الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التفسير إلى الختام وغير ذلك حسبما أخبرنى بذلك ولده الفقيه العدل مولاى على قائلا: لا زال الكل تحت يدهم في مسوداته لم يخرج.
وفاته: توفى سحر ليلة عيد الأضحى متم عام أربعة وعشرين وثلاثمائة وألف، ودفن بتربته التي أعدها لنفسه أَعلى الظهير بالتصغير، الروضة الشهيرة خارج باب زاوية زرهون رحمه الله رحمة واسعة.
322 - محمد بن محمد فتحًا المتقدم الترجمة
ابن عبد الله بن الطاهر الشريف الأمرانى.
أمه بنت السلطان المولى سليمان.
حاله: فاضل وجيه نزيه، نسيب حسيب نبيل، سياسى ماهر، داهية عاقل، حنكته التجارب وحنكها، فارس شجاع، خبير بالأمور، بصير بالعواقب، كان السلطان المولى الحسن اصطفاه وقربه وصاهره بشقيقته المصونة السيدة أم كلثوم، وكانت أَحب الناس إليه يجير من أَجارت، ويجيبها لما أشارت، وبسبب ذلك حظى المترجم لديه بكل عناية، واختص لديه بكل حظوة ورعاية، فكان ينتد به للطواف بالنواحى والنظر في أمر القبائل وإصلاح أحوالهم وجمع الموظف عليهم، وتأديب من ارتكب العصيان منهم، وتعيين من يصلح لهم من العمال، وإصلاح ذات بينهم، فكان يقضى تلك المآرب المولوية على أحسن وجه تارة بالسياسة، وتارة بالقوة حسبما تشهد بذلك أعماله في القصابى وملوية ونواحى زيز وآيت يوسى وأولاد الحاج وآيت يزدك وقبائل الريف وغيرها.
وقف على عدة ظهائر ملوكية علوية في التنويه بقدره وقدر عائلته الكريمة والحض على احترامهم وتبجيلهم وتوقيرهم واعتبارهم، منها ظهير حسنى منيف ودونك نصه بعد الحمدلة والصلاة والطابع الشريف:
322 - من مصادر ترجمته: إتحاف المطالع في الموسوعة 8/ 2878.
"يعلم من كتابنا هذا النافذة أوامره، المسفرة عن وجوه الحق بواطنه وظواهره، ويتعرف من فحوى خطابه، لمن أمعن النظر في أساليبه وأسبابه، أننا بحول من له القوة والحول، والمنة والطول، أقررنا حملته أبناء عمنا سيدي محمَّد ابن المرحوم بكرم الله مولاى محمَّد الأمرانى وشقيقيه مولاى عبد السلام، ومولاى الكامل على ما ألفوه من جانبنا العالى بالله، وجانب أسلافنا قدسهم الله، من التوقير والتعظيم والاحترام، ومزيد القرب والاجتباء والإكرام، وزدناهم على ذلك توقيرا واحتراما وعناية وتعظيما بحيث لا يسام جانبهم باهتضام. ولا يعاملون إلا بالجميل والإعظام، وأبقيناهم في ذلك على عادتهم المألوفة، وطريقتهم المعروفة، من التحرير من جميع الكلف المخزنية، والوظائف السلطانية، وجعلنا أمور زكواتهم وأعشارهم بيدهم جريا على عادتهم إقرارًا تامًا، نأمر الواقف عليه من عمالنا وولاة أمرنا أن يعمله ويعمل بمقتضاه؛ ولا يحيد عن كريم مذهبه ولا يتعداه، صدر به أمرنا الشريف في حادى عشر جمادى الأولى عام تسعة وثلاثمائة وألف" هـ.
وكان السلطان المذكور يقدمه للشئون ذات البال، ويعتمد على سياسته ودهائه ويعترف له بذلك، ودونك نص اعترافه له بما ذكر بعد الحمدلة والصلاة والطابع الشريف الذي نصه (الحسن بن محمَّد الله وليّه ومولاه):
"الفقيه الأرضى القاضى السيد عبد الوهاب البادسى سددك الله، وسلام عليك ورحمة الله.
وبعد: وافى كتابكم بتيسير ما وجه لأجله ابن عمنا الأرضى سيدي محمَّد الأمرانى، على أقصى الأمانى. مثنيا عليه بحسن السياسة ولطف التدبير. وجميل المباشرة والعقل الكبير. فنعم هو كذلك ونحن نعرفه منه سدده الله والسلام في سادس عشرى حجة الحرام عام واحد وثلاثمائة وألف" هـ.
وكان يأخذ برأيه في مهمات الأمور ويعتمده وله الوثوق التام بصدقه وأَمانته قامت لدى الخاص والعام على ذلك براهين ساطعة، فكم جهز الجيوش الهامة ذات العدة والعدد، وعقد له عليها وأَسند إليه أمرها، وقصر النظر فيه عليه، وبالجملة فقد كان له لديه جاه ووجاهة ومكانه لم يلحقها غيره، يرافقه في الأسفار. يخصه ببث الأسرار. حتى إنه كان كلفه بالنظر في كل ما ينسب لفل ذة كبده وأعز أبنائه لديه وولى عهده من بعده السلطان السابق مولاى عبد العزيز، ودونك نص الظهير المصادر له في ذلك بعد الحمدلة والصلاة والطابع الكبير:
"يعلم من كتابنا هذا أعلى الله مقداره. وأجرى على فلك الإسعاد مداره. أننا بحول الله وقوته. وشامل يمنه ومنته. كلفنا ابن عمنا الأرضى سيدي محمَّد الأمرانى بالنظر في كل ما ينسب للولد عبد العزيز أصلحه الله من الماشية والحرث ونحو ذلك مما تنتجه المواشى من الغلة كالصوف والسمن والنتاج ونحو ذلك، وكذلك الحرث بحيث يكون بصيرة في الكل يعرف الداخل والنتاج والغلة وما زاد وما نقص حتى لا يضيع شيء منه، ويعلمنا عن ذلك بما ظهر له فيه من صلاح أو ضده، وكذلك في عمل المكلفين به، وما يرى في ذلك من استحسان وتسديد أو غير ذلك، لنأمر فيه بالمقتضى والسلام صدر به أمرنا المعتز بالله تعالى في خامس محرم الحرام فاتح عام أربعة وثلاثمائة وألف" هـ.
وقد اقتفى أثر هذا السلطان العظيم المقدار في تبجيل المترجم وإجلاله وندبه للمهمات وترشيحه للملمات، بنوه الملوك الحيلة من بعده ووجهه المولى عبد العزيز لقبيلة الأخماس وطنجة وتطوان لما تفاحش أمر الريسونى بتلك النواحى، ولو تتبعنا خصوص ما بمكتبتنا من الأوراق الرسمية المتعلقة بمأمورياته لجاء في مجلدات، وإليك مثالا منها كتبه له أحمد بن موسى باقعة الوزراء وداهية الصدور والرؤساء:
"محبنا الشريف الأرضى، سيدي محمَّد الأمرانى أمنك الله وسلام عليك ورحمة الله عن خير مولانا نصره الله.
وبعد: وصل كتاباك أحدهما بتاريخ رابع عشر شهر التاريخ، والثانى بتاريخ خامس عشر منه أخبرت في الأول بأنك لما حللت المحلة السعيدة أَلفيتها بخير، غير أن فساد الأعشاش وملال ومن شوكتِهم اشتدت شوكتهم وكثرت آراؤهم في تعمير موسم طبق ما تقدم الإعلام به بعد ما كان أخبر عمال الأعشاش باضمحلال أمره، وأن الفساد تمالئوا واجتمعوا بسوق أولاد محمَّد ونادوا بعمارته رغما على كل أحد، وصار الفساد يسرى، وأن العمال لم يغنوا في ذلك شيئًا ولم تظهر لهم خدمة ولا نتيجة، وأنك لما رأيت ما هم عليه من الرعب خاطبت، قواد أولاد مراح والشبانى والبرهمى بإنهاض حركتهم حلة ومحلة امام المحلة لعزمك على الرحيل غد التاريخ والتخييم بطالع السلطان قرب بلاد الأحلاف والأولاد بعد مفاوضتك في ذلك، مع عمال الشاوية المخيمين بالمحلة وجوابهم لك باستحسان ذلك وعدم المصلحة في طول مقام المحلة، وأن بسبب ذلك استطال الفساد حتى صاروا يزحفون لقرب المحلة، واشتد طمعهم فيها وسرى ذلك لغيرهم من القبائل التي كانت تنالها الأحكام، فامتدت أيديهم لنهب السبل وقطعها على المارة، وأن من المتعين إنهاض محلة القرب للتخييم بقربكم وتجديد شريف الأمر للجوار بشد العضد والتضييق بالفساد حيث لا زال لم يظهر أثر منهم عدا أولاه عبدون الذين لم يقصروا في ضرب الخزازرة.
وأن من المصلحة تعجيل نهوض الركاب العالى بالله لتدارك رقع أولئك خرق أولئك الفساد، وجعل ذلك بيت القصيد، ذاكرًا أن من هون أمر تلك الناحية وسهل أمرها، فقد خان وغش الجناب المعتز بالله.
وأخبرنى في الثاني بنهوضهم يوم التاريخ المذكور بالمحلة السعدية وتخييمكم بطابع السلطان قرب دار الحاج عبد القادر الحلفى وقرب الأولاد وتلقيه لكم مع قواد الأولاد والخدمين الإبراهيمى والشبانى بعدد وافر معتبر من الخيل، مظهرين الفرح والسرور، وتخييم بعض حلة أولاد مراح مع حلة الشبانى والإبراهيمى بقرب المحلة، ذاكرًا أن هذا النهوض يكون بحول الله سببا في إخضاد شوكتهم وتفريق جمعهم الفاسد، وأنه ظهر بسببه أثر الخير، وطلب منك، عمال الأعشاش الزيادة بالمحلة لقصبة المعاريف قرب دار ولد توزرت، وأَشار عليك البعض بالتخييم بدار ابن أحمد، حيث إن بعض أولاد محمَّد نازل بقربها، وأنك كتبت لأعيانهم وكبرائهم بما تقتضيه المصلحة من التأليف المشوب بالإرهاب مع التأمين عليهم، وأنه إن أفاد ذلك فيهم فذاك المراد، وإلا فلا بُدّ من الزيادة بالمحلة السعيدة للتخييم بأحد المحلين المذكورين إظهارًا للسطوة المولوية عليهم، وصار بالبال بعد اطلاع العلم الشريف، فقال دام علاه: أما ما كانوا توافقوا عليه من عمارة موسم الفساد إلخ فقد كان بلغ شريف علمه ذلك وصدر الأمر بالبحث عن حقيقة ذلك، وأما ما خاطبت به أولاد مراح ومن ذكرت معهم من إنهاض حركتهم حلة ومحلة أمام المحلة السعدية بقصد التخييم بطالع السلطان، فقد استحسنه مولانا دام علاه وعده من الحزم، وأما ما أنتجته مفاوضتك مع عمال الشارية من تعين نهوض المحلة الغربية للتخييم قربكم إلخ، فقد صادف الحال أن الأمر الشريف صدر لمولاى الأمين بالنهوض بها والتخييم بمائة بير وبير من بلاد الحلاليف من زعير في الحدود بينهم وبين الأعشاش، ولا يكون الأوصل وجدد له شريف الأمر بالتضييق بهم فقد جدده لهم وأكد عليهم فيه، وها مكاتبه الشريفة بذلك تصلك طيه لتوجهها لهم على يدك، إلا أنك لم تبين المراد بالتضييق هل بشد الوطأة عليهم فقط كما أُمروا الآن أو بضربهم فلتبين ذلك.
وأما ما ذكرته من المصلحة في تعجيل نهوض الركاب الشريف فقد تقدم لك الإعلام بما ظهر منهم، فلتمض على ذلك.
وأما ما أشرت إليه من عدم تهوين أمر تلك الناحية، فسيدنا أيده الله من ذلك على بال، وسيحكم الله في كل فاسد بباهر قدرته.
وأما نهوضكم وتخييمكم بالمحل المذكور، فقال أعزه الله جعله الله نهوض يمن وظفر وسلامة.
وأما ملاقاة من ذكر من الخدام للمحلة السعيدة بعددهم وعددهم فقال نصره الله: ذاك المراد منهم أصلحهم.
وأما ما ذكرت من ظهور أثر الخير بسبب نهوض المحلة فقال أعزه الله: كمل الله بخير وحكم سيف عدله في رقبة كل باغ، آمين.
وأمامه طلبه عمال الأعشاش من نهوض المحلة لقصبة المعاريف وما أشار به الغير من نهوضها لدار ابن أحمد، فقال نصره الله: الحاضر بصيرة، والذي تقضيه المصلحة من التخييم بأحد المحلين يرتكب.
وأما ما كتبت لهم به إلخ فقد استحسنه دام علاه.
وأما ما ذكرته من كونهم إن لم يظهر منهم انقياد فلا بد من الزيادة لأحد المحلين المذكورين إلخ فقال دام علاه: العمل على ذلك ولا تغيب خبرا وعلى المحبة والسلام في 20 ربيع الثاني عام 1315 أحمد بن موسى بن أحمد لطف الله به".
وقد استخلفه السلطان مولانا عبد الحفيظ بثغر الدار البيضاء ودونك نص ظهير التولية بعد الحمدلة والصلاة والطابع الكريم:
"يعلم من كتابنا هذا أعلى الله قدره، وأَعز أمره، أننا بحول الله وعونه جعلنا ماسكه ابن عمنا الأرضى سيدي محمَّد الأمرانى خليفة عن جانبنا العالى
بالله بالدار البيضاء المحروسة، وأقمناه مقام عمنا مولاى الأمين فيما كان له من التكليف هنالك، والنظر في أمور المخزن ومباشرة المصالح المنوطة بتلك الناحية، فنأمره أن يجرى في ذلك على ما يراد من المقابلة بجد واهتمام، وعدم ارتكاب ما يخل بالمصالح في نقض أو إبرام، كما نأمر من يقف عليه من خدامنا وولاة أوامرنا الشريفة أن يعرفوا قدر ما أسندناه إليه من ذلك التكليف، وطوقناه من ذلك الوظيف، والله يلهم الجميع رشده والسلام، صدر به أمرنا المعتز بالله تعالى في ثامن عشر حجة الحرام عام ستة وعشرين وثلاثمائة وألف" هـ.
وأقره على ذلك هنالك السلطان المعظم مولانا يوسف، وزاد بأن جمع له بين الخلافة عنه والعمالة هناك، ونص الظهير الشريف الذي أصدره له في ذلك: الحمد لله وصلى الله على سيدنا محمَّد وآله وصحبه (يوسف بن الحسن بن محمَّد الله وليّه) ومن تكن برسول الله نصرته إلى منتقم:
خدامنا الأرضين أهل الثغر البيضاوى كافة، وفقكم الله وسلام عليكم ورحمة الله.
فقد اقتضت المصلحة العامة اجتماع ووظيفتى خليفة حضرتنا الشريف وعامل البلد في ذلك الثغر في يد واحدة، وعليه فقد أعفينا خديمنا الطالب محمَّد الجباص من التكليف هنا كم ووظفناه بالوزارة الكبرى، وأسندنا لابن عمنا الأرضى سيدي محمَّد الأمرانى الوظيفتين المذكورتين وأمرناه بالقيام بشئونهما، فنأمركم أن تسمعوا وتطيعوا فيما يأمركم به من أمور خدمتنا الشريفة أسعدكم الله به وأسعده بكم ووفق الجميع لما فيه رضاه، والسلام في متم رجب عام 1331".
ولم يزل قائما بأعباء تلك المأمورية أحسن قيام إلى أن قبضه الله إليه.
وهو الذي ترأس جيوش الحماية عند مقدمها لفاس، ثم لمكناس عند انتصار السلطان مولاى عبد الحفيظ بها على باغية البرابر زمن قيامها عليه بمكناس على ما.
سنوضحه بعد بحول الله، ولولا حسن سياسة المترجم لأصبحت مدينة مكناسة في خبر كان.
مشيخته: أخذ العلم عن شيوخ عصره والطريقة الناصرية عن سيدي محمَّد ابن أبي بكر الناصرى، والعلامة الصالح سيدي محمَّد بن طلحة النسب بمراكش، وهو عن سيدي على بن يوسف.
ودلائل الخيرات عن والده، وعن خاله الشريف الفقيه الناسك مولاى يوسف بن الأمير مولانا سليمان عن والده الأمير المذكور عن والده الأمير العظيم الشأن مولانا محمَّد بن عبد الله.
كما أخذه أيضًا عن ابن طلحة المذكور، وكان أخذ السلطان المولى سليمان له عن والده ومناولته إياه له وما معه من الأحزاب بالمسجد الأزهر المعروف بجامع الأروى من القصبة السلطانية المكناسية عام ستة وتسعين ومائة وألف.
كما أخذ دلائل الخيرات عن الشيخ عبد الكبير بن المجذوب الفاسى، وكل ما له فيه رواية من الأذكار والأوراد والدعوات.
ولادته: ولد في ربيع الأول عام تسعة وأربعين ومائتين وألف، حسبما وقفت على ذلك في ظهير أَصدره سيدنا الجد السلطان مولانا عبد الرحمن بن هشام في جواب لابنة عمه والدة المترجم الشريفة المصونة السيدة أم هانئ بنت السلطان الأعدل سليمان عن إعلامها إياه بازدياد المترجم عندها، وإليك لفظه بعد الحمدلة والصلاة والطابع الفخيم.
"بنت عمنا قال أم هانئ سلام عليك ورحمة الله.
وبعد: وصلنا كتابك وعلمنا بالولد المتزايد لك جعله الله مبارك الناصية، وها أمرنا يوافيك للأمين السيد المعطى المزطارى بأَن يدفع لك أربعين مثقالا عُقِّى بها عن الولد، وقد سميناه محمدًا والسلام 23 ربيع الأول عام 1249" هـ.