المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌240 - محمد فتحا بن مولانا الجد الأعظم أمير المؤمنين مولانا إسماعيل - إتحاف أعلام الناس بجمال أخبار حاضرة مكناس - جـ ٤

[ابن زيدان السجلماسي]

فهرس الكتاب

- ‌206 - محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن على بن غازى العثمانى الأصل

- ‌207 - محمد فتحا بن عيسى الفَهْدى

- ‌208 - محمد بن مخلوف الضريسى المكناسى

- ‌209 - محمد بن قاسم بن عبد الواحد الكتانى النسب الفاسى الأصل المكناسى النشأة الحسنى الإدريسى

- ‌210 - محمد بن أبي القاسم بن على بن عبد الرحمن بن أبي العافية المكناسى

- ‌211 - محمد بن الإمام أبي عبد الله محمد بن أحمد بن محمد

- ‌212 - محمد بن حسين العبدلى السهلى، وقيل اسمه أحمد، شهر بأبى الرَّوَايَن

- ‌213 - محمد بن قاسم بن على بن أبى العافية المكناسى

- ‌214 - محمد بن محمد بن أحمد بن على بن عبد الرحمن

- ‌215 - محمد بن عبد الرحمن بن بصرى الولهاصى

- ‌216 - محمد فتحا بن الشيخ أبى المحاسن يوسف الفاسى وأكبر أولاده

- ‌217 - محمد فتحا بن محمد بن موسى المكناسى المدعو العشير

- ‌218 - محمد الوقاد المكناسى

- ‌219 - محمد بن أحمد بن محمد التلمسانى أبو محمد قاضيها يعرف بابن الوقاد

- ‌220 - محمد بن قاسم بن محمد الأنصارى المالقى الضرير الشهير بابن قاسم نزيل مكناسة الزيتون

- ‌221 - محمد بن محمد الغمارى بالمعجمة الكومى المكناسى

- ‌222 - محمد بن مبارك الزعرى الأصل المكناسى النشأة

- ‌223 - محمد السبع بن عبد الرحمن المجذوب الولى الشهير

- ‌224 - محمد بن أبى القاسم بن محمد بن محمد بن قاسم بن أبى العافية الشهير بابن القاضى المكناسى

- ‌225 - محمد بن أحمد بن عزون الجزنائى أبو عبد الله المكناسى

- ‌226 - محمد بن أحمد بن عزوز المكناسى

- ‌227 - محمد بن أحمد الصباغ لقبا البوعقيلى نسبا

- ‌228 - محمد فتحا ابن الحافظ الضابط أحمد بن أبى المحاسن يوسف الفاسى

- ‌229 - محمد العرائشى أبو عبد الله

- ‌230 - محمد الغمارى

- ‌231 - محمد بن محمد بن يحيى بن محمد بن يحيى بن جابر الغسانى الأصل

- ‌232 - محمد بن الحسن المجاصى

- ‌233 - محمد بن أحمد المزطارى المكناسى الشاذلى

- ‌234 - محمد بن محمد العناية

- ‌235 - محمد بن عمر السجلماسى الأصل الزرهونى الزاووى الدار والإقبار

- ‌236 - محمد البصرى المكناسى

- ‌237 - محمد بن عبد الرحمن بن أحمد بصرى المكناسى الشيخ المقرئ

- ‌238 - محمد بن محمد الكاتب القيسى الأندلسى نجارًا، الفاسى منشأ ودارا وقرارا

- ‌239 - محمد المدعو حم بن عبد الوهاب الوزير الغسانى الأندلسى الأصل الفاسى الدار والوفاة المكناسى الوظيف

- ‌240 - محمد فتحا بن مولانا الجد الأعظم أمير المؤمنين مولانا إسماعيل

- ‌241 - محمد بن الفقيه البركة أبى القاسم عليلش الحضرمى القرشى البكرى الصديقى التيمى

- ‌242 - محمد بن أبى مدين بن الحسين بن إبراهيم السوسى المنبهى

- ‌243 - محمد بن عبد الرحمن بن محمد فتحا

- ‌244 - محمد أبو عبد لله بن محمد العكارى الرباطى

- ‌245 - محمد بن العربى الغمارى

- ‌246 - محمد فتحا الحاج بن عبد القادر التستاوتى

- ‌247 - محمد بن العلامة أبى عبد الله محمد بن الإمام المتقن أبي زيد عبد الرحمن بصرى الولهاصي

- ‌248 - محمد بن العياشى أبو عبد الله المكناسى

- ‌249 - محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن يوسف الفاسى

- ‌250 - محمد أبو عبد الله المكناسى الأصل الفاسى الدار والإقبار

- ‌252 - محمَّد حنوش

- ‌254 - محمَّد البوعصامى:

- ‌255 - محمَّد بن عبد الله بن مصالة الفازازى المعروف بابن عبود المكناسى

- ‌256 - محمَّد بن الطيب بن عبد القادر بن الحاج حم سكيرج

- ‌257 - محمَّد البوعصامى المكناسى أصلا الفاسى داراً ومنشأ وقراراً

- ‌258 - محمَّد المدعو البهلول بن عبد الرحمن الفيلالى البوعصامى

- ‌259 - محمَّد بن عبد السلام البيجرى

- ‌260 - محمَّد بن الحسن الملقب بالجنوى الشريف الحسنى العمرانى.نزيل مكناس

- ‌261 - محمَّد بن العلامة النظار محمَّد بن عبد السلام البيجرى المكناسى

- ‌262 - محمَّد بن عبد الواحد بن الشيخ الأموى المكناسى

- ‌263 - محمَّد بن الحسن الوكيلى

- ‌264 - محمَّد فتحا بن محمَّد بن سميه بن عبد الرحمن بن عبد الله

- ‌265 - محمد بن العلامة القاضى أبى عبد الله محمد الطيب

- ‌266 - محمد بن عبد الوهاب بن عثمان الكاتب السفير الرحالة الوزير الكبير المكناسى النشأة والدار

- ‌267 - محمَّد بن قاسم بن حَلَّام المكناسى الدار والقرار

- ‌268 - محمد بن عبد القادر بن محمد فتحا بن عبد القادر بن على بن موسى بن المير الصبيحى النافعى الغربوى أصلا الزرهونى داراً ومدفنا يعرف بابن قدور

- ‌269 - محمد بن العربى الزمورى، من زمور الشلح القبيلة البربرية الشهيرة، الحدرانى بفتح الدال وتشديد الراء نسبا المكناسى دارا

- ‌270 - محمد بن عيد الرحمن الشهير بابن هنو اليازغى قاضيها

- ‌271 - محمد بن أحمد بن الكبير العوفى قاضيها

- ‌272 - محمد بن الكبير العوفى

- ‌273 - محمد فتحا بن أحمد بن محمد بن الولى الصالح

- ‌274 - محمد بن عبد الوهاب أجانا

- ‌275 - محمد بن عمر الصنهاجى الأصيل المكناسى الدار

- ‌276 - محمد بن حمادى الصنهاجى الأصل المكناسى الدار

- ‌277 - محمد السلاوى أحد موالى السلطان مولانا سليمان والداً عن والد

- ‌278 - محمد الزرهونى الأصل الفاسى الدار

- ‌279 - محمد بن الطاهر بن محمد بن محمد فتحا بن السعيد

- ‌280 - محمد بن منصور الفويسى المراكشى

- ‌281 - محمد بن الطيب الشريف الحسنى العلوى البلغيثى

- ‌282 - محمد بن إدريس بن محمد العمراوى الوزير الأديب الكبير

- ‌283 - محمد أبو عبد الله بن على بن حرزهم المكناسى أصلاً ومنشأ ودارا

- ‌284 - محمد فتحا بن أبي سالم عبد الله بن الطاهر الشريف الأمرانى

- ‌285 - محمد بن العربى بن عمر الصنهاجى أصلاً المكناسى داراً ومنشأ

- ‌286 - محمد فتحا ابن الهادى غريط المكناسى النشأة والدار المراكشى الإقبار

- ‌287 - محمد بن عبد السلام بن عبود أبو عبد الله المكناسى أصلًا ومنشأ السلاوى الدار والمدفن

- ‌288 - محمد الوزير أبو عبد الله بن محمد بن عبد الله غريط

- ‌289 - محمد أمزاج المكناسى الأصل الفاسى النقلة والدار

- ‌290 - محمد بن هاشم العلوى الحرونى المكناسى الدار والإقبار

- ‌291 - محمد بن محمد بن التهامى بن حمادى الحمادي المدعو السريح المكناسى

- ‌292 - محمد بن الهادى بن عبود المكناسى النشأة والدار والقرار والإقبار

- ‌294 - محمد بن المجذوب ابن عزوز يدعى الهويج بالتصغير المنكاسى

- ‌295 - محمد بن محمد بن أحمد المصمودى

- ‌296 - محمد بن الهادى الشريف الحسنى العلوى حفيد السلطان مولانا سليمان

- ‌297 - محمد بن سميه بن العناية ابن فقيرة الأنصاري المكناسى

- ‌298 - محمد بن محمد المترجم قبله يليه ابن محمد بن فقيرة

- ‌299 - محمد الأمرانى

- ‌300 - محمد الزهنى الزرهونى

- ‌301 - محمد فتحا الأمرانى

- ‌302 - محمد بن على النيار أبو عبد الله الأندلسى القص رى مولدًا ومنشأً المكناسى دارًا ووفاة

- ‌303 - محمد بن محمد بن الجيلانى بن المعطى السقاط الأندلسى الأصل المكناسى

- ‌304 - محمد بن عبد الله الغريسى المشرى الحسنى نزيل معسكر

- ‌305 - محمد الخرزة

- ‌306 - محمد بن عبد الله بن محمد الطاهر بن عبد القادر بن عبد الله بن فخر الملوك مولانا إسماعيل

- ‌307 - محمد بن الأمين السيد المعطى المسطارى المكناسى النشأة والدار

- ‌308 - محمد بن إدريس بن الطيب الواسترى المكناسى

- ‌309 - محمد بن الخليفة التونسى الأصل المدني الدار، المغربى الرحلة والجوار

- ‌310 - محمد بن العربى المنونى المكناسى الأصل والنشأة والدار والإقبال

- ‌311 - محمد بن أحمد بن المكي السوسى

- ‌312 - محمد بن محمد فتحا المنونى الحسنى المكناسى النشأة والدار والوفاة

- ‌313 - محمد أبو عبد الملك بن زيدان

- ‌314 - محمد أبو عبد الله السوسى الأصل

- ‌315 - محمد أبو عبد الله الريفى

- ‌316 - محمد بن الهادى فَرْمُوج الصنهاجى الأصل المكناسى النشأة والدار والإقبار

- ‌317 - محمد بن المهدى المنونى الحسنى المكناسى

- ‌318 - محمد بن الشريف الفقيه العدل مولاى عمر بن هاشم العلوى المدغرى

- ‌319 - محمد بن سميه بن هاشم العلوى الحرونى المدعو الشيخ التيكر

- ‌321 - محمد بن عبد الواحد بن محمد بن محمد بن عبد الواحد بن عبد الله بن محمد

- ‌322 - محمد بن محمد فتحًا المتقدم الترجمة

- ‌323 - محمَّد بن العباس المكناسى النشأة والدار والإقبار

- ‌324 - محمَّد بن أحمد حلام المكناسى

- ‌325 - محمَّد يدعى منصور أبو منصور أبو عبد الله المرابط

- ‌326 - محمَّد فتحا ابن عمنا مولاى على بن الكبير العلوى الإسماعيلى

- ‌327 - محمَّد بن عبد السلام الطاهرى

- ‌328 - محمَّد بن حمدوش المكناسى الخزرجى

- ‌329 - محمَّد بن إدريس سميه بن عبد السلام ابن يوسف البوعنانى. المكناسى النشأة والدار والإقبار

- ‌330 - محمَّد أبو عبد الله الرجراجى المكناسى

- ‌331 - محمَّد دعى حمود بن محمَّد بن العربي بن محمَّد فتحا بن العربي

- ‌332 - محمَّد الشريف الأصيل ابن الحاج عبد الله بن البركة مولانا أحمد الوزانى

- ‌333 - محمَّد بن أحمد أبو عبد الله الوزانى الأصل المكناسى الدار والإقبار

- ‌334 - محمَّد اليزناسنى

- ‌335 - محمَّد غازى

- ‌336 - محمَّد القباب

- ‌337 - محمَّد بن عزوز

- ‌338 - محمَّد الغمارى

- ‌339 - محمَّد الإسحاقى

- ‌340 - محمَّد دادوش

- ‌341 - محمَّد الزرهونى الفقيه الأستاذ

- ‌342 - محمَّد الزولاتى

- ‌343 - محمَّد الجرارى

- ‌344 - محمَّد اقلال

- ‌345 - محمَّد المطاعى

- ‌346 - محمَّد البوعصامى

- ‌347 - محمَّد بن محمَّد البوعصامى

- ‌348 - محمَّد مخلوف الأستاذ

- ‌349 - مالك ابن العناية بن المفضل بن خدة الغرباوى الزاووى قرارا ومدفنا

- ‌350 - المختار بن الحاج الحبيب الأجراوى

- ‌352 - المكي ابن القاضى أبي القاسم العميرى

- ‌353 - المكي بن المختار الحناش

- ‌354 - المكي بن أحمد السوسى والد السيد فضول

- ‌355 - المكي أبو زكرى المكناسى الأصل والدار

- ‌356 - منانة مزوارة المكناسية

- ‌357 - المصطفى الشريف العلوى المدغرى ابن محمد الكبير

- ‌358 - المعطى بن العناية البخاري الغربوى السفيانى المعتكى من أولاد علال

- ‌359 - المعطى الشاوى المسكينى القرقورى نزيل مكناسة

- ‌360 - المعطى بن محمَّد بن الهادي بن عبود المكناسى

- ‌361 - مغيث أبو الفضائل زغبوش القرشي

- ‌362 - المفضل بن أحمد الفلوسى الزرهونى الوربى الأصل المكناسى النشأة والدار

- ‌363 - المفضل بصرى

- ‌364 - المفضل بن العدل الزكى السيد الهادي بن أحمد بن المجذوب صنو العارف بالله سيدي الطيب بن على بن عبد الرحمن بن على بن عزوز

- ‌365 - المفضل بن المكي بن أحمد السوسى

- ‌366 - المستضئ بنور الله ابن السلطان الأعظم أبي النصر والفدا إسماعيل

- ‌367 - مَسْلَمَة ويقال له بسلمة وسلامة ابن السلطان الأفخم أبي عبد الله محمَّد بن السلطان أبى محمَّد عبد الله ابن السلطان الأفخر أمير المُؤْمنين بالمغرب الأقصى أبي النصر إسماعيل الجد الأعلى

- ‌368 - مسعود الموقت ابن العلامة المشارك أبي محمَّد عبد القادر الطليطى الأَنْدلسيّ

- ‌369 - مسعود بن جلون

- ‌370 - مسعود البريشى

- ‌371 - المهدي الزريهنى بالتصغير

- ‌372 - المهدي بن عبد المالك بن إدريس بن عبد المالك بن المنتصر

- ‌373 - المهدي الكحاك

- ‌374 - المهدي بن العلامة الخير الدين أبي محمَّد الطيب بن الصغير بصرى

- ‌375 - المهدي قاضيها شيخ شيوخنا أبو عيسى ابن الطالب بن

- ‌376 - المهدى بن على الإسماعيلى

- ‌377 - المهدى بن فضول بصرى

- ‌378 - موسى بن محمَّد بن معطى العبدوسى وبه عرف أبو عمران

- ‌379 - موسى العزاف

- ‌380 - موسى بن الحجاج أبو عيسى المكناسى

- ‌381 - موسى بن عليّ الزرهونى

- ‌383 - الموهوب بن الإدريس الشبيهي

- ‌384 - المؤذن الكاتب

- ‌حرف الصاد

- ‌385 - صالح. قاضيها أبو محمد بن القاضي أبي العباس أحمد بن أحمد الحكَمى -بفتح الحاء والكاف

- ‌386 - صالح بن العربى بن صالح الطليقى الحلمونى البُخاريّ

- ‌387 - صالح بن يوسف البُخاريّ

- ‌388 - الصِّديق البُخاريّ الأجراوى

- ‌حرف العين

- ‌خلفاؤه:

- ‌حجابه:

- ‌أطباؤه:

- ‌عماله:

- ‌قضاته:

- ‌محتسبوه:

- ‌نظاره:

- ‌آثاره:

- ‌ما خلفه من الأولاد:

- ‌وفاته:

- ‌بعض ما قيل فيه من المديح:

- ‌علائقه السياسية:

- ‌390 - عبد الله بن حماد يعرف بابن زغبوش المكناسى النشأة والدار

- ‌391 - عبد الله بن محمد بن عيسى

- ‌392 - عبد الله بن أبى مدين الحاجب العثمانى

- ‌393 - عبد الله بن الحسن اللخمى عرف بابن الأصفر

- ‌394 - عبد الله بن حمد -بفتح الحاء والميم من غير ألف

- ‌395 - عبد الله بن العريف

- ‌396 - عبد الله بن محمد بن موسى بن محمد بن معطى العبدوسى -بفتح العين وضمها- الفاسى المكناسى

- ‌397 - عبد الله بن محمد اليَفَرْنى

- ‌398 - عبد الله الخياط

- ‌399 - عبد الله بن إبراهيم بن الجندوز

- ‌400 - عبد الله بن أحمد بن محمد بن عبود بن على بن عبد الرحمن بن أبي العافية المكناسى الشهير بابن القاضى

- ‌401 - عبد الله مولى الرئيس الأوحد أبى عثمان سعيد بن حكم

- ‌402 - عبد الله بن على المعروف بالحجام الصبيحى

- ‌403 - عبد الله الجزار

- ‌404 - عبد الله بن السلطان محمد الحاج الدلائى رحمه الله

- ‌405 - عبد الله بن المجذوب القصرى العبدرى

- ‌406 - عبد الله بن محمد سميه بن الخياط بن محمد فتحا

- ‌407 - عبد الله بن العرفاوى الخيارى المكناسى

- ‌408 - عبيد المدعو المظلوم

- ‌409 - عبد الحق قاضيها أبو محمد بن سعيد بن محمد المكناسى

- ‌410 - عبد الحق الزرهونى

- ‌411 - عبد الحق أبو محمد السحيمى

الفصل: ‌240 - محمد فتحا بن مولانا الجد الأعظم أمير المؤمنين مولانا إسماعيل

وفاته: توفى عام تسعة عشر ومائة وألف.

‌240 - محمد فتحا بن مولانا الجد الأعظم أمير المؤمنين مولانا إسماعيل

.

حاله: جهبذ نحرير، ناقد بصير، ديباجة الدنيا وبهجتها، عالم علامة، بارع مطلع، متضلع نقاد، ذو ملكة واسعة، وعارضة عريضة، وذهن وقاد، له مشاركة تامة، ومهارة كاملة في النحو والبيان والمنطق والكلام والأصول.

قال في الشجرة الزكية في حق المترجم: أدرك درجة الاجتهاد، فأداه اجتهاده إلى أن خرج عن طاعة والده انتهى.

وكان والده يحبه محبة شديدة لما رأى عليه من مخايل النجابة وتوقد الذهن والتيقظ والمقدرة في الحل والإبرام والنصح له وإخباره بما تخفيه عنه الوزراء والكتاب وأولو الأمر، حتى صار عيبة سره ومحل مشورته، دون سائر إخوته، يسارره ويعمل برأيه في المهمات، ويثنى عليه بالصدق والأمانة ورجاحة العقل، وينوه بقدره بمحضر ولاته ووزرائه وكتابه، فكرهه لذلك غير واحد من الوزراء فمن دونهم، فشمروا على ساق لإفساد ذات البين بينه وبين أبيه والسعى في التفرقة بينهما، فزينوا لوالده ولايته.

فاتفق أن وقع اختلاف بين درعة ونواحيها واحتاجوا إلى تولية واحد من أبناء السلطان يكون له عقل راجح، فاغتنم أعداؤه الساعون في ابتعاده عنهم، فأسروا للسلطان أنه لا يصلح لهذا المهم إلا ولدك المولى محمد العالم، فإنه يحسن التدبير مع القريب والبعيد والأخرق، ولا يصدر منه إلا ما فيه مصلحة وسداد، ولم يزالوا يحسنون له ويجيدون توليته إلى أن ولاه بدرعة فحصلوا أمنيتهم في إبعاده عنهم من إحصائه الأنفاس عليهم.

240 - من مصادر ترجمته: نشر المثانى في الموسوعة 5/ 1910.

ص: 78

ثم إن والده لما رأى ما أظهره المترجم في محل مأموريته درعة من العدل والإنصاف ومحبة أهلها له لفضله وهديه وسيرته فيهم سيرة حسنة، وعلا صيته وانتشر في الآفاق نقله منها وولاه على مراكش وما والاها، فأقام سنة العدل ونشر الأمن والطمأنينة، وسار على ما نهجه الشرع الكريم، فسعد الناس بولايته وأشرب حبه في قلوب الخاصة والعامة وراد اشتهارا، وبعد صيت، فحسده أضداده من خاصة والده على ما آتاه الله من فضله.

فدسوا لوالده ما أوغر صدره عليه مما هو برئ منه، فعزله عن مراكش، وترك أهلها يبكون، وأهمله مدة مع الفحص والتنقير عما اختلقه الحسدة وألصقوا به حتى ثبتت لديه براءته، فولاه عام أحد عشر ومائة وألف على تارودانت ونواحيها، ورتب معه ثلاثة آلاف من الخيل وفوض له فيها التفويض التام، وقام بمأموريته فيها أحسن قيام، إلى أن صدر منه ما كان في الكتاب مسطورًا.

وكان المترجم كثير المخالطة والمجالسة للعلماء، يفدون إليه من كل صوب، وكانوا يقاسون معه الشدائد لذكائه وشدة فطنته مخافة الافتضاح معه في قصور فهم أو نقل كما أفاده أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبد القادر الفاسى في المورد الهنى.

وكان من أخص خاصته الشيخ أبو عبد الله المسناوي، فوشى به إلى السلطان، وقيل له مع شدة اتصاله به لا يعيب عليه عزمه على القيام على أبيه فهو موافق على ذلك، فبادر بعض أصحاب السلطان إلى الاعتذار عن الشيخ لأنه كان ينهاه عن إرادة القيام وأنشد للمسناوى:

مهلا فإن لكل شئ غاية

والدهر يعكس حيلة المحتال (1)

(1) نشر المثانى في الموسوعة 5/ 1912.

ص: 79

فالبدر ليس يلوح ساطع نوره

والشمس باهرة السنا في الحال

فإذا توارت بالحجاب فعند ذا

يبدو بدو تعزز وجمال

فقبل السلطان ذلك وتحقق براءته، وكان ينفعل للشعر ويتأثر بأريحية الأدب، استخلفه والده بفاس مدة.

وفى سنة أربع عشرة ومائة وألف بعث سيدنا الجد الأكبر السلطان الأعظم مولانا إسماعيل ولده المولى الشريف واليا على درعة فثار المترجم ببلاد السوس ودعا لنفسه وزحف لمراكش فحاصرها في رمضان من السنة المذكورة، وفى العشرين من شوال اقتحهما عنوة.

ولما اتصل خبره بأبيه بعث ولده سيدنا الجد المولى زيدان في العساكر لقتاله، فقدم مراكش ودخلها في أمن واطمئنان، وذلك سادس عشر ذى الحجة عام خمسة عشر ومائة وألف، فوجد المترجم قد بارحها وعاد إلى تازودانت فدخلها غرة المحرم عام ستة عشر على ما صححه في الدر المنتخب المستحسن، وجمع عليه العرب والبربر، وعظم أمره واشتدت شوكته، ولما احتل مولانا الجد مراكش عاثت عساكره فيها، ثم تبع أخاه محمد إلى السوس فنزل على تارودانت، وكان بطلا شهما مقداما، وشبت الحرب بينهما ودامت ثلاثة أعوام على ما قاله بعضهم.

والذى في الدار المنتخب أن مدة الحصار ستة أشهر وستة عشر يومًا من غير اعتبار يوم الدخول، لأنه كان غلسا قبل الإسفار، وقيل مدة الحصار سبعة أشهر وثلاثة عشر يوما، وقيل غير ذلك والله أعلم.

وأول يوم التقى فيه الجمعان وشب القتال رابع عشر جمادى الأولى عام سبعة عشر ومائة وألف، وكان نزول مولانا الجد زيدان على تارودانت وحصاره إياها لثلاث خلون من رجب أحد شهور العام المذكور، وكان فتحه إياها تاسع

ص: 80

عشر المحرم عام ثمانية عشر، وقيل في سادس عشر صفر وقيل خامس عشر الشهر المذكور.

ولما علم المولى محمد بدخول البلد خرج فارا لناحية الجبل، فاقتفى أثره في الحين وأتى به لأخيه زيدان، فلما وقع بصره عليه حن له وقام إليه وعانقه وبكى وهون عليه الأمر، وقال له: لا ترى إن شاء الله إلا الخير، ثم سلمه لمن يذهب به لأبيه، ووكل بحفظه من وثق به وأوصى بصيانته ورعايته والإحسان إليه والبرور به، وكتب كتابا لوالده يخبره بيوم خروجه من تارودانت قاصدا حضرته المكناسية.

ولما بلغ الخبر مولانا إسماعيل وذلك في الحادى والعشرين من صفر عام ستة عشر ومائة وألف، خرج بجيوشه ونزل على وادي بهت لينظر في أمره، ولم يخرج معه أحد من الوزراء والكتاب لاستعجاله الخروج، ووصل لوادي بهت يوم الثلاثاء ثالث ربيع النبوى عام ثمانية عشر، فخيم به وشاور بعض من كان في معيته من العلماء ممن كان يبغض باطنًا صاحب الترجمة فأغراه وأظهر له المصلحة في إقامة الحد عليه، وتلا {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ

(33)} [سورة المائدة: آية 33] فصدر الأمر بذلك، وعلل بعضهم ذلك بأن السلطان كان اشتد به الجوع حيث إن خروجه كان على غير أهبة ظانا أنه يلقى المترجم على مقربة من البلد، فطال به السير إلى وادي بهت فكان ذلك مما زاد في غضبه. انتهى.

ومن الغد وهو رابع ربيع الأول وصل الولى محمد مقبوضا عليه مقيدًا إلى وادي بهت، فبعث السلطان من قطع يده ورجله من خلاف.

والذى في كناشة اليحمدى أن المولى إسماعيل كان خروجه لوادي بهت في الثالث من ربيع الأول. وفى هذه القضية قال بعض الأدباء:

ص: 81

ويوم (وى) من صفر سنة (حى)

رودانة لم يبق فيها العشر حى

ودخلت بالسيف يوم الجمعة

ولم يفد صاحبها ما جمعه

ويوم رابع ربيع الأول

جئ بنجل الملك المفضل

أعنى محمدًا مكبلًا على

بغلته بوادي بهت أنزلا

وقطعت يمناه من خلاف

ورجله بسبب الخلاف

وفى إقامة هذا السلطان الجليل المقدار الحد الشرعى على فلذة كبده وعضده وساعده دلالة واضحة في وقوفه لدى حد ما حده الشرع الأقداس، لا يراعى في ذلك قاصيا ولا دانيا، شأن أهل العدل والإنصاف، وبعد أن وقع ما كان في الكتاب مسطورًا أمر السلطان بحمل المترجم لمكناسة وملازمة الأطباء له فعالجوه بما قدروا عليه، مع قطعهم بأنه لا ينفع فيه دواء، لأنه اعتراه إسهال كبدى لانصراف مادة الأعضاء المقطوعة إليه، ولم يجزع المترجم لما أصابه بل كان في غاية الثبات والرضا والتسليم.

أما والده فقد عظم حجابه، وقل طلابه، وأظهر ما كان أخفاه في باطنه من الحزن على قتل ولده، وأساء السيرة مع الذى أشار بذلك من قريه وبعيده، وصار يطلب ما يسليه، ويطالع كتب التاريخ والأمور التي تزيل ما في ضميره من الغم الذى فيه، وكتب ظهيرًا لبعض أهل مكناس نص المراد منه بعد الحمدلة والصلاة:

"كتابنا هذا أسماه الله وأعز أمره، وأطلع في سماء المعالى شمسه وبدره، بيد حامله المتمسك بالله ثم به الأمين الحسن بن محمد بوستى المتطبب والحجام، حرفة يتعرف بحول الله وقوته أننا وقرناه واحترمناه لثقتنا به وله علينا جميل في احترامه لولدنا مولاى محمد رحمه الله حين أمرناه بقطع يده، فتنصل من ذلك وأبى إباية شهدت بديانته واحترامه الأشراف من آل النبي صلى الله عليه وسلم، فلذلك جعلناه داره حرما لمن يجئ إليه. هـ بتاريخ سادس عشر ربيع الأول شهر الموت كما بالدر المنتخب المستحسن.

ص: 82

وقد كان المترجم محبا في العلماء، مكرما ومعظما جانبهم، محبوبا مبجلا لديهم، يمدحونه ويثنون عليه، فمن مديحهم فيه قول علامة شنجيط وأديبها المفوه النحرير عبد الله بن محمد العلوى المعروف بابن رازكة بكاف معقودة كما في الوسيط من قصيدة:

أثار الهوى سجع الحمام المغرد

وأرقنى الطيف الذى لم أطرد

ومسرى نسيم من اكيناف حائل

وبرق سقى هاميه برقة ثهمد

وذكر التي بالقلب خيم حبها

وألبسنى قهرا علالة مكمد

فبت أقاسى ليلة نابغية

تعرفنى هم السليم المسهد

طويلة أذيال الدجا دب نجمها

إلى الغرب مشى الحائر المتردد

ويزعج وراد الكرى دون مقلتي

بعوث غرام من لدن أم معبد

بنفسى عرقوبية الوعد ما نوت

وإن حلفت قط الوفاء بموعد

ترد إلى دين الصبابة والصبا

فؤاد الحليم الراهب المتعبد

وتقصد في قتل الأحبة قربة

بشرعة ديان الهوى المتأكد

فتاة حكاها فرقد الجو منظرا

كما ناسبتها نظرة أم فرقد

مهفهفة الكشحين لم يدر طرفها

من الكحل الخلقى ما كحل أثمد

إذا ما تثنت واسبكر قوامها

علمت بأن البان لم يتأود

وخاطب قاضى شرعة الشكل (1) ردفها

إذا ما أقام العطف منها بأقعد

غضوب أرتها نخوة في عظامها

أن الوصم وصل العاشق المتودد

(1) في هامش المطبوع: "الشكل بالكسر والفتح غنج المرأة ودلها وغزلها".

ص: 83

على نحوها تأبى الخليل تانفا

وشحا برشف من لماها المبرد

إذا ما ترضاه تسامت بأنفها

صدودا وسامتني تجرع جلمد

وأحرق صدرى ما زها فوق نحرها

وأشرق من جمر الغضا المتوقد

سبتنى فقبلت الثرى متخلصا

أمام امتدح ابن الشريف (محمد)

هو الوارث الفضل النبيئى خالصا

من العلم والعليا ومن طيب محتد

ثمال اليتامى والأيامى موكل

بتفريج غماء الشجى المتنكد

غيور إذا ما الحق غير مولع

بقطع لسان الباطلى اليلندد (1)

أديب أريب لين الجنب هين

ولكن متى عادى فأى مشدد

إذا كشفت عن ساقها الحرب والتظت

وسلوت صدوق الملتقى بالمفند

سقى الرمح من نحر العدو -فديته-

وقام بحق المشرفى المهند

أغر المحيا ظاهر البشر طاهر الـ

سجايا كريم اليوم والأمس والغد

جزيل الندا ما أف في وجه حاجة

ولا كف حاشى جوده كف مجتدى

كلا الدين والدنيا به ازدان وازدهى

وأمن شر المبطل المتمرد

فريد العلا يقوى لرقة طبعه

عن الجمع بين النار والماء في يد

حميد المساعى سار في الرتب العلا

من المجد سير الفائق المتفرد

تساعله في ذاك نفس نفيسة

تعد الثريا للفتى غير مصعد

دأبت على السير المبرح والسرى

أجوب الفيافى فدفدا لعد فدفد

مهامه للسارين فيها توقع

لأهوال أغوال طواغيت مرد

(1) في هامش المطبوع: "اليلندد معناه شديد الخصومة والجدال".

ص: 84

يطير لما يبدينه من تلون

شعاعا فؤاد الضابط المتجلد

إلى حضرة سنية حسنية

منيرة آلاء (1) الهدى المتصعد

حوت شرف العلم الرفيع عماده

إلى شرف البيت الكريم المصمد

فما تم الاثم فضل ولا استوى

سوى ما نحلت من كمال وسؤدد

وبحر ندى ما للفرات انسجامه

ودجلة لا تحكيه فسحة مورد

فأعتاد منه ما تعودت من يدى

أبيه أمير المؤمنين المؤيد

هما والد ما توج الملك مثله

ومولود صدق بالمكارم مرتدى

عظيمان معنيان بالدين وحده

فأعطتهما الدنيا سلالة مقود

فلا برحا بدرين عم سناهما

وبحرين لا يعدوهما قصد مجتدى

أمكنه من بكر شعر خريدة

نتيجة فكر سلسل الطبع جيد

عروب عروس الزى أندلسية

من الأدب الغض الذى روضه ندى

من اللائى يستصبين مينحن (2) عنوة

ويعهدن في الحراق أطيب معهد

ويسلبن معقول ابن زيدون غبطة

بأسلوب ما يسقين من خمر صرخد

مهذبة يستملح الذهن سرها

ويستعذب استرسالها ذوق منشد

ترقت لما فارقت وراقت تبرجا

على معتلى برج البديع المشيد

وجانستها لفظا ومعنى كما اكتست

نقى (3) السيراء (4) البضة (5) المتجرد

(1) في هامش المطبوع: "الآلاء النعم".

(2)

في هامش المطبوع: "بضم النون على الحكاية صالح مشهور".

(3)

في هامش المطبوع: "بكسر الياء وعدم إظهار النصب في مثله سائغ".

(4)

في هامش المطبوع: "يطلق على الذهب الخالص وعلى البرد".

(5)

في هامش المطبوع: "الرخصة الجسد الرقيقة الجلد الممتلئة".

ص: 85

وقيدت فيها عزلة لا ينالها

سوابق فكر السابق المتصيد

واودعتها مما ابتدعت خلاصة

يبادرها بالمدح ألسن حسد

تمنى العذارى لو تقلدن سمطها

مكان عقود الزبرج المزبرجد

وزخرفتها في معرض المدح روضة

لتسقى بوبل من نداه مسرمد

روى أنفا زان الندى صفحاتها

قلدها أسلاك در منضد

أرت من رياحين الثناء أنيقها

ومن زهر الأدب ما لم يخضد

هدية من كسرى وقيصر عنده

من النزر في ذاك المقام المحمدى

تخادع وإن كنت اللبيب لبهرجى

ولا تنتقد يا سيدى وابن سيدى

يمينا بما أولاك مولاك من علا

وعز حلى فاتت بنان المعدد

لطابقت وسم الفاطمى وسمته

فأهلا وسهلا بالإمام المجدد

تهنأ على رغم الحسود وذله

لذاك الكمال الصرف واسعد وأسعد

وأبجح وأهلك وأملك الأرض كلها

فأنت ولى العهد واغور وانجد

وشرق وغرب فالبلاد مشوقة

بما سوف تحبى واشكر الله واحمد

وقوله:

دع العيس والبيداء تذرعها شطحا

وسمها بحور الآل تسبحها سبحا

ولا ترعها إلا الذميل فطالما

رعت ناضر القيصوم والشيخ والطلحا

ولا تصغ للناهين فيما نويته

وخف حيث يخفى الغش من يظهر النصحا

فكن قمرا يفرى (1) الدجا كل ليلة

ولا تك كالقمرى (2) يستعذب (3) الصدحا (4)

(1) في هامش المطبوع: "يقطع".

(2)

في هامش المطبوع: "ضرب من الحمام".

(3)

في هامش المطبوع: "يستحلى".

(4)

في هامش المطبوع: "رفع الصوت بالغناء".

ص: 86

وقارض (1) هموم النفس بالسير والسرى

على ثقة بالله في نيلك الربحا

وأم بساط ابن الشريف محمد

مبيد العدا ذكرا ومبدى الهدى صبحا

فتى يسع الدنيا كما هى صدره

فأمسى به صدر الديانة مندحا (2)

ومن هديه ساوى النهار وليله

فأمسى ينير الخافقين كما أضحى

ومن هو غيث أخضل الأرض روضه

فلا يظمأ الآوى إليه ولا يضحى (3)

وليث بحق الله لم يبق رعبه

عواءً لكلب الترهات (4) ولا نبحا

هزبر عدا في شرعة الرمح والعدا

غدوا بقرا يستعمل النحر والذبحا

أمير ملوك الكفر أضحوا لسيفه

كما تبتغى الذبح في عيدها الأضحى

تزيد على الفاقات فيضات كفه

فيغرق في التيار من يأمل النضحا

فأى منى لم ترو منها فإن تكن

فمحرومة أن تبرد الظمأ (5) البرحا

فلا ترم التشبيه فيه فقد جرى

مع الظاهر المدنى إلى السكر الملحا

سعى فسعوا للمكرمات فأقصروا

ولم يرض حتى استكمل الكرم الفحا (6)

وفلق فيهم بيضة المجد قاسم

فناولهم قيضا (7) وناوله المحا (8)

(1) في هامش المطبوع: "راوح".

(2)

في هامش المطبوع: "متسعا".

(3)

في هامش المطبوع: "يبرز الشمس".

(4)

في هامش المطبوع: "الأباطيل".

(5)

في هامش المطبوع: "الشدة".

(6)

في هامش المطبوع: "الخالص".

(7)

في هامش المطبوع: "أى قشر".

(8)

في هامش المطبوع: "صفار البيض".

ص: 87

فتى يستقل البحر جود بنانه

على حالة استكثار حاتم الرشحا

مساعيه في الخطيب الجليل يرومه

كآمال من يرجوه يستصحب النجحا

صفاة كدر البحر صفوا ولجه

حسابا فمن يأتي على مائه نزحا

وآيات علم أغمد الجهل نورها

وغايات جد ليس تطلابها مزحا

ورأى يريه اليوم ما في حشا غد

ويكشف عنه من دجى ليله جنحا

وحزم يهز الراسيات ثباته

وعزم يحاكى الزند ماضيه (1) قدحا

وكف ترى وكف الحيا كيف ينهمى

إلى خلق يرى نسيم الصبا النفحا

وبشر محيل علم الصبح ما السنا

وقبض أرى النار التأجج واللفحا

وتأليفه أشتات كل فضيلة

ومكرمة غراء تعجزنا شرحا

كفانا اتخاذ الفال في القصد يمنه

فلسنا نخط الرمل أو نضرب القدحا

مهيب مخوف بطشه تحت حلمه

عفو يرى إلا عن الباطل الصفحا

فهل كان معزوا إلى الحلم قبله

نعم أو كريم يدعى عيره سمحا

فأقدم حتى فارق الجبن صافر (2)

وجاد إلى أن عاف مادر (3) الشحا

ولم تذعن الأعداء محض مودة

إليه ولكن إنما كرهوا القرحا

رأوا ضيغما يعطى الحروب حقوقها

وإن تضع الأوزار يبرم لها صلحا

(1) في هامش المطبوع: "يخرج إظهار الرفع على قول جرير:

وعرق الفرزدق شر العروق

خبيث الثرى كأبى الأزند".

(2)

في هامش المطبوع: "طائر يضرب به المثل في الجبن وقيل الجبان مطلقا".

(3)

في هامش المطبوع: "رجل يضرب به المثل في البخل".

ص: 88

ويستغرق الأوقات في الجد كلها

ولا يهب التلعاب (1) ما يسع اللمحا

مواصلة حبل الجهاد جياده

ووقفا على غزو العدا عدوها ضبحا (2)

معاديه معطى بالحياة منية

وبالجنة الأخرى وبالسندس المسحا

أيا ابن أمير المؤمنين وسيفه

وصمصامه أن يرفع الضرب والنطحا

تشابهه خلقا وخلقا فسامه

إلى الفلك الأعلى فإنك لا تلحا

تهندست العليا فأحرزت جسمها

لا حرازك النقطات والخط والسطحا

فكم من حديث كان يسند للندى

ولكنه لولا نوالك ما صحا

فأعطيتنى الأعيان والعين والكسا

وبيض الظبا والنوق والخيل والطلحا

فلا زلت للإسلام عيدا منغصا

تنغص حسناه السعانين (3) والفصحا

أبوك لحكم الشرع ولاك عهده

فلم تلق كدا للسؤال ولا كدحا

وأعطاكه إذ ليس غيرك أهله

وللعقل نور ميز الحسن والقبحا

كفى دره فخرا تحليك سمطه

ومنعكه تلك المعرة والقدحا

فأهدى إليك الدهر بلقيس ملكه

وأبدى لك الكرسى والعرش والصرحا

وولاك رب العرش ملك بقاعها

وأصحبك التمكين والنصر والفتحا

إليك بها يا كعبة المجد كاعبا

من الشعر لا يسطاع أركانها مسحا

إذا شهدت زكى الأعادى حديثها

وإن أثخنت عنا قلوبهم جرحًا

(1) في هامش المطبوع: "اللعب".

(2)

في هامش المطبوع: "نوع من العدو وهو نائب عن مصدر عدت -وفيه اقتباس من قوله تعالى: والعاديات ضبحا".

(3)

في هامش المطبوع: "السعانين بالسين والعين. والفصح عيدان للنصارى".

ص: 89

أكلفها فرض المحال أداءها

لشكر ندى لا ينتهى مزنه سحا

فخذها ابنة الحاء التي الحمد مبتدأ

لها وبها خلاقها كمل المدحا

هذا وأبيك الشعر.

وقول شيخه العلامة خاتمة المحققين سيدى محمد بن أحمد المسناوى حين فتح المترجم حصن السوسى التمنارى من بلاد سوس.

فجر سعدك لاح شمس نهار

وفخارك ليس فيه ممارى

ومعاليك أنجدت وأغارت

وتلى آى ذكرها كل قارى

ووفود التهانى نحوك جاءت

مهديات عرائس الأفكار

ورياح المنى بنصرك هبت

سائقات له على أقدار

مؤذنات لكم بأسنى فتوح

وبراعة ذلك التمنارى

طالما رامه سواكم فولى

آيسا منه بعد طول حصار

وهو يسخر بالجميع ويهزا

ويدليهم بحبل اغترار

وبدا منه إذ رآك ارتياع

أظلمت منه سبله في النهار

شام بارق نصركم فتدلى

وأتى خاضعا بحكم اضطرار

موقنا أن للإله اعتناء

بكم بشهادة الأبصار

فاهن واسلم وقر عينا بما لم

يؤته أحد من الأنظار

وتحس أفواق عيش هنى

واقتطف زهر روضه المعطار

واجرر الذيل في مغانى سعود

واركبن متن رفعة وفخار

واسق دوح النعيم منك بشكر

إن سقى الرياض نجح الثمار

ص: 90

وأدر عنه جوائح الدهر بالصنـ

ـع الجميل فإنه خير دارى

وأضف شرف الخلال إلى ما

حزت من شرف الجدود الخيار

واسم بالنفس لاقتفاء هداهم

إنه المجد لا احتساء عقار

دمت يا كعبة الوفود مطافا

لبنى الدهر عالى المقدار

وعليك من المحب سلام

فائح كنوافح الأزهار

ما تجلت بأفق مجد علاكم

وغدت طرز حلة الأشعار

وقوله أيضًا في الفتح المذكور:

بشراك يا تاج الكرام فقد غدت

أيام سعدك وهي في إقبال

وغدت رياح النصر تخدم مجدكم

وتؤمكم في الحل والترحال

وشدت بزاهر روضكم طير الهنا

بموشحات البشر والأزجال

ورياض أشتات المنى قد أثمرت

أدواحهن بمبتغى الآمال

واتتك وافدة الفتوح مجيبة

لنداك طائعة على استعجال

ولطالما اعتاصت على من رامها

من قبلكم من سائر الأقيال

حتى غدت كالأبلق الفرد الذى

ضربوا به مثلا من الأمثال

هذا وكم من مطلب أعيا النهى

قد نلته بسهولة في الحال

فالسعد أنى سرت فهو مقدم

واليمن صار لكم محط رحال

والنصر مقرون برايتك التي

تكسو العدو ملابس البلبال

فاشكر لمن أولاك ما يشجى العدا

ويعيدهم في أسوأ الأحوال

واعرف ومثلك لا يعرف قدر ما

أوتيته من رفعة وجلال

ص: 91

واختر لها ما لا يشين جمالها

من سيرة وشمائل وخلال

فطراز ديباج الخلافة مذهبا

ومرصعا وأبيك حسن معال

واشرب كئوس الفخر صافية على

غيظ الحسود ورغم أنف القال

واسحب ذيول العز في روض الهنا

فالدهر دان لكم أخا إذلال

وأصخ إلى سجع القريض فإنه

يحدو الكريم إلى اقتناء معال

لا زلت في أوج الخلافة راقيا

حتى تهنأ فيه باستقلال

وعليك من صافى الوداد تحية

تغشاك بالبكرات والآصال

ما غردت ورق فهاجت شجو من

قد صار مثلي نازح الأطلال

وقول شيخه أبى مروان عبد الملك بن محمد التجموعتى قاضى تافيلالت مجيبًا له:

ولولاك ما راجعت عصمة طالق

ثلاثا ولكنى إلى الله تائب

أبنت بنات الفكر واخترت بعدها

من العلم ما يروى البراء بن عازب

إلى غير هذا مما يطول، وليس لغايته وصول.

مشيخته: أخذ عن الشيخ محمد بن أحمد بن المسناوى الدلائى المتوفى بعد زوال يوم السبت سادس عشر شوال عام ستة وثلاثين ومائة وألف، وقاضى سجلماسة أبى مروان عبد الملك التجموعتى المتوفى بتافيلالت عام ثمانين ومائة وألف، والمولى عبد السلام القادرى المتوفى صبيحة يوم الجمعة ثالث عشر ربيع الأول عام عشرة ومائة وألف، وقدر رمز لوفاته ابن عمه أبو العباس أحمد بن عبد القادري بقوله:

(يشق) على الأقوام موت إمامهم

كعبد السلام القادرى المبجل

ص: 92

والرمز المشار إليه في قوله يشق الياء عشرة، والشين ألف، والقاف مائة، والحافظ أبى عبد الله محمد بن أحمد القسمطينى المعروف بالكماد المتوفى عام ستة عشر ومائة وألف، والسيد أحمد بن العربي بن الحاج السلمى المرداسى قاضى فاس الجديد المولود سنة اثنين وأربعين وألف، المتوفى سنة تسع ومائة وألف وأجاز له، وأحمد الولالى وأجاز له أيضًا، وأبى عثمان سعيد العميرى وغيرهم من فحول أئمة عصره.

ونص إجازة الولالى له: حمدًا لمن جعل الاستمساك بأسباب ضروب العلوم وسيلة للمفاز، وبلغ بفتوح الرواية والدراية من تشرق بالتهمم بطلبهما إلى كنه حقيقة المجدون المجاز، طالبا فصولها إلى فصل الخطاب في إدراكها الإطلاق من غير تخيل مانع يكون منه الاحتزاز، وشرف بشرف التأهل بمعانيها، من كشف له الغطاء عن بديع مبانيها، وشرح بدقائق أفكار الحكماء صدر من نطقت بالاستجابة وانكشف عن حانها وحوانها، ونشر أعلام المجد على رأس من انتخب شراب زلال صفيها في زلال عيونها، ومنازل شهودها وعيانها، والصلاة والسلام على أصدق من أخبر عنه الرواة، وأعلم من أسند بتسلسل الأخذ عنه العلماء الهداة، الذى من بحر نوره فاضت العلوم وتخبرت الأخبار، ومن بركة طلعته طلعت أنجم السعود حتى سعد مقتفوه من العارفين الأبرار، سيدنا محمد أجله الله أن يدرك العارفون حقائقه، وحكم على خلقه أن لا يكون كل منهم إلا تابعه لا لاحقه، ولا سابقه، صلى الله عليه وعلى الله وصحابته الذين هم في الإسناد أرفع الأسانيد وهم في الاقتداء أكبر الأساتيذ.

وبعد، فيقول العبد الكثير الذنوب أحمد بن محمد بن يعقوب إن من المنن التي تجب أن تشكر، والمواهب الربانية التي يحق لها أن لا تنسى أبدا على الدوام تذكر، تعاطى العلوم مع من هو أهل لدرايتها، وإيصال متونها لمن هو جدير بحفظها والقيام بروايتها، وإن من أجل من لقيناه في هذا المعنى، وكبر لبيب قام ببنائها على هذا المبنى، العالم العلم، وركن المجادة المستلم، فرع الدولة الهاشمية

ص: 93

الأنضر وأرفع من يرى من أشراف الأوان وينظر، نجل الخليفة الإمام، وابن السلطان الهمام، مولاى محمد بن مولاى إسماعيل خلد الله تعالى مجد الأصل والفرع، ونصب على كل سرادق عز الأمر والمنع، فقد تعاطينا معه علوما سبعة وهى البديع والبيان والمعانى وأصول الفروع وأصول الدين وقواعد التصوف وعلم المنطق، والجمع عن بلوغ ما فيه ينطق.

أما الثلاث الأول فقرأنا المشتمل عليها وناهيك به وهو تلخيص المفتاح، وأما الأصلان والتصوف فقرأنا عليها كتاب السبكى الذى جمع من ذلك ما كلت عن الإحاطة به المطولات والشراح، وأما المنطق فقرأنا فيه كتاب الشيخ السنوسى وكفى به شرفا فلجريانه في كتب المنطق مجرى الياقوتة المفردة في عقود الملاح، قرأنا تلك الكتب من أولها إلى آخرها حرفا حرفا، قراءة تحقيق المسائل وتدقيق المعانى صنفا صنفا.

فوجدناه أدام الله توفيقه في إدراكها بديع زمانها وفى دراستها والقيام بقياساتها وأدلتها حنيفى رأيها في أوانها، ما عدم تثبتا في مداركها، ولا تتبعا لنهاية حقائقها في مسالكها، بل وسعها بفضل الله تعالى علما، وأحاط بها مدى الدهر فهما، فانشالت به من غير تربص فتلقتها بالوسع بصيرته، وانقاد له صعبها فأخذت بقلادتها سريرته، ثم إن من تواضعه الذى له شيمة في الأصل، وتهممه بمعالى الأمور الذى هو له طبع واستحق به كمال الوصل، أن إشار إلى بالإجازة في تلك العلوم وفى غيرها قضاء بحق الإنصاف، وكان الحق أن يجيز لا أن يجاز، لولا ما فيه من مكارم الأخلاق وشيم الأشراف.

فلم أجد بدا من الامتثال، ولا سبيل فيما أشار إليه من الإهمال، لما ألبسنى هذا التاج، وطوقنى ما لست أهله لما في من الاعوجاج، وبضاعتي من العلم مزجاة، ولكن لابد من إجابة الطالب لما يترجاه، لا سيما إن كان من أهل الفضل

ص: 94

والشرف والعلم والصلاح والدين والجاه، وممن يحصل منهم في غد النجاء، إذ هو من الشجرة الطيبة التي أصلها ثابت وفرعها في السماء، ولا تزال تزيد مدى الأيام سموا ونماء فامتثال الأمر واجب، وكل واحد في هذا الجناب العظيم راغب، وللتعلق بأذياله طالب.

فقلت مقالة صدق ووفا، لست أهلا لان أجاز فضلا عن أن أجيز لاسيما من حاز في تحقيق العلوم شرفا، أجزت هذا العالم الشهير، الذى يعجز اللسان عن أوصافه المحمودة فلا يمكنه عنها تعبير، إجازة مطلقة عامة فيما قرأته، وعن الأئمة رويته، من العلوم العقلية والنقلية، وسائر العلوم القريبة والنائية، لعلمى أن الفنون كلها صارت تحت ظله، وبلغ والده أمير المؤمنين فيه ما أمله على الشرط المقرر عند أهل الأثر، ورواه غير واحد من أصحاب الخبر، من إخلاص النيات، وتنقية الطويات لمن لا تخفى عليه السرائر، ويعلم سبحانه الباطن والظاهر، وأن يتقى الله في سره ونجواه، ويتوكل في الأمور كلها على مولاه، {واتقوا الله ويعلمكم الله} ، والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين، قال سيد الخلق أجمعين وأفضل العالمين، من عمل بما علم ورثه الله علم ما لم يعلم، وأن يقول لا أدرى حيث يشكل عليه الأمر، ولا تأخذه أبهة العلم ولا نخوة الملك في السر والجهر، فإن العلم مناف لذلك، واتباع السنة المحمدية طريقة المجذوب والسالك، والذى يحيد عنها يوقع نفسه في المهالك، أدام الله عز والدك ونصره، وتوجه بتاج السعادة سره وجهره، وأمدك وإياه بتوفيق مولاه، ورزقك رضاه، والمطلوب منك أن لا تنسانا من دعواتك، في خلواتك وجلواتك، فإن دعاء الغيب مستجاب لاسيما إن كان من أهل الفضل والدين والعلم والشرف من ذوى الألباب. هـ.

مؤلفاته: منها حاشية على التسهيل كما صرح بذلك صاحب درة السلوك.

شعره: من ذلك قوله مرحبا بصديقه الحميم السيد عبد الله بن محمد العلوى الشنجيطى صاحب القصيدتين الطنانتين في مدحه في إحدى قدماته على والده السلطان المولى إسماعيل:

ص: 95

مكناسة الزيتون فخرا أصبحت

تزهو وترفل في ملاء أخضر

فرحا بعبد الله نجل محمد

قاضى القضاة ومن ذؤابة مغفر

وقوله مخاطبا شيخه القسمطينى المذكور أيام خلافته بسوس الأقصى ومتشوقا إلى فاس كما في اقتطاف الأزهار، من حدائق الأفكار، وغيره:

ألا ليت شعرى هل أنزه ناظرى

وللنفس أقبال بوادى الجواهر

أمتع طرفى في رياض أنيقة

وأقطف أزهارا بها كالزواهر

بحيث نرى أسد العرين صريعة

وقد فتكت فيها ظباء المقاصر

وحيث نرى غلب الحدائق سلسلت

حديثا صحيحا عن نسيم الأزاهر

وقد نسجت كف النسيم عشية

دروع مياه بين تلك النواعر

وأصبحت الأطيار فوق غصونها

فصاحا تقص فوق خضر المنابر

سقى الله أدواحا بفاس عهدتها

تغازل أنواء الغيوث المواطر

ولا برحت عين تراها قريرة

وإن قذفت بالقلب جمرة حائر

لك الله من إلف بدرعة جسمه

وقلب بفاس في قدامة طائر

تراوحه الأشواق في كل ليلة

فما بين مزور هواه وزائر

ولو أنه يعطى على قدر قدره

لكان له ما بين بسر وباسر

فمن مبلغ عنى رسالة شيق

إلى عالم الأعلام صدر الأكابر

إلى العالم النحرير والحجة التي

روى فضلها غير السراة الجماهر

إلى شيخنا الأسمى السمى محمد

أحملها هوج الرياح العواطر

أحملها مر النسيم تحية

إلى الماجد الأرضى الكريم العناصر

ص: 96

وأقطعها الود الصميم وإن نأت

به الدار عن بحر من العلم زاخر

فلله ما يشكو الفؤاد من النوى

ولله ما تطوى بطون الدفاتر

إذا ما ذكرت العهد واشتقت للقا

جعلت فؤادي بين أضلع صابر

فيا دوحة العلم التي عم عرفها

جميع البرايا بين باد وحاضر

ويا سيدًا حملته كل وارد

سلامى وقد حملته كل صادر

ويا كوكبا قد حل في أفق الهدى

فألقى سناه في عيون المئاثر

ألست الذى إن عز في العلم مشكل

تلقاه فهم منك في زى باتر

ألست الذى ترتاح كل عويصة

إلى ذهنه من بين ناه وآمر

حنانيك هاض القلب سهم ابن مقلة

فأدمى فهل تروى حديث ابن جابر

عليك سلام الله ما هاج شيقا

بريق وما لاح الصباح لناظر

فأجابه شيخه الممدوح بقوله:

خليلى عج بالركب من أمن عامر

وعرج على كثبان نجد وحاجر

وسل واكفات الدمع فوق محاجرى

أثار الغضا في القلب أم أُم جابر

إلى أن قال:

ديار بها روحى وروحى وراحتى

وقلبى وريحان الفؤاد وناظرى

سليل أمير المؤمنين وعلقه

محمد محمود لسجايا العواطر

إلى أن قال:

ولا عيب فيه غير أنه حازم

وحامى الذمار ملجأ للقواسر

وعالم أهل البيت فخر سراتهم

وتاج وسيف الدين عند التشاجر

ص: 97

وقاعدة التحصيل أنك فاضل

إمام همام مركز للدوائر

وقد كانت الأيام تجمع شملنا

فهل عودة للوصل يا خير شاكر

إلى أن قال:

عليك من الرحمن صوب تحية

مبشرة بالوصل من أم عامر

وقوله مخاطبا لأخيه جدنا مولاى زيدان أيام حروبه معه:

أبلغ الزيدان عنى آية

بسيوف العدل تشفى ذا الغلل

كم لنا يا ابن العلا من وقعة

كان منا الفضل فيها لو عدل

حصحص الحق ولاحت شمسه

وزمان الغى ولى وانخذل

ولواء النصر خفاق ولم

يبق إلا الجد قولا وعمل

وكتب له أخوه مولاى الشريف صدر كتاب بعثه إليه قول سيف الدولة ابن حمدان يخاطب أخاه الناصر:

رضيت لك العليا وإن كنت أهلها

وقلت لهم بينى وبين أخى فرق (1)

أما كنت ترضى أن أكون مصليا

إذا كنت أرضى أن يكون لك السبق

فاقترح المولى محمد على شيخه المسناوى أن يجيبه فقال على لسانه:

بلى قد رضيت أن تكون مصليا

ويتلو نداكم في العلا من له السبق

وما لى لا أرضى لك المجد كله

وأنت شقيق النفس إن عرف الحق

ولكن ذوو الضغن انتحوا ذات بيننا

فغادرهم إفسادهم وبهم رنق (2)

(1) نشر المثانى في الموسوعة 5/ 1912.

(2)

في هامش المطبوع: "بسكون النون كدر".

ص: 98

نثره: من ذلك ما كتب به لوزير والده اليحمدى الطائر الصيت وقد بلغه أنه بالغ في الثناء عليه لوالده وفند أقاويل وشاته، لفظه: حيا الله تعالى بمنه مقام ركن الدولة الإسماعيلية وسميرها، ومنتقى هاتيك الحضرة السامية ووزيرها، مطلع أنوارها، ومعدن أسرارها. فوالله ما اجتبى لتلك المثابة العالية العلوية حتى كان لها أهلا، وما قرر بذلك البساط المؤيد بالله جهلا، فكم عجمت قبله من عود، فألقته وأبت إليه أن تعود، فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض، صاحب القلم العالى والقدم الذى رسخت أنامله على هام المعالى، أبى العباس اليحمدى هذا ولا زائد سوى تأكيد ود صفا مشربه، وطاب أعذبه، وعهد برز الصفاء ميثاقه، وشد بحبل الوفاء وثاقه، لا يبلى منه الجديد، ولا يتألم منه الوريد، وإعلامك بأن بعض محبيك كاتبنا بجميع ما قلته فينا، وما صدر منك إلينا من الصنائع والإحسان، فقد أحسنت أبا العباس ولم يتقدم لك منا إحسان، وقمت في نصرتنا مقاما لم يقم معك فيه إنسان، فلا أنسى لك يوم الفقهاء تنويهك بقدرنا، وإعظامك لأمرنا، ومن قبل كنا بحقك جاهلين وعن قدرك ذاهلين.

والآن تبين الحق، وحصحص الصدق، واتضح الصارم من الحسام، والصيب من الجهام، فكم لنا هنالك من خالص وده، ومحفوظ عهده، فما قام أحد منهم مقامك، ولا أرشق سهامك، ولا دافع دفاعك، ولا نازع نزاعك، فسترى إن وسع الله علينا نتيجة تلك المقالات، وثمرة تلك المدافعات، فوالله ما نطلب التوسعة إلا لمكافأة أمثالك، ومجازات أشكالك، فدم على ذلك أدام الله سيادتك، وأبقى بمنه مجادتك، وأبقاك لنا في ذلك المحل ركنا نستند إليه، وعمادا نعتمد عليه. والسلام وفى الخامس والعشرين من شعبان المبارك سنة خمسة ومائة وألف، محمد ابن أمير المؤمنين إسماعيل بن الشريف لطف الله به.

ص: 99

وفاته: توفى بمكناسة ليلة الأحد خامس عشر وعليه اقتصر الوزير اليحمدى في المجلد الرابع من كناشته، وقيل ثامن عشر ربيع الأول عام ستة عشر ومائة وألف، واإى ذلك أشار بعض الأدباء بقوله:

وقد قضى نحبه سادس عشر

من شهره ومالك قبل انتشر

من رأسه لفرجه شطرين

بقدر ما تجود السطرين

والأمر لله العلى وحده

يذل من شاء ويحمى جنده

وفى منحة الجبار: أنه توفى سادس عشر ربيع الأول سنة ثمان عشرة، قيل دفن بسيدي بوزكرى، والذى ذكره الحافظ الأستاذ أبو عبد الله محمد بن عبد الله الأغزاوى الإبراهيمى أنه مدفون بضريح سيدى عمرو الحصيني، وأن السلطان مولاى عبد الرحمن أوقفه على قبره، وأراه إياه خارج القبة عن يسار الخارج منها.

وقال بعض الأئمة الأعيان: إنه زار السيد عمرو الحصيني، هذا مع بعض أولاد السلطان مولانا سليمان فأوقفه على القبر الذى ذكر مولاى عبد الرحمن وأنه مشهور عند الخاص والعام. هـ.

قال في الدر المنتخب: وهذا هو الذى جزم به الوزير اليحمدى في المجلد الرابع من كناشته وبه ينتفي كل ريب ووهم فإنه أدرى وأوثق وأضبط.

وكان الذى تولى الصلاة عليه بوصية من المترجم -كما أوصى بدفنه بمقبرة عامة المسلمين وأن لا يبنى عليه فنفذت وصيته رحمه الله حكاه حسبما صرح بذلك الوزير المذكور في المجلد المذكور- هو القاضى أبو عبد الله، وأبو حامد العربي بن أحمد بردلة المتوفى بفاس يوم الاثنين خامس عشر رجب سنة ثلاث وثلاثين ومائة وألف، فنقم عليه بعضهم وأوغر عليه قلب السلطان وقال: إنه يبغضك ولولا شدة بغضه ما سارع إلى الصلاة على عدوك الذى قام عليك، وأراد نزع الملك منك، فكتب السلطان إلى القاضى يهدده ويوبخه فأجابه بما نصه:

ص: 100

"الحمد لله الجواب: قد ورد تقييد من الجناب العالى أدام الله أيامه، ونصر أعلامه، وسد بهيبته يأجوج الفتن، وأبقاه لإظهار واضح الهدى والسنن، يتضمن ذلك التقييد التقبيح لما صدر من أمر الصلاة الموصى بها واستعظام أمر ذلك: إذ كان بغير إذن من الجناب العالى نصره الله، وأنه في عداد الافتيات، وأقول معتذرا عن نفسى ومجيبا عنها بتقرير ما كان وحكاية ما صدر أن ذلك، لم يكن من غير إذن، وإنما كان بإذن جاءنا من قبل الدار العلية بلغ مبلغ الشهرة وخرج من طريق الشك، وكان أمرا مقررا، وحديثا شائعا مكررا، ثم مع هذا لم أذهب لمحل إلا بقائد يقودنى ومترجم ينسب الأمر إلى الجناب العالى ولم أفعل فعلا صلاة أو غيرها إلا مدفوعا إليها ومجذوبا نحوها وكالمجبور عليها، وإذا كان كذلك فلا لوم من جهة عدم الإذن لأن من تلقى ذلك وسمعه وجاءه الأمر به وكان حاله على ما وصف لا يسمى مفتاتا ولا منزلا منزلته، هذا لو فرض أن لا إذن من الجناب العالي بالكلية.

فالواجب في حقنا والمناسب لحالنا ولسائر رعية مولانا نصره الله، هو القيام بذلك والسعى والمبالغة فيه إجلالا وإعظاما لجناب مولانا نصره الله، وإذا كان المقصود تعظيم جنابه فلا ينصت إلا لما هو من قبيلة، وسالكا على سبيله، لأن ما هو من قبيل الإجلال والتعظيم واجب أن يعامل به ولا يعذر مثلنا في عدم القيام به، وقد قال مولانا علي كرم الله وجهه لما كتب في قضية صلح الحديبية: هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله أهل مكة، فقال المشركون لو علمنا أنك رسول الله ما صددناك ولكن اكتب محمد بن عبد الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والله إنى لرسول الله وابن عبد الله، امح يا علي رسول الله، فقال سيدنا علي: والله لا أمحو رسول الله أبدا تعظيما لجانب النبي وترجيحًا لإجلاله وإعظامه على امتثال أمره، لأن المقام تعارض فيه وجوب امتثال أمره بالمحو ووجوب الإجلال والتعظيم لمقامه، فرجح جانب التعظيم والإجلال، على جانب امتثال الأمر.

ص: 101

وهذا شاهد جلى لمسألتنا لو فرضنا وقوع النهى وعدم الإذن، مع أنه لم يكن نهى واشتهر بدله الإذن فتعين ما فعلنا من جهة ما سمعنا من الإذن ومن جهة ما هو متعين من الإجلال والتعظيم لمولانا نصره الله، إذ كان من قيم بحقه ممن يمت إليه بل مريب القرابة، ثم من جلى الإذن ما كان منه نصره الله صبيحة وقوع الموت مما كان شائعا وسمعه من حضر، وأسمعونا إياه من أمر مولانا نصره الله له بالقيام بأمر التجهيز والتشييع، وفى الأُبي شارح مسلم أن الحسن البصرى لما ليم على صلاته على الحجاج، قال: كرهت أن أستعظم ذنب الحجاج في جانب عفوه.

وفى الخازن مختصر تفسير البغوى ما نصه على قوله تعالى: {

لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33)} [سورة: المائدة: آية 33] هذا الوعيد في حق الكفار الذين نزلت الآية فيهم، فأما من أجرى حكم الآية على المحاربين من المسلمين فينفى العذاب العظيم عنهم في الآخرة، لأن المسلم إذا عوقب بجنايته في الدنيا كانت عقوبته كفارة له، وإن لم يعاقب في الدنيا كان في خطر المشيئة، إن شاء الله عذبه في الآخرة بجنايته ثم يدخله الجنة، وإن شاء عفا عنه وأدخله الجنة. هذا مذهب أهل السنة بحروفه.

وفى كتاب الإيمان من البخارى ما نصه: حدثنا أبو اليمان قال: أخبرنا شعيب عن الزهرى، قال: أخبرنى أبو إدريس عائذ الله بن عبد الله، عن عبادة بن الصامت، وكان شهد بدار وهو أحد النقباء ليلة العقبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال، وحوله عصابة من أصحابه: بايعونى على أن لا تشركوا بالله شيئا ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم، وأرجلكم ولا تعصوا في معروف، فمن وفى منكم فأجره على الله ومن أصاب من ذلك شيئًا فعوقب في الدنيا فهو كفارة ومن أصاب من ذلك شيئا ثم ستره الله فهو إلى الله إن شاء عفا عنه وإن شاء عاقبه. فبايعناه على ذلك.

ص: 102