الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عبد الهاد بن عزوز وذلك من
…
غدا وحيد الدهور مفردا علما
وإن ترد على عام القض فابغ تجد
…
(حمدا وشكرا وزهدا حاز) فاكتتما
53 1227 32 16 ج 1319
365 - المفضل بن المكي بن أحمد السوسى
.
المكناسى النشأة والدار، الفاسى الإقبار.
حاله: كان رحمه الله صدرًا شهيرًا علاما أصيلا، جم التحصيل، قوى الإدراك، منطلق اللسان، مشارك نقاد، حسن العبارة، مقتدر على التفتن في أفانين التعبير، إماما في العربية، ذا هيبة وجلال، وحزم وعزم، لا يقدر أحد أن يكلمه في مجلس درسه، ما سئل عن شيء إلا رد السائل مسئولا، ذا سمت وتؤدة، شديد المحبة في الصالحين، كثير الزيارة لهم والبحث على التعريف بهم ونشر كراماتهم، وجيها عند الأمراء والولاة، مبجلا عند العظماء، مسموع الكلمة.
وكان يقرأ في دروسه الليلية عدة مؤلفات في مجلس واحد يتخلص من فن لآخر بأبرع تخلص وأحسنه، لا يجارى في ذلك ولا يبارى، لا يقدر أحد من الآخذين عنه في حلقة درسه أن يتحرك أو يتنحنح أو يفوه ببنت شفة، يجلسون أمامه كأنما على رءوسهم الطير، ثم إنه ترك القراءة في آخر عمره ولازم الوزير أحمد بن موسى إلى أن لبى داعى مولاه، ثم لازم المتولى بعده المهدي المنبهى، ولم يزل يظعن بظعن السلطان ويقيم بإقامته إلى أن ختمت أنفاسه رحمه الله.
مشيخته: أخذ عن شيخ الجماعة الحاج مبارك الفيض، وأبى الإسعاد المهدي ابن سودة، وأبى اليمن العباس بن كيران، وأبى الفتوح الهادي بادو، ووالده السيد المكي وغيرهم من الأعلام.
الآخذون عنه: أخذ عنه شيخنا الحاج المختار بن عبد بن أحمد، وشيخنا أبو
365 - من مصادر ترجمته: إتحاف المطالع في الموسوعة 8/ 2829.
عبد الله محمَّد القصرى، وشيخنا الحاج المعطى بن عبود، والعلامة الأديب السيد الغالى بن المكي السنتيسى، وابن أخيه السيد محمَّد فتحا السوسى، وأخوه السيد محمَّد السوسى، والسيد الطيب بنونة، وابن عمنا سيدي الحسن بن اليزيد، والوزير أحمد بن موسى في جماعة من الأعلام.
نظمه: من ذلك قوله جامعا بين قول الشيخين القاضيين في مدح السفر وذمه:
أقول وقول الحق يعظم وقعه
…
تخالف طبع الناس مبنى الطرائق
فإن رمت تحقيق الحقائق سلمن
…
أمورك للمولى تكن خير واثق
نثره: من ذلك قوله مجيبا ابن عمنا الفقيه الأديب الأكتب مولاى إدريس بن عبد السلام الأمرانى ولفظه ومن خطه نقلت: هلال اليمن والسعد والسعادة، الدال مبتدأ بزوغه على خير أكمل زيادة، غصن شجرة أصلها ثابت أول المحاسن بلا ريب، وجدول حديقة الفضائل السالمة من النقص في علم الغيب، الطالع السعيد، في أفق الرشاد والمجادة الحميد، من برع على الأقران، وانهزم بين يدي رشده حزب الهوى والشيطان، واقتنى كنز الحياء ساعيا في المرضى بلا توانى، ولدنا حقا بمحبته الصادقة مولانا إدريس الأمرانى، لا زالت الكمالات تخدم أبوابه، والسعادة ترتضى أسبابه، وأمنه الله من كل مخوف وحفظه وسلمه على الدوام، عن خير من أنام الأنام، في ظل الأمان مولانا الإِمام، أدام الله مجده وأناله جميع المرام.
أما بعد فقد وفي لذيذ خطابك المطرب، وعجيب بليغ فصيح إعرابك المعرب، مقرطا به ومشنفا، حتى لم تبق فصاحتك المفحمة على الحقيقة معارضا ولا معنفا، فيا لها من جواهر استحقها بالأصالة من أعارها، ومعارف لا ترضى بمفارقة من أنارها، فكل فضل في العالمين، فمن فضل جدكم سيد المرسلين، عليه أفضل الصلاة وأزكى التحيات في كل وقت وحين، فبجاهه وحرمته عند الله تعالى نسأله أن يبرد لهيب الاشتياق، بتحيات المشافهة والمعاينة وحسن التلاق،
ولولا (1) ما جبل الله سبحانه عليه هذا الحب العزيز المثال، الذي لم ينسج على منواله فيما يظهر لأحد بمنوال، من على قدره وطاب سره، وحسن بين الناس كغيبة علانيته وجهره، الفقيه العلامة الوزير الأرشد، الأسعد الأمجد، المسئول لنا وله من المولى الكريم في كل وقت حسن العاقبة، وكمال الحفظ والسلامة كما نسأله سبحانه أن يرزقنا وإياكم التوفيق والإعانة، ويجعلنا من أهل طاعته وطاعة رسوله ومن الحافظين للأمانة، وأن يفتح علينا وعليكم، ويرضى أفعالنا وأفعالكم، ولا بأس على الحب الأود، الأعز الأمجد، الصادق في الود شهادة وغيبا. ولم يكن لعدو أن يثبت له عيبا، والدك حفظه الله وجعل الضيافة التي كان فيها طهورًا؛ وجعل عقب ذلك سرورا وحبورا ونورا، ولما أطلعت علم الفقيه الوزير، بكتابك الحبير المنير، تهلل وجهه نشاطا، واغتبط بمثلك اغتباطا، وأعجب كل الإعجاب فأفصح في الدعاء الحينى الأحسن، وشهد بأن هذا أفضل هدى وسنن، وعنده من خبر ضيافة الوالد ما أغنى، وهو بأموره وأمور أمثاله أعنى وأغنى وأقنى، كما ثبت عنده من نصحه وصداقته وبره ومروءته، فالحمد لله الحمد لله والسلام وفي رابع جمادى الأولى عام ستة عشر وثلاثمائة وألف المفضل السوسى لطف الله به من خطه.
وقوله من رسالة خاطب بها بعض أصدقائه المخلصين وكلفه في النيابة عنه في إعلام أحد تلاميذه النجباء الحيلة، وهو ابن عمنا مولانا الحسن بن اليزيد العلوى بوصول رسالته التي أصدرها له ويعلمه بأنه متهيئ لجوابه ولفظ الغرض منها: واعلم أن الشريف المحبوب، المخصوص من الله الكريم بأفضل موهوب، قد وجه رسالة عجيبة، ترى النفس من بلاغة تلك الرسالة، أن أجوبت بها غير وافية ولا مصيبة، فهي جداول بلاغة جرت فتضاءلت البحار، وأسرار مواهب سرت فأذعنت لمحاسنها وجميل محياها الأفكار، أعنى بذلك النبات الطيب معدنه وأصله، الحسن
(1) في هامش المطبوع: "أغفل جواب لولا صح مؤلف".
فصله ووصله، ابن من فضله من شرف سيد الورى صلى الله عليه وسلم يزيد، وكل خطاب زورته في نفسى ليكون جوابه كان لمبتدأ تلك الرسالة شاهدا بأن خبرها له مزيد، وربك يخلق ما يشاء ويفعل ما يريد.
ولما عزمت على ممكن الجواب في المستقبل، عجلت لك هذه التخبرة بأنى لا أضيع فصاحته البارعة الفائقة، بل تكرم وتعز وتقبل، ولا عطر بعد عروس، وهكذا تكون طيبة الغروس، زادنا الله تعالى وإياه من الفضائل والكمال، وأصلح أحوالنا في الحال والمآل، ولا تقصر في إكرامه باللائق، وإنما جعلت لك النيابة عني في أمثاله لأنك المحب الصادق، وقد بالغ حفظه الله في الأوصاف، فتح الله بصيرتنا وبصيرته وألهمنا الصواب وباعدنا من الإطراء والإجحاف، وجعل سلوكنا سواء الطريق، وألهمنا الرشد والتسديد والتوفيق، آمين والسلام في ثامن شوال عام ستة عشر وثلاثمائة وألف.
وقوله في جواب الرسالة المشار لها تبارك الذي من هيبته وجلاله وعظمته سبحت بصريرها الأقلام، وخضعت لكبريائه وسبحت قدسه سطور السماء طروس الأرض ودفاتر جهابذة الفصحاء الأعلام، أرسل أفصح البلغاء وأفضل الرسل لإبلاغ ما حمله فقام به أحسن قيام، وأمر بالمستطاع من عمل البر فمن أتى به لا يذم ولا يلام، ونحمده ونشكره، ونذكر بنعمائه بعض من يكفره، على ما أنعم به من الخير المزيد، المقدر في الأزل لمن شاء من العبيد، فلا يقدر أحد منهم على نقض ولا إبرام، ونسأله الغفران لذنوب أوقفتنا لباب الاضطرار، وسترها بسعة رحمته وكفى بكرمه ومنته شؤم الإصرار.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة من ظن كما أمر بربه الجميل، فنال أفضل مرغوب ومسئول ومأمول من عطاء خالقه الرب الجليل، ونشهد أن سيدنا ومولانا محمَّد عبده ورسوله المحبوب، عين الرحمة المهداة
المبعوث ببيان السبيل الموصلة في الدنيا والآخرة لنيل كل مرغوب، صلى الله عليه وعلى آله سفينة النجاة والأمن والأمان، وصحابته الجلة الكمل المقتدى بهم في تحقيق إخلاص الطاعات وبمحبتهم الكاملة زيادة الإيمان، صلاة وسلاما نخوض بهما بحار المعرفة، ونتحلى في الدنيا والآخرة بأحسن حلة مرضية في الدين وأفضل صفة.
أما بعد فالله أكبر ولا أكبر سواه، فسبحان من صور الخلق كيف شاء فأحسن خلقه وعدله وسواه، ولا حول ولا قوة إلا بالله، الذي جعل الأسفار مطايا الرسائل، وممكن نيل الوسائل، ومجرى مجار الفواضل والفضائل، بتوالى الغدايا والأصائل، ومظهر ما تقر به العين وتنشرح به الصدور. من أسرار نتائج الأرواح أصحاب الصدق والمحبة الواصلة الموصلة لنيل الحبور، لما تضمنت أضلاعهم وانطوت عليه من خالص البر وصادق البرور، خصوصا من طاب أصله وفضله، وقد شب حسن خلقه وكرم فعله، حائز قصب السبق في مضمار الأدب والحياء والمروءة والعفة والسماحة، من أصوله الطيبة ومعدنه المتأصل في كمال الذكاء والرجاحة، حافظ زمام اللسن، الشريف الحيي التقى النقى الملقب بالاسم الحسن، فقد أجادت قريحته اللطيفة في رسالتها كل الإجادة، وبنات شفته نثرت على الأسماع جواهر المعانى وأفادت أكمل الإفادة، فلله الحمد وله الشكر والثناء الجميل، حيث أظهر بما قدره من هذه الأسفار من أولاد الروح مثل هذا اللّيل، وشاهدت الأبصار ما تقر به العين، وانتعشت الأسرار بما أملته فيهم فكان بمنظر منها ومسمع قبل أوان الحين، وهذا بحمد من له القدرة والحول، يجبر خواطر كراسى العلم والمسجد الكبير ويقشع عنهما سحاب توهم الحنين والأنين والتحسر والهول.
فحيث حللتم هناك بهذه الأحوال العجيبة، والأقوال اللطيفة المصيبة،