الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبالحسن بن السبط ثمَّ بنجله
…
أبى الفخر عبد الله سر سنا الفخر
بمولاى إدريس الزكى وبابنه
…
خليفته السامى المكانة والقدر
تقبل دعائى يا إلهى بجاههم
…
إليك وعجل بالإجابة عن فور
وعامل بإحسان لصحبى وجيرتى
…
وأهلى وأولادى وبالعفو والستر
وثبت على الحسنى فؤادى ومنطقى
…
لدى الختم واغفر ما جنيت من الوزر
وصل وسلم كل يوم وليلة
…
على الشافع المقبول في موقف الحشر
وأول الرضا الآل الكرام وصحبه
…
ذوى البر ما فضت كمائم عن زهر
وما اخضرت الأرجا وأخصبت الربى
…
وصاح مغرد بمبتسم الفجر
وقوله:
أهدى إلى وردة
…
ظبى ثوى بقاعها (1)
كناسه مكناسة
…
يسكن في بقاعها
مشيخته: أخذ عن والده أبى محمَّد عبد السلام، وأبى عبد الله محمَّد بن محمَّد المكارى الرباطى ومن في طبقتهما من الأعلام.
الآخذون عنه: أخذ عنه ولده المترجم بعد وغيره.
260 - محمَّد بن الحسن الملقب بالجنوى الشريف الحسنى العمرانى.
نزيل مكناس
.
حاله: إمام نظار، علامة مفسر محدث، متكلم أصولى، نحوى بيانى، فقيه
(1) في هامش المطبوع: "يشير إلى الحومة الشهيرة بمكناس بقاع وردة".
260 -
من مصادر ترجمته: تذكرة المحسنين في موسوعة أعلام المغرب 7/ 2432.
محاضر مستحضر، متفنن نقاد، متبحر نحرير، متضلع ماهر، كامل المشاركة، كبير الإشراف على الفروع والأصول، والتبحر في المنقول والمعقول، والعارضة الطويلة في الاطلاع والحفظ والفهم الصائب والإتقان الوافر، مع المعرفة بالله والورع التام والاعتناء بالتقييد والمطالعة والإقبال على ما يقربه إلى الله زلفى.
نشأ بمدشر ازجن من قبيلة سمانة، وهنالك قرأ القرآن العظيم، ثمَّ رحل في طلب العلم بالقصر الكبير ثمَّ بتازروت العلمية زاوية الشرفاء أولاد ابن ريسون، ثمَّ لتطوان، ثمَّ لفاس وجد واجتهد حتى حصل في المعلومات الضافية غاية المراد.
شهد له بالإمامة في سائر الفنون جلة أعلام وقته مشايخه وغيرهم، وحصل له ظهور وشفوف مكانة عند عظماء وقته، وخضعت له أعناق الرؤساء والمرءوسين، وتصدر للإفتاء والإفادة بمرأى من مشايخه ومسمع، بل ربما قدموه للجواب عما ورد عليهم من الأسئلة وما يعرض لهم من النوازل المهمة، والعويصات المدلهمة، فيجيب بما يثلج الصدور، ويذهب ضنا المصدور.
قال تلميذه سيدي محمَّد فتحا الرهونى: ولقد رأيت شيخه التاودى يسأل عن المسائل بحضرته فيكل الجواب إليه فيجيب على البديهة أحسن جواب، ولقد قدم الشيخ التاودى مرة تطوان وأنا بها فحضرت معه ليلة في دار بعض شيوخنا ومعه شيخنا الجنوى -يعني المترجم - وجماعة من الفقهاء فقال التاودى: سألنى بعض الناس وأنا راجع من المشرق عن آية كذا سماها إذ ذاك ونسيتها الآن فلم أدر ما أقول له فهل على بالكم شيء؟ فأجابه شيخنا الجنوى على البديهة بأن قال له: فيها ثلاثة أقوال للمفسرين المشهور منها كذا كما في ابن جزى، فطلب التاودى ابن جزى فأحضر في الحين فنظروه فوجدوا الأمر كما قال، وهكذا كان دأبه رضي الله عنه علمه معه أين ما كان.
وكان في تدريسه لا يقتصر على شرح معين بل يطالع ما أمكنه من الشروح والحواشى ويراجع المسائل في أصولها ويعارض بين النقول، ويبين المردود منها والمقبول، هكذا كان دأبه في التفسير والحديث والكلام والفقه والأصول والنحو والبيان والمنطق والتصوف، موصوفا بالتحقيق والإتقان عند الخاص والعام، مرجوعا إليه في المعضلات العظام، مقدما في كل فن وخصوصا في النوازل والأحكام، لا يكاد يخالف فتواه أحد من القضاة والحكام، مع مروءة تامة، ودين متين وخوف من الله عظيم، وورع جسيم، لا يخالف قوله فعله في شدة ولا رخاء وكانت مجالسه كلها لا تخلو من مواعظ فلا يقوم الإنسان من بين يديه في أي فن كان غالبا إلا وقد أخذت مواعظه منه مأخذا، ولا يختلف في صلاحه ومعرفته اثنان من الصلحاء.
وقد سمعت العلامة قاضى الحضرة الإدريسية في وقته أبا محمَّد سيدي عبد القادر بوخريص رحمه الله ورضي الله عنه - وأرضاه يقول: وبلغنى عنه ممن سمعه من الثقات أنَّه كان يمثل للمبرز في الصدر الأوَّل بسيدنا عمر بن عبد العزيز، وبعد ذلك بأبى محمَّد صالح، ويمثل له اليوم بسيدى محمَّد بن الحسن الجنوى، وكلامه هذا موافق في المعنى لقول سيدي جسوس فيه: وحيد زمانه، وفريد عصره وأوانه، علماً وعملاً ويأتى كلامه بتمامه.
وكان يخفى صلاحه كثيرا، ومما كاشفنا به مرة وهو ملازم بوزان وكانت الأسئلة والرسوم ترد عليه كثيرا وكنت أنا خديمه ومتولى أمره بإذنه أنَّه قال: قال لي أصحابنا الذين كانوا معنا إما أن تأخذ الأجرة من أرباب الرسوم، وإما أن تتركنا نتولى أمرها، وكان رضي الله عنه لا يأخذ على ذلك أجرا فقلت لهم: أنا لا آخذ من أحد شيئاً، وإن أردتم أن تتولوا ذلك بأنفسكم فافعلوا ونحن في مكاننا ليس معنى أحد ولم يطلع على ذلك إلا الله تعالى.
فلما اجتمعنا معه رضي الله عنه على الطعام قال لنا من غير تقدم كلام: إنى حين كنت ملازما هنا قبل هذا كان رجل يدخل لي الرسوم من عند الناس ويخرجها لهم، وكنت أحبه ظناً مني أنَّه يفعل ذلك لوجه الله تعالى، حتى علمت بعد أنَّه كان يفعل ذلك ليأخذ منهم الدراهم فسقط من عينى وتركته، فخجل أصحابنا خجلا شديدا، وعلمنا أن ذلك مكاشفة لا شك فيها، وكان ذا سخاء عظيم مضيافا محبا للمساكين محسنا إليهم.
وكان في أول أمره منقبضا عن السلطان جداً لا يرسل إليه ولا يراسله، إلى أن سأل مرة أمير المؤمنين، ناصر الملة والدين، ذو الشرف الأثيل، مولانا محمَّد بن أمير المؤمنين مولانا عبد الله بن أمير المؤمنين مولانا إسماعيل، التاودى عن فقهاء الوقت فذكره وأثنى عليه بين يديه ثناء كثيرا، فأرسل وراءه وهو إذ ذاك ملازم بوزان، فذهب مع بعض أعوانه هناك فلقيه بمكناسة الزيتون فأمره بسكناها بقصد التدريس بها فلم يجد من امتثال أمره المطاع بدا، فسكنها مدة ثمَّ نقله إلى ثغر طنجة فأقام بها مدة ثمَّ نقله إلى تطوان. هـ الغَرض من حاشية الرهونى.
قلت: انظر همم الملوك التي هى ملوك الهمم، واهتمامهم بالتنقير عن حملة الشريعة في رعاياهم ليقدروهم قدرهم وينزلوهم محلهم، ويظهروا للخاص والعام فضلهم وشرفهم على من سواهم، وانتقاء جلتهم لبث العلم ونشره في صدور الرجال كى يسود العلم في رعاياهم، وتكسر راية الجهل فيهم، حيث إن العلم أصل أصيل للرقى والاستعمار والتقدم والنجاح المادى والأدبى الدنيوى والأخروى والعكس بالعكس:
وليس يصح في الأذهان شيء
…
إذا احتاج النهار إلى دليل
مشيخته: أخذ عن العلامة المشارك سيدي التهامى أبى الخارق الحسنى، سرد عليه شرح الكبرى، والعلامة القاضى سيدي المجذوب بن عبد الحميد الحسنى،
والمحقق الورع أبى العباس أحمد بن محمَّد الورزازى سمع عليه صحيحى البخاري ومسلم، فالأول سمعه كله إلا مواضع قليلة لعذر ورد، الشيخ يقرأ والمترجم يسمع، وأما الثاني وهو صحيح مسلم فسمعه كله عليه، المترجم يقرأ والشيخ يسمع، وقرأ عليه نحو ثلاثة أرباع من تفسير البيضاوى مع مطالعة غيره، وقرأ عليه الشمائل الترمذية، ومختصر خليل، وجمع الجوامع، والتلخيص إلا القليل منه، ومختصر السنوسى في المنطق، وقرأ عليه شيئاً من التسهيل كما ذلك بخط يد المترجم في إجازته للحضيكى ومنه نقلت، وشيخ الجماعة سيدي محمَّد بن القاسم. جسوس قرأ عليه كثيرا من المختصر الخليلى، وصحيحى البخاري ومسلم، والحكم العطائية وغير ذلك كما ذلك بخط يده في الإجازة للحضيكى.
وأبى حفص عمر الفاسى قرأ عليه التلخيص بالمطول إلا مواضع قليلة، وصغرى السنوسى قراءة تحقيق، ونحو النصف من ابن السبكى قرءاة تحقيق أيضاً والشيخ التاودى ابن سودة وغيرهم، وأجاز له عامة أبو محمَّد بن قاسم جسوس المذكور والشيخ محمَّد الحفنى: الأوّل يروى عن سيدي عبد القادر الفاسى المولود بمدينة القصر الكبير قصر كتامة زوال يوم الاثنين ثانى رمضان سنة سبع وألف المتوفى بفاس ظهر يوم الأربعاء تاسع رمضان سنة إحدى وتسعين وألف قرأ عليه ألفية ابن مالك وغير ذلك، وأبو عبد الله محمَّد بن أحمد ميارة الصغير المتوفى ضحوة يوم الجمعة خامس عشر المحرم عام أربعة وأربعين ومائة وألف، وأبو محمَّد عبد السلام بن حمدون جسوس المتوفى مخنوقاً ليلة الخميس خامس عشر ربيع النبوى وقيل منتصف ربيع الثاني عام واحد وعشرين ومائة وألف، وأبو عبد الله محمَّد بن أحمد المسناوى الدلائى المولود بزاويتهم الدلائية البكرية سنة اثنتين وسبعين وألف المتوفى بفاس سادس عشر شوال عام ستة وثلاثين ومائة ألف، وابن عبد السلام بنانى المتوفى ضحوة يوم الأربعاء سادس عشر قعدة الحرام سنة ثلاث
وستين ومائة وألف، وأبو عبد الله محمَّد فتحا بن عبد الرحمن بن زكرى المتوفى ليلة الأربعاء ثامن عشر صفر الخير عام أربعة وأربعين ومائة وألف وقيل توفى في ثامن عشرى صفر من العام المذكور وغيرهم ممن يطول ذكرهم.
والثانى عن الشهاب أحمد الخليفى المتوفى عصر يوم الأربعاء خامس عشر صفر سنة سبع وعشرين ومائة وألف ودفن من غده صباحا، والشهاب أحمد الملوى المتوفى منتصف ربيع الأوَّل سنة إحدى وثمانين ومائة وألف، والجمال يوسف الملوى، والكمال عبد الرءوف البشيشى المتوفى في منتصف رجب سنة ثلاث وأربعين ومائة وألف، والشيخ عيد الديوى، والشيخ عيد النمرسى، والشهاب أحمد بن البقى، واستدعاء المترجم الإجازة لمن ذكر مع نصوص إجازاتهم له مسطور في ديباجة أوضح المسالك وأسهل المراقى لتلميذه أبى عبد الله محمَّد الرهونى.
الآخذون عنه: أخذ عنه الشيخ الرهونى، والعلامة الحائك صاحب النوازل، وبصرى صاحب الفهرسة الآتية ترجمته وغيرهم من الأعلام المشاهير.
مؤلفاته: كان شرع في تقييد حاشية على ابن سلمون، ثمَّ لما نقل إلى بلدتنا المكناسية شغل بالتصدى للتدريس عن إتمامها، وله تقاييد على حواشى كتبه من كتب التفسير وغيره، فلو خرجت طرره على الزرقانى والحطاب والمواق والشيخ مصطفى والشيخ بنانى لكانت حاشية عظيمة الجرم، وله طرر حسنة على الشيخ ميارة على التحفة قد أخرجها جماعة من حذاق تلامذته، وطرر على المرادى والتصريح وحاشيتى الشيخ يس عليه وعلى النظم لو أخرجت لكانت تأليفا حسناً مفيداً، وكذلك حواشيه على البيضاوى وعلى الجلالين، وكذا ما كتبه بحواشى المحلى على جمع الجوامع، وابن أبي شريف عليه وناهيك من أبحاثه وتحقيقاته ما ملأ به تلميذه الرهونى حاشيته العظمى نقلا عن خط المترجم.