الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
350 - المختار بن الحاج الحبيب الأجراوى
.
حاله: فقيه صالح ناصح مرشد علامة متبحر، متضلع نقاد، مشارك محقق، متقن حافظ لافظ، زاهد ورع، حجة جدا، واجتهد في قراءة العلم وإقرائه والعمل به، ما شهد قط ولا أفتى ولا تعاطى سببا دنيويا حتى قضى نحبه، قلما تجد أحدا في وقته لم يقرأ عليه، ختم المختصر إقراءً دون قراءته هو على غيره إحدى عشرة مرة، تسع منها بالقطب الدردير، واثنتان بالخرشى، وكان يحفظ لتسهيل وغيره من مطولات الشروح.
حدثني بعض العدول ممن كان يلازم درسه أنه اشترى يوما كتابا في النحو مبتور الأول والآخر لم يدر ما هو، فجاء به إلى شيخه صاحبي الترجمة يسأله عنه، فلما اطلع عليه أخبره أنه تسهيل ابن مالك، وأنه كان يحفظه عن ظهر قلب منذ عصر قديم.
وحدثنى شيخى أبو عبد الله بن الحسين العرائشى أن بعض الطلبة طلب من المترجم أن يقرأ معه تلخيص المفتاح فقال له إن شئت أقرأ معك النصف الأول فذاك، لأنه الذي قرأته على أشياخى، وأما النصف الثاني فلا أقدر على قراءته معك لأنى لم أقرأه عليهم، وذلك غاية الورع، وكان إماما بمدرسة الشهود ثم رشح للإمامة بالمسجد الأعظم.
مشيخته: أخذ عن شيخ الجماعة الحاج مبارك الفيضى، والسيد المهدي بن سودة، والسيد العباس بن كيران، والسيد محمَّد بن محمَّد بن العناية بن فقيرة.
الآخذون عنه: أخذ عنه شيخنا القاضى محمَّد بن عبد السلام الطاهرى والسيد الغالى ابن المكي السنتيسى وشيخنا أبو عبد الله محمَّد القصرى وشيخنا
350 - من مصادر ترجمته: إتحاف المطالع في موسوعة أعلام المغرب 7/ 2675.
السيد المعطى ابن عبود وشيخنا أبو عبد الله محمَّد بن الحسين العرائشى وغيرهم من أعيان العلماء النقاد.
وفاته: توفي رحمه الله يوم الأربعاء سادس ربيع الثاني عام ثلاثمائة وألف ودفن بروضة سيدي عمرو الحصينى ورثاه تلميذه السيد الغالى السنتيسى بما لفظه:
يا لهف نفسى على قوم عهدتهم
…
كانوا هم جنة من سواء أغيار
جادت بهم راحة الأيام فانبلجت
…
شمس السرور بهم من كل أقطار
من كل مكرمة عضوا بناجذهم
…
على فريدتها في المنظر الفار
علم وحلم وزهد عفة وتقى
…
جميل ظن وصبر ثم سجوار
كفاك بأعلم منهم فقه مختصر
…
ونحو ألفية من خير خيار
إذا أساء إليهم فاحش صفحوا
…
وعن قبيح يغض طرف أبصار
لو أن رضوى أتى مع ضعفه ذهبا
…
إليهم أدبروا هم أي إدبار
لعلمهم أن مولاهم مطهرهم
…
لم تلتفت نفسهم لفتا لأكدار
وكيف والله ذو الأنعام ملبسهم
…
من التقى لبس أخيار وأبرار
يرون كل محب مخلصا ومقا
…
ويسترون ممساويه بأستار
لكل نائبة يولى الزمان بها
…
صبر جميل إليها منهم سارى
لا يعذب العيش إلا في جوارهم
…
وكان طول على من أمهم جارى
يبناهم كالذى قد قص وصفهم
…
مستوطنون سواد وسط إبصار
إذ صاح فينا غراب البين يندبنا
…
من قد ألفنا بهم من كل أوطار
فأصبحت كائنات الكون قائلة
…
أين الذي حبه في طى أسرارى
أين الذي أمت الطاعات أمته
…
قد أوهنتها عبادة بأسحار
يا عين فابك عليه غير مصحية
…
واستفرغى الجفن منك كل أقطار
واستبكه كل عين مدمعا هطلا
…
واستمطريه كثيرا سحب أمطار
يا عين فابك فإما أنت باكية
…
فلا أمنت، المكروه والعار
فلست أرضى به حبا سواه عدى
…
أن يبدل الله مختارا بمختار
هـ من خطه وقد أثبتناها على ما بها تتميما للفائدة.
351 -
المختار بن الباشا عبد الله بن احماد (1) السوسى الأصل، المكناسى الدار والإقبار، الصدر الأعظم.
حاله: عالم علامة فاضل نحرير، مشارك بشوش، كريم الأخلاق والسجايا، حسن السمت والبزة، كثير الصمت، هين لين، لطيف المحادثة، أديب أريب ناقد بصير سياسى ماهر، كاتب مجيد راوية للشعر وأمثال العرب، ممتع المجالسة والمذاكرة، مدرس نفاع، يتلقى بحث الطلبة في درسه بكل إنصاف.
استوزره السلطان مولانا الحسن مع ولده مولاى عمر مدة خلافته بفاس، وكذا مع ولده وخليفته مولاى محمَّد وجعله السلطان المولى عبد العزيز وزيرا لعمه وخليفته بفاس مولاى عرفة.
ثم لما توفي الشريف مولاى الطاهر البلغيثى الكاتب الأول بالصدارة العظمى اختاره ابن عمه الوزير الصدر أبو العباس أحمد بن موسى المار الترجمة للتولية مكان المتوفى المذكور، حذرا من اطلاع الكتاب الأجانب على سره.
351 - من مصادر ترجمته: سل النصال في موسوعة أعلام المغرب 8/ 2898.
(1)
في المطبوع: "أحمد"، والمثبت رواية سل النصال.
ثم رشح للصدارة العظمى بعد وفاة ابن عمه المذكور وذلك فاتح عام ثمانية عشر، ثم عزل أواخر ذى الحجة من السنة المذكورة، وأخرج من مراكش وسلب مما كان خرج به من ماله بعد مبارحته بأهله لها، وذلك أنه رجع يوما من دار المخزن في موكب وزارته فوجد كل ما بداره محمولا والنساء ينتظرنه بالباب، وكتيبة من الخيل في انتظار وروده لتذهب به لمكناس، فأركب نساءه وسافر صابرا محتسبا، ومن الغد أدركته كتيبة أخرى بالطريق وفي معيتها مكلف من قبل المخزن للإتيان بجميع ما خرج به من مال ومتمول، فسلب من ذلك كله على وجه التعنيف والانتقام.
قيل: أخذ له من خصوص الناض ستون ألف ريال، وصدرت الأوامر المخزنية في اليوم نفسه لفاس بإحصاء جميع ما لديه بها وحيازة ذلك لجانب المخزن منفذ الأمر المصادر، وهو في ذلك كله يقرأ قوله تعالى: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ
…
(26)} [سورة آل عمران آية 26] الآية ولما وصل رباط الفتح أنزله عامله على يده ومنعه من التوجه لمكناسة، وبقى في حكم الاعتقال بالرباط مدة، ثم غريب لتطاوين تبكيتا له، وأقام بها مدة ينشر العلم، ثم أذن له بالتوجه لبلده مكناسة، ولما حل بها أقبل على نشر العلم وبثه في صدور الرجال غير مبال ولا مكترث بما امتحن به من العزل وسلب بعض أمتعته.
ثم في أول تسعر نيران الفتنة البربرية في الدولة الحفيظية وذلك في ربيع الأول عام ثمانية وعشرين وثلاثمائة وألف، سلبه البرابر بمقربة من فاس جميع أمتعته وأثاثه، ولم يتركوا له ولا لعياله وصغار أطفاله زائدا على ما يستر العورة المغلظة، حيث إنه كان قادما من فاس لمحل استيطانه بمكناس بعد أن باع كل ما كان له بفاس من العقار وما لا يحتاج له من الأثاث، فرجع لفاس على حالة تخجل المروءة والإنسانية، وأقام بها مدة، ثم رجع لمكناس وأقام بها إلى أن وافته منيته، وقد كف بصره في آخر عمره رحمه الله فصبر وشكر.