبل، مع أن الإسم قد يجمع على حذف الزوائد ويصغر كذلك، والمجادل: القصور والحصون في رؤوس الجبال. كأنه يريد ما بين جبال مكة فقصور الشام والعراق، والفاء في مجادل تعطي الاتصال بخلاف الواو كقوله "بين الدخول فحومل".
(5)
الدغاول: الغوائل.
(6)
العارمات: الشديدات. والدواخل: التمائم.
(7)
المساجل: من يعارض في الخصومة.
أمطعم إن القوم ساموك خطة
…
وإني متى أوكل فلست بوائل (1)
جزى الله عنا عبد شمس ونوفلا
…
عقوبة شر عاجلًا غير آجل
بميزان قسط لا يخسّ (2) شعيرة
…
له شاهد من نفسه غير عائل (3)
لقد سفهت أحلام قوم تبدلوا
…
بني خلف قيضًا بنا والغياطل (4)
ونحن الصميم من ذؤابة هاشم
…
وآل قصيّ في الخطوب الأوائل
وسهم ومخزوم تمالوا وألبوا
…
علينا العدا من كل طمل (5) وخامل
فعبد مناف أنتم خير قومكم
…
فلا تشركوا في أمركم كل واغل (6)
لعمري لقد وهنتم وعجزتم
…
وجئتم بأمر مخطيء للمفاصل (7)
وكنتم حديثا حطب قدر
…
وأنتم الآن حطاب أقدر ومراجل
ليهنيء بني عبد مناف عقوقنا
…
وخذلاننا وتركنا في المعاقل
فإن نك قومًا نتَّئر ما صنعتم
…
وتحتلبوها لقحة غير باهل (8)
وسائط كانت في لؤيّ بن غالب
…
نفاهم إلينا كل صقر حلاحل (9)
ورهط نفيل شر من وطيء الحصى
…
وألأم حاف من معدّ وناعل
فأبلغ قصيًا أن سينشر أمرنا
…
وبشر قصيا بعدنا بالتخاذل
ولو طرقت ليلًا قصيا عظيمة
…
إذا ما لجأنا دونهم في المداخل
(1) سامه خطة: كلفه بها. والوائل: الناجي.
(2)
يخس: ينقض ويفسد العهد.
(3)
للعائل: الحائر.
(4)
القيض: العوض. والغياطل: بنو سهم، لأن أمهم الغيطلة، وقيل: إن بني سهم سموا بالغياطيل، لأن رجلًا منهم قتل جانا، طاف بالبيت سبعًا، ثم خرج من المسجد فقتله، فأظلمت مكة، حتى فزعوا من شدة الظلمة الشديدة، والغيطلة أيضًا: الشجر الملتف، والغيطلة: اختلاط الأصوات، والغيطلة: البقرة الوحشية، والغيطلة غلبة النعاس.
(5)
الطمل: الفاحش.
(6)
الواغل: الهاجم على القوم في شرابهم ولم يدع.
(7)
مخطيء للمفاصل: بعيد عن الصواب.
(8)
نتئر: نأخذ بثأرنا. واللقحة: الناقة ذات اللب. والباهل: الناقة المباحة للحلب.
(9)
الحلاحل: السيد الشجاع.
ولو صدقوا ضربًا خلال بيوتهم
…
لكنا أسى عند النساء المطافل (1)
فكل صديق وابن أخت نعدُّه
…
لعمري وجدنا غبَّه غير طائل
سوى أن رهطا من كلاب بن مرة
…
براء إلينا من معقّة خاذل (2)
وهنَّا لهم حتى تبدد جمعهم
…
ويحسر عنا كل باغ وجاهل
وكان لنا حوض السقاية فيهم
…
ونحن الكدى من غالب والكواهل (3)
شباب من المطيبين وهاشم
…
كبيض السيوف بين أيدي الصياقل
فما أدركوا ذحلا ولا سفكوا دمًا
…
ولا حالفوا إلا شرار القبائل
بضرب ترى الفتيان فيه كأنهم
…
ضواري أسود فوق لحم خرادل (4)
بني أمة محبوبة هندكية (5)
…
بني جمح عبيد قيس بن عاقل
ولكننا نسل كرام لسادة
…
بهم نعي الأقوام عند البواطل
ونعم ابن أخت القوم غير مكذب
…
زهير حسامًا مفردًا من حمائل
أشم من الشم البهاليل ينتمي
…
إلى حسب في حومة المجد فاضل
لعمري لقد كلفت وجدًا بأحمد
…
وإخوته دأب المُحبِّ المواصل
فلا زال في الدنيا جمالًا لأهلها
…
وزينا لمن والاه رب المشاكل
فمن مثله في الناس أي مؤمل
…
إذا قاسه الحكام عند التفاضل
حليم رشيد عادل غير طائش
…
يوالي إلهًا ليس عنه بغافل
فوالله لولا أن أجيء بسبة (6)
…
تجرُّ على أشياخنا في المحافل
لكنا اتبعناه على كل حالة
…
من الدهر جدًّا غير قول التهازل
لقد علموا أن ابننا لا مكذب
…
لدينا ولا يعنى بقول الأباطل
(1) الأسى: جمع أسوة، والمطافل: ذوات الأطفال.
(2)
يقال قوم براء بالفتح: وبراء بالكسر، فأما براء بالكسر فجمع بريء، مثل كريم وكرام.
(3)
الكدى: سمع كدية، وهي الصخرة العظيمة. والكواهل: جميع كاهل، وهو سند القوم.
(4)
الخرادل: القطع العظيمة.
(5)
الهندكي: منسوب إلى الهند.
(6)
وفي رواية (بسنة).
فأصبح فينا أحمد في أرومة
…
تقصر عنه سورة المتطاول (1)
حدبت بنفسي دونه وحميته
…
ودافعت عنه بالذرا والكلاكل (2)
فأيده رب العباد بنصره
…
وأظهر دينا حقُّه غير باطل
رجال كرام غير ميل (3) نماهم
…
إلى الخير آباء كرام المحاصل
فإن تك كعب من لؤي صقيبة (4)
…
فلا بد يومًا مرة من تزايل
قال ابن هشام: هذا ما صح لي من هذه القصيدة، وبعض أهل العلم بالشعر ينكر أكثرها.
(1) السورة: الشدة والبطش.
(2)
حدبت: عطفت. والذرا: جمع ذروة أعلى ظهر البعير، والكلاكل: عظام الصدور.
(3)
الميل: جمع أميل وهو الذي لا يحسن الركوب.
(4)
صقيبة: تريبة.